من أقصى الجنوب الى وسط الجبل علق لبنان أمس على كوع فلتان أمني على غاربه. فبعد ساعات على كشف المعلومات عن جريمة قتل عضو المجلس المركزي في «القوات اللبنانية» الياس الحصروني في عين ابل قضاء بنت جبيل، انقلبت شاحنة «حزب الله» المحملة أسلحة آتية من البقاع والمتوجهة الى الضاحية عند كوع الكحالة في قضاء عاليه. وإذا كانت جريمة الجنوب ذهب ضحيتها الحصروني، فإن تداعيات شاحنة «الحزب» أسفرت عن سقوط قتيلين ومواجهات بين أهالي البلدة وعناصر أمنية تابعة لـ»الحزب» ظهرت بالصورة والصوت تطلق نيران أسلحتها الرشاشة في اتجاه الأهالي.
البداية من كوع الكحالة الذي ارتبط اسمه بمراحل سابقة من الحرب اللبنانية في سبعينات القرن الماضي. وبحسب مصدرين أمنيين أبلغا «رويترز»، أنّ اشتباكات وقعت عصر أمس بين عناصر من «حزب الله» وأهالي منطقة الكحالة إثر انقلاب شاحنة، وذلك بعدما طوّقت مجموعة من أهالي البلدة شاحنة منقلبة تحمل أسلحة لـ»الحزب»، وأطلق عناصر المواكبة النار في اتجاه المواطنين. وأفادت لاحقاً معلومات أمنية أنّ الحصيلة « هي قتيلان: الأول من الكحالة يدعى فادي بجاني، والثاني من الطرف الآخر، بالإضافة إلى إصابة ثالثة». وبحسب مصادر إعلامية، فقد أصيب أحد عناصر «حزب الله «بجروح خطرة في حادثة الشاحنة. وبعدما تفاقم الموقف ووصول تعزيزات الجيش في موكب ضم 12 شاحنة انسحبت عناصر «الحزب» الأمنية وأقلت معها في سيارات رباعية الدفع سائق الشاحنة نحو بيروت.
في هذه الاثناء، قرعت الكنائس في الكحالة أجراسها فيما احتشد الأهالي لمنع رفع الشاحنة قبل معرفة نوعيّة حمولتها.
من ناحيته أرسل الجيش تعزيزات أمنية الى مكان انقلاب الشاحنة التي تحمل لوحة عمومية ومغطاة بشادر، للعمل أولاً على فتح الطريق التي تشكل الشريان الرئيسي بين بيروت والبقاع، لكن تجمهر الأهالي ورد فعل العناصر الامنية الحزبية عقّدا الموقف، خصوصاً بعد سقوط ضحايا. وطوال ساعات عمل الجيش على إفراغ حمولة شاحنة الاسلحة ونقلها الى شاحنات تابعة له.
على الصعيد الرسمي، تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع قائد الجيش العماد جوزاف عون ملابسات شاحنة منطقة الكحالة.
وصدر عن منطقة عاليه في «القوات اللبنانية» بيان جاء فيه:»مرة جديدة يدفع اللبنانيون ثمن التفلت الأمني وانتشار السلاح غير الشرعي، وهذه المرة كانت الكحالة الأبيّة مسرحاً لاستعراض فائض القوة وإطلاق النار المباشر في اتجاه المدنيين».
في المقابل، أصدرت العلاقات الإعلامية في «الحزب» بياناً جاء فيه: «أثناء قدوم شاحنة لحزب الله من البقاع الى بيروت انقلبت في منطقة الكحالة وفيما كان الإخوة المعنيون بإيصالها يقومون بإجراء الاتصالات لطلب المساعدة ورفعها من الطريق لمتابعة سيرها الى مقصدها، تجمع عدد من المسلحين من الميليشيات الموجودة في المنطقة، وقاموا بالاعتداء على افراد الشاحنة ما أسفر عن إصابة أحد الاخوة المولجين حماية الشاحنة وتم نقله بحال الخطر الى المستشفى حيث استشهد لاحقاً».
ومن كوع الكحالة الى عين ابل. فقد كشفت تسجيلات كاميرات المراقبة في البلدة الجنوبية الحدودية، أنّ موت الحصروني لم يكن نتيجة حادث سير، كما قيل سابقاً، بل بفعل جريمة موصوفة. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» فإن «الوقائع المتصلة بالجريمة تشير الى عملية انتقامية تضمّنت كميناً وخطفاً وقتلاً، ثم محاولة إخفاء الجريمة بما يوحي أنها حادث سير عادي، لكن الكاميرات كشفت الوقائع الكاملة. وهناك مجموعة نفذت الجريمة وهي فعلت ذلك انطلاقاً من تمتعها بحرية الحركة في المنطقة وهي منظمة تنتمي الى جهة قادرة على القيام بهكذا عمل». ودعت المصادر الى «انتظار الساعات الـ48 المقبلة لكي تبيّن التحقيقات الملابسات وهوية منفذي الجريمة».
ومن الفلتان الامني، الى فلتان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير، وفيه أنّ «التيار»، يحضّر مع «حزب الله» لتقاطع رئاسي جديد «يتطلب وقتاً»، كما أفادت مصادر «الحزب» الاعلامية.
بحسب معلومات «نداء الوطن»، فإن الوزير السابق ناجي البستاني الذي جرى تداول اسمه سابقاً كمرشح لفريق الممانعة لرئاسة الجمهورية، عاد اسمه الى بساط البحث بين «التيار» و»الحزب» بدلاً من مرشح الممانعة الحالي سليمان فرنجية. ومن المعروف أنّ المحامي البستاني من المؤيدين لفريق الممانعة، وهو توكل سابقاً عن العميد ريمون عازار أحد الضباط الأربعة الذين أوقفهم التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005.