كتبت “النهار” تقول: لا يبدو ان القوى اللبنانية على اختلاف توجهاتها ووسط تفاقم التوترات والانقسامات الحادة في ما بينها في معضلة #الاستحقاق الرئاسي تملك المعطيات الدقيقة والتفصيلية عن طبيعة الانحسار اللافت والواضح في مسار التحركات الخارجية المتصلة بالازمة، ولو ان المتابعين للوساطة القطرية تحديدا ينفون وجود انحسار بدليل ان الموفد القطري، كما يتردد، سيكمل لقاءاته التي لم تستكمل بعد مع بعض قليل من القيادات. ومع ذلك، فان مؤشرات جدية تتراكم في المشهد الداخلي وبدأت تعكس في الأسبوعين الأخيرين برودة يستبعد ان تكون عفوية في مسار الوساطتين الفرنسية والقطرية، الامر الذي يترجمه خلو الساحة السياسية من أي مؤشرات لتحريك جمود الازمة ناهيك عن التصعيد السجالي والإعلامي بين “معسكري” الازمة التي يعبر الكثيرون من المعنيين عن خشيتهم من عودتها فعلا الى نقطة البدايات.
ويلفت مطلعون في هذا السياق الى ان انصرام شهر أيلول وحلول تشرين الأول على واقع مقفل مجددا امام أي مخارج للازمة، اسقط رهانات كانت جدية للغاية لدى جهات داخلية وخارجية على ان هذه الفترة كانت قد أدرجت في اطار الموعد الأكثر تأهلا لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد وان تلك الرهانات بدت نتيجة معطيات متقدمة دوليا وإقليميا ولبنانيا منطلقة من ضغوط كبيرة لحمل القوى اللبنانية كافة على حسم الازمة والاحتكام الى اللعبة الديموقراطية والدستورية بما يحمل الجميع لاحقا على التسليم بشرعية ومشروعية أي رئيس يأتي نتيجة هذه العملية الانقاذية للبلاد من تداعيات الازمات المتعاظمة تحت وطأة الفراغ الرئاسي. ولكن المطلعين انفسهم يؤكدون ما صار معروفا لدى قوى داخلية كثيرة من ان الاجتماع الأخير للمجموعة الخماسية في نيويورك لم يخفق نتيجة بعض التباينات بين دولها فحسب، بل أكثر واهم من ذلك نتيجة اقتناع عام لدى الدول الخمس المنضوية في اطار المجموعة بعقم المحاولات التي جربت لحمل القوى اللبنانية على الإفادة من جهود المجموعة وتصميمها على مساعدة لبنان في تجاوز ازمته الامر الذي استتبع انحسارا يعتقد انه متعمد وليس عفويا لاشعار اللبنانيين بضرورة تحمل مسؤولياتهم بأنفسهم وتحذيرهم من مغبة تخلي الدعم الدولي المتاح لهم، وهو ما لمح اليه بوضوح وصراحة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان أخيرا من خلال تلويحه بوقف التمويل الدولي للبنان .
ونقلت مراسلة “النهار” في باريس رنده تقي الدين عن مصادر عربية وفرنسية ان محادثات المبعوث الرئاسي الفرنسي الوزير جان ايف لودريان في السعودية مع وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان والمستشار في الديوان الملكي المسؤول عن الملف اللبناني نزار العلولا بحضور السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، اسفرت عن دعم سعودي لنهج لودريان في محاولته للتوصل الى حل مسألة الفراغ الرئاسي في لبنان رغم الصعوبات الضخمة التي يواجهها. ويسود الاوساط السعودية العليا تشاؤم كبير ازاء حل ازمة لبنان بسبب ممارسات المسؤولين اللبنانيين ولكن السعودية وهي على تنسيق تام مع دولة قطر، جاهزة لدعم جهود لودريان وتوجيه رسائل لاصدقائها في لبنان لدفعهم لانتخاب رئيس وذلك لان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وعد الرئيس ايمانويل #ماكرون انه سيساعد فرنسا في لبنان. كما علمت “النهار” من مصادر عربية وفرنسية ان لا معارضة لانتخاب العماد جوزف عون اذا كان يحظى بموافقة الجميع. والمبعوث الفرنسي والجانب السعودي متوافقان على ان شخصية العماد جوزف عون مناسبة لتولي الرئاسة اذا توافق الاطراف اللبنانيون عليه. كما ان الجانبين اكدا وحدة الحال بين الدول الخمس حول لبنان التي قد تقوم بتحرك مشترك لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري لدفع عملية الانتخاب. واكدت مصادر فرنسية ان قطر اكدت لفرنسا انها تدعم مبادرتها وان ليس لديها اي مبادرة متوازية وان التنسيق السعودي القطري تام .
