كتبت صحيفة “البناء:” تقول:
كشفت الأزمة الدستورية التي عصفت بواشنطن مع إسقاط رئيس مجلس النواب بأصوات من حزبه الجمهوري، عمق الأزمة التي تحكم مستقبل الحياة السياسية والدستورية التي تمتدّ منذ اقتحام مبنى مجلس النواب قبل أقلّ من ثلاث سنوات بقليل، حيث فشل مجلس النواب متوقع التكرار كما في المرة السابقة، مع إضافة احتمال امتدادها مدة أطول، في ظل صعوبة إيجاد مرشح بارز يملك الحضور التشريعي والخبرة الدستورية، والقدرة على الفوز في وقت واحد، بينما النواب الجمهوريون المعارضون يتمسكون بشروطهم الأصلية لأي تسوية تطلبها قيادة الحزب لتسهيل انتخاب مرشح آخر لرئاسة مجلس النواب، فيما يكشف السجال حول الدعاوى المقامة بوجه الرئيس السابق دونالد ترامب عن فقدان قيادات الحزبين الجمهوري والديمقراطي قدرة السيطرة على الوضع، وينطرح في واشنطن بقوة السؤال حول إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية خلال عام، وإمكانية انتهائها بتسليم الخاسر بخسارته، بينما تنادي بعض الأصوات في الحزبين بتفادي مواجهة بين ترامب وبايدن.
في غزة نظمت سرايا القدس عرضاً عسكرياً حاشداً تميّز بظهور أسلحة جديدة، منها مضادات للمدرعات، ومنها صواريخ جديدة، والأهم فيها سلاح الطائرات المسيّرة، واختُتم العرض العسكري بكلمةٍ لمسؤول الدائرة العسكرية في حركة الجهاد، وعضو مكتبها السياسي، أكرم العجّوري، قال فيها إنّ الاحتلال «أراد التطبيع لعزل المقاومة وتهميشها والقضاء على القضية الفلسطينية». وشدّد العجّوري على أنّ مخطّطات ومؤامرات الاحتلال لن تفلح، مُضيفاً أنّ سرايا القدس «تعد وتضرب في كل الساحات». كما أنهى كلمته بعبارة «الحسم قادم بإذن الله»، وكانت المعادلة التي أكدت عليها الكلمة أن الضفة لن تسقط، وأن المقاومة فيها لن تتوقف.
لبنانياً، تصدرت إجراءات وزارة الداخلية خط المواجهة في قضية النزوح السوري في ظل دعوات أميركية وأوروبية متلاحقة لمطالبة لبنان بالتكيّف، والدعوة لتقديم مساعدات مالية للبنان لقاء القيام بذلك، وحضر المحافظون ورؤساء البلديات الكبرى إلى وزارة الداخلية بدعوة من الوزير بسام مولوي، ليكشفوا عند خروجهم من الاجتماع الموسّع المخصص لملف النازحين، عن توجّه وزير الداخلية نحو تطبيق قوانين ربط بقاء النازح السوري بامتلاكه إقامة صالحة للعمل وترخيص بمهنته أو مؤسسته التجارية، وإقفال المؤسسات التي لا تنطبق خلالها هذه الشروط بالرغم من التهديدات الأوروبية للبنان إذا فعل ذلك.
فيما تراجع الملف الرئاسي الى الخلف بعد وصول المبادرة القطرية الى طريق مسدود بانتظار جولة موفد جديد قد يكون مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان بعد إرجاء زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية الى لبنان، بقيت أزمة النزوح السوري في واجهة المشهد والخطر الداهم وسط تفاعل غير مسبوق للملف على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والأمنية.
