كتبت صحيفة “اللواء”: طغى حادث إطلاق النار على مدخل السفارة الأميركية في بيروت ليل الأربعاء – الخميس، على ما عداه، متجاوزاً عملية ارسال الرسائل الى ما هو أبعد، في خضم تداخل المحلي بالاقليمي، وتصاعد المواجهات من الأراضي الفلسطينية بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي الى ما يجري شرقي الفرات من سوريا، والاشتباك الكبير في ضوء تخطي الحرب الباردة الخطوط المرسومة لها من اوكرانيا الى مناطق التوتر المحتدمة في افريقيا والشرق الأوسط، والاشتباك الايراني- الأميركي، حول العراق وسوريا ولبنان.
حسب المتحدث باسم السفارة الاميركية في لبنان جيك نيلسون فإن أعيرة نارية اطلقت على السفارة، من دون وقوع اصابات.
واضاف المتحدث: لم تقع اصابات، ومنشآتنا آمنة، ونحن على اتصال وثيق مع سلطات إنفاذ القانون في البلد المضيف.
وبصرف النظر عن المعلومات الوضعية للحادث، كاستخدام كلاشينكوف في العملية، مع سيارة سوداء داكنة من دون لوحات، وإبقاء مشطين فارغين على الأرض، فإن الحدث الأمني، يأتي في ظل، وضع تزايد فيه «التدخل الأميركي» سواء في ما خصَّ اشتباكات المخيمات الأخيرة، الى التدخل في أصغر القضايا في الوضع الداخلي اللبناني، بمعزل عن الاشتباك الدبلوماسي الذي حصل على هامش اجتماع ممثلي المجموعة الخماسية في نيويورك، على خلفية تناغم بين فرنسا وفريق داخلي لبناني.
وتزامن حادث اطلاق النار، الذي وصفت رصاصته بأنها غير طائشة، وتصب في اطار رسالة بالغة الوضوح، التقت زمانياً مع احتفال السفارة بالذكر|ى التاسعة والثلاثين لتفجير مبناها في منطقة جلّ البحر في بيروت.
إدانة رسمية لإستهداف السفارة
ولم يكن الموقف الرسمي من حادث اطلاق النار خارج الرفض التقليدي للتعرُّض للبعثات الدبلوماسية في لبنان، وهذا ما اكد عليه الرئيس نجيب ميقاتي، مضيفا ان امر حماية البعثات الدبلوماسية لا تهاون فيه على الاطلاق، مؤكدا انه من غير المسموح لأي كان العودة الى أنماط قديمة في توجيه الرسائل السياسية التي عانى اللبنانيون الكثير بسببها.
وسارع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب الى الاتصال بالسفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا، من نيويورك، مؤكدا لها التزام لبنان بتأمين الحماية اللازمة للمقرات الدبلوماسية الاجنبية، كما يتوافق مع اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
كما اجرى وزير الدفاع موريس سليم اتصالا بالسفيرة الاميركية، مستنكرا ومؤكداً على عمل القوى العسكرية والأمنية بجمع المعلومات اللازمة لكشف هوية مطلق النار.
والسؤال المحوري: هل بدأ توجيه الرسائل السياسية بالرصاص الى السياسة الاميركية في لبنان سواء على مستوى الموقف من الاستحقاق الرئاسي المختلف عن باقي اعضاء مجموعة الدول الخمس، او على مستوى العقوبات التي تفرضها على الدولة اللبنانية بحجب الدعم الاقتصادي وممارسة الحصار الكهربائي عبر عقوبات قانون قيصر، وعلى شخصيات وقوى لبنانية لا تدور في الفلك الاميركي؟ ام ان هناك اسباباً اخرى غير لبنانية تتعلق بعلاقات ومواقف الادارة الاميركية في المنطقة والعالم؟.
اسئلة كثيرة تطرح حول اسباب وخلفيات تعرُّض السفارة الاميركية في عوكر لإطلاق الرصاص عند مدخلها، غداة اجتماع اللجنة الخماسية في نيويورك، فيما افادت المعلومات ان الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني الذي وصل في الساعات الماضية الى لبنان، باشر سلسلة لقاءات واتصالات بعيداً من الاضواء، تمهيدا للقاءات علنية لاحقاً، قبيل وصول الموفد الرسمي وزيرالدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، والمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان مطلع الشهر المقبل. وسط معلومات عن ان القطري يحمل سلة اسماء ويفضّل بينها اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون. وأن مهمة الموفد منسّقة من الجانبين الاميركي والسعودي في اللجنة الخماسية. وأن جهد اللجنة لا سيما الاميركي والقطري منصب على إنهاء الشغور الرئاسي في الشهر المقبل إذا امكن ذلك وتعاون القوى السياسية اللبنانية، او ستذهب الامور الى ممارسة ضغوط كبيرة من ضمنها إجراءات او عقوبات بحق المعطلين.
وفي العلن والظل يتحرك السفير المصري في بيروت ياسر علوي في لقاءات سياسية هدفها تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية من دون التوصل الى نتيجة إيجابية «بسبب تصلُّب المواقف السياسية الداخلية»، حسبما افادت مصادر متابعة لحركته.
