ما انتهى إليه البيان الصادر أمس عن اجتماع اللجنة الخماسية لأجل لبنان في الدوحة بدا قوياً في ثوابته، لكنه وفق معلومات «نداء الوطن»، لم ينتهِ الى نتائج عملية في شأن الاستحقاق الرئاسي الذي هو بيت قصيد الاجتماع. وما يزيد هذه المعلومات دقّة، أنّ المناقشات التي سادت الاجتماع، جرت في «أجواء عاصفة». كما أثبتت النتائج أنّ لبنان محكوم بـ»فراغ طويل».
وحتى لا يبدو هذا التوصيف متشائماً، يماثل الصفر، تؤكد المعلومات أيضاً أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان كان وراء الانقسام بمحاولته الحصول على ما يرضي «حزب الله» تحت مسمّى «الحوار» الذي اخترعه فريق الممانعة. فكان الردّ من الفريق العربي، ولا سيما السعودي والقطري بالتمسك بالدستور الذي يدعو الى انتخابات رئاسية بلا شروط. أما الجانب المصري في اللجنة ففاجأ الأطراف الأربعة بتسمية قائد الجيش العماد جوزاف عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، علماً أنه سبق للقاهرة أن دعمت ترشيح سليمان فرنجية. لكن المجتمعين آثروا عدم الخوض في الموضوع باعتبار أنّ أوان التسمية لم يحن بعد. لذلك اكتفى البيان الختامي بإعطاء مواصفات الرئيس المقبل، من دون التسمية .
رب سائل: لماذا صدر بيان «الخماسية» وأجواء اجتماعها كانت «عاصفة»؟ تجيب المصادر ان رعاة الاجتماع، ارادوا عدم الذهاب الى التشاؤم المفرط لما له من انعكاسات سلبية على لبنان نفسه الذي لا يزال يتمسك بـ»حبال الهواء»، تطلعاً الى خشبة خلاص تنتشله من أزماته العميقة.
وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أنّ ممثلين من مصر وفرنسا وقطر والسعودية وأميركا التقوا للبحث في»حاجة لبنان الملحّة للإسراع في انتخابات الرئاسة، وتنفيذ اصلاحات اقتصادية». واضافت: «أميركا والدول الأخرى تشعر بقلق حيال عدم اختيار قادة لبنان السياسيين خلفاً للرئيس ميشال عون حتى الآن».
أما في الدوحة، فأشار المتحدث باسم الخارجية القطرية الى أنّ «اجتماع الدوحة في شأن لبنان خلص إلى بيان مشترك ما يعكس أجواء إيجابية». وأكّد في حديث لقناة «الجزيرة» القطرية، أنّ الدول الخمس تتمتع بتأثير على لبنان، متوقعاً أن «يساهم الاجتماع في حل أزمته». ولفت الى أنّ «الدول الخمس تشترك في التأكيد على سيادة لبنان وأنّ حل أزمته لبناني».
وفي انتظار جلاء الموقف على مستوى التحرك العربي والدولي، تتساءل أوساط مواكبة عن مصير المهمة التي اضطلع بها لودريان؟ فعشية لقاء الدوحة ساد اعتقاد ان موفد الرئيس إيمانويل ماكرون، سيعود من الدوحة بتفويض معزّز ليواصل مهمته. أما وأنّ الباب قد أوصد في وجه ما سوّقه من «حوار» مثير للريبة، بات واضحاً ان لودريان إذا ما عاد الى بيروت سيجد ان هناك أكثر من 30 نائباً سيقولون له: «دعوتك الى الحوار مردودة مع الشكر».
ومن أجل الابقاء على نافذة الأمل مفتوحة، خلص بيان «الخماسية» الى القول إن الدول الأعضاء «ستواصل دعمها الثابت للبنان، وتتطلع إلى استمرار التنسيق بما يصب في مصلحة الشعب اللبناني».
ولم تغب طهران عن أجواء الدوحة، إذ ردّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني على سؤال وكالة «تسنيم» الرسمية للانباء حول الاجتماع الخماسي بالقول: «نحن نعتبر قضية لبنان قضية لبنانية، ويجب أن يتفق شعب لبنان على مصير هذا البلد. ونعتبر أنّ التدخلات في الحوار الداخلي لهذا البلد غير بناءة وتعيق دور الشعب اللبناني في تقرير مصيره. لكن الدول يمكن أن تساعد، بطبيعة الحال، ونحن نرحب بالاتجاهات البناءة. إذا طُلب من إيران المشاركة، فسنرحب بذلك».