كتبت صحيفة “الأنباء” تقول:
يستمرّ زخم عملية “طوفان الأقصى” في يومها السابع، لتزداد ضراوة وتشمل معظم المدن في الأراضي المحتلة، في حين لم تستطع آلة الحرب الصهيونية بكلّ عدتها وعديدها وسلاحها الجوي المدمّر، كما قنابلها العنقودية والفوسفورية التي تحرق الأخضر واليابس، أن تهدَّ من عزيمة المُجاهدين الفلسطينيين، الذين يتصدون لهذا العدوان ببسالة غير مسبوقة، أقلّ ما يقال عنها أنّها، بإجماع آراء الخبراء الإستراتيجيين، ستغيّر وجه المنطقة العربية الشرق أوسطية بأسرها، لدرجة التأكيد أنَّ ما بعد “طوفان الأقصى” ليس كما قبله.
وفي متابعته للأحداث في الأراضي المحتلّة، ودعمه الدائم للقضية الفلسطينية في كل ميدان، اعتبرَ الرئيس وليد جنبلاط أنّه إذا أراد الإسرائيلي أن يفتعل حرباً على لبنان، فهو لن يأبه لوضعنا، لذا لننزل نحن إلى الأرض ولنترك جانباً “الدويخة” بمسألة الرئاسة، ونفعّل عمل الحكومة لكي نستعد للأسوأ.
وإذ شدّد جنبلاط على أنّنا مع كُلّ مُقاوم ضد إسرائيل، ومع حماية أهل الجنوب، دعا إلى الاستعداد للأسوأ سياسياً واجتماعياً وحتّى مالياً، معتبراً أنَّ لا أحد يُمكنه أن يغفل النوايا الإسرائيلية. وأضاف “بما أننا على مشارف فراغ في قيادة الجيش فليتم تعيين قائد للجيش أو رئيس للأركان، أو التمديد للقائد الحالي، واذا لم يكن هناك إمكانية لتعيين قائد جيش جديد، فليكن التمديد للقائد مع تعيين مجلس عسكري”.
وفي سياق تحليلي للتطوّرات الميدانية والصمود والمعادلة الجديدة التي فرضتها حماس في حربها مع اسرائيل، وفي قراءة له للتطوّرات الميدانية، أشار النائب السابق شامل روكز إلى أنَّ “عملية طوفان الأقصى ناجحة إلى أقصى الحدود بسرّيتها وضروراتها وضخامتها ومفاجآتها، إذ لغاية الآن لا أحد يعرف ماذا جرى في غزة، إذ إنّها عملية رد اعتبار للفلسطينيين أينما وجدوا، داخل فلسطين أم خارجها، خاصةً أنَّ المعارك انطلقت من الداخل وضدّ المستعمرات التي أقيمت على أرض فلسطين المحتلّة”.
روكز اعتبرَ في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّ “ما جرى في السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣ سيدرّس مستقبلاً في المعاهد، باعتباره فخر للأمة العربية جمعاء”، لافتاً إلى أنَّ “الأهم كيف سيتمّ استثمار هذا الانتصار، كي لا يذهب سدىً، وألاّ يتحوّل إلى صراع بين الفلسطينيين أنفسهم، على أن يتمّ استثماره على الصعيد العربي أيضاً واستفادة الأمّة العربية، كما ألا يفرط في الإنجازات التي تحققت”.
وإذ أكّد روكز “ضرورة تحرير كلّ الأسرى والسجناء في السجون الإسرائيلية وأن تكون مبادرة السلام العربية التي تمّ إطلاقها في قمة بيروت ٢٠٠٢ التي طالبت بحلّ الدولتين، إذ إنها بمثابة الممرّ الإلزامي لأيّ مبادرة لوقف إطلاق النار”، متوقعاً التعاطي مع هذه القضية من خلال المفاوضات التي قد يتطرق لها مجلس الجامعة العربية خاصة، أن تكون مرحلة بحجم هذا الانتصار يجب أن ينعكس إيجاباً على كلّ المستجدات المتعلّقة بالقضية الفلسطينية، لأن نتائج أوسلو جاءت مخزية، على حد تعبيره.
وفي التقييم العسكري، وصف روكز عملية طوفان الاقصى بالباهرة قياساً لسرعة تنفيذها ومفآجاتها وسريتها وضراوتها، متوقفاً عند التصدي الفلسطيني بالقصف الصاروخي الذي طاول عسقلان وحيفا، معتبراً أنَّ “الحرب على غزة ولو كانت مكلفة وخلّفت الكثير من الدمار والشهداء، لكن ضخامة هذا العدوان لن يسمح لاسرائيل باجتياح غزة”، لافتاً إلى أنَّ “خلف كلّ منزل تهدّم ومن بين الركام ستجد اسرائيل نفسها أمام مقاومة أشرس ممّا شاهدته في الأيام الست الماضية، باستهدافهم الدبابات المهاجمة، فهذه الحرب منحت المقاتل الفلسطيني خبرة علّمته كيف يُثبت أقدامه في الأرض بمقابل فقدان الثقة بالنفس لدى جيش العدو”.
على خط آخر، اعتبر النائب السابق علي درويش أنّه من الضروري انعقاد مجلس الوزراء في هذه الظروف التي نعيشها، كاشفاً عن رغبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مشاركة جميع الأفرقاء في هذا الاجتماع، واصفاً ما يحصل في فلسطين المحتلة وعلى الحدود مع اسرائيل بالحدث غير العادي، ومن الطبيعي أن ينعقد مجلس الوزراء وان يكون هناك موقف لبناني رسمي بهذا الخصوص.
وعن موقف وزراء التيار الوطني الحرّ من حضور الجلسة، رأى درويش في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّ هذا الأمر يتعلّق بهم، لكن من الأفضل لهم أن يعبّروا عن موقفهم داخل مجلس الوزراء، خاصة وأن ملف النازحين السوريين سيكون على جدول أعمال الجلسة، باعتباره موضوعاً أساسياً، وهناك عدة اتجاهات داخل مجلس الوزراء ومن الضروري متابعة الاجراءات الموقتة فالموضوع يتطلب متابعة
وفي تعليقه على التطورات جنوباً، رأى درويش أنَّ لبنان رغم الحماوة على الحدود مع اسرائيل، إلّا أنَّ الوضع ممسوك، آملاً ألا ننجر إلى المواجهة الميدانية، لأن من حق لبنان الرد على أي اعتداء يتعرض له، واصفاً الحرب على غزة بأنَّها حرب إبادة، وبالمقابل هناك تراكمات على مستوى الغبن الذي لحق بالفلسطينيين لعشرات السنين، لافتاً إلى أنَّ هذا الانفجار أتى نتيجة لحجم الاحتقان، داعياً لحلّ الدولتين، إذ دون ذلك سيبقى الصراع مستمراً.
وعليه، وسطَ كلّ التوتّر الذي تمرّبه المنطقة إلّا أنَّ لبنان لا يحتمل الدخول في حرب آنية، في ظلّ غياب عمود الدولة والانهيار المتفشّي في المؤسسات، ما يحمّله أعباءً إضافية قد تكون كارثية على المستويين الصحي والاجتماعي على حدّ سواء.