كتبت صحيفة “اللواء”: بدا من المعلومات المتوافرة أن «المجموعة الخماسية» المعنية بمساعدة اللبنانيين على الإلتقاء على كلمة تؤدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، انتقلت الى التعامل مع النتائج السلبية لعدم انخراط الكتل النيابية والأحزاب التي تقف وراءها في تقارب جدّي لإنهاء الشغور الرئاسي.
وبصرف النظر عن فكرة الخيار الثالث، أي «المرشح الوسط» أو التسووي، المقبول من الكتل ذات الوزن إسلامياً ومسيحياً، خارج الإستقطاب بين المرشح سليمان فرنجية والمرشح جهاد ازعور، وربما غيرهما، فإن نقاشات المجموعة على مستوى ثنائي (المحادثات بين جان- ايف لودريان ونزار العلولا بمشاركة السفير في بيروت وليد بخاري) تناولت ما يتعين فعله مع استمرار المكابرة اللبنانية، والسير لشروط والشروط المضادة..
ومن زاوية، وصول العجز الداخلي، حتى الى مجرَّد عقد اللقاءات الى الحائط المسدود، يحاول الوسطاء الاقليميون والدوليون البحث عن نقطة التقاء بالتفاهم على رئيس وسطي، يتم جسّ كل نيابية وازنة لانتخابه، مع تأمين الميثاقية الوطنية، أي مسلمين ومسيحيين..
وأشارت مصادر سياسية إلى أن الانظار تتركز على معرفة نتائج اللقاء الذي جرى امس الاول بين وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان في الرياض بحضور المستشار نزار العلولا وسفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري، وماهي الخطوات المقبلة التي ستقوم بها دول اللقاءالخماسي في التعاطي مع حل أزمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية،لاسيما بعد ان اعلن لودريان موقفه الاخير بدعوة الاطراف السياسيين، الى انتهاج الخيار الثالث بعد فشل انتخاب اي مرشح من مرشحي الثنائي الشيعي والمعارضة في جولات الانتخابات الرئاسية الاخيرة،وتلويحه بامكانية قطع مساعدات الدول المعنية عن لبنان في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ووصفت المصادر الاجتماع المذكور بالمهم،لانه قطع دابر كل ماتردد عن خلافات بين بعض دول اللقاءالخماسي والمبعوث الرئاسي الفرنسي،بل أكثر من ذلك اعطى الاجتماع انطباعا مؤكدا، بتناغم وتنسيق دول اللقاء مع بعضهم البعض، وكرس دعم لودريان للاستمرار بمهمته، بزحم في الايام المقبلة.
وتترقب المصادر حركة الموفد الرئاسي الفرنسي،وما اذا كان سيعرج على قطر للتنسيق للاطلاع على فحوى تحرك الموفد القطري ألذي يجول حاليا على المسؤولين والسياسيين اللبنانيين، بعيدا عن وسائل الإعلام، والانطباعات التي تكونت لديه بهذا الخصوص،او انه سيتوجه الي باريس لاطلاع الرئيس الفرنسي على نتائج مهمته، قبل أن يقرر العودة إلى بيروت لاستئناف مهمته، او انه سيتريث لايام معدودة، بانتظار تحسن فرص نجاح مهمته بالداخل اللبناني، خشية ارتدادات سلبية وتفاعلات غير محمودة على استمرار تعثر مهمته، على الاوضاع في لبنان وانحدار الازمة إلى الأسوأ.
ولاحظت المصادر ان اي تقدم اواختراق ولو كان محدودا في جدار أزمة الفراغ الرئاسي، لم يحصل بعد، بالرغم من تحرك الموفد القطري الذي ما يزال في طور استكشاف المواقف، وإبداء النصائح والحرص على انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، بينما تخشى المصادر ان يستمر ربط انجاز الاستحقاق الرئاسي ، بمسار المفاوضات الجارية بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية في الملفات والمواضيع الخلافية بينهما، كما حصل في أكثر من استحقاق رئاسي اوحكومي لبناني مهم، حصل سابقا،مايعني أن الازمة ستطول اذا لم تؤد اتصالات الجانب القطري مع ايران، التي يتواصل معها باستمرار إلى تذليل العقبات والعراقيل، وتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية في وقت قريب.
تنقل الاستحقاق الرئاسي خلال اليومين الماضيين، بين باريس والرياض من خلال اجتماع وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان بالمبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان- إيف لودريان. مرورا بالحراك القطري في بيروت، الذي يقوم به سرا الموفد جاسم بن فهد آل ثاني والسفير القطري في بيروت سعود بن عبد الرحمن آل ثاني الذي حطّ امس في معراب والتقى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. فيما ترددت معلومات عن زيارة موفد فاتيكاني خاص في الاسابيع المقبلة الى بيروت، لمواكبة الملف الرئاسي والتحرك الفرنسي والعربي في هذا المجال في محاولة لدفع الملف الى الامام.
