فيما الحقيقة في انفجار المرفأ في ذكراه الثالثة، مجهولة- معلومة، عن سابق تصور وتصميم مِن المنظومة الحاكمة، الاخيرةُ تَسوق البلادَ كلها ، مخفورة، الى المصير المجهول – المعلوم ايضا، وتضع الافَ اللبنانيين أمام خطر الحرمان من الرواتب والدواء والمحروقات والاتصالات، نهاية آب الجاري. وليكتمل هذا المشهد الاسود، ولان «الدولة» تتدخل حيث يجب الا تتدخل- في القضاء مثلا- ولا تتدخل حيث يجب ان تضرب بيد من حديد وتفرض هيبتها والسيادة – في المربعات الامنية والبؤر الخارجة عن الشرعية مثلا – صدر في الساعات الماضية تحذيران امنيان عربيان، سعودي وكويتي، يطلبان من رعاياهما توخي الحيطة في تنقلاتهم، وقد طلبت الرياض من ابنائها مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة ، من دون ذكر اسباب واضحة لهذا الطلب. كل ذلك فيما يتوق لبنان الى اعادة علاقاته الى «زمنها الجميل» مع الدول الخليجية وفي عز موسم السياحة والاصطياف.
متابعة رسمية
استحوذت التطورات «الامنية – الديبلوماسية» على الاهتمام الرسمي في اليومين الماضيين. فقد تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزيري الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب والداخلية والبلديات بسام مولوي، التطورات المتصلة بالبيانات التحذيرية الصادرة عن سفارات المملكة العربية السعودية والكويت والمانيا ( ولاحقا قطر وسلطنة عمان ودولة الامارات )لرعاياها في لبنان. وبنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والامنية، افادت المعطيات المتوافرة ان الوضع الامني بالاجمال لا يستدعي القلق والهلع ، وان الاتصالات السياسية والامنية لمعالجة احداث مخيم عين الحلوة قطعت اشواطا متقدمة، والامور قيد المتابعة الحثيثة لضمان الاستقرار العام ومنع تعكير الامن او استهداف المواطنين والمقيمين والسياح العرب والاجانب. وكلف ميقاتي بو حبيب التواصل مع «الاشقاء العرب لطمأنتهم الى سلامة مواطنيهم في لبنان». كما طلب من مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي للانعقاد للبحث في التحديات التي قد يواجهها لبنان في هذه الظروف الإقليمية المتشنجة، واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الامن في كل المناطق.
الجيش ينفي
من جانبها، قالت قيادة الجيش في بيان «تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات نقلًا عن مصدر عسكري حول تحضير الجيش لتنفيذ عملية عسكرية في مخيم عين الحلوة». أضافت: يهم قيادة الجيش أن تنفي صحة هذه المعلومات، وتؤكد أنها تتابع بدقة الوضع الأمني في المخيم. كما تشدد على ضرورة العودة إلى بياناتها الرسمية حصرًا للحصول على المعلومات.
تحذيرات عربية
ومع ان الهدوء عاد نسبيا الى مخيم عين الحلوة حيث يشهد التزاما منذ ايام بقرار وقف اطلاق النار، أهابت سفارة دولة الكويت لدى الجمهورية اللبنانية بمواطني دولة الكويت المتواجدين في الجمهورية اللبنانية إلتزام الحيطة والحذر والإبتعاد عن مواقع الإضطرابات الأمنية في بعض المناطق والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة. بدورها طالبت السفارة السعودية لدى لبنان، المواطنين السعوديين بمغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، محذرة إياهم من الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة. ولم تحدد السفارة المناطق التي يجب الامتناع عن الاقتراب منها، إلا أن المملكة قامت، في أول آب الجاري، بتحديث توجيهات السفر إلى لبنان ونصحت بتجنب «كافة أنواع السفر غير الضروري» إلى مناطق في جنوبي لبنان قرب مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. في المقابل، غردت السفارة الالمانية: خلافا للشائعات … ألمانيا حاليا لا تطلب من مواطنيها المغادرة.
استياء كويتي
وعلى خط «الدعسات الناقصة» الرسمية تجاه العرب، والتي باتت لا تعد وتحصى، اثارت تصريحات أطلقها وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام في معرض مناشدته دولة الكويت إعادة بناء صوامع القمح التي دمّرها انفجار مرفأ بيروت، اثارت استياءً عارماً في الكويت يُخشى أن تكون له تداعياتٌ سياسية – ديبلوماسية متدحْرجة.
مناشدات شعبية ودولية
على صعيد آخر، كان «المرفأ» الحدث شعبيا وسياسيا، محليا ودوليا، في الساعات الماضية حيث احتلت ذكرى الرابع من آب، صدارة المشهد. فعلى وقع تظاهرة شعبية مُطالبة بالحقيقة والمحاسبة وبلجنة تقصي حقائق دولية، ومُدينة للمعرقلين للتحقيقات، وعلى رأسهم محور الممانعة وحزب الله، كما قال ذوو الضحايا والمشاركون في التحرك الشعبي امس، كانت مواقف دولية مماثلة انتقدت عرقلت التحقيقات وتمييع العدالة، صدر ابرزها من واشنطن ومجموعة الدعم الدولية للبنان، في حين جدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وقوفه الى جانب الشعب اللبناني.
رسائل رئاسية
غير ان المناسبة هذه شكّلت فرصة ايضا للتصويب على اداء الطبقة السياسية الحاكمة وعلى معطّلي الاستحقاقات الدستورية ومحاربةِ الفساد في البلاد. في هذا السياق، وجه أعضاء مجلس النواب الأميركي داريل عيسى، ودارين لحود وماكس ميلر، رسالةً إلى وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن، اعربوا فيها عن القلق جرّاء الوضع اللبناني المتردّي، مطالبين الولايات المتحدة باتّخاذ إجراءات حازمة تجاه المعرقلين.
اقراض الدولة
في ظل الجمود السياسي، تتجه الانظار الى مسار الحكومة وقراراتها الاقتصادية والمالية المرتقبة، نظرا الى ما ستكون لها من تداعيات «مصيرية»، على الواقع الداخلي ابتداء من مطلع الشهر المقبل، وهي تعقد جلستين الاثنين والخميس لمتابعة درس موازنة 2023 والوضع المالي.. وفي حين أوقف حاكم مصرف لبنان «الجديد» وسيم منصوري اقراض الدولة واشترط تغطيته بقانون للاستمرار في هذا المسار، تتقاذف الحكومة ومجلس النواب هذه الطابة. واذ تردد ان ثمة توجها لدى عدد من النواب لتقديم اقتراح قانون في هذا الشأن، علما ان كان من المقرر ان يرسل مجلس الوزراء هذا المشروع الى ساحة النجمة، الصورةُ ضبابية ومقلقة، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ»المركزية»، بما ان الاكثرية اللازمة لاقرار قانون «الاقراض» لا تبدو مؤمنة، ما يعني ان الاموال لصرف الرواتب وتغطية دعم الادوية وقطاع الاتصالات.. لن تكون ايضا مؤمنة، مع قلق على استقرار سعر صرف الدولار.