وسجل في الحراك السياسي والدبلوماسي، استقبال السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، سفير فرنسا الجديد لدى لبنان هيرفيه ماغرو. حيث رحب بخاري في بداية اللقاء بالسفير الفرنسي متمنيًا له النجاح والتوفيق في عمله. كما جرى استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات إضافة إلى التعاون المشترك بين السفارتين. وتطرق اللقاء إلى بحث تطورات الأوضاع والمستجدات على الساحة اللبنانية لاسيما الاستحقاق الرئاسي وضرورة إنجازه بأسرع وقت ليستطيع لبنان الخروج من أزماته المختلفة إضافة إلى استعراض عدد من القضايا المختلفة ذات الاهتمام المشترك».
ودخلت الدوحة بقوة على المشهد، عبر الموفد جاسم آل ثاني ومن خلال السفير القطري في بيروت سعود بن عبد الرحمن آل ثاني الذي زار النائب جبران باسيل، في معرض التمهيد لزيار سيقوم بها وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي الى لبنان، والذي كان شارك في اجتماع اللجنة الخماسية في نيويورك.
واليوم، ينعقد الاجتماع الثالث للجنة المشتركة الخاصة بالحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله، في ميرنا شالوحي مقر التيار، ويمثل الحزب نيابياً علي فياض والتيار آلان عون، وسط معلومات عن نقاش مواد القانون المقترح، والعقدة المالية داخله..
كلمة ميقاتي
وفي نيويورك، ألقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عصر امس بتوقيت بيروت، كلمة لبنان امام الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحدث فيها عن التحديات التي تواجه لبنان، فقال: تكمُن أُولى التحدّيات في شغور رئاسة الجمهورية وتَعَذُّر انتخاب رئيسٍ جديدٍ للبلاد، وما يستتبع ذلك من عدم استقرار مؤسساتي وسياسي، ومِن تفاقُمٍ للأزمة الاقتصادية والمالية، وتَعَثُّر في انطلاق خِطط الإصلاح والتعافي الاقتصادي والمالي الذي يُعوِّل عليه اللبنانيون لإنقاذ البلد من الأوضاع الصعبة.
اضاف: أتطلّعُ صادقاً لأن يُمارس البرلمان اللبناني دورَهُ السيادي بانتخاب رئيس للجمهورية في الفترة المُقبلة، رئيس يتوحّد حوله اللبنانيون، ويُكرّس عودة الجمهورية عبر رئاسة الجمهورية والمؤسسات الدستورية، عودة لبنان إلى تأدية رسالتِهِ ولعب دورِهِ الطليعي، بالتعاون الوثيق مع الأشقّاء العرب والأصدقاء في المجتمع الدولي. ولا يسعُني في هذا الصدّد إلا أن أحيّي الدور الذي تؤدّيه اللجنة الخماسية، كما والمبادرة الفرنسية الهادفة الى المساعدة في انجاز هذا الاستحقاق الدستوري.
وتابع حول التحدي الثاني: اثنا عشر عاماً مرّت على بدء الأزمة السورية، وما زال لبنان يرزح تحت عبء موجات متتالية من النزوح طالت تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية كافة مظاهر الحياة فيه، وباتت تُهدِّد وجوده في الصميم.وبرغم إعلائنا الصوت في كافة المنتديات الدولية، وفي هذا المحفل بالذات، ما زال تَجاوب المجتمع الدولي مع نتائج هذه المأساة الإنسانية، وتداعياتها علينا، بالغ الخجل وقاصراً عن معالجتها بشكلٍ فعّال ومستدام.
اضاف: إنني، ومن على هذا المنبر، أُحذّر مُجدداً من انعكاسات النزوح السلبية التي تُعمّق أزمات لبنان، الذي لن يبقَى في عين العاصفة وحده. كما أُكرّر الدعوة لوضع خارطة طريق بالتعاون مع كافة المعنيين من المجتمع الدولي، لإيجاد الحلول المستدامة لأزمة النزوح السوري، قبل أن تتفاقم تداعياتها بشكلٍ يخرج عن السيطرة.
الراعي يصعّد
ومن استراليا، مضى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في تصعيده، وقال في كلمة خلال عشاء اليوبيل الذهبي للأبرشية المارونية في أستراليا، «إن إيقاف الجلسة الرئاسية رغم وجود مرشحَيْن يحظيان بنسبة أصوات مهمة يحرم عمداً العنصر المسيحي من أن يكون هناك رئيس».
وسأل من أستراليا: كيف نقبل بتعطيل وتهميش الدور الماروني؟! ومن هنا نسأل عن شرعية العملين الحكومي والنيابي».
وعن تغيير الموقف الفرنسي من رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى مرشح ثالث، قال: سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أكّد لي أنّ الحديث عن دعم فرنسي لفرنجيّة هو مجرّد اتّهام.
وفي وقت نبَّهت فيه كتلة الوفاء للمقاومة الى خطورة اجراءات المفوضية العليا للاجئين في لبنان والتي تتخذها في ملف النازحين السوريين بذريعة تنظيم نزوحهم، مطالبة الحكومة اللبنانية، بالحزم في هذه الاجراءات اكدت المنسقة الخاصة يوانّا فرونِتسكا على أن «الفراغ الرئاسي والمأزق السياسي والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية الممتدة كلها عوامل تقوّض قدرة مؤسسات الدولة على القيام بوظائفها، مما يعمَّق الفقر وعدم المساواة ويعرض استقرار البلاد للخطر». وقالت:«إن تزايد حدة الاستقطاب السياسي وتعنت المواقف يهددان التماسك الاجتماعي في لبنان والشعور بالانتماء بين أبناء شعبه. لذا، ينبغي على القادة السياسيين العمل من أجل المصلحة الوطنية والبحث عن حلول واقعية وعملية من أجل مستقبل أفضل لبلادهم».