وحذرت مصادر نيابية وسياسية مطلعة من مخطط دولي للنزوح الممنهج والمبرمج الى لبنان من خلال تسهيلات لوجستية وأمنية وقانونية ومالية للنازحين للعبور من سورية الى داخل الأراضي اللبنانية، ملمّحة الى إقامة نوع من النزوح المركز أي «كانتونات» في مختلف المناطق اللبنانية لكي يصبحوا جزءاً من النسيج اللبناني والبنية الاقتصادية والعمالية والدورة الاقتصادية ما يصعّب إعادتهم الى سورية وبالتالي دمجهم في المجتمع ثم توطينهم بشكل مقنّع في لبنان، كما أشار بيان الاتحاد الأوروبي العام الماضي وتوصيات ومقررات المجلس الأوروبي منذ 3 أشهر. ولفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «مفوضية الشؤون للنازحين السوريين وبعض جمعيات «أن جي أوز» يواصلون مخالفة القوانين المحلية وتشجيع النازحين في سورية للسفر الى لبنان وتخويف النازحين من العودة الى سورية وتقديم شتى الإغراءات المالية لهم، ورفض منح المديرية العامة للأمن العام داتا المعلومات عن النازحين رغم إرسال الأمن العام أكثر من مراسلة للمفوضية».
وأكدت مصادر رسمية لـ«البناء» أن أياً من الأجهزة الحكومية والأمنية لا يملك أرقاماً دقيقة عن عدد النازحين ولا معلومات عن أماكن انتشارهم ومِن مَن يتلقون المساعدات وقيمتها ومتى يذهبون الى سورية ويعودون الى لبنان.
وكشفت مصادر أمنية لـ«البناء» أن 500 نازح سوري يدخل يومياً عبر الحدود الى لبنان بطرق التهريب غير الشرعية، وتتمكن الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على المئات منهم رغم الإمكانات التكنولوجية التي بحوزة الأجهزة الأمنية المولجة ضبط الحدود ومنع التهريب. موضحة أن النازحين يستخدمون أساليب متعددة للعبور، حيث تنشط عشرات عصابات التهريب المؤلفة من سوريين ولبنانيين ينسقون في ما بينهم لإتمام العملية بنجاح مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وأشار وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، إلى أنّ «موضوع الوجود السوري الكثيف في لبنان يتخطّى إمكانات البنى التحتية والدولة، والمواطنون لا يمكن أن يتحمّلوا هذا الوجود»، لافتاً إلى أنّ «عدداً كبيراً من الجرائم المتنوّعة والكبيرة يرتكبها السوريون في لبنان بنسبة تفوق الـ 30 في المئة، وهذا الموضوع يستدعي التعاون للحفاظ على بيئتنا وصورة بلدنا وهويته». وأضاف مولوي في مؤتمر صحافي: «لا يمكن أن نبقى في حالة تراخٍ أو «تطنيش» حيال الوجود السوري، وعمّمنا على كلّ البلديات أنّنا سنُحاسب كلّ شخص مقصّر بحقّ شعبه وبلدته ولن نسمح بالوجود السوري العشوائي»، طالباً من البلديات «تقديم تقرير دوريّ كلّ 15 يوماً عمّا فعلته بشأن الوجود السوري من قمع مخالفات وإزالة تعديات».
وتابع: «أيّ مختار يُعطي إفادة كاذبة أو مزوّرة سنحقّق معه في الدوائر المختصة في وزارة الداخلية… «بلدنا مش للبيع» ولن نقبل بهذا الأمر. لن نقبل بالتغاضي عن مصلحة بلدنا لقاء مساعدات معيّنة أو مال معيّن يُدفع من أيّ جهة كانت». كما أكّد «أنّنا نريد خطة لإعادة النازحين ضمن إطار زمنيّ واضح واجتماعاتنا ليست لتنظيم الوجود السوري، ولن نقبل بأيّ مساعدات تهدف للتغاضي عن وجود أيّ سوري غير قانوني».
ويواصل حزب القوات اللبنانية المزايدة في ملف النزوح في حين كان من الأطراف التي شجعت على النزوح وفق مصادر سياسيّة ونظمت الزيارات لتقديم المساعدات والإغاثة للنازحين من بداية الحرب السورية ووقفت مع التنظيمات الارهابية التي قاتلت الدولة والجيش في سورية. ودعت القوات الى «توقيع عريضة نيابية تطالب بإقفال مكتب الـ UNHCR في لبنان».
