كتبت صحيفة “الديار”: يصل الرئيس الاميركي بايدن اليوم الى فلسطين المحتلة على وقع جريمة الحرب التي ارتكبها العدو الاسرائيلي في غزة حيث استهدف مستشفى الأهلي المعمداني وسقط ما يزيد عن 500 شهيد. ويجتمع بايدن مع قيادة ما يسمى بمجلس الامن القومي الاسرائيلي الذي يرأسه رئيس وزراء العدو نتانياهو، ويضم وزراء الحرب والامن ورئيس الاركان وقادة امنيين في الكيان الصهيوني، ويدرس معهم الوضع العسكري الذي تحتاج اليه «اسرائيل» لتوجيه ضربة، على ما يطلب الكيان الصهيوني من اميركا، ان تكون الضربة قاضية ضد حماس وايضا الجهاد الاسلامي. وانها تريد هذا الثمن بكل الاحوال بعد الضربة التي وجهتها حماس للمستوطنات وجيش الاحتلال في غلاف غزة، بعد الحصار الاسرائيلي الذي دام 16 سنة على قطاع غزة.
ان الرئيس الاميركي بايدن الذي سيقارب الانتخابات الرئاسية سنة 2024 من جهة، يريد ارضاء المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة، وايضا الراي العام الاميركي الذي حركته الصهيونية بعد صور كاذبة نشرتها عن قطع رؤوس اطفال في غلاف غزة وفي المستوطنات. كما ان الاعلام الاميركي متطرف جدا ضد حركة حماس وضد المقاومة الفلسطينية في غزة، ومن جهة اخرى يريد ان يبحث بايدن الا تكون ردة الفعل الاسرائيلية تهدد وجود الانظمة العربية التي توالي الولايات المتحدة وتتكل على امنها من خلال حماية الاتفاقات الاستراتيجية وغير الاستراتجيية، وان اي ضربة كبرى اسرائيلية على قطاع غزة واجتياح بري سيؤدي الى اشتعال حرب في المنطقة كلها. وكما قلنا في العناوين، ان المعادلة اصبحت انه اذا قام جيش العدو الاسرائيلي باجتياح بري لشمال قطاع غزة خاصة والعاصمة غزة، فان ذلك سيشعل حربا لا احد يستطيع ضبط حدودها، وبالتالي فان ازمة كبرى ستقع في اوروبا وفي الولايات المتحدة، ذلك ان ان سعر برميل النفط قد يصل الى 150 دولارا، كما ان سعر الغاز سيرتفع بنسبة 40 الى 50%، واوروبا التي قطعت عنها الامدادات الروسية من الغاز والنفط حاليا تستوردهما باكثرية من دول الخليج العربي. واذا اشتعلت هذه الحرب، فان طاقة النفط والغاز ستنقطع بشكل كبير عن الاتحاد الاوروبي ودوله ال 27. كذلك ستنقطع بشكل كبير عن كندا، وحتى عن الولايات المتحدة التي عندها مخزون كبير من النفط والغاز، لكنها تعتبر ان هذا الاحتياط هو استراتيجي ولا يجب التفريط به.
بايدن سيحاول اعطاء اشارة ضوء اخضر لعملية محدودة في شمال قطاع غزة ضد المدينة. كما ان الجيش الاميركي قام بتزويد جيش العدو الاسرائيلي بصواريخ متطورة يمكنها خرق لعمق 6 امتار وتدمير انفاق تحت الارض في قطاع غزة. لكن لا احد يعرف عمق الانفاق، ذلك ان ما فوق الارض في قطاع غزة شيء وما تحت الارض هو شيء اخر. والانفاق تحتوي مدنا وتحتوي مراكز عسكرية فيها كل انواع القدرة على الاستمرار في القتال والحياة والمواد الغذائية. كما ان هنالك معامل تصنع صورايخ تحت الارض، وهذه الصواريخ ما زالت تستعملها حماس. والامر في صناعة الصواريخ في قطاع غزة لا يتوقف على الصواريخ لدى حماس، بل ان هنالك معامل تحت الارض تنتج يوميا ما بين 600 صاروخ الى 1000 صاروخ، وهذه المعلومات ذكرتها قناة ان بي سي الاميركية وفقا لمصادر استخباراتية.