والتحليل الفرنسي انه اذا استمر الوضع كما هو سيزيد الاهتراء في البلد فلبنان لن ينهار بل يهترئ وهذا خطر كبير خصوصا ان فرنسا وحدها ورئيسها ايمانويل ماكرون ما زالت مهتمة بالملف اللبناني .
ملف #النزوح
وإذ لا يزال الانتظار يبدو سيد الموقف في المشهد السياسي بدا لافتا ان الأيام الأخيرة شهدت تقدما حادا وواسعا وخطيرا لملف النزوح السوري على كل الملفات الداخلية الأخرى بحيث صار الأولوية الأساسية التي تتقدم حتى على ملف الازمة الرئاسية. وإذ عكست السجالات الأخيرة بين وزراء في حكومة تصريف الاعمال حول هذا الملف وضع المزايدات المفتوحة التي يخضع لها هذا الملف على ايدي القوى المعروفة التي تقف وراء هؤلاء الوزراء، بدا ملف النزوح كأنه شرع البلاد على إعصار سياسي مفتوح وسط انعدام أي افق لمعالجات حاسمة ما دامت حتى الحكومة الحالية التي بادر رئيسها نجيب ميقاتي مرات الى الدعوة لجلسات لمجلس الوزراء مخصصة لملف النزوح السوري تعرقلت محاولاتها تحت وطأة مقاطعة الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر”، وكانه ممنوع بدء أي معالجة جدية ممكنة بانتظار الخروج من الازمة الرئاسية .
#نصرالله
وتطرق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الكلمة التي القاها مساء امس الى الازمة الرئاسية فقال انه يجب ان نستطلع اين أصبحت المبادرة الفرنسية والموفد القطري يبذل جهودا يومية ولا يوجد وضوح او جديد في القريب العاجل وكان هناك فرصة في الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري ولكن هذه الفرصة تم تضييعها بالنكد السياسي. وابدى تفاؤلا لافتا بملف التنقيب عن الغاز اذ اعتبر ان كل المؤشرات إيجابية في البلوك 9 والائتلاف النفطي الموجود قدم طلبا لتولي البلوكين 8 و 10 والخبراء يقولون لو ان البلوك 9 ليس واعدا لما تقدمت الشركات بطلب تراخيص جديدة. وفي ملف النزوح السوري دعا نصرالله الى خطة استراتيجية وطنية يتفق عليها اللبنانيون ويحملونها للعالم ويضغطون بها على حكومة تصريف الاعمال والقوى الأمنية وتكون مدروسة ومحسوبة ومجمع عليها وطنيا.
وقال لا احد في لبنان يعرف عدد النازحين السوريين الحقيقي لذا يجب ان يكون هناك احصاء جدي ويجب التمييز بين اليد العاملة والنازحين .
جعجع
وكانت لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع امس مقاربة لافتة في هذا السياق اذ أشار الى أنّ “التيار الوطني الحر وحلفاءه يشكّلون ليس فقط أكثرية داخل الحكومة، إنما حكومة تصريف الأعمال كلّها، فلماذا لا تجتمع هذه الحكومة، ولا سيّما أن المعضلة السورية في لبنان باتت تشكل خطرًا وجوديًّا، وتعطي أوامر تنفيذيّة واضحة ومحدّدة جدًّا لكلّ الأجهزة الأمنية المعنية بتطبيق القوانين اللبنانيّة المرعية الإجراء بحذافيرها تحت طائلة المسؤولية؟”. واعتبر إن “متابعة هذه الخطوة بشكل حثيث وجدي من قبل الوزراء المعنيين، وتحديدًا وزراء الداخلية والدفاع والعدل هي وحدها الكفيلة بإبعاد هذا الخطر الوجودي عن لبنان، فيما التصاريح والاستغلال السياسي لا تنتج سوى تعميق الأزمة وانتشارها أكثر فأكثر”.
