حزم أمس الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الفرنسية جان إيف لودريان حقائبه وغادر لبنان، فيما بدا أنه في زيارته الثانية انتقل مبدئياً من ضفة مبادرة، كانت تتماهى مع فريق الممانعة، الى ضفة نتائج اجتماع اللجنة الخماسية لأجل لبنان الذي انعقد أخيراً في الدوحة. فهل تمضي الأمور في الاتجاه الجديد للمبادرة الفرنسية في أيلول المقبل، عندما يعود الى لبنان في زيارة ثالثة، فتكون «الثالثة ثابتة»، كما يقال؟
بحسب معلومات «نداء الوطن»، هناك حراك قطري موازٍ للتحرّك الفرنسي غير معلن منذ اجتماع الدوحة في 17 الجاري، وقد انقسمت التقديرات السياسية بعد جولة لودريان والحراك القطري إلى قسمين:
قسم متفائل بالحراك الدولي الذي عبّر عنه اجتماع «الخماسية»، وينمّ عن حماسة هذه الدول لحسم الملف الرئاسي، حيث يفترض أن تتولى قطر جانب الاتصالات الدولية، وتحديداً مع طهران، بعدما أبدت الدوحة استعدادها للمساعدة في انجاز الاستحقاق الرئاسي.
ويرى المتفائلون أنّه من المتوقع أن يثمر «التزخيم» في الحراك الدولي، تسوية تأتي برئيس من الفئة الثالثة من المرشحين، فيما يفترض أن يكون الحوار اللبناني- اللبناني الذي سترعاه باريس عبر لودريان، السلّم الذي سيُنزل القوى السياسية عن شجرة التصعيد، خصوصاً أنّ خيارات الثنائي الشيعي باتت مقفلة، ومن غير المتوقع أن يؤدي الحوار بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى خروق نوعية بسبب انعدام الثقة بينهما بعد الخلافات والأضرار التي أصابت العلاقة الثنائية.
وقسم متشائم يرى أنّ الثنائي الشيعي يراهن على تمديد الشغور إلى حين انتهاء ولاية قائد الجيش جوزاف عون لكي يخرج من السباق الرئاسي، ومن بعدها لكلّ حادث حديث.
الى ذلك، علمت «نداء الوطن» أن السعودية تركز على «أولوية» انتخاب رئيس للجمهورية، على أن يجرى الحوار بعد انتخابه. وفي الوقت نفسه، أعلن بيان أصدرته أمس السفارة الفرنسية ان لودريان «اقترح على جميع الجهات الفاعلة التي تشارك في عملية انتخاب رئيس الجمهورية «دعوتهم من أجل عقد لقاء في أيلول في لبنان، يرمي إلى بلورة توافق في شأن التحديات التي تواجه رئيس الجمهورية المستقبلي والمشاريع ذات الأولوية التي يجب عليه الاضطلاع بها، وبالنتيجة المواصفات الضرورية من أجل تحقيق ذلك».
ولفت الى أنّ «خطوة التيسير والمساعي الحميدة التي بادرت بها فرنسا»، تحظى «بدعم كامل من شركاء لبنان وأصدقائه» الذين اجتمعوا في الدوحة في 17 تموز الجاري.
وتضمّن اليوم الثالث من زيارة لودريان الثانية لقاء ممثلي «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، والأمين العام لحزب «الطاشناق» ورئيس «كتلة نواب الأرمن» النائب هاغوب بقرادونيان، وأخيراً زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الثانية.
ووجّه «حزب الله» الإهتمام الإعلامي الى موقف نائب الأمين العام لـ»الحزب» الشيخ نعيم قاسم الذي استبق وصول لودريان الى الضاحية بالقول إن «تعقيدات انتخابات الرئيس ما زالت موجودة، ويبدو أنها تتطلب وقتاً إضافياً قبل أن تجد طريقاً للحل، ولا يبدو أنّ الحل سريع».
وأجرى نواب في المعارضة، التقوا أمس تقييماً مشتركاً للمقاربة التي طرحها لودريان، وهم بصدد تحضير جواب مفصّل ومشترك سيصاغ خلال الأيام المقبلة.
في موازاة ذلك، أطلقت مواقف لافتة في العشاء التكريمي الذي أقامه السفير السعودي في لبنان وليد البخاري على شرف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان مساء الأربعاء، في حضور غالبية النوّاب السنة. وقد دعا دريان في كلمة ألقاها الى «الالتزام والتمسّك باتفاق الطائف نصاً وروحاً».
بدوره، أكد السفير البخاري أن المملكة «تقوم بجهود دائمة ومتواصلة وكبيرة في اللجنة الخماسية» دعماً للبنان. وجدّد تمسّك بلاده «بوثيقة الوفاق الوطني، وبتنفيذ اتفاق الطائف الذي حمى اللبنانيين ويحميهم».