كتبت صحيفة “الديار”: ثلاثون يوما بالتمام والكمال اتمتها «الحرب الاسرائيلية» الهمجية على غزة، فواصل جيش العدو قصف المدنيين، ما ادى اقله لمجزرتين جديدتين يوم امس، إحداهما قرب ميناء غزة، والثانية في مخيم المغازي، مما رفع عدد الشهداء في القطاع الى 9770 منذ بداية العدوان.
وبرز يوم امس النداء العاجل الذي أطلقه بابا الفاتيكان لوقف الحرب داعيا إلى تقديم المساعدات الإنسانية ومساعدة المصابين من أجل تخفيف الوضع «الخطير جدا»، كما ما اعلنه الرئيس الاميركي جو بايدن عن إحراز تقدم باتجاه هدنة إنسانية في غزة، في وقت دعت حركتا الجهاد الإسلامي والمقاومة الإسلامية (حماس) الشعب الفلسطيني «البطل لمواجهة شاملة مع جيش الاحتلال ومستوطنيه في الضفة والقدس والداخل المحتل».
لا هدنة بالمدى المنظور
وبالرغم مما اعلنه بايدن، الا انه لا يبدو ان هناك «نية اسرائيلية» بالسير بهدنة ولو لساعات. اذ أكد رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه لن يتم وقف إطلاق النار في الحرب على غزة «حتى عودة أسرانا»، وفق ما أوردت صحيفة «هآرتس الإسرائيلية» أمس..
وبحسب مصادر مطلعة «لا يزال الكباش مستمرا بين «القيادة الاسرائيلية» من جهة والادارة الاميركية من جهة اخرى حول موضوع الهدنة، علما ان هناك وجهات نظر متباينة في واشنطن، اذ يدعم قسم كبير «وجهة النظر الاسرائيلية» بوجوب عدم اعطاء وقت مستقطع لحماس لتستعيد انفاسها ، وهو ما عبر عنه صراحة وزير الخارجية الاميركية أنتوني بلينكن الذي كان قال بوضوح خلال الاجتماع مع وزراء خارجية عرب في عمان يوم السبت أن «التوصل لوقف إطلاق النار الآن سيمكّن حركة حماس من تجميع قواها، وإعادة ما قامت به في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
واضافت المصادر لـ»الديار»:»يبدو واضحا ان الاميركيين كما الاوروبيين لم يعودوا يستطيعون ان يغطوا الجرائم الاسرائيلية بالكامل، لذلك يتحدثون عن سعيهم لهدن بالعلن، ولكن من تحت الطاولة يؤيدون استمرار آلة القتل، ظنا انهم بذلك يعززون فرص القضاء على حماس، وهو ما يجعل اي هدنة بالمدى المنظور مستبعدة».
قنبلة نووية على غزة؟!
وانشغلت الاوساط «الاسرائيلية» في لملمة تداعيات تصريحات وزير التراث في حكومة العدو عميحاي إلياهو، الذي قال علنا ما يضمره معظم «الاسرائيليين» لجهة اعتباره ان «إلقاء قنبلة نووية على غزة هو حل ممكن»، مضيفا «أن قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض، وعلى إسرائيل إعادة إقامة المستوطنات فيه»، ورأى «أن للحرب أثمانا، متسائلا «لماذا حياة المختطفين (الاسرى لدى حماس) أغلى من حياة الجنود»؟!
وقد أثارت تصريحات إلياهو ردودا غاضبة داخل «إسرائيل»، إذ قال نتنياهو إن «كلام الوزير عميحاي إلياهو منفصل عن الواقع»، وأضاف أن «إسرائيل والجيش الإسرائيلي يتصرفان وفقا لأعلى معايير القانون الدولي لمنع إلحاق الأذى بالأشخاص غير المتورطين، وسنواصل القيام بذلك حتى النصر».
ونقلت القناة الـ12 «الإسرائيلية» أن نتنياهو أوقف الوزير إلياهو عن اجتماعات الحكومة حتى إشعار آخر. وقال وزير الحرب «الإسرائيلي» يوآف غالانت إن تصريحات إلياهو «عديمة المسؤولية، ومن الجيد أنه ليس من المكلفين بأمن إسرائيل».
من جهته، طالب زعيم المعارضة يائير لبيد بإقالة إلياهو من الحكومة، ووصفه بأنه «تصريح صادم ومجنون لوزير غير مسؤول، لقد أضر بعائلات المخطوفين، وأضر بالمجتمع الإسرائيلي، وأضر بمكانتنا الدولية»، وأضاف «وجود المتطرفين في الحكومة يعرضنا للخطر».
ألف طن من المتفجرات يوميا
ميدانيا، واصلت يوم امس المقاومة التصدي لقوات العدو الإسرائيلية المتوغلة، وكبّدتها المزيد من الخسائر في الأرواح والآليات. ونشرت كتائب القسام مشاهد لتدمير «آليات إسرائيلية»، في وقت أعلن فيه «الجيش الإسرائيلي» أن خسائره منذ 7 تشرين الأول الماضي، ارتفعت إلى 341 قتيلا و260 مصابا، وأن عدد الجنود الذين قتلوا في المعارك البرية بغزة بلغ 25.
وبثت كتائب القسام مشاهد لمفارز قذائف الهاون التي تعتمد عليها في قصف القوات والآليات «الإسرائيلية».
ووفق وزارة الداخلية بغزة، ألقت «القوات الإسرائيلية» أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على غزة، بمعدل ألف طن من المتفجرات يوميا تم إلقاؤها على قطاع غزة منذ بداية العدوان.
لبنان: استهداف للمدنيين
لبنانيا، واصل العدو استهداف المدنيين الآمنين، فبعد قصف سيارتين تابعتين للدفاع المدني في كشافة الرسالة الاسلامية صباحا ، خلال اجلاء عدد من المصابين من أحد المنازل التي استهدفتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في أطراف بلدة طير حرفا- قضاء صور، ما أدى الى إصابة أربعة مسعفين بجروح متوسطة، نقلوا على إثرها الى أحد مستشفيات صور للمعالجة، استهدفت مسيّراتها مساء سيارة مدنية على طريق عيناثا – عيترون في قضاء بنت جبيل، ما ادى لاستشهاد ٤ اشخاص بينهم طفلان.
بالمقابل، اعلن الاعلام الحربي في حزب الله تباعا عن استهداف ثكنة أفيفيم وموقع جل الدير بالصواريخ الموجهة والأسلحة المناسبة، ما ادى لتدمير قسم من تجهيزاته الفنية والتقنية. كذلك اعلن عن استهداف موقع مسكاف عام وتدمير قسم من تجهيزاته. وفي وقت لاحق افاد عن استهداف آلية عسكرية تابعة لجيش العدو الصهيوني في موقع بياض بليدا، ما ادى لوقوع طاقمها بين قتيلٍ وجريح، كما استهداف موقع الضهيرة وايقاع إصابات مؤكدة.
وفي وقت اعلن الحزب عن اطلالة جديدة لامينه العام السيد حسن نصرالله يوم السبت المقبل في مهرجان إحياء ليوم شهيد حزب الله ، قال رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين «نحن الى اليوم لم نستخدم إلاّ القليