كتبت صحيفة “اللواء”: تضاعفت أمس الجهود «الخماسية» والداخلية والفلسطينية على جبهتين: الاولى: تتعلق بترتيبات وقف النار في مخيم عين الحلوة، والثانية تتعلق بترتيبات إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني على يد النواب اللبنانيين انفسهم.
وعلى كلا الجبهتين، ثمة تقاطع واضح: اللقاءان في عين التينة، وعلى طاولة الرئيس نبيه بري الذي لم يرَ الموفد الشخصي للرئيس ايمانويل ماكرون جان- إيف لودريان افضل منه لادارة «الحوار» المستبدل بلقاءات نيابية تحت مظلة انتخاب الرئيس في ساحة النجمة.
الواضح، من سياق المشهد الرئاسي المتغير، حسب مصادر دبلوماسية عربية، ان الوضع اللبناني دخل في لحظة الانفراجات المتلازمة في الملفات الساخنة في المنطقة ، وعدم تحويلها الى ملفات مستعصية على المعالجة، بمساعٍ عربية واقليمية ودولية.
واستناداً الى هذه المصادر، تقدم الملف الرئاسي في بيروت، نحو رئيس تسووي، ليس طرفاً في اي محور، ومقبول من العدد الاكبر من النواب الذين يشكلون المجلس النيابي، مع استبعاد فكرة النصف زائد واحداً، اي نصف المكونات+ نائب، الامر الذي لا يجعل من مهمة الرئيس العتيد سهلة، وقادرة على ان يكون انتخاب بداية حل، يحتاج لجهود كبيرة من الحكومة الى الوزراء، والاصلاحات والقوانين المطلوبة، ووضع حد للفساد والعبث بقدرات البلاد.
وبات بحكم المؤكد ان الاطراف: الفرنسي، السعودي والقطري يعملون ضمن مسار منسّق لإنهاء الشغور الرئاسي، انطلاقا من التفاهمات التي تم التوصل اليها في اجتماعات باريس بين لودريان وباتريك دوريل من الجانب الفرنسي والمستشار في الديوان الملكي السعودي برتبة وزير نزار العلولا والسفير بخاري، الذي بدأ الترتيبات للقاء الذي عُقد في منزله فور عودته الى بيروت.
وقبل الاجتماع، الذي عقد امس في دارته، استقبل السفير بخاري سفير قطر في لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، من باب التنسيق بين البلدين العضوين في اللجنة الخماسية.
وفي المعلومات ان البحث تطرق الى ضرورة انجاز الملف الرئاسي ليعود لبنان الى دوره الطبيعي في محيطه العربي.
وعلى خط اتصالات حزب الله، زار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بنشعي، والتقى النائب السابق سليمان فرنجية، والذي يدعم ترشيحه للرئاسة الاولى «الثنائي الشيعي».
وفي السياق، وبموازاة الحوار الدائر بين حزب والله والتيار الوطني، تستمر اللقاءات مع تيار المردة، ورئيسه لمواكبة ما يجري على اكثر من جهة تتعلق بالملف الرئاسي، ومنها لقاء مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مشيرة الى ان زيارة رعد الى بنشعي مبرمجة، بعد لقاء العماد عون.
اذاً، انهى لودريان لقاءاته مع الكتل النيابية والنواب المستقلين، وقالت مصادر نيابية التقته لـ «اللواء»: ان الجديد الذي طرحه مفاده: انه بعد لقاءاته الداخلية والخارجية لا امكانية للسير بالطروحات السابقة ولا بد من طرح جديد وهذا الامر يحتاج الى حوارات بين كل الطراف.
واوضح لودريان حسب المصادر النيابية، انه يجمع الافكار والمقترحات النيابية لنلقها الى اللجنة الخماسية العربية الدولية، وهو ابلغ النواب انه يضع «الخماسية» بكل تفاصيل ما يقوم به، وسيحصل اجتماع لوزراء خارجية الدول الخمس في نيويورك يوم الثلاثاء المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.
اضافت المصادر: ان تحرك لودريان بالتنسيق مع اللجنة الخماسية يفتح ثغرة واسعة في جدار الازمة الرئاسية.
وبعد المعلومات التي تحدثت عن توجه الرئيس بري لدعوة لحوار بمن حضر الاسبوع المقبل، اكدت مصادر نيابية مطلعة، ان لا شيء محسوماً بعد بإنتظار انتهاء لقاءات لودريان وجوجلة مواقف الكتل النيابية التي التقاها، ويضع الرئيس برّي في اجوائها اليوم، ليبني على الشيء مقتضاه. على ان تتضح كل الامور الاسبوع المقبل لا سيما حول شكل الحوار، مَن سيديره، وحول شكل وطبيعة الجلسات الانتخابية التي ستليه.