على صعيد اخر، بالنسبة للقتال الجاري والصراع والمعارك، فانه لليوم العاشر تستمر الطائرات الاسرائيلية في قصف قنابل بوزن 4 طن على قطاع غزة. غير ان هذه القنابل الثقيلة جدا لا تستطيع الطائرات الاسرائيلية، وحتى لو كانت من طراز اف 35، ان تقصفها، بل ان الطائرات الاميركية من طراز ب ،1 وهي طائرات شبحية قادرة على حمل 8 قنابل بوزن 4 طن، قد تكون هي التي تقصف قطاع غزة، اضافة الى الطائرات الاسرائيلية.
رغم كل هذا القصف والمجارز على قطاع غزة، فان صورايخ المقاومة ما زالت تستمر في القصف على كل غلاف غزة، وتقصف المستوطنات على مسافات بعيدة من القطاع، كما انها تقوم بقصف تل ابيب باستمرار، وتصيب شوارع وابنية وشركات ومعامل، كما انها تقصف مطار بن غوريون وتعطل جزءا كبيرا من حركته لساعات. ورغم استعمال العدو الاسرائيلي لمنظومة باتريوت والقبة الحديدية ومقلاع داود الذي هو منظومة متطورة، فان ذلك لم يمنع المقاومة من استهداف المستوطنات، سواء في النقب ام في غلاف غزة ام في تل ابيب ام في كامل المدن الاسرائيلية في فلسطين المحتلة والمستوطنات.
اما بالنسبة للبنان، فقد قام وزير الحرب الاسرائيلي بزيارة قاعدة جوية في صحراء النقب، وقال ان في حال اشترك حزب الله في المعارك والحرب فان «اسرائيل» ستعيد لبنان الى العصر الحجري، وهو تكتيك مستمر على لسان القادة الصهاينة في «اسرائيل»، في حين ان المقاومة جاهزة لاطلاق عشرات الالاف من الصواريخ الدقيقة الاصابة على كامل الكيان الصهيوني واصابته بخسائر كبيرة. ولكن ربما قائل في لبنان، خاصة من قادة الطوائف الذين يريدون رؤية حزب الله في الحرب، انه ماذا سيفيد لبنان اذا دمر قسم كبير من الكيان الصهيوني وتمت اعادة لبنان الى العصر الحجري او تم الحاق خسائر كبيرة جدا في لبنان، والجواب ان لبنان لم يشترك في الحروب الكبرى، ولم يحجز له مكانا بعد ذلك في الشرق الاوسط، ووقع اسير السيطرة الفلسطينية على منطقة الجنوب وتوقيع اتفاق القاهرة والتخلي عن سيادة لبنان، واليوم اذا لم يشارك لبنان في الحرب فانه سيفقد دوره في الشرق الاوسط في حين ان وزراء خارجية هذه الدول كلها الاوروبية وغيرها وسفراء الدول يقومون بكل الادوار لطلب عدم مشاركة المقاومة اللبنانية في الحرب اذا اتسع القتال في قطاع غزة، وما لم يشترك لبنان في هذه الحرب فانه سيفقد دوره في المنطقة.
بين الجنوب وغزة
هذا وما زال المشهد الجنوبي مقلقاً جداً، بالتزامن مع التطورات العسكرية في غزة، والقصف الاسرائيلي اليومي على البلدات الجنوبية الحدودية. اما المشهد الفلسطيني، فينقل معاناة اهل غزة المحرومين من الكهرباء والمياه والادوية والطبابة والى ما هنالك من ادنى مقومات الحياة، وسط ما يتعرّضون له من قصف متواصل وتهديد بالاجتياح، من دون ان تلقى غزة الاهتمام الدولي المطلوب والصامت عن قول الحق. مع المزيد من التهديدات الاسرائيلية، آخرها مساء امس بعد اعلان تعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط والتجهيزات، استعدادا لتنفيذ مجموعة من الخطط الهجومية في قطاع غزة.
