كسر لقاء الرئيس وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري المشهد السياسي العالق في حرارة الطقس الإقليمي بانتظار اتّضاح الصورة على أكثر من مستوى بعد مؤشرات عدة تعطي الانطباع بلا شك عن سخونة في المسارات المترابطة في المنطقة والتي تنعكس حكماً على لبنان.
وفي حين أشار جنبلاط إلى البوادر الإيجابية لبدء الحفر نهاية الشهر المقبل في الجنوب لاستخراج الثروة اللبنانية، كاشفاً أنه “أخيراً سيظهر الصندوق السيادي لجميع اللبنانيين، وهذا مهم”، أعرب عن استغرابه لتحذيرات بعض السفارات لرعاياها في لبنان، وقال “لم نفهم سويًا مع الرئيس بري تخوّف السفارات، يبدو أن ثمة أمور نجهلها، أما أحداث مخيم عين الحلوة فيبدو أنها محصورة إلى حد ما، والجهود الفلسطينية واللبنانية قد تؤدي إلى تهدئة”.
وكانت التحذيرات التي اتخذتها بعض الدول العربية والأوروبية بالطلب من رعاياها مغادرة لبنان وعدم الاقتراب من الأماكن الساخنة، وضرورة أخذ الحيطة والحذر، والالتزام بتعليمات سفاراتهم في تنقلاتهم، قد استأثرت باهتمام المسؤولين الرسميين والأمنيين، واستدعت من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي الى إجتماع طارئ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حصول أية تطورات أمنية.
مصادر أمنية أكدت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن الأحداث التي شهدها مخيم عين الحلوة، والقصف العشوائي الذي طال معظم الأحياء السكنية في مدينة صيدا والقرى المجاورة ربما يكون “أحد الأسباب التي دفعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى الطلب من رعاياه مغادرة لبنان، عدا عن ذلك لا شيء يدعو إلى القلق، وأعين الأجهزة الأمنية لم ترصد أية تحركات قد تسيء للأمن الداخلي”.
في هذا السياق أشار النائب السابق عاصم عراجي في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “سلسلة من الفراغات القائمة في البلد، بدءاً من رئاسة الجمهورية إلى حكومة تصريف الاعمال إلى عدم تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان وعدم تشكيل المجلس العسكري وعدم تعيين قائد للأركان لتسلم مهام قائد الجيش في حال بلوغه سن التقاعد ولم ينتخب رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى تعطيل القضاء وتوقف التحقيق في انفجار المرفأ، وهذه كلها عوامل تجعل الأخوة في دول مجلس التعاون الخليجي يميلون الى عدم الاطمئنان للوضع القائم. ناهيك عن أحداث مخيم عين الحلوة والحديث عن دخول عناصر غريبة الى المخيم بهدف السيطرة عليه والحديث انتقال المواجهات العسكرية الى المخيمات الأخرى”، ورأى عراجي أن “الدولة منهارة بالكامل”.
وتحدث عراجي عن “معطيات أمنية تملكها بعض السفارات كانت الدافع لإطلاق مثل هذه التحذيرات، لأن من حق السعودية وقطر والكويت وأي دولة عربية أن تهتم بأمن رعاياها وسلامتهم، ولو لم تكن هذه الدول تملك هكذا معطيات لما اتخذت تلك الإجراءات”.
وفي مجال متصل استغرب عراجي الطريقة التي استخدمها وزير الاقتصاد أمين سلام بحقّ دولة الكويت “التي لها أياد بيضاء بإعادة إعمار لبنان وعودة الاستقرار والهدوء الى ربوعه”، داعيا إياه إلى تصحيح موقفه “والابتعاد عن البطولات الوهمية التي يتحفنا بها بعض الوزراء، لأننا لا نريد خلق أزمة جديدة مع دولة شقيقة مثل الكويت”.
وفي مجمل قراءته للوضع الراهن، استبعد عراجي انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور “لأن كل المعطيات لا تشير الى حل قريب طالما أن حزب الله مازال متمسكا بدعم الوزير السابق سليمان فرنجية”، مقللاً من أهمية الاتصالات التي يجريها الموفد الفرنسي جان ايف لودريان مع ممثلي اللجنة الخماسية والقوى السياسية اللبنانية.
من جهته كشف النائب السابق علي درويش في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن تحذيرات السفارات والالتباس الذي حصل مع الكويت كلها مواضيع “ستحضر بقوة على طاولة مجلس الوزراء اليوم، خاصة وأن دول الخليج معنية بالملف اللبناني”، لكنه شدد على انه “رغم الواقع الصعب، لا شيء يدعو للهلع فالأمور بالحد الأدنى مضبوطة. وبناء عليه لا بد من طمأنت الدول العربية بعدم حصول اي شيء يعكر صفو الأمن، بالإضافة لموضوع عين الحلوة والاتصالات التي يقوم بها موفد الرئيس الفلسطيني عزام الأحمد”.
وبانتظار جلاء خلفية التحذيرات والمعطيات التي أملتها، والسبل الممكنة لإخراج لبنان من شرنقة الأزمات المتشابكة محلياً وإقليمياً، فإن الأداء المحلي يبقى قاصراً عن مواكبة المتطلبات الأساسية لوقف انهيار الدولة ولمعالجة الملفات الأساسية، ومنها القطاع التربوي الذي سيخصص اليوم الحزب التقدمي الإشتراكي محطة أساسية في مؤتمره الصحافي للتحذير مما يتجه إليه هذا القطاع والانعكاسات الخطيرة له على مستقبل البلد.