كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : تتجه كل الأنظار اليوم الى الاجتماع الذي تعقده اللجنة الخماسية الدولية المهتمة بالشأن اللبناني في الدوحة، والذي يفترض ان ينضم اليه المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، الذي وبحسب المعلومات سيضع المجتمعين في نتائج جولته الاولى الى بيروت، كما سيعرض عليهم رؤيته للحل، والتي عُلم انها تقوم بشكل اساسي على الدعوة للحوار، من دون ان تتضح آلية الحوار وأجندته، وما اذا كانت ستنحصر بالازمة الرئاسية، ام تطال استحقاقات اخرى مرتقبة ابرزها تشكيل الحكومة، تعيين حاكم لمصرف لبنان وتعيين قائد للجيش.
وبعد أشهر من استقرار سعر الصرف، أثار التحرك المفاجىء له بعد ظهر السبت، مخاوف كثيرين من انفلاته مع انتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة نهاية الشهر الجاري، وبخاصة في ظل الضغوط التي يمارسها نواب الحاكم، والشروط التي يضعونها لاستلام مهامه وتوجههم للاستقالة.
وبالرغم من ان ملف الرئاسة كما الملف المالي قد يبدوان للبعض ذات اهمية قصوى في هذه المرحلة، الا ان ملف اللاجئين السوريين عاد ليشكل ملفا ذات ابعاد مصيرية بعد قرار البرلمان الاوروبي الاخير، والذي قضى بدعم بقاء هؤلاء اللاجئين في لبنان. ويفترض وبعد عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من السفر، ان يكون هناك موقف رسمي من بيروت في هذا الخصوص، في ظل دفع عدد من القوى السياسية لعقد جلسة طارئة للحكومة لاتخاذ موقف حاسم ردا على الاوروبيين.
حوار فتمرير للوقت؟
بالعودة الى الشأن الرئاسي، تعتبر مصادر مواكبة للملف ان اي حسم بما سيصدر عن اللجنة الخماسية المجتمعة اليوم في الدوحة مستحيل، اذ لم ترشح اية معلومات من الدول الاعضاء، باعتبارها تنتظر ما سيطرحه لودريان. وتشير المصادر لـ«الديار» الى ان الاخير سيطلب على الارجح ان تكون الدعوة لحوار وطني يُعقد في لبنان، تحت عنوان التفاهم على انتخاب رئيس، من دون ان يكون جدول الاعمال محددا، لعلم الجميع ان الاتفاق على رئيس يفترض حتما ان يترافق مع تفاهم على الحكومة الجديدة، رئيسها شكلها وتوزيع الوزارات، كما على اسمي حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش باعتبارهما موقعين مرتبطين بالرئيس المقبل.
وتستبعد المصادر، حتى وفي حال توجه الاكثرية الساحقة من القوى السياسية الى طاولة حوار، ان يؤدي ذلك لنتائج فورية، معتبرة ان هذه الطاولة ستنحصر مهمتها بتمرير الوقت بحد ادنى من الخسائر. فبدل ان تتبادل القوى المتصارعة الاتهامات من على المنابر، ما قد يهدد بانفلات الشارع، سيكون من المجدي ان تجلس مع بعضها البعض على طاولة للحوار. علما انه بات شبه محسوم ان مصير الاستحقاق الرئاسي بات مرتبطا حكماً بنتائج التقارب الايراني- السعودي كما الاميركي- الايراني، وهذه كلها تفاهمات تحتاج وقتا لتتبلور وتلحظ الملف اللبناني، الذي لا يشكل ملفا اساسيا ذات اولوية لاي من هذه الدول. وتضيف المصادر: حتى الساعة وحده حزب «القوات اللبنانية» اعلن رفضه المشاركة بالحوار، وهذا يطرح اكثر من علامة استفهام ما اذا كان حلفاؤه سيتضامنون معه او سيتركونه في منتصف الطريق.
مفاجأة مالية «ثقيلة»؟
وتعتقد المصادر ان وحده تطور مالي داخلي غير محسوب من شأنه ان يقلب الطاولة، مرجحة ان يكون التلاعب الذي حصل بسعر الصرف مساء السبت، بعدما عاد الدولار خلال ساعتين ليلامس الـ100 الف قبل ان يعود لدون الـ٩٥ الفا، رسالة من القيمين على النقد المحلي مفادها انهم يستطيعون التحكم بالليرة على هواهم.
وتعتبر المصادر ان المرحلة الحالية، اي الممتدة من مطلع الاسبوع الحالي حتى مطلع الشهر المقبل لا تبدو مريحة، من منطلق إن انتهاء ولاية سلامة واستلام نوابه مكانه لن يمرا على الارجح بالسلاسة التي اعتقدها البعض، وهي قد تشهد مدا وجزرا لايصال رسائل معينة، كما فرض شروط قاسية على السلطة السياسية، اذ يبدو واضحا ان نواب الحاكم يطالبون بضمانات لاستلام مهامه، مع ترجيح تقديم استقالتهم في الساعات والايام المقبلة، بمحاولة لتخفيف وطأة المسؤولية عنهم.
وتعتبر المصادر ان وحدها هزة مالية كبيرة كقفز سعر الصرف الى150 الف ليرة مثلا، قد يؤدي لانقلاب بالمشهد السياسي، فيسرّع عملية انتخاب الرئيس التي يبدو وفق المعطيات انها لن تحصل قبل شهر آذار المقبل، وما فتح ملف مَن سيخلف قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي تنتهي ولايته في ١٠ كانون الثاني المقبل، الا نتيجة قناعة من كل القوى بهذا الواقع المرير.
كيف سيرد لبنان؟
في هذا الوقت، تواصلت ردود الفعل اللبنانية الغاضبة من قرار البرلمان الاوروبي الاخير، والذي صوّت بغالبية اعضائه على دعم بقاء اللاجئين السوريين في لبنان، فيما لم يصدر حتى الساعة اي موقف رسمي سواء عن حكومة تصريف الاعمال ورئيسها او حتى عن وزارة الخارجية.
واستهجن مصدر نيابي معارض «الغيبوبة الرسمية» في التعامل مع الملف، معتبرا انه حتى لو كان ميقاتي خارج البلاد، كان الحري به اصدار بيان اعتراض، ان لم نقل العودة من سفره لعقد اجتماع استثنائي للحكومة لادانة القرار الاوروبي. وعبّر المصدر عن مخاوفه من ان يكون هناك من الرسميين من هو مُتواطىء مع الخارج ضد مصلحة بلده. واضاف: نحن لا نزال ننتظر الرد اللبناني، الذي يفترض ان يكون على مستوى هذا القرار، الذي يهدد تركيبة البلد ومستقبله.
ومن المفترض ان يكلف ميقاتي في الايام المقبلة رئيسا جديدا لوفد لبنان الرسمي الذي سيزور سوريا، لبحث ملف عودة اللاجئين بعد اعتذار وزير الخارجية عبدالله بو حبيب لانشغالاته وسفراته الكثيرة.