من جهة اخرى، برزت الديبلوماسية بقوة في اليومين الماضيين لتأدية دورها في محاولة للجم الحرب، كذلك حجم الاهتمام بالساحة اللبنانية وتحديداً الجنوبية لإبقائها خارج مرمى النيران، بهدف منع المواجهة على مستوى المنطقة، وعدم انزلاق لبنان في أتون الحرب، اي الاستعانة بالطرق السياسية منعاً لإحداث تطورات عسكرية على صعيد المنطقة ككل. وفي هذا الاطار، كانت الانظار تتجه الى القمة الرباعية التي تعقد اليوم في عمان، وتضّم ملك الأردن عبدالله الثاني، والرؤساء الأميركي جو بايدن، والمصري عبد الفتاح السياسي، والفلسطيني محمود عباس(انسحب بعد مجزرة المستشفى في غزة)، غير ان وزير الخارجية الاردني اعلن الغاء القمة نتيجة مجزرة مستشفى المعمداني في غزة.
الوساطة التركية : إقتراح « صيغة ضمان»
وفي السياق تبرز وساطة تركية، لوضع حد لحرب «اسرائيل» على قطاع غزة، وهذه الوساطة اعلن عنها وزير الخارجية التركية هاكان فيدان الذي زار القاهرة قبل ايام، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره المصري سامح شكري، واجرى سلسلة اتصالات مع وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية . وفي الامس زار بيروت تلبية لدعوة من نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، والتقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وأشار الى انّ التواصل قائم مع الاسرائيليين لحضّهم على وقف اطلاق النار، وادخال المساعدات الى قطاع غزة، والعمل على ايجاد حل نهائي للصراع انطلاقاً من حل الدولتين.
وتقوم «صيغة الضمان» التي تقترحها تركيا على طرفين: الأول يتألف من دول ضامنة للجانب الفلسطيني في المنطقة، من بينها تركيا، والآخر تمثله دول ضامنة لـ «إسرائيل».
وفي هذا الاطار أوضح وزير خارجية تركيا: « انه بعد التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، ينبغي على الدول الضامنة أن تتحمل مسؤولية تنفيذ المتطلبات، واذا كانت إسرائيل تريد أمنها، فيجب أن يكون للفلسطينيين أيضا دولة، وإذا كانت تريد السلام الدائم فيجب أن يكون للفلسطينيين دولة «، وأشار الى انّ الصيغة التي تقترحها بلاده هي عبارة عن «عرض»، وفي حال كانت هناك عروض أفضل سيأخذونها على محمل الجد بالطبع، وسيعمل ضامنو الطرفين بشكل مستمر لضمان عدم انتهاك الاتفاقات التي سيتم التوصل إليها. مع الاشارة الى ان تركيا ترى أن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني تعمّق بسبب الفشل في التوصل الى حل الدولتين، في نطاق اتفاق السلام الدائم.
ميقاتي يواصل اتصالاته الداخلية والخارجية
وفي الوساطات الداخلية، جدّد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، التأكيد على متابعة مباحثاته االخارجية والداخلية، بهدف العمل على إبعاد لبنان قدر المستطاع، عن تداعيات الحرب الدائرة في غزة، بالتوازي مع تكثيف الاجتماعات الحكومية لاتخاذ خطوات وقائية لمواجهة أي طارئ قد يحصل، موضحاً خلال ترؤسه الاجتماع السابع لـ «هيئة ادارة الكوارث والازمات الوطنية « أنّ مروحة الاتصالات الخارجية والداخلية التي أجريناها، أظهرت حرصاً على لبنان والاستقرار فيه، وابعاده قدر المستطاع عن النيران المشتعلة من حوله».
