كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: أصبح واضحاً أنَّ حرارة الطقس تتجاوز بدرجاتٍ حرارة الحراك السياسي محلياً وخارجياً لإنهاء الشغور الرئاسي الذي باتَ بحكم المؤجل إلى ما بعد نهاية فصل الصيف، خصوصاً وأنَّ الموفد الفرنسي جان إيف لودريان قد أرجأ زيارته المقرّرة إلى لبنان أسبوعين أو ثلاثة، ليكون قد أكملَ اتصالاته مع ممثلي اللجنة الخماسية واستمع إلى وجهة نظر كلٍّ منهم.
مصادر مواكبة للاتصالات التي يجريها لودريان كشفت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أنَّ الدبلوماسي الفرنسي قرّر الالتقاء مع ممثلي اللجنة الخماسية كلّ بمفرده، للإطلاع منهم على جوهر المساعي التي قد تعتمد من قبلهم، وذلك بهدف المساعدة لانتخاب رئيس، وكان لودريان قد التقى في جدّة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان وتباحث معه في حلّ الأزمة اللّبنانية، واصفاً الإجتماع بالناجح جداً.
المصادر أكدت أنَّ بن فرحان شجع لودريان للقاء بقية أعضاء اللجنة، لإطلاعهم على تصوره للحلّ، ممّا يشير بشكلٍ لافتٍ إلى تخلّي فرنسا عن دعمها لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية والبحث جدياً عن مرشح آخر يكون على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، مع التهديد بفرض عقوبات على الجهات المعرقلة، لافتةً إلى أنَّ لودريان بعد الانتهاء من جولته على أعضاء اللجنة الخماسية، سوف يرفع تقريراً مفصلاً عن كلّ تحركاته للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرسم صورة واضحة عن جولته المقبلة التي سيجريها مع المسؤولين اللّبنانيين، وما سيحمله من أفكار متقدمة على خط إنهاء الشغور الرئاسي، على أن يعود إلى لبنان في زيارة ثالثة في أيلول المقبل لرسم الصورة النهائية لانتخاب الرئيس.
على خط آخر، وفي ما يتعلّق بانتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لفتَ الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أننا مقبلون على مرحلة جديدة بظلّ شلل المؤسسات الدستورية، شغور رئاسي من جهة يقابله شلل في مجلس النواب وحكومة مستقيلة غير قادرة على اتخاذ القرارات، لافتاً إلى أنّه بالرغم من كلّ الرهانات أصبح بحكم المؤكد أنَّ ولاية حاكم مصرف لبنان ستنتهي في 31 تموز الحالي، وسيتسلّم النائب الأول للحاكم وسيم منصوري حاكمية المصرف المركزي والمجلس المركزي الذي يتكون من أعضائه الدائمين، بالإضافة إلى مديري وزارة المال والاقتصاد والتجارة ومفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان بإدارة هذا المرفق الحيوي واتخاذ القرارات المطلوبة المتخذة من قبل مصرف لبنان.
غبريل ذكّر أنَّ صندوق النقد الدولي كان قد أبلغَ المسؤولين اللبنانيين في آذار الماضي بأنَّ الخروج من الأزمة الاقتصادية يتطلب التعاون مع مصرف لبنان باعتباره المؤسسة المدنية الوحيدة القادرة على اتخاذ القرارات، على أن يستمر الأخير بمهامه لأنه لن يكون هناك تغيرات قبل تطبيق البرنامج الإصلاحي، متطرّقاً إلى الحديث المتداول مؤخراً عن منصة صيرفة بالقول إنّها ما تزال تخدم مئات الآلاف من العائلات الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللّبنانية، وهي ساهمت باستقرار سعر الصرف الحالي بالرغم من عدم وجود أساسات صلبة في الاقتصاد، خصوصاً في ظلّ غياب الإصلاحات، إذ لا يجوز ضرب القدرة الشرائية للمواطن.
وعن بيان جمعية المصارف، رأى أنَّ مضمونه واضح لجهة عدم العودة إلى التفلّت المالي، داعياً أصحاب الودائع لقراءة تقرير صندوق النقد جيداً، مشيراً إلى أنَّ اقتحام المصارف لن يخدم أحداً إلاّ المستفيدين منها والذين يقفون وراءهم.
وإذ أكّد غبريل أنَّ لا تمديد لسلامة وأنَّ ولايته تنتهي آخر هذا الشهر، تحدّث عن ثلاث سيناريوهات كان يجري التداول بها بشأن الحاكم، تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان، تعيين سلامة مستشاراً أول للحاكم، أو أن يمدد مجلس النواب للحاكم، لافتاً إلى أنَّ كل هذه السيناريوهات ليست مقبولة وسقطت جميعها، مؤكداً أنَّ الأهم هو تطبيق القانون، إذ إنَّ سلامة لن يبقى نهاراً واحداً بعد انتهاء ولايته، حتّى لو كان يملك قدرات تقضي بالتمديد له.
إذاً لا سيناريو سياسي واضح حتّى الساعة، بانتظار أن يطرأ أيّ جديد على الملف الرئاسي، في ظلّ التخوّف من عودة الإرتفاع الجنوني في سعر الصرف مع نهاية ولاية الحاكم، ليتحمّلَ اللّبنانيون مرّة أخرى عواقبَ شغورٍ جديد.