ترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية خصصت لدرس موضوعي النزوح السوري وتداعياته، والوضع في الجنوب وفي قطاع غزة.
وشارك في الجلسة نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي، والوزراء في حكومة تصريف الأعمال: التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الإعلام زياد المكاري، الشباب والرياضة جورج كلاس، المالية يوسف الخليل، الدولة لشؤون التنمية الادارية نجلا رياشي، الصناعة جورج بوشكيان، الاتصالات جوني القرم، الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، السياحة وليد نصار، البيئة ناصر ياسين، الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، الصحة العامة فراس الابيض، الأشغال العامة والنقل علي حمية، العمل مصطفى بيرم، الزراعة عباس الحاج حسن ،الاقتصاد والتجارة أمين سلام، والمهجرين عصام شرف الدين.
كما حضر قائد الجيش العماد جوزاف عون، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، المدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
وقال ميقاتي، بعد جلسة مجلس الوزراء: “نظرا إلى خطورة الأوضاع ودقة المرحلة وطنيا واقليميا، عقدنا اليوم جلسة لمجلس الوزراء ناقشنا خلالها المستجدات الراهنة في جنوب لبنان وفلسطين. كما ناقشنا بتقدير التقرير الدوري المتعلق بتنفيذ مندرجات قرار مجلس الوزراء الصادر في شهر ايلول والمتعلّق بموضوع النزوح السوري وتداعياته”.
أضاف: “خلال الاجتماع، أكدنا خطورة المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة ودقتها، فالمواجهات العنيفة الدائرة في غزة وحولها، تبتعد بالمنطق عن أي فرص حقيقية لتحقيق الاستقرار والسلام. أما أسبابها فباتت معروفة، وهي غياب الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية. كما أن التعدي المتكرر والمتمادي على المقدسات الاسلامية والمسيحية أجج المشاعر ليس لدى الفلسطينيين فقط، بل لدى كل مؤمن بالاديان السماوية. ونحن جميعا معنيون بما يجري هناك وطنيا وعاطفيا وانسانيا، ولا يمكن أن نكون الا الى جانب الحق والعدالة”.
وتابع: “إن لبنان في عين العاصفة، فما يجري على حدودنا الجنوبية يثير لدينا القلق العميق والاستنكار، لأن مجمل الحوادث التي تجري على طول الخط الازرق، هي نتيجة للاستفزازات الاسرائيلية ولخرق العدو الاسرائيلي الدائم للقرار 1701”.
وأردف: “إن مجلس الوزراء ، إزاء ما تشهده غزة من إبادة منظمة تطال الأطفال والمدنيين وما تتعرض له الأحياء السكنية من تدمير وحشي ممنهج، يدين بشدة هذه الأفعال الجرمية التي يقترفها العدو الاسرائيلي، ويسكت عنها المجتمع الدولي . كما يؤكد المجلس انتصاره للمظلوم، وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في نضاله، وحقه في الحياة وأرضه وكرامته الإنسانية”.
وقال: “إنني على تواصل، ليس فقط مع المسؤولين الدوليين، الذين بادروا الى الاتصال لوضعنا في صورة الطلب الينا السعي لتهدئة الاوضاع، بل أيضا مع كل القوى السياسية الفاعلة في لبنان، للطلب اليها ضبط النفس وعدم الانجرار الى المخططات الاسرائيلية”.
ودعا “القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الامن الدولي، الى تحمل مسؤولياتها والضغط لوقف اطلاق النار في غزة، والبدء بمفاوضات تؤدي الى وقف دوامة العنف وعودة الهدوء”، وقال: “بالتوازي، يجب العمل على تنفيذ مبادرة السلام العربية التي أقرت في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 كخارطة طريق وحيدة لإحلال السلام وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة”.
أضاف: “إن لبنان،الذي يلتزم تطبيق القرارات الدولية، خصوصا القرار 1701، يشدد في هذه المرحلة العصيبة على دور الجيش في حماية الأمن والاستقرار وعلى التعاون الوثيق بين الجيش وقوات اليونيفيل، وعلى ضرورة الاستقرار الأمني، مع التأكيد أن قضية الشعب الفلسطيني العادلة هي في وجدان كل لبناني وعربي وكل إنسان يؤمن بالحق. وقد اجتمعت مع وزير الخارجية الذي أطلعني على أجواء اجتماعات جامعة الدول العربية وحرص الدول العربية على لبنان والاستقرار فيه. كما طلبت من معالي الوزير تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي ضد اسرائيل على خلفية اعتداءاتها المتكررة ضد لبنان”.
وتابع: “في جلسة اليوم التي شارك فيها القادة الامنيون، طلبنا من جميع المعنيين ان يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ، ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة لتجنيب لبنان تداعيات ما يحصل والمحافظة على الامن وتأمين سلامة المواطنين وتوفير حاجاتهم اليومية. كما شددنا على قيادة الجيش وقادة الأجهزة الأمنية ضرورة تفعيل الاجراءات المتخذة منعا لأي اخلال او استغلال للأوضاع. كما طلبنا من هيئة ادارة الكوارث عقد اجتماع طارئ واجراء المحاكاة اللازمة لمواجهة الأزمة”.