ومساءً زار الوزير السابق وليد جنبلاط الرئيس ميقاتي، واعلن بعد اللقاء « أنّ جهود رئيس الحكومة جبّارة، وهو يعمل على محاولة تجنيب لبنان الحرب باتصالاته العربية والدولية «.
لا معطيات ايجابية من سفراء دول القرار
في غضون ذلك ووفق قراءة سياسية وعسكرية لما يجري في غزة وجنوب لبنان، قالت مصادر مطلعة لـ «الديار»: «بعد نتائج الاتصالات التي أجراها كبار المسؤولين مع سفراء الدول الكبرى، لوقف التصعيد القائم خصوصاً على الحدود الجنوبية، لا تبدو الاجواء تفاؤلية، بعد الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على البلدات الجنوبية، وسقوط الضحايا والجرحى، لذا لم تتبدّد اجواء القلق، وأبدت تشاؤماً حيال المرتقب من الايام المقبلة، لانّ لا شيء مطمئناً، بل الى المزيد من التوتر الجنوبي.
وافيد وفق معلومات « الديار» بأنّ سفراء دول القرار لم يعطوا ايضاً اي معطيات إيجابية مطمئنة، من قبل دولهم الى المسؤولين اللبنانيين، لانّ الاستعانة بالطرق الديبلوماسية، وعلى ما يبدو، لم تصل الى مبتغاها، لكن طرحها ما زال قائماً مع الوساطات، علّها تصل الى تسوية بعد كل الذي جرى، مما يعني ان نسبة وقوع الحرب تطغى وستمتد الى الجنوب اللبناني وغيره من المناطق، وأن اهتمامات هؤلاء تركّز على دور فاعل للحكومة والسياسيين، بضرورة تفادي الحرب. فيما جبهة الجنوب مستنفرة بقوة من قبل المقاومة، مقابل تعزيزات عسكرية كبيرة في المستوطنات القريبة من الحدود، واعلان مستوطنة المطلّة منطقة عسكرية.
اعتداءات اسرائيلية وقصف عنيف على الجنوب
امنياً سُجّل يوم امس قصف اسرائيلي عنيف على البلدات الجنوبية، وسقوط قنابل فوسفورية على سهل مرجعيون – الخيام، وبلدات كفركلا والعديسة وعيتا الشعب، مع تحليق متواصل لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية فوق الحدود الجنوبية، وسط تهديدات اسرائيلية بإطلاق النار على اي شخص يقترب من الحدود مع لبنان، وبتدمير لم يعهده لبنان من قبل، فيما ردّت المقاومة بقصف المطلة وأهداف اسرائيلية عديدة.
سقوط خمسة شهداء للمقاومة استهداف ثكنة «برانيت» بالصواريخ الموجهة
كما أعلنت المقاومة « أنّ مجموعة الشهيدين محمود أحمد بيز وحسين عباس فصاعي، قامت عصر امس باستهداف تجمّع لجنود الاحتلال في ثكنة «برانيت» بالصواريخ الموجّهة وأوقعت عدداً من الإصابات بين قتيلٍ وجريح».
إنتشال جثة من تحت انقاض مبنى المنصورية
وفي إطار الكوارث التي تخيّم على لبنان، تمّ انتشال جثة مواطنة من تحت ركام المبنى الذي انهار يوم الاثنين في منطقة المنصورية، ما يرفع عدد الضحايا الى ثلاثة، وما زال عناصر الدفاع المدني يواصلون إتمام المهام الموكلة إليهم منذ ظهر يوم الاثنين، وقد تمكنوا من إنقاذ أربع ناجيات من تحت الانقاض، وانتشال ثلاث جثث، ما يجعل عدد المفقودين خمسة أشخاص.
جلسة حكومية الخميس
حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة يوم غد الحميس لعرض الاوضاع في الجنوب، وعلى جدول الاعمال أكثر من 39 بنداً تتوزع بين نقل اعتمادات من موازنة 2023 إلى موازنات بعض الوزارات والادارات العامة، وأمور توظيفية وإدارية منها تعيين مدرسين في ملاك الجامعة اللبنانية.