كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: بات واضحاً أن أزمة الثقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي تمر بمنعطف خطير في ظل انسداد الأفق السياسي وفشل المعنيين بانتخاب رئيس جمهوريةٍ يعيد ثقة المجتمع العربي بلبنان الذي يمر بمرحلة صعبة ومعقدة على كافة الاصعدة، وما هو إيعاز الدول الخليجية لمواطنيها لتجنّب لبنان إلا خير دليل على ذلك.
وسط هذه الضبابية في الأفق، استبعدت مصادر سياسية في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية أن تجد الأزمة الرئاسية حلاً قريبا لها، لأن كل الأمور تتم معالجتها عن طريق الترقيع وتجاهل الدستور والقوانين، وذلك في ظل الانقسام العمودي الذي نجح على ما يبدو بإفراز قوى تستأثر بالقرار السياسي وتعطّل الحلول.
ولفتت المصادر إلى أن “أحداً لا يُريد التنازل للآخر، وإذا كان الثنائي المسيحي، أي القوات والتيار، قد نجح بتعطيل انتخاب مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، فإن عقد هذا الثنائي مرشح لأن يفرط بعد عودة باسيل الى بيت الطاعة واستئناف الحوار مع حزب الله على قاعدة تأمين الدعم لفرنجية هذه المرة مع وعد بأن تكون الرئاسة لجبران باسيل بعد ست سنوات، بنفس الطريقة التي اعتُمدت سنة 2016 وأوصلت ميشال عون لسدة الرئاسة”.
وسألت المصادر: “هل يمنح باسيل حزب الله هذه الفرصة التي تخوّله القبض على مفاصل السلطة السياسية في البلد ويصبح هو الامر الناهي؟ هذا ما يأمله حزب الله ويركز عليه في كل خطاباته مشيدا بتجديد الحوار مع التيار الوطني الحر، وبالمقابل هل يوافق رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أن يؤمّن تكتل الجمهورية القوية وحلفاؤه النصاب لانتخاب فرنجية في حال موافقة باسيل عليه، أم سيلجأ الى تعطيل النصاب كما فعل الثنائي الشيعي والتيار في جلسات الانتخاب ال11 الماضية؟”.
المصادر وصفت ما يجري بـ”المزحة السمجة”، وقالت: “ما يسمى أضحوكة انتخاب الرئيس بدأت تزعج اللجنة الخماسية التي تعمل على حل الأزمة الرئاسية، وهو ما بدا واضحا من ردة الفعل لدى دول مجلس التعاون الخليجي بالنسبة إلى لا مبالاة القوى السياسية في رسم سياسة بلدهم وتركها للفراغ في كل المراكز الحساسة من رئاسة الجمهورية مروراً بمصرف لبنان وصولاً الى المجلس العسكري وقيادة الاركان وغيرها من المواقع”.
وبرأي المصادر، إن الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيعود الى لبنان في ةيلول لمتابعة اتصالاته ومعرفة مصير الحوار التشاوري الذي دعا اليه سيرفع بوجه القوى المعطّلة سيف العقوبات مع التهديد بوقف مبادرته حتى اشعار آخر.
في الشأن المالي، كشف الخبير المالي والاقتصادي أنطوان فرح في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أنّه “بات من الواضح أن المشكلة بين حكومة تصريف الاعمال من جهة والمجلس النيابي من جهة ثانية، مع نواب حاكم مصرف لبنان والحاكم وسيم منصوري مستعصية حالياً، وليس هناك من مؤشرات للحلحلة، فلا حكومة تصريف الاعمال ولا المجلس النيابي على استعداد لتحمل المسؤولية لتشريع الانفاق من اموال مصرف لبنان، خصوصاً وأنها أموال المودعين، وإن نواب الحاكم ليس لديهم استعداد لانفاق اي دولار من دون تغطية قانونية”.
ولفت إلى أن “هذا الأمر لا يتعلق بمنصوري فقط، فكل نواب الحاكم لديهم هذا الموقف حتى ولو كان منصوري لديه موقف مغاير لا يستطيع لوحده أن يتخذ هكذا قرار دون مشورة نواب الحاكم المعنيين بإدارة شؤون مصرف لبنان، والمشكلة الأساسية في هذا الموضوع تكمن في تقزيم الأزمة، وكأن الأمر يتعلق فقط بتشريع الانفاق، وتم تناسي أن هناك إجراءات إصلاحية مطلوبة من ضمن الخطة التي طالب بها نواب الحاكم”.
وشدد على أن “الحل المطلوب يمكن في أن تجد الدولة طريقة لتحسن إيرادتها، فتنفق من أموالها وليس من أموال المودعين، وبالمقابل يتم تنفيذ الاجراءات الاصلاحية بسرعة”، لافتاً إلى أن “مسؤولية منصوري كبيرة، ففي حال قصّرت الحكومة وقصر المجلس النيابي باصدار قانون تنظيم العلاقة بين المصارف والمودع، وهذا أمر مرجح، مفروض على منصوري وبناءً على صلاحيات قانون النقد والتسليف أن يصدر تعميماً من مصرف لبنان يتولّى تنظيم العلاقة بين المصرف والمودع، وبالتالي فإن مصرف لبنان له الحق إصدار هكذا تعميم لإقرار الكابيتال كونترول او قانون تنظيم العلاقة”.
لا بد من التمعّن جيداً بالإجراءات الخليجية تحاه لبنان، لانها بلا شك تحمل رسائل عدّة، بينها الضغط على المعنيين لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وعدم الركون إلى الحلول الخارجية فقط وانتظار ما ستفرزه الأيام، وبانتظار إقرار الموازنة وحلحلة مشكلة الاقتراض من مصرف لبنان، فإن القدرة الشرائية للبنانيين ستكون في مهب الريح.