وفي سياق ذلك، يواصل رئيس لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية الفرنسية وعضو لجنة الصداقة الاوروبية اللبنانية النائب سيمون أبي رميا حملته ضد التداعيات السلبية للنزوح السوري على لبنان في لقاءاته بين باريس وستراسبورغ، حيث التقى نواباً أوروبيين وفرنسيين من مختلف الكتل النيابية. وحمل أبي رميا معه ملف النزوح بالأرقام والوقائع شارحًا خطورة الوضع وعارضًا لعدد السوريين في لبنان الذي تخطّى المليونين ومئة الف نسمة اي ما يساوي أربعين في المئة من سكان لبنان. وتطرّق أبي رميا في لقاءاته في البرلمان الأوروبي الى تكلفة النزوح على لبنان التي ناهزت الخمسين مليار دولار.
وكشفت مصادر «البناء» أنه وبعدما تفاعل ملف النزوح على نطاق واسع وعقب كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن احتمال فتح الحدود البحرية أمام قوارب الهجرة غير الشرعية إلى اوروبا، تلقت مرجعيات سياسية وحكومية سلسلة اتصالات من سفراء غربيين يستفسرون عن أبعاد كلام السيد نصرالله وحدود ما يمكن أن تذهب اليه الأمور، وطلب السفراء من المرجعيات الإيعاز للأجهزة الأمنية التشدّد بإجراءاتها على الحدود البحرية لمنع تسرّب قوارب النزوح عبر البحر الى أوروبا.
كما أفادت المصادر أنه يجري إعداد وفد وزاري مؤلف من 5 وزراء للتوجه الى سورية خلال أسبوع للتواصل مع الحكومة السورية لوضع خطة لإعادة ما يمكن من النازحين في الوقت الراهن والتعاون والتنسيق الأمني والقانوني للحدّ من النزوح الى لبنان.
وحذرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي «المواطنين اللبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية من الوقوع ضحية «إيهام السوريين أن باستطاعتهم تأمين سفرهم من لبنان إلى دول أوروبية، إما عبر تهريبهم بطرق غير شرعية أو من خلال تأمين تأشيرات سفر إلى الخارج مقابل بدل مادي. ويتم اختطاف الضحايا عند وصولهم إلى المناطق الحدودية، ومن ثم نقلهم إلى خارج الحدود اللبنانية، واحتجازهم في داخل غرف ضمن الأراضي السورية تقع على مقربة من الحدود، حيث يتمّ تعذيبهم بوحشية وتصوير عمليات التعذيب، وإرسال الصور والفيديوهات إلى عائلة الشخص المخطوف بهدف الضغط عليهم والإسراع في دفع فدية مالية لقاء تحريره».
على الصعيد الرئاسي، لا جديد بانتظار عودة لودريان، وأشار مصدر نيابي لـ«البناء» الى أن الدور الفرنسي لم ينته وفرنسا لن تترك لبنان للقطري وستعيد إحياء مبادرتها بصيغة أخرى، لأن أي فشل لفرنسا يشكل انكساراً لها لا سيما في لبنان.
وقالت مصادر مواكبة للحراك القطري لـ«البناء» إن الموفد القطري الذي يجول على القوى السياسية حاول في اجتماعاته مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية جمعهما على مرشح واحد لعرض الاسم على الثنائي الشيعي، لكنه فشل، كما حاول في لقائه مع الرئيس نبيه بري ومع معاون السيد نصرالله الحاج حسين الخليل إقناعهما بخيار المرشح الثالث من منطلق مبدئي من ثم يتمّ طرح أسماء مقبولة لدى الثنائي تترافق مع ضمانات سياسية وأمنية تتعلّق بعملية تأليف الحكومة وسلاح المقاومة، إلا أن الموفد القطري قوبل بالرفض، وسمع كلاماً واضحاً في الضاحية وعين التينة مفاده التمسك برئيس المردة سليمان فرنجية وأن لا خطة ب ولا مرشح ثالث.