وأردف: “أما بالنسبة إلى ملف النزوح، الذي بحثناه ايضا في هذه الجلسة، فلا بد من توضيح بعض الامور. نحن لم ولن نقارب هذا الموضوع من منطلق عنصري، بل من دوافع حماية مصلحة لبنان واللبنانيين. إن المعالجة الجدية لهذا الملف لا تتم بالمواقف والمزايدات الشعبوية ولا بالتحريض، بل بالتروي والعمل الدؤوب وتحمل المسؤولية بين كل الوزارات والادارات والاجهزة كما يحصل الآن. إنّ هذا التحدي الكبير الذي يواجهه لبنان يمكن لنا أن نتخطاه بحسن التعامل معه، فهذه أزمة تشكل قضية يجمع عليها اللبنانيون، وليست موضوعا يجوز أن يفترقوا عليه، الكلمة الفصل في ذلك تتلخص بوجوب عودة النازحين إلى وطنهم وبلداتهم وقراهم، وبالتالي لا يجوز أن يطرح هذا الموضوع بطريقة تحدث شرخا بين اللبنانيين”.
وقال: “الطريق الصحيح لمعالجة هذا الموضوع تبدأ بجمع اللبنانيين على موقف واحد موحد يهدف إلى عودة النازحين إلى وطنهم بأسرع وقت ممكن من دون التسبب بمشكلات لا داعي لها بين اللبنانيين ولا بينهم وبين أشقائهم السوريين. ولهذا، فإنَّ التضامن الوطني بين اللبنانيين هو المطلوب، وهو الذي يمكننا من طرح هذه القضية أمام المجتمعين العربي والدولي كموقف لبناني جامع يتفق عليه كل اللبنانيين، ويطالب باتخاذ كل الإجراءات لعودة النازحين السوريين. وفي الخطوات العملانية سيزور معالي وزير الخارجية سوريا في الثالث والعشرين من الشهر الحالي مع أعضاء الوفد للبحث في الملف”.
أضاف: “لقد دعونا إلى عقد هذه الجلسة، وكنا نأمل أن يلبي جميع الوزراء، النداء الذي وجهناه، وأن يعوا دقة المرحلة التي يمر بها لبنان، وأن ينضموا الى مجلس الوزراء لمقاربة الموضوعات الملحة بمسؤولية وطنية. إن المقاطعة لا تجدي، ومن الضروري أن نصارح الناس بأن القرارات التي اتخذناها، وهي ليست سرية واطلعتم عليها جميعكم، كما والمراسيم التي بلغ عددها 1299 مرسوما لا تتعلق لا بفئة او بجهة محددة ، بل تتعلق بقضايا على تماس مع مطالب الناس وحاجاتهم الملحة واليومية، وكل ما من شأنه استمرارية الدولة ومرافقها”.
وتابع: “إذا كان البعض اتخذ المقاطعة كموقف سياسي في البداية، للضغط لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإن الحكومة ليست الجهة المعنية باي خطوة في هذا الملف، والمقاطعة لم تعد مجدية، بدليل أن الاحداث تجاوزتها وباتت تفرض رص الصفوف والتعاون لتجاوز الصعوبات الحالية والداهمة ومواجهة التحديات الراهنة”.
وأردف: “في السياق ذاته، بعد أن كرس المجلس الدستوري بموجب قراره رقم ٦ تاريخ ٣٠-٥-٢٠٢٣ دستورية جلسات مجلس الوزراء وقانونية الآلية المعتمدة لاتخاذ المقررات وإصدار المراسيم، ها هو مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة، أعلى مرجع قضائي إداري، يقرر اليوم رد الطعون المقدمة من بعض الوزراء المقاطعين، ما من شأنه ان يحصن دستوريا وقانونيا كل مقررات حكومة تصريف الاعمال”.
وسأل: “إلى متى المكابرة من غير طائل ومن دون فائدة والمركب مهدد بالغرق في كل يوم وكل لحظة”، وقال: “لذلك، أجدد الدعوة والنداء، فلنتعالى عن الخلافات في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها وطننا ولنتعاون جميعنا ونرص الصفوف لتجنب الصعاب التي نمر بها”.
أضاف: “المطلوب اولا كمدخل للحل، الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية ليكتمل عقد المؤسسات الدستورية في هذه المرحلة المفصلية”.
وختم: “إلى اللبنانيين جميعا أقول: رغم دقة الوضع، فأنا اراهن على وعي القوى السياسية كافة وحسها الوطني. وما لمسته من الاتصالات الخارجية التي نقوم بها وزيارات الموفدين يؤكد الحرص على لبنان ووحدته وسيادته. ومن ناحيتي، فأنا أبذل كل الجهود، لكي احافظ على مؤسسات الدولة وكيانها. وحري بمن يطلقون المواقف الشعبوية ويحملون الحكومة مسؤولية ما يحصل أن يلاقوا الجهد الذي نقوم به للخروج من المحنة، فالحكومة منذ اليوم الاول لعملها، ورغم كل التصدعات وحملات الافتراء والتجني، هي خط الدفاع الاساس والاخير عن الدولة ومصلحة لبنان العليا في هذه المرحلة الصعبة من تاريخه. نحن هنا لخدمة الناس وحماية لبنان”.