فرض حادث الكحالة، المتمثل بتبادل اطلاق النار بين شبان مسلحين من البلدة، وعناصر حزبية، على خلفية الشاحنة التي انقلبت على الطريق باتجاه بيروت، قبل ان يتدخل الجيش اللبناني للحفاظ على التهدئة في المنطقة، نفسه بنداً على جدول المتابعة بين القيادات الحزبية والسياسية والامنية والعسكرية لتطويق الحادث، نظراً لحساسية المنطقة، بالتزامن مع حوادث متفرقة في غير منطقة، بدءاً من الالتباسات التي اثيرت حول المسؤول القواتي في عين ابل عند الحدود الجنوبية، الياس الحصروني، بعد تداعيات الوضع الامني المتوتر، على خلفية اشتباكات مخيم عين الحلوة.
ووسط خواء داخلي، وانقطاع التواصل بين الرئاستين الثانية والثالثة، وترسخ الشغور في الرئاسة الاولي، ارتفعت نسبة المخاوف من دخول البلد موسم التوترات التي جرى الترويج لها، مع بدء مغادرة مئات ألوف السياح من لبنانيين واجانب البلد في الاسبوع الاخير من آب الجاري.
وليلاً، علمت «اللواء» ان الرئيس ميقاتي غادر بيروت امس، من دون ان توضح الجهات المقربة من السراي الوجهة التي قصدها، لكن يرجح ان تكون لندن، وربما يعرّج على روما وباريس في طريق العودة.
ومع ذلك، بقي الرئيس ميقاتي على اتصال مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، وتم الاتفاق على الاسراع بالتحقيقات وكشف الملابسات مع خطوات لضبط الوضع، داعياً للابتعاد عن الانفعالات وانتظار نتيجة التحقيقات الجارية.
الحزب يتبنَّى و«القوات» ترد
وقرابة العاشرة ليلاً، اصدرت العلاقات الاعلامية في حزب الله بياناً، قالت فيه ان شاحنة الكحالة هي لحزب الله، وآتية من البقاع الى بيروت، وقد انقلبت في الكحالة.
واشار البيان الى ان عددا من المسلحين من الميليشيات الموجودة في المنطقة، قاموا بالاعتداء على افراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها، «وقاموا برمي الحجارة ثم اطلاق النار في محاولة للسيطرة عليها».
واشار البيان الى سقوط «شهيد كان مولجا بحماية الشاحنة، وان وحدة من الجيش اللبناني، منعت هؤلاء المسلحين من الاقتراب من الشاحنة او السيطرة عليها».
وأصدر اهالي الكحالة بياناً، قدم رواية اخرى، اذ تحدث عن ان مسلحين اطلقوا النار على اهالي الكحالة، مما ادى الى مقتل شاب، واتخذنا قراراً بإبقاء قطع الطريق بالاتجاهين.
ورأت منطقة عالية في «القوات اللبنانية» ان مرة جديدة يدفع اللبنانيون ثمن التفلت الامني وانتشار السلاح غير الشرعي، مطالبة الجيش اللبناني بتوقيف مطلقي النار واحتجاز الشاحنة واجراء التحقيقات، ومنع اي مظهر من مظاهر التفلت الميليشياوي.
وتجمهر اهالي الكحالة رافضين رفع الشاحنة من الارض، لكن الجيش تمكن من البدء باخراج الصناديق الخشبية، ونقلها من المكان بشاحنات تابعة له. ثم رفع الشاحنة، وبدأ بتفريغ حمولتها، في حين طالب نواب وقياديون حزبيون بابقاء الطريق الدولية بين البقاع وبيروت مقطوعة.
وسقط نتيجة الحادث عنصر لحزب الله هو احمد علي قصاص، في حين ان الشاب الذي قتل في الكحالة هو فادي يوسف بجاني من مناصري «التيار الوطني الحر».
وبقي الاهالي في الشارع الى ساعات الصباح، على وقع قرع اجراس الكنائس، وتوجيه الحملات باتجاه حزب الله والجيش اللبناني، والمطالبة بتحقيق شفاف لجلاء ما حصل، واتخاذ الاجراءات القانونية والقضائية، في وقت لم ترفع الشاحنة من مكان سقوطها.
واستقدم الجيش جرافة لسحب شاحنة حزب الله، لكن الاهالي حاولوا منعه من اخراجها، مما أدى الى اشتباك بالايدي معه.
وقبيل منتصف الليل، تجمع مواطنون امام الكنيسة، ورفعوا يافطات تحمل عنوان: المقاومة ضد الاحتلال الايراني، فيما كشف النائب نزيه متى (من القوات اللبنانية) عن ان سحب الشاحنة وتفريغ الحمولة لفتح تحقيق في ما حدث.
وعلى الارض، ارتفعت المخاوف من انفجار الوضع بين مناطق في الجبل والضاحية الجنوبية، على خلفية ما حدث في الكحالة.
أزمة الرواتب
على صعيد حياتي، وقبل سفره، انشغل الرئيس ميقاتي بموضوع تأمين الرواتب لموظفي القطاع العام. فعقد اجتماعاً مع وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل، حضره حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري.
وردا على سؤال عما يقال عن دفع الرواتب للقطاع العام هذا الشهر بالليرة اللبنانية قال: سنقوم بجهدنا ليتقاضى الموظفون رواتبهم كالمعتاد مثل السابق».