وقالت مصادر «الثنائي» حركة أمل وحزب الله لـ«البناء» إن وفاة المبادرة الفرنسية وسحب مبادرة الرئيس بري لا يعني سقوط فرنجية، بل إن المبادرة القطرية تهدف الى إسقاط المرشحين فرنجية وجهاد أزعور، ثم إسقاط معادلة فرنجية وقائد الجيش، ولهذا السبب يجري تسويق قائد الجيش لكي يوضع مقابل فرنجية فيسقط الاثنان ويتم الانتقال الى مرشح آخر.
وعلمت «البناء» أن واشنطن جدّدت عرضها عبر قنوات ديبلوماسية على حزب الله بتسهيل ترسيم الحدود البحرية مع مراعاة الشروط الإسرائيلية، مقابل تسهيلات أميركية بالملف الرئاسي. وهذا ما دفع السيد نصرالله الى التطرق الى هذا الملف وردّ الرسالة الى واشنطن.
ووفق ما كشفت لـ«البناء» مصادر نيابية تزور واشنطن أن كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الامن والطاقة آموس هوكشتاين سيعود الى بيروت في الشهر الحالي، لإعادة طرح ملف الترسيم البحري.
والتقى رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه السفير القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني في زيارة تعارف بعد توليه مهامه الجديدة كسفير لبلاده في لبنان، وكانت مناسبة لعرض مجمل التطورات السياسيّة والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.
بدوره، لفت المجلس السياسي في التيار الوطني الحر خلال اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل وهو الأول منذ الانتخابات الأخيرة لرئاسة التيار، الى أن التيار يبذل كل المساعي لتأمين توافق وطني على اسم يحمل في شخصه مؤهلات الرئاسة في هذه المرحلة ويملك رؤية إصلاحية إنقاذية وقدرة على التعاون مع حكومة إصلاحية لمواجهة عدد من التحديات والمخاطر الداهمة ليس أقلّها: النزوح الجماعي للسوريين باتجاه لبنان بما يعنيه من تهديد سيادي كياني يستوجب الحفاظ على لبنان الواحد الحرّ المستقلّ والإنهيار المالي الذي يتعمق في غياب أي خطة إنقاذية.
ورأى التيار أن الخيار الخاطئ في موقع الرئاسة الأولى ستكون له انعكاسات سيئة ربما أخطر من الفراغ، الاّ أن الأولوية تبقى لانتخاب رئيس وإعادة تكوين السلطة والبدء بالحل الإنقاذي. كما استغرب المجلس صمت حكومة تصريف الأعمال تجاه الإعلان الأميركي والأوروبي الواضح برفض عودة النازحين السوريين الى بلادهم. وحمّل المجلس الحكومة بوصفها صاحبة القرار السياسي عدم مسؤولية تنفيذ الأجهزة العسكرية والأمنية الإجراءات التي سبق اتخاذها في مجالس الوزراء لجهة ضبط الحدود لمنع التدفّق المشبوه لآلاف النازحين.
وسجل اشتباك سياسي على خط القوات اللبنانية – حركة أمل، إذ قالت عضو تكتل القوات النائب ستريدا جعجع: «ما قول رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري الخاسر من عدم انعقاد طاولة الحوار هو (الخاسر من عدم انعقاد طاولة الحوار هو جميع اللبنانيين الذين ينتظرون إتمام هذا الاستحقاق، ولا سيما في ظل التحديات الهائلة التي تواجه البلد)».
فردّت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب عناية عز الدين بالقول: «عفواً يا صاحبة السعادة، لا نود أن ننزلق الى الرد على «الاسطوانة المشروخة» التي دأبت أنت وزملاؤك على تردادها في إلقاء المسؤولية على غير من يتحملها في إطالة أمد الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية. لا يا سعادة النائب لا تستوي المقارنة بين ممارسة الحق الدستوري في الحضور أو الخروج من الجلسات النيابية وهذا حق، وبين من يعمد عن سابق إصرار وترصّد على انتهاج سياسة التدمير الممنهج والتعطيل للمؤسسات والسلطات الدستورية وفي مقدمها مجلس النواب إشباعاً لأحلام ونزوات حزبك القديمة والمستجدة والتي يعرفها القاصي والداني وهذه جريمة».