كتبت صحيفة “النهار” تقول:
بدأت معالم الانحسار المتدرج في الوساطتين الفرنسية والقطرية الذي اشارت اليه “النهار” امس يتخذ اكثر من دلالة تنفيذية، اذ ان المشهد الداخلي استعاد رتابة وجمودا في التحركات الداخلية لا تخرقهما الا بعض الجولات واللقاءات التقليدية لسفراء بعض الدول المنخرطة في #المجموعة الخماسية. وإذ ذهبت جهات سياسية مطلعة على النتائج التي رست عندها جولة الموفد القطري بعد الزيارة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف #لودريان الى ابداء أجواء شديدة التشاؤم حيال أي انفراج في الازمة الرئاسية في الأفق القريب، وربما ليس قبل مطلع السنة المقبلة بما يفسر عودة مناخات الاحتدام السياسي والإعلامي بين الافرقاء السياسيين، بدا واضحا ان المرحلة الطالعة مرشحة لان تملأ فراغ الانتظار بتداعيات الازمة الأخطر المتصلة بتفاقم بل بانفجار #النزوح السوري الكثيف الى #لبنان. ولعل ما استدعى “الانفجار” السياسي والإعلامي في الفترة الأخيرة على خلفية هذا الملف لا يتصل فقط بالضجة المتصاعدة من مختلف الاتجاهات حيال اخطار تفلت هذا النزوح واغراق لبنان بمزيد من الاثقال التي يرزح تحتها الى حدود بات يصعب حصر اخطارها بل أساسا بما تبلغه لبنان بشقيه الرسمي والسياسي من مختلف الدول والمراجع الدولية مجددا من اقفال الباب امام إعادة النازحين السوريين في وقت انكشفت الوقائع الميدانية عن ان لبنان وحده دون سائر دول الجوار السوري يتعرض لاستباحة منهجية في تهريب منظم للنازحين السوريين، وهو امر يثير الريبة التصاعدية ويسقط الصفة التي اشاعتها جهات لبنانية عدة حيال ما سمي “النزوح الاقتصادي” على خلفية الانهيارات الاقتصادية التي تعيشها سوريا ، وكأن لبنان افضل حالا منها ! واذا كان الكلام الأخير للامين العام ل”#حزب الله” السيد حسن نصرالله عن النازحين الذي حض فيه على تسهيل لبنان على تسهيل هجرة النازحين السوريين في اتجاه أوروبا بغية الضغط على الغرب وأميركا “حمال أوجه” لكونه يصب في مطالبة نصرالله بإزالة الضغوط عن النظام السوري ، فان ذلك لم يحجب في المقابل التحديات الصعبة والمعقدة التي يواجهها لبنان لتخفيف العبء القاتل عنه في مواجهة موقف دولي يعد سلبيا تماما وضد مصالح لبنان وواقعه.
آخر نماذج هذا الموقف الدولي جاء امس على لسان الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط و#شمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو الذي قال في مقابلة اعلامية : “لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي” ودعا إلى “مساعدتهم في لبنان”.
قانون جديد
واعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان بعد جلسة للجنة الإدارة والعدل، خصصت لموضوع الوجود السوري في لبنان ان “كل النواب الحاضرين في اللجنة والذين يمثلون كل الكتل والمستقلين والتغييريين، أجمعوا على ان الوجود السوري في لبنان بات يحتاج معالجة سريعة، وهذه المعالجة يجب أن تتم من خلال مسارين: الأول عبر الحكومة التي رغم أنها حتى اليوم متقاعسة، ومن خلال الوزراء المعنيين أي الداخلية والدفاع والعدل الذين يجب عليهم وعلى الحكومة أن يستنفروا بشكل دائم ويومي مع كل قدراتهم الأمنية والأمنية والقضائية والتنظيمية حتى يبدأوا بالمعالجة وفقا لخطة تكون الحكومة وضعتها للتعاطي أولا مع إقفال الحدود، وثانيا حتى هذا الوجود باستثناء من لديه اقامات قانونية لأسباب تتعلق بعملهم كما كان الوضع قبل عام 2011، ونرى أفضل طريقة حتى يعودوا الى بلدهم”. وقال: “بالنسبة لنا ليس هناك سوى مذكرة التفاهم التي تم توقيعها عام 2003 والتي تعتبر لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء، وهنا مفوضية اللاجئين يجب أن تعلم اننا لا نعترف أولا إلا بهذه المذكرة وبأن لبنان ليس بلد لجوء، وكذلك كل القرارات التي اتخذت سواء من وزراء او من مسؤولين ومعنيين، كلها غير قائمة ومفاعيلها يجب أن تتوقف. وكل الإفادات التي أعطيت بالنسبة لنا لا تستوفي لا الشروط القانونية ولا الأصول التي يجب أن تتبع وبالتالي تعتبر ملغاة، ونحن بالنسبة لنا الوجود السوري لا يمكن أن يطبق عليه أن لبنان بلد لجوء”. اضاف: “إنطلاقا من هذا الواقع، لجنة الإدارة والعدل بكامل وإجماع أعضائها ستضع قانونا في وقت قريب، سيتضمن كل هذه التفاصيل ويصبح ساريا”.