واشارت بعض المصادر النيابية الى أن الموفد الفرنسي «قد أسقط في لقاءاته خياري فرنجيه - أزعور لمصلحة ترشيح اسم ثالث لرئاسة الجمهورية»، لكن ذلك لم يتأكد من مصادر اخرى.
وفي اليوم الثالث للقاءاته، إستهل لودريان جولته على المسؤولين والقيادات اللبنانية من بكركي حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي اكد لضيفه «ان انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الحصري لإنتظام عمل المؤسسات الدستورية».
والتقى الراعي الذي يسافر الى اوستراليا اليوم، السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا. والتي قالت على الاثر «ان استمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد الامور تعقيدا وخطورة».
كما اجتمع مع الأمين العام لحزب الطاشناق رئيس كتلة نوّاب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان، حيث دار النقاش حول نتائج محادثات لودريان مع الأطراف السياسية حول انتخاب رئيس للجمهورية.
ثم التقى لودريان النائب المستقل الدكتور غسان سكاف.الذي زار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مهنئاً، وقال سكاف لـ«اللواء»: قدمت ورقة للوزير لو دريان تتضمن رؤيتي للحوار، بحيث يتزامن لسبعة ايام تحدد بالتواريخ مع جلسات انتخاب الرئيس في دورة نيابية واحدة ومن دون إسقاط النصاب. وكان الموفد الفرنسي متجاوباً.
واستقبل ايضاً رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب كميل دوري شمعون في قصر الصنوبر، واكد شمعون، بحسب بيان للحزب، حرصه على «اجراء الانتخاب بأسرع وقت ممكن ضمن الاطر الدستورية، وانه بغض النظر عن الاسم، فإن ما يهمنا هو الاتيان برئيس سيادي وإصلاحي».
والتقى ايضاً النائب فيصل كرامي في قصر الصنوبر ممثلا تكتل التوافق الوطني.
لقاء النواب السنّة
وبعد الظهر، التقى لودريان في دارة السفير السعودي في اليرزة ، 21نائباً من النواب السنّة، بحضور السفير وليد البخاري ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان. واعتذر او تغيب عن الحضور النواب الدكتور اسامة سعد وجهاد الصمد وحليمة قعقور وابراهيم منيمنة، فيما لم تتم دعوة النائبين ينال الصلح، وملحم الحجيري من كتلة حزب الله. وسبق اللقاء خلوة بين دريان وبخاري ولودريان.
وحسب المعلومات اكد السفير السعودي أنّ مجموعة الدول الخمس لا تزال تدعم لبنان وتحث على الإسراع في عملية إنتخاب الرئيس، كما أنّ لودريان شدّد على أنّ لبنان بحاجة إلى إنتخاب رئيس لأن البلد ينهار ويجب تنفيذ الإصلاحات. لكن لم يحمل اللقاء اي مقترحات او افكارجديدة.
في بداية اللقاء رحب السفير بخاري بالموفد الفرنسي وهنأ المفتي دريان على تمديد ولايته متمنيا له «مزيدا من التوفيق والنجاح»، واكد ان «اللقاء اليوم هو تعزيز للوحدة والتضامن بين الجميع».
واكد المفتي دريان خلال اللقاء ان «النواب المسلمين من اهل السنّة حريصون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولم يقاطعوا أي جلسة انتخاب، ويؤكدون ويسعون الى الإسراع في انتخاب رئيس جامع»، وقال: «لا جمهورية بدون رئيس للجمهورية، ونحن والحاضرون متمسكون بالدستور وباتفاق الطائف وتطبيقه كاملا، وهم من المنادين بالعيش المشترك ويصرون على مواقفهم الثابتة في تحقيق الإصلاحات، ويقدرون عمل اللجنة الخماسية ومساعيها للخروج من هذه الأزمة».
وقال: نؤكد على أهمية مضامين ومرتكزات بيان الدوحة الصادر عن اللجنة الخماسية، وان انتخاب رئيس للجمهورية ليس كل الحل بل هو المدخل لجميع الحلول، ودار الفتوى تؤكد ما ورد من مواصفات لرئيس الجمهورية الذي يجب ان ينتخب على أساسها والواردة في بيانها الصادر منذ عام تقريبا، بعد الاجتماع الذي عقد مع النواب المسلمين من اهل السنة في دار الفتوى للخروج بموقف موحد من هذا الموضوع».
وختم: ينبغي التوافق على الحوار، ولا مانع لدينا من حوارات سريعة للتوصل الى تفاهمات.
ودعا الموفد الفرنسي «إلى إنجاز الإصلاحات لتعافي لبنان من وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي، مؤكداً أن الشغور في المؤسسات الرسمية يشل الدولة».
وقال لودريان: إن انتخاب الرئيس لا يشكل حلاً بل هو شرط أساسي للحل، وفرنسا والسعودية تعملان يداً بيد من اجل لبنان ونهوضه، والمساعي التي تقومان بها مع اللجنة الخماسية نأمل في ان تثمر وتحقق النجاح.
