كتبت “الأنباء” تقول: تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلّة لليوم الرابع على التوالي اشتباكات عنيفة، فيما لا يزال العالم تحت تأثير صدمة “طوفان الأقصى”، في وقت لم يستطع العدو الإسرائيلي وآلته العسكرية المدمّرة التي يتفاخر بها منذ ولادة هذا الكيان المصطنع على التراب الفلسطيني، وكل الدول المتحالفة معه والداعمة لوجوده، من تسجيل أيّ خرق يذكر لحفظ ماء وجه العدو، والتقاط زمام المبادرة لردّ الاعتبار لجيشه المهزوم.
في غضون ذلك استمرّت حركة حماس بالتحكم بقواعد اللّعبة، موقعةً خسائر كبيرة في صفوف العدو، على الرغم من تهديد بنيامين نتنياهو المتواصل باقتحام غزة، والبدء بعملية برية وشيكة.
وفي سياق حضوره الفاعل على مستوى الحدث وتميّزه الدائم في المواكبة، مثّل صوت الرئيس وليد جنبلاط الصوت الوحيد الذي قارب ما يحصل برؤية متبصرة فلسطينيا، لبنانياً وعربياً. فقد أكد جنبلاط أمس أنَّ تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن تغيّر شيئاً من قواعد اللعبة، مشدداً على أنَّ الشعب الفلسطيني جبار والمعركة في بدايتها، متسائلاً عن السبب وراء انحياز الغرب لاسرائيل، إذ إنَّ هناك شعباً فلسطينياً محتلّا يجب الوقوف مع حقه، مشبهاً تصريحات الاسرائيليين بتصريحات الاستعمار، وداعياً العرب إلى التوحد لرفع الاحتلال.
وإذ اعتبرَ جنبلاط أنَّ هناك انتفاضة مسلّحة سياسية عسكرية، وهذا هو المنطق، قال: “لا أفهم بعض التصريحات التي تصدر عن بعض أقطاب الممانعة كي ندمّر اسرائيل، فنحن لسنا بحاجة إلى خلاف يهودي إسلامي، بل هناك احتلال، فيما اليهود والمسيحيون والمسلمون جميعنا عرب، أما اليهود الذين أتوا من بولونيا وألمانيا أو روسيا نتيجة الهولوكوست فلا علاقة لنا بهم”. ولفت جنبلاط إلى أنَّ “حماس فرضت نفسها أكثر من أي وقت مضى سياسياً وعسكرياً، فيما مع الأسف السلطة غائبة وغير موجودة، وعليها وعلى حركة فتح، أن تعود إلى أصولها، حركة فتح حركة خليل الوزير، أبو جهاد، ياسر عرفات، وكفى سلطة وهمية لا علاقة لها بالواقع”.
وعلى المقلب اللبناني، وفي ظل التوتر الذي شهدته الحدود الجنوبية، دعا جنبلاط حزب الله الى ضبط جبهة الجنوب، مشدداً على أن لا حاجة لنا بفتح جبهة جديدة.
وفي المواقف المعلّقة على عملية “طوفان الأقصى”، لفتَ النائب عبد الرحمن البزري إلى أنَّ “هناك أموراً لا نقاش فيها، وأن الانتصار واضح للمقاومة الفلسطينية على الكيان الصهيوني، إذ إنَّ هذا درس وتكتيك عسكري جديد، سيدرّس لأجيال وأجيال”، مشيراً في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية إلى أنَّ “ما من شك أنَّ الكيان الصهيوني اهتز، كما اهتزت وظيفته كحامٍ لمصالح الغرب في المنطقة، فما جرى شكل نقلة نوعية يجب أن تستثمر بالسياسة بتضامن عربيّ يشمل كل الدول العربية، لدعم حقّ الشعب الفلسطيني، فهذه العملية بمثابة انتصار عسكري وسياسي سيكون له تداعيات كبيرة على توازنات المنطقة”.
وإذ رأى البزري أنَّ “الأيام القادمة خطيرة جداً، وتتطلب وحدة موقف فلسطيني ووحدة موقف في الساحة اللبنانية”، دعا إلى “دعمٍ جديّ عربي للشعب الفلسطيني ودور فاعل لجامعة الدول العربية”، لافتاً إلى أنَّ “عملية فتح أيّ جبهات جديدة هي وليدة ساعتها، وسنرى الردّ العسكري الصهيوني وطريقة التصدي له من قبل المقاومة الفلسطينية، إذ إنَّ مهما فعلوا لن يستطيعوا محو الهزيمة التي لحقت بهم”.
وفي تعليقه على تهديد نتنياهو باجتياح غزة، رأى البزري أنَّ “أيّ اجتياح عسكري برّي ستكون تداعياته العسكرية والسياسية كبيرة وستكبّد العدو الصهيوني خسائر ضخمة، لافتاً إلى أنَّ “جبهة الجنوب اللّبنانية مدروسة وممسوكة تجعل من العدو مستنفراً بشكل دائم، فهي محكومة بتوازنات حقيقية وجدية.
وتطرّق البزري للإستحقاق الرئاسي في لبنان، لافتاً إلى أنّ “السياسة المحلية اليوم مُجمّدة، لذا علينا تتبع اتجاهات غبار المعركة، إذ إنَّ هنالك حسابات جديدة، فتداعيات الانتصار ممكن أن تكون ايجابية أو سلبية”.
وعليه فإن المنطقة لا شك نحو انعطاف مصيريّ بعد الأحداث الأخيرة، بحيث قلب “طوفان الأقصى” حسابات الاحتلال الإسرائيلي، فارضاً واقعاً جديداً، ومذكّرةً بأحقيّة القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني وإرادته المُستمرة منذ عقود.