وذكرت معلومات خاصة بـ «اللواء» ان الاجتماع كان ايجابيا ومنتجاً لجهة التوافق على التواصل الدائم والتعاون المشترك، وان تكون مصلحة الدولة هي الاساس. وجرى البحث بدقة في موضوع سبل تفعيل الجباية من قبل الدولة بما يكفل استقرار النقد وعدم المس بالاحتياطي الإلزامي وفقاً للقواعد والشروط التي سبقوحددها منصوري في مؤتمره الصحافي. وعلى هذا ستعقد لقاءات اخرى بعد عودة الرئيس ميقاتي من السفرحيث عُلِم انه غادر بيروت امس.
وفي السياق، أعلن الأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف أن «المساس بتوظيفات المصارف لدى مصرف لبنان لم ولن يكون الحل، لا بل سيفاقم الأزمة عوض حلِّها. وقال: على الجميع الاقتناع بأن سعر الصرف لا يمكن إلا أن يعكس واقع الاقتصاد، وكلّ التعويل اليوم على الحاكم الجديد الدكتور وسيم منصوري، آملين أن ينجح في إخراجنا من النفق المظلم.
كلام خلف جاء في افتتاحية التقرير الشهري لجمعية مصارف لبنان حول التطورات النقدية والمصرفية والمالية والاقتصادية في آب 2023، بعنوان «وعد الحاكم دين، الاحتياطي لن يُمَسّْ».
وفي الحراك السياسي والرئاسي، إستقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط، في كليمنصو، النائب فيصل كرامي، على رأس وفد ضم: علاء جليلاتي، زياد شهاب الدين، حمدي درنيقة وعثمان مجذوب، بحضور النائب فيصل الصايغ، أمين السر العام في الحزب ظافر ناصر، ومستشار النائب جنبلاط حسام حرب.
وخلال اللقاء، تم عرض «الأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية، لا سيما الاستحقاق الرئاسي، والأهمية القصوى لضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، مع التمسك بتطبيق اتفاق الطائف ومندرجاته».
وعلمت «اللواء» ان زيارة كرامي كانت لتهنئة جنبلاط بإنتخابه رئيسا للحزب، وانه جرى التركيز خلال اللقاء على اهمية الاسراع في انتخاب رئيس للبلاد للخروج من الازمات القائمة، وعلى ضرورة التفاهم والحوار والتوافق على هذا الموضوع بين كل القوى السياسية. كما تطرق البحث الى اوضاع البلد عامة وبخاصة لجهة اهمية اعادة تسييرمرافق الدولة لتتمكن من مواكبة متطلبات المؤسسات الرسمية والناس.
ثم استقبل النائب جنبلاط وفدا من لقاء «التوازن الوطني»، ضم: صلاح سلام، المهندس الدكتور مازن شربجي، عبدالله عبدالله، الدكتور أيمن مجذوب، المهندس جهاد الشعار، المهندس رامز بيضون، المهندس أحمد الشعار، المحامي أحمد الجمل، والمحامي صائب مطرجي، بحضور النائب الصايغ، ناصر وحرب، وكان بحث في مختلف التطورات السياسية.
أبي المنى في الديمان
وفي الديمان، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس، شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى على رأس وفد من المجلس المذهبي ومشيخة العقل، حيث تم «عرض سبل معالجة الأوضاع الروحية والوطنية المشتركة، ومساهمة الأوقاف المارونية والدرزية وغيرها في بلورة قوة اقتصادية لتثبيت ابناء الجبل في قراهم وطمأنة الشباب الى مستقبلهم. كما تم عرض التحضيرات لزيارة البطريرك الراعي إلى الجبل والمقررة في الثامن من أيلول المقبل بمناسبة الذكرى ٢٢ للمصالحة المارونية والدرزية في الجبل، وتم تبادل مجموعة من الكتب المتعلقة بالطائفتين المارونية والدرزية».
جريمة عين إبل
الى ذلك، انشغل لبنان امس بمقتل عضو المجلس المركزي في القوات اللبنانية ومنسق منطقة بنت جبيل في القوات سابقا الياس الحصروني (70 سنة الملقب بالحنتوش) قبل نحو اسبوع، حيث تبين بعد دفنه الاحد الماضي ونتيجة انتشار فيلم فيديو عن كيفية حصول الجريمة مساء يوم حصولها، انه تعرض للخطف من قبل اشخاص على متن سيارتين وتم قتله والقاء جثته في احد الاحراج قرب الطريق ليظهر الموت على انه نتيجة حادث سير ادى الى انقلاب سيارته ووفاته. وافيد ان تقرير الطبيب الشرعي أظهر ان حصروني قُتل خنقًا وضُرب بالمسدس على رأسه وعند القفص الصدري ما أدى الى كسر ضلوعه وخرقها للرئة ثم تم رمي الجثة قرب موقع السيارة.
وقد لاقت الجريمة اصداء واسعة سياسية وشعبية، وانهالت الاتهامات المبطنة والتحليلات حول خلفياتها قبل ظهور نتائج التحقيق. لكن قال شقيق الضحية مارون الحصروني: لا نتّهم اي جهة على أمل أن يظهر التحقيق من هو الفاعل.واضاف في حديث لقناة «الجديد»: أنّه «لا يعتقد ان لما حصل طابع سياسي وهناك من يريد أن يصطاد بالماء العكر».