ثم توالى على الكلام النواب الحاضرون مؤكدين «ضرورة انتخاب رئيس في القريب العاجل»، وأشادوا ب»الجهود السعودية والفرنسية وبعمل اللجنة الخماسية».
وذكرت المعلومات أن اعضاء «كتلة الاعتدال الوطني» النواب وليد البعريني وأحمد الخير وعبد العزيز الصمد وكريم غادروا الاجتماع بعد نحو ساعة ونيّف، عقب القاء كلمات بخاري ولودريان والمفتي دريان والحديث في الامور المهمة، لإرتباطهم بمواعيد مهمة، منها واجب عزاء عائلي للنائب الخير بوفاة عمه، وهو ابلغ السفير بخاري بذلك قبل اللقاء.
وسيحضر الملف الرئاسي اللبناني على جدول اعمال الرئيس ماكرون مع البابا فرنسيس، خلال اللقاء معه في مارسيليا في 22 و23 الجاري.
وليلاً، توقع نائب رئيس المجلس الياس بوصعب انه يترأس هو جلسات الحوار، باعتبار ان الرئيس بري طرفاً في الاستحقاق، وهو سينتدب النائب علي حسن خليل لتمثيل كتلة التنمية والتحرير، مستعداً ان يتم الاتفاق على اسم العماد عون للرئاسة، كاشفا انه اذا ترشح، فسيضع هو ورقة بيضاء انسجاماً مع موقف التكتل الذي ينتمي اليه.
هذا على جبهة سدّ الشغور الرئاسي، اما سد منافذ الفتنة في مخيم عين الحلوة، فشهدت محطة بارزة في عين التينة، بين الرئيس بري وكل من عزام الاحمد (فتح) وموسى ابو مرزوق (حماس)، بحثا عن غطاء سياسي يسمح بوقف النار في المخيم تمهيدا لمعالجة ميدانية لاسباب الاشتباك كاشفا منعا لتجدده (وهو تجدد فعلاً).
والابرز ميدانيا على جبهة حرب مخيم عين الحلوة المحتدمة، زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون الى منطقة العمليات، والاجتماع الى قيادة لواء المشاة الاول، المرابط في محيط المخيم وسط معلومات عن تعزيز الجيش نقاط تواجده في محيط المخيم، ومنطقة صيدا.
وفي الاتصالات، اعلن ابو مرزرق: ونحن واثقون بأن دولة الرئيس سوف ينجح في مسعاه ونحن تعهدنا له ان نبذل قصار جهدنا من أجل الامن والعدل وتسليم المطلوبين،وان نكون أداة خير لشعبنا وللبنان وإن شاء الله سوف ينتهي هذا الوضع كله ويعود الأمن الى لبنان كل لبنان.
اما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد فقال بعد لقاء برّي ايضا: ان مخيم عين الحلوة يتعرض لمؤامرة.
كما زار الاحمد اللواء عباس إبراهيم. وبحث المجتمعون في الأوضاع الراهنة في مخيم عين الحلوة وضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار يجنب اللاجئين الفلسطينيين أزمة جديدة قد يكون من ورائها إضاعة حق العودة.
وزار الاحمد، في اطار جولته، النائب السابق وليد جنبلاط، الذي قال عبد اللقاء:لا بد أولاً من تسليم المطلوبين بالاغتيال المسؤول الفلسطيني في المخيم، ثم علينا أن نعود إلى الحوار اللبناني الفلسطيني لاحتضان القضية الفلسطينية ولاحتواء المشاكل الفلسطينية اللبنانية والفلسطينية الداخلية، وكُنت اتصلت بالرئيس نجيب ميقاتي ولم يُجب، لذا سأقولها إلى أن يجيب، لا بد من إقالة السيد باسل الحسن من لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وتثبيت شخص آخر موثوق كي نعود إلى حوار جدي تتحمل فيه كل الجهات مسؤولياتها.
وعلى الارض، استمرت المعارك امس متقطعة في مخيم عين الحلوة بين مجموعات «فتح والحركات الاسلامية»، وكانت تخف حيناً وتعنف حيناً آخر، وتم الاعلان عن وقف لإطلاق النار عصراً هو الخامس او السادس. لكن اصوات الاشتباكات ظلت تسمع بين فترة واخرى الى ان دخل قرار اتفاق وقف اطلاق النار الجديد داخل مخيم عين الحلوة – صيدا، حيِّز التنفيذ عند السادسة من مساء امس، على أن يتم إخلاء مدارس «الاونروا» من المسلحين اليوم.
ونجا نجل النائب أسامة سعد، معروف سعد من رصاص طائش أصاب منزله نتيجة إشتباكات عين الحلوة حيث إخترقت الرصاصات واجهة منزله وأصابت الجدران الداخلية.
وردّ الحسن على مطالبة جنبلاط باقالته، باعلان وقف تدخل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في ملف عين الحلوة.