كتبت صحيفة “البناء”: أعلن الرئيس اليمني مهدي المشاط أنه تبلغ من الوفد المفاوض العائد من الرياض بنتائج المفاوضات، وقال «نقاشات وفدنا الوطني في الرياض وصفت بالإيجابية وقد سرنا ما نقله الوفد عن القيادة السعودية باعتبارها قيادة التحالف الذي نشتبك معه في حرب دامية منذ العام 2015». وتابع: «ما نقله وفدنا عن القيادة السعودية من الناحية النظرية لا شك يعتبر رسائل وتأكيدات إيجابية ونضعها موضع الترحيب المشروط بسرعة العمل على وضعها موضع التنفيذ». وأعلن المشاط أن «صنعاء جاهزة لمعالجة أية مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء، ولن تكون صنعاء إلا مصدر خير وسلام لمحيطها وجوارها وبلدان أمتها».
الانفراج اليمني قابله تعثر لبناني، تمثل بانقسام اللجنة الخماسية حول الموقف من دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار، وعجز المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان عن نيل مباركة اللجنة في جولته المقبلة، ما يفقد مسعاه الآمال بإحداث اختراق في المسار الرئاسي، ومع زوال الغموض حول خلافات اللجنة الخماسية بات التحرك القطري بلا تغطية مثله مثل الدور الفرنسي، في ظل إصرار رئيس مجلس النواب على المضي قدماً في مبادرته، مع تأييد للمبادرة أعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حوار تلفزيوني كشف فيه أن أحداً من المسؤولين الدوليين لم يفاتحه باسم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح رئاسي، بينما تحدّث ميقاتي عن ملف النزوح السوري معتبراً أنه الخطر الأكبر ليس على لبنان فقط بل على أوروبا.
تبخّرت موجة التفاؤل والأجواء الإيجابية التي سبقت اجتماع لقاء اللجنة الخماسية الدولية المخصّصة للملف اللبناني، فلم يستمرّ اللقاء أكثر من نصف ساعة وفق معلومات «البناء» تخلله سجال بين ممثلي كل من فرنسا وقطر، ما يعكس وجود رؤيتين تجاه الاستحقاق الرئاسي: الأولى فرنسية مؤيدة لحوار بين كافة الأطراف السياسية للتمهيد لتسوية رئاسية سبق وطرحها الفرنسيون منذ مبادرتهم الأولى أي مقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة وتوزيع المواقع الأساسية في الدولة، والثانية أميركية – قطرية تعمل على التسويق للخيار الثالث أي التوافق على مرشحين وسطيين ويتم التداول باسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، علماً أن الأخير أكد منذ يومين أن رئاسة الجمهورية لا تعنيه ولم يفتح الموضوع مع أحد ولم يفاتحه أحد به.
وبين الرؤيتين موقف سعودي متردد لا يزال ضمن دائرة الضوء الأصفر رغم التقدم البطيء باتجاه التبني التنفيذي للمقاربة الفرنسية والبقاء في إطار التأييد الكلامي لحراك لودريان.
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «الخلاف لا يزال سيد الموقف بين أطراف الخماسية ولا موقف موحداً بينها في مقاربة الأزمة اللبنانية»، موضحة أن الموقف الأميركي يفرمل الاندفاعة الفرنسية لأسباب عدة، مشيرة الى أن «الأجواء السلبية التي حملها اجتماع الخماسية في نيويورك تضع زيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان في مهبّ الريح ومساعيه الوفاقية أمام أفق مسدود، ما يؤثر سلباً على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري».