بدوره اثار وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي الملف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري موضحا “ان هذه المعضلة الشائكة ينبغي ان تحل بطريقة علمية ومنطقية وبالمتابعة والمثابرة بدءا بالسياسية ولاحقا بكل الاجراءات الادارية والامنية التي تؤخذ على الارض هذا الموضوع ليس للمزايدة”. وشدد على ان “هذا الموضوع كل الشعب موحد حوله ومن الضروري ان تكون هذه الوحدة بعيدة من المزيدات كي تؤدي الى الحل”.
وجدّد الحزب التقدمي الاشتراكي “تأكيد ضرورة دعم الجيش اللبناني الذي تزداد على عاتقه الأعباء الكبيرة في ظل تحديات الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والسياسية الصعبة، وهذا ما يستدعي مزيداً من الالتفاف الوطني حول المؤسسة العسكرية وكافة القوى والأجهزة الأمنية، ومزيداً من الجهد والدعم من الدول التي سبق وقدّمت المساعدات خصوصًا بعد انفجار مرفأ بيروت، لتمكين الجيش والقوى الأمنية من الاستمرار في القيام بمهامها في حفظ الأمن والاستقرارعلى مساحة الوطن وحدوده”. “وشدد على “أهمية تعيين المجلس العسكري، بالتوازي مع أهمية إتمام استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الذي يبقى المدخل الأساس لمعالجة ما تواجهه البلاد من أزمات”.
واما حركة “امل” فانتقدت ” التشكيك في المؤسسات العسكرية والامنية بما ينذر بتصعيد المخاطر على الاستقرار العام والمترافق مع الارتباك في إطلاق العام الدراسي في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية” ودعت الجميع الى” إعادة النظر بقراءتهم للمخاطر، وتسهيل أي مسعى يؤدي إلى التفاهم على حل المسائل العالقة والتركيز على توحيد الارادات الداخلية في ظل هذا الوضع. وعلى الجميع أن يعوا ان المكابرة ورفع الاسقف في الخطاب السياسي والتشكيك لن يوصل إلا إلى مزيد من قلق ويأس اللبنانيين من هذه القيادات ومستقبلها”.
الترخيص الثاني
الى ذلك وعلى صعيد التطورات الاقتصادية برز اعلان وزارة الطاقة والمياه – هيئة ادارة قطاع البترول امس عن نتائج تقديم الطلبات في دورة الترخيص الثانية للتنقيب عن الغاز والنفط اذ أوضحت انه قبل ساعة واحدة من انتهاء موعد تقديم الطلبات للإشتراك في دورة التراخيص الثانية، تقدم الإئتلاف المكون من توتال إنيرجيز الفرنسية وإيني الإيطالية وقطر للطاقة بطلبي إشتراك في دورة التراخيص الثانية للمزايدة على الرقعتين ٨ و ١٠ في المياه البحرية اللبنانية علماً أن الشركات التي يتكون منها الإئتلاف مقدم الطلبين هي أصحاب حق بترولي في الرقعتين ٤ و ٩ في المياه البحرية اللبنانية .
وعلى الصعيد البرلماني التأمت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان في مجلس النواب وتابعت البحث في موضوع إنفاق اموال حقوق السحب الخاصة ومناقشة السند القانوني الذي إتبعته الحكومة لهذا الإنفاق. بعد الجلسة، أعلن كنعان ان “صرف اموال حقوق السحب الخاصة من الحكومة تم بشكل مخالف للقانون لأنها لم تأت الى مجلس النواب ولم تحصل على موافقته”. واعلن “قررنا إحالة ملف حقوق السحب الخاصة الى ديوان المحاسبة لوجود مخالفات فيه من فتح حسابات خاصة في مصرف لبنان الى عدم العودة لمجلس النواب لقوننة الانفاق “، مشددا على ان “لا يحق للحكومة ومصرف لبنان فتح حسابات من دون المرور بالخزينة”. من جهته، قال رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان: “المخالفات حصلت ويجب أن يعرف الجميع أنّ الصرف لا بدّ أن يحصل من ضمن الموازنة وإذا استمرينا بالصرف “عالقطعة” سننحدر أكثر وما فعلناه اليوم هو بإطار إعادة الانتظام العام”.