تراجعت أمس المخاوف من أحداث عين الحلوة. كما تراجع أيضاً منسوب القلق من البيانات الخليجية التي توالى صدورها منذ مساء الجمعة الماضي ولغاية أمس. لكن التغيير الذي طرأ على المشهدَين الفلسطيني والخليجي في لبنان، حل مكانه فجأة حضور الملف الرئاسي عند الثنائي الشيعي بشكل أبرز تناقضات بين طرفَيه.
وبدا لافتاً التمايز في كلام كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عندما قاربا الاستحقاق الرئاسي. فمن ناحية رئيس كتلة «حزب الله» النيابية، فقد لجأ للمرة الأولى الى الحديث عن خيارات أخرى في السباق الرئاسي، على الرغم من استمرار تأييد «الحزب» لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. فهو قال: «هناك الكثير من الأشخاص لم نضع عليهم «فيتو» لأننا نريد التسويات، لكن دون أن يحشرنا أحد أو يأخذنا إلى مكان».
في المقابل، خرج بري عن صمته، للمرة الأولى، ليحدّد موقفاً من الحوار بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، فأوضح أنّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان تكلم معه نقلاً عن الاجتماع الخماسي الأخير في الدوحة، طارحاً «الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة».
وعن التهديد الأميركي والأوروبي بفرض العقوبات عليه ووصفه بأنّه امتداد لـ»حزب الله»، قال بري: «أنا امتداد لكل شيء ومتل ما قلت قبل، انا بريّ وما بحلاش عالرص». وأشار الى أنه «مستمر في ترشيح فرنجية حتى النهاية»، وخلص الى القول: «لما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين «الحزب» و»التيار» إسألوني اذا كنت مرتاحاً».
وفي معلومات لـ»نداء الوطن»، أنّ ملاحظات بري على الحوار عموماً، وحوار حارة حريك وميرنا الشالوحي خصوصاً، تتصل بموقف «سلبي» لبري من الشروط التي وضعها رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، إذ رأى أنّ ما يطرحه باسيل في شأن اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، «يتجاوز حدود اتفاق الطائف».
الى ذلك، أتت مواقف بري الرئاسية على هامش استقباله أمس الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط. وقد سجّل الرجلان ملاحظات على ما صدر من بيانات تحذير خليجية وما جرى في عين الحلوة فقالا: «لا شيء أمنياً يستدعي ذلك».
وفي موازاة لقاء عين التينة، نفت مصادر حكومية ربط تحذيرات السفارات الخليجية لرعاياها بأي عامل سياسي لجهة الضغط على لبنان، وبحسب ما توافر لديها من معطيات، أشارت الى أنّ هذه الدول كانت تخشى تطور الاشتباك في مخيم عين الحلوة، ولهذا فضلت تحذير رعاياها.
في سياق متصل، أكدت مصادر فلسطينية لـ»نداء الوطن»، أنّ الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة ستتجه نحو التهدئة مع الإصرار على تطبيق كامل بنود اتفاق وقف اطلاق النار الذي أعلنته «القوى الوطنية والاسلامية» منذ أيام، ومنه سحب المسلحين من الشوارع وتشكيل لجنة التحقيق لكشف الجناة وتسليمهم إلى العدالة اللبنانية وعودة النازحين الى منازلهم في المخيم.
وأشارت إلى أنّ الاجتماع اللبناني – الفلسطيني الذي عقده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد موفداً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلص إلى توافق مشترك بضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، لأنّ المرحلة دقيقة جداً وتتطلب التهدئة وعدم الوقوع في فخ الاستدراج والتوتير. كما تبيّن أنّ إجراء مصالحات فلسطينية – فلسطينية هدف صعب التحقيق، أقله في الوقت الراهن.
وأبلغ مسؤول في «حماس»، «نداء الوطن»، أنه جرى خلال الاجتماع اتصال بين الرئيس ميقاتي ورئيس المكتب السياسي لـ»حماس» اسماعيل هنية، وجرى البحث في وضع المخيم والاجراءات اللازمة لتثبيت وقف اطلاق النار، والدعوة الى عودة النازحين الى المخيم فوراً ومتابعة مسار التحقيق لتسليم المطلوبين بالتنسيق مع الجهات اللبنانية المختصة.