إلا أن أجواء عين التينة عكست لـ«البناء» إصراراً لدى رئيس المجلس بالسير بمبادرته وسينتظر عودة لودريان ليوجّه الدعوة رسمياً للكتل النيابية للحوار في عين التينة والذي قد يكون في بداية الشهر المقبل لأن لا بديل لدى أحد عن الحوار كسبيل لإنهاء الأزمة الرئاسية. لكن المصادر حذّرت من أن «مواقف الأطراف السياسية حتى الساعة لم ترقَ الى مستوى الأزمة في لبنان، وهناك محاولات لإجهاض الحوار بسبب تحكم المصالح السياسية والطموحات الشخصية ببعض الأطراف السياسية لكن الرئيس بري سيقوم بواجبه الذي يمليه عليه ضميره الوطني»، محذرة من أن رفض الحوار واستمرار التعنت والتصلب بالمواقف سيطيل أمد الفراغ الرئاسي لأشهر اضافية وربما أكثر بالتوازي مع تعطيل عمل المؤسسات الأخرى مثل مجلس النواب ومجلس الوزراء وأبدت استغرابها من أن بعض الأطراف السياسية التي تطالب بإقرار القوانين الإصلاحية هي من تقاطع الجلسات التشريعية.
وتترقب الأوساط السياسية ما يحمله الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني الذي وصل الى بيروت أمس الأول على أن يقوم بجولة على عدد من القوى السياسية. ويتردد أن اللجنة الخماسية كلفت قطر مهمة إيجاد مخرج للأزمة الرئاسية. إلا أن مصادر «البناء» أكدت بأن المبادرة الفرنسية قائمة ولم تنتهِ، ولودريان سيعود الى لبنان بمقترحات تتركز على الحوار للتوصل الى تسوية رئاسية، وقد يجري مروحة من المشاورات الثنائية مع رؤساء الكتل النيابية حول الأسئلة التي سبق وسلمها للنواب، تسبق دعوة بري للحوار.
وكشف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في حديث تلفزيوني أنه «لم يفاتحني أحد من المسؤولين الدوليين باسم العماد جوزاف عون كمرشح رئاسي»، مشيراً الى أنني «لم أسمع من نائبة وزير الخارجية الأميركية أي كلام عن سقوط المبادرة الفرنسية». وأرى «جموداً دولياً على صعيد مساعدة لبنان مادياً الى حين انتخاب الرئيس وتنفيذ الإصلاحات».
ولفت ميقاتي إلى أن «لا شك في أن دولة قطر تقوم بدور هام وانتخاب رئيس للجمهورية أولوية وشرط أساسي عند الجميع»، موضحاً أن «الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس مشروطاً والأخير رسم مسلكاً طبيعياً لكي تجلس كل الأطراف إلى طاولة واحدة بغض النظر عن النتائج».
وفي حين تشير أوساط قواتية لـ«البناء» إلى أنها لا تزال على موقفها برفض تلبية أي دعوة لحوار يهدف لتضييع الوقت وتمرير تسوية لانتخاب مرشح الممانعة، وفق تعبيرها، جددت كتلة اللقاء الديمقراطي بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط «تأكيد موقفها الثابت بضرورة الحوار الجادّ لإنجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يشكل تحدياً لأحد، ووقف الهدر الحاصل للوقت والفرص، خصوصاً أن لا بديل للحوار سوى إطالة أمد الشغور، فيما البلاد لا تحتمل المزيد».
وإذ كشفت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن التفاوض بين التيار الوطني الحر وحزب الله يشمل كافة الخيارات وعلى رأسها خيار دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والخيار الثالث أي مرشح توافقي، ناقش التيار بعد اجتماع هيئته السياسية برئاسة النائب جبران باسيل «مسار الحوار المفتوح بين التيار وحزب الله حول برنامج العهد أي الأولويات الرئاسية اضافةً الى قانوني الصندوق الائتماني واللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة». وأكد التيار على مطالبه بـ»إقرار هذين القانونين مسبقًا قبل الانتخابات الرئاسية في حال اعتماد خيار تسهيل الاسم، أو الاتفاق على مرشح جديد مع برنامج للعهد على أن يشكل هذان القانونان أولوية لإقرارهما في العهد الجديد».
وأبدى التيار في بيان «ترحيبه بالحوار من أجل الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، على أن يتم حصر الحوار بموضوع الانتخابات الرئاسية وبرنامج العهد ومواصفات الرئيس وبفترة زمنية ومكان محددين وان يكون غير تقليدي ومن دون رئيس ومرؤوس بل بإدارة محايدة ويأخذ شكل مشاورات وتباحث ثنائيّ وثلاثيّ ومتعدّد الأطراف، بين رؤساء الأحزاب أصحاب القرار، للوصول الى انتخاب رئيس إصلاحي على أساس البرنامج الإصلاحي المتّفق عليه، على ان يلي ختام الحوار عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد يتم فيها إما انتخاب الشخص المتّفق عليه او التنافس ديمقراطياً بين المرشحين المطروحين».