وقد جرى في لقاء الرياض بين بن فرحان ولودريان «استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، وسبل تكثيف التنسيق المشترك في العديد من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة آخر تطورات الملف اللبناني، والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها»، حسبما ذكرت وكالة الانباء السعودية.
وحضر اللقاء المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار بن سليمان العلولا، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية لبنان وليد بن عبدالله بخاري.
وذكرت معلومات اخرى ان الموفد القطري الى لبنان محمد الخليفي قد يزور السعودية ويتابع المناقشات، التي في حال تطورت ستُدعى اللجنة الخماسية للاجتماع في السعودية.
والى ذلك واصل السفير المصري دكتور ياسر علوي حراكه، فاستقبل امس النائب وائل أبو فاعور عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي». كما زار علوي رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.
وجرى خلال اللقاءين «البحث في آخر التطورات السياسية وسبل تجاوز حالة الانسداد السياسي الحالية وإنهاء الفراغ الرئاسي»، بحسب بيان للسفارة المصرية.
ثوابت منصوري في إدارة المركزي
وفي اليوميات، بدا أن ادارة الدولية انتقلت الى المديرين العامين وموظفي الفئة الأولى، فعلى الصعيد المالي، يتحرك حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري الرسم خارطة طريق للتعافي الاقتصادي، موضحاً ان المصرف يعمل لتأمين رواتب الموظفين ومعاشات التقاعد شهراً بشهر على قاعدة ان المصرف المركزي يجمّد الحالة المالية والنقدية بانتظار التوصل الى حلول..
أعاد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري التأكيد على: انه لن يتم طبع ليرة لتمويل الدولة، ولا استكتاب سندات خزينة وتمويل الدولة بالدولار غير وارد، والدولة لن تتمكن من اعادة اموال المودعين قبل إعادة هيكلة المصارف..
وقال: ستستمر الدولة اللبنانية في دفع رواتب القطاع العام بالدولار الاميركي. ونحن كمصرف لبنان نوافق على هذه الآلية من منطلق نقدي بحت. وهذا أمر يؤمّن استقراراً معيشياً واجتماعياً لنحو 400 ألف عائلة ويحافظ على الاستقرار النقدي.
وأكد أن هذه الاموال المدفوعة هي بالكامل من الدولة اللبنانية ومن مداخيلها». وقال: إن مصرف لبنان منذ 1 آب 2023 لم يخرج منه دولار واحد لتمويل الدولة اللبنانية ولن يصدر اي تمويل اطلاقاً.
وأكد ان المصرف المركزي اللبناني هو مؤسسة قوية وجامدة ولديها امكانات. هناك عمل دؤوب في المصرف المركزي لتحسين كل آليات الحوكمة فيه. كما يعاد النظر في الآليات المالية الداخلية في المصرف المركزي، ويتم العمل واعادة العلاقة مع الدولة اللبنانية. والذي يمكنني قوله، ان المصرف المركزي هو مؤسسة تستحق ثقة المواطن اللبناني.
وكشف كان مقدار الجباية في الدولة اللبنانية الشهر الماضي في حدود العشرين تريليون ليرة وفي الشهر الحالي كانت كذلك، وإذا استمر الامر على هذا المنوال، فإن ورشة عمل مشتركة من الحكومة والبرلمان ومصرف لبنان والمجلس الاقتصادي بالصلاحيات المعطاة له، لاعطاء الاجابات في أسرع وقت ممكن. هناك مسؤولية عن هذا التأخير وكلنا نتحمّلها. إن مصاريف الدولة مؤمَّنة ما يعني انه يمكننا الحصول على توازن مقبول وعلى استقرار مقبول. ولكنني اود ان اكرر ان هذا الاستقرار يبقى هشاً اذا لم تحصل تسوية واتمنى ان تحصل في وقتها.