رد حكومي
وفيما ترتفع حدة السجالات اعلامياً وسياسياً، آخذة بجريرتها الحكومة على خلفية اتهامها بالتقصير في معالجة الازمة، ردت أوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على الاتهامات التي تستهدفها وذكرت المنتقدين بتقصيرهم في تحمل مسؤولياتهم، والمقصود بهؤلاء “التيار الوطني الحر”، ان خلال تولي السلطة على مدى ستة أعوام، حيث كان العهد على علاقة وطيدة بالنظام السوري، او على مستوى الوزراء المشاركين في حكومة ميقاتي، والذين يمتنعون عن حضور جلسات مجلس الوزراء او يعطلون نصابها. ودافعت هذه الأوساط عن الحكومة باعتبار انها تقوم بواجباتها ضمن الإمكانات المتاحة لها، واوضحت ان العمل يتمحور على خطين، احدهما اداري والآخر امني. وقالت انه على المستوى الإداري، كلف مجلس الوزراء البلديات القيام بدورها لجهة تنظيم وجود النازحين واقامتهم وعملهم، وثمة بلديات تقوم بذلك في شكل جيد وضمن إمكاناتها فيما هناك بلديات عاجزة بسبب ضعف تلك الإمكانات او تلكوئها. اما على المستوى الأمني، فالجيش والامن العام يقومان ايضاً بمهماتهما، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وهناك عمل كبير يجري ولكن لا يتم الإعلان عنه فضلاً عن إجراءات أخرى لضبط الحدود بالحد الأدنى الممكن وضبط المخيمات، كما وضع ملف تمويل الجمعيات على الطاولة، تمهيداً لتنظيمها وتبيان مكامن تمويلها وانفاقها.
وفي التحركات السياسية المتصلة بهذا الملف اعدت “القوات اللبنانية” خطة تفصيلية لمواجهة هذه الازمة وشكّلت بموجبها مجموعات عمل مختلفة للخروج بخلاصات عملية وجّهتها على ثلاثة مسارات: يقود المسار الأول مجموعة التواصل مع دول الاتحاد الأوروبي. ويقوم المسار الثاني على تعبيد طريق مجموعة التواصل مع الولايات المتحدة الأميركية. ويحرص المسار الثالث على التنسيق مع الحكومة والوزراء المعنيين. وفي هذا السياق، باشرت المجموعة الأولى التحرّك مع دول أعضاء الاتحاد الاوروبي مع الاشارة إلى وجود نقاط اختلاف معها. وعملت المجموعة على مساعٍ هادفة إلى إدراج نصّ يتلاءم مع المطلب اللبناني في القرار الصادر عن البرلمان الاوروبي في 12 تموز الماضي عاقدةً سلسلة لقاءات افتراضية مع حزب الشعب الأوروبي المتمثّل في البرلمان الأوروبي. واعترضت “القوات” على التعديلات التي أُدْخِلَت على النص في اللحظة الاخيرة. وتوجّهت هذه المجموعة “القواتية” نحو أوروبا للسعي للتغيير في النظرة باتجاه هذه القضية تحديداً.
ردا على “الحزب”
اما في مشهد الازمة الرئاسية فالبارز امس تمثل في ردود المعارضة على المواقف الأخيرة ل”حزب الله” وكان اشدها حدة رد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل اثر استقباله السفيرين القطري سعود بن عبد الرحمن بن فيصل الثاني والمصري ياسر علوي . وقد اعتبر الجميل ان “كل المبادرات لن تنجح إذا لم يكن هناك فريقان يرغبان بالوصول إلى الإتفاق ونحن الحريصون على البلد نقبل التوافق”، مشيراً الى اننا “أمام خيارين، إمّا الصمود أو الخضوع”. اضاف “نحن مصرون على التوافق وهم يفرضون مرشحهم ونحن نقبل بمبدأ الوصول إلى مرشح مقبول من الجميع لكنهم يرفضون الأمر ويصرّون على الفرض .. فليسحبوا مرشحهم وليلاقونا إلى منتصف الطريق ونحن سبق لنا وقمنا بالأمر، اذا كان حزب الله حريصاً على البلد ليقترح مرشحاً آخر، عندها إمّا نختار بين الإثنين أو نذهب إلى خيارٍ ثالث رئاسياً” . وسأل الجميل الأمين العام ل”حزب الله” :”هل يقبل أن يقول أحد معاونيه أن المعارضة عبء على البلد؟ هل تترجم لنا ما معنى العبء؟ هل هذا تهديد بالقتل وبـ7 أيار؟ هل هذه اللغة التي تريد ان تبني بها بلداً مع الآخرين؟ نحن لم نستعمل ولا نستعمل هذه اللغة ومشكلتنا أنكم تهددون وتتكبّرون وأن لديكم ميليشيا مخالفة للدستور. وقال” لغة حزب الله ستأخذ البلد الى أماكن توجب ردة فعل، ولا نخاف منه ولا من أحد ولكن يجب أن نخفف هذه اللغة”.
من جهته، قال عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم “أوافق مع الشيخ نبيل قاووق، أننا في المعارضة أصبحنا الثقل الحقيقي والعائق الفعلي لمشروعهم الإلغائي للبنان وأستكمل، أنه بالمقابل، حزب الشيخ ودويلته أصبحا العائق المؤكد للدستور اللبناني وللعمل الديمقراطي وللاصلاح في لبنان، ولتحريره من العزلة الدولية”.