من جهة أخرى لا يزال الثنائي حركة أمل وحزب الله على موقفهما من دعم ترشيح فرنجية وتؤكد مصادر «الثنائي» لـ«البناء» أن حظوظ فرنجية لا تزال مرتفعة، وقللت من فرص التوافق على ترشيح قائد الجيش لأسباب عدة. مشددة على أن لا رئيس من دون حوار وإن طال الشغور الرئاسي لسنوات.
وأكد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن «مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري شكّلت فرصة حقيقية لإنقاذ البلد وإنقاذ الاستحقاق الرئاسي وهم يتفاخرون بالعمل على إفشالها»، معتبراً أن إفشال المبادرات الخارجية والداخلية ليس إنجازاً يا «جماعة التحدي والمواجهة» إنما إدانة وخطيئة وطنية.
تابع: «يريدون رئيساً من دون توافق ما يعني أنهم يريدون أن تمتدّ الأزمات والتعطيل الى ما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، يعني يريدون أن تمتد الأزمة الى مرحلة التكليف والتأليف والبيان الوزاري وعمل الحكومة وجرّ لبنان الى ستّ سنوات من الصراعات والتحريض والتوتير».
وأكد قاووق أنّ جوهر الازمة اليوم هو إصرار جماعة التحدي والمواجهة على رفض التوافق وأخذ البلد إلى مواجهات متتالية، إحدى هذه المراحل رئاسة الجمهورية .
وكان ميقاتي قد عقد سلسلة لقاءات مع رؤساء ومسؤولين في دول عربية وغربية على هامش مشاركته في اجتماعات في نيويورك، أبرزها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تم خلاله البحث في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وعقد رئيس الحكومة اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس جرى خلاله البحث في الوضع الفلسطيني ولا سيما الأحداث الأخيرة في مخيم عين الحلوة. وقد أكد الرئيس الفلسطيني أنه أعطى توجيهاته لإنهاء هذه الاحداث ووقف الاقتتال والالتزام بالقانون اللبناني والتنسيق مع الدولة اللبنانية. بدوره شدد رئيس الحكومة على أولوية وقف الأعمال العسكرية والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة. وجدد التأكيد على «أن ما يحصل لا يخدم على الإطلاق القضية الفلسطينية ويشكل إساءة بالغة الى الدولة اللبنانية بشكل عام وخاصة الى مدينة صيدا التي تحتضن الإخوة الفلسطينيين، والمطلوب في المقابل أن يتعاطوا مع الدولة اللبنانية وفق قوانينها وأنظمتها والحفاظ على سلامة مواطنيها».
كما أشار في تصريحات أخرى الى أن «خطر النزوح السوري لا يقتصر فقط على لبنان بل على المجتمع الدولي وأوروبا وإن لم نتعاون جميعاً لوقف النزيف من الهجرة من سورية إلى خارج سورية هذا النزف سيصل إلى أوروبا».
ورأى أن «من لديه إجراءات أفضل لنقوم بها في ما خص النزوح السوري في لبنان فنحن منفتحون وجاهزون للاستماع له والحكومة سبق لها وقامت بالعديد من التدابير على كافة الأصعدة». وأكد أن «زيارتي إلى سورية في الوقت الراهن غير مطروحة».
على صعيد آخر، رأى المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان أن «المسؤول الأول عن الانهيار هو بالفعل المصرف المركزي ودعمه للسعر الثابت لليرة اللبنانية مقابل الدولار، وكذلك البنوك التجارية التي أثرت مساهميها على حساب المودعين».
ورأى المرصد أن «تحميل الدولة مسؤولية الانهيار يعود لرغبة في الاستمرار في السياسة نفسها التي تتمثل في خصخصة الأرباح وتجميع الخسائر من خلال جعلها تتحملها الدولة فقط، وفي نهاية المطاف من يدفع الضرائب، في كثير من الأحيان هو المودع».