مالياً أيضاً، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، رد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان تقريره حول مشروع موازنة 2023، الى رئاسة مجلس النواب، مفنّداً أسباب ردّ المشروع على أثر جلسة لجنة المال والموازنة التي انعقدت في 18 أيلول 2023 وذلك للأسباب التالية:
1- ورود مشروع موازنة 2023 بتأخير 9 أشهر عن الموعد الدستوري، أي في نهاية السنة المالية، ما يفقد الموازنة أي معنى أو فائدة بحسب المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية التي تحدد الموازنة كإجازة للحكومة للجباية والانفاق. فما الفائدة منها إذاً، عندما تكون الحكومة قد انفقت وجبت وأتت الى المجلس النيابي بموازنة لتشرّيع ما قامت به ومن دون أية حسابات مالية؟
2- ورود مشروع الموازنة من دون أي رؤية إصلاحية أو إنقاذية. لا بل على العكس، فقد جاء المشروع، كسابقاته قبل الانهيار وبعده، مرتكزاً على المنطق المحاسبي والأرقام الوهمية التي تستند الى زيادات في الايرادات غير مثبتة أو ممكنة في الواقع المالي والاقتصادي الحالي، وذلك من خلال زيادات لبعض الضرائب والرسوم.
3- إعلان الحكومة إنتهاءها من درس وإقرار مشروع موازنة 2024. فما الداعي إذاً لأغراق المجلس النيابي بدراسة موازنتين، واحدة منها انتهت صلاحيتها وأصبحت تشرع أقله لأمر واقع غير مدقق؟
4- ضرورة إحالة مشروع موازنة 2024 في الموعد الدستوري وفق المعايير الدستورية والميثاقية كما إحالة قطع الحساب المدقق للسنة التي سبقت بحسب المادة 87 من الدستور.
وفي السياق الاقتصادي والمالي ايضا، عقد امس لقاء عمل تشاركي في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، شارك فيه حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، بدعوة من رئيس المجلس شارل عربيد، وتم خلاله عرض للسياسات المالية والنقدية المتبعة من المصرف المركزي، وتخلله حوار حول الواقع المالي وكيفية الخروج من الأزمة.
أما مواجهة النزوح السوري، الذي أخذ بالتحول الى خطر كياني، فإن قائد الجيش العماد جوزاف عون يتولى الجانب المركزي من مواجهته عبر السيطرة على المعابر غير الشرعية، وكذلك الأمن العام، والمحافظين لا سيما في البقاع وعكار.
واعلن الامن العام اللبناني اللبناني عن تفشي ظاهرة تكاثر الجمعيات غير المرخصة التي تعنى بملف النازحين، ووصفها بأنها جمعيات مشبوهة الدور معروفة العودة الذي يصب بتحريض هؤلاء، وحثهم على عدم العودة بل تشجع المقيمين في بلدهم على النزوح الى لبنان..
ميدانياً.. الى ذلك استمر الحراك الرسمي الميداني والسياسي لمواجهة تدفق النازحين السوريين، وكان آخر العمل ما اعلنته قيادة الجيش امس، من انه «أثناء محاولة دورية من الجيش في منطقة القبور البيض عند الحدود الشمالية، إيقاف آلية فان هيونداي تُقل سوريين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية، أقدم سائق الآلية على صدم أحد عناصر الدورية محاولًا دهسه والفرار من المكان برغم إطلاق بقية العناصر طلقات تحذيرية في الهواء، ما اضطرهم لإطلاق النار نحو إطارات الآلية. أسفر ذلك عن إصابة السائق وفقدانه السيطرة على الآلية واصطدامها بعمود كهربائي ومن ثم وفاته. وقد نُقل إلى أحد مستشفيات المنطقة. بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص.
وافادت المعلومات ان سائق الفان يدعى حاتم محمد الصالح الملقب بـ«حاتم الواوي» لبناني من بلدة مشتى حمود – عكار.
في الحركة السياسية الرسمية، واصل وزير العدل هنري الخوري جولته في إيطاليا ولقاء كبار المسؤولين في المجال القضائي والمنظمات الحقوقية، وكان التقى في روما أمس، نظيره الإيطالي كارلو نورديو في مبنى وزارة العدل. وتم التباحث في ملف النزوح السوري ووضع القضاء في لبنان.
وأبلغ خوري نظيره موقف الحكومة اللبنانية من ملف النازحين كاشفاً انهم «يزحفون الى لبنان بأعداد كبيرة وهم بذلك لم يعودوا لاجئين بل نازحين اقتصاديين». وحذر من أن «الأمر سينعكس سلبا على أوروبا لأنها الهدف الحقيقي والمبطن للنازحين السوريين اما لبنان فهو محطة بالنسبة لهم».
من جانبه، استقبل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي النائبة في البرلمان الأوروبي ناتالي كولين أوسترلي، يرافقها المستشارين سيمون كان ولوكاس جراندجان والملحق العسكري في السفارة الفرنسية ايريك اوكيني، وتم البحث في مشاكل الهجرة غير الشرعية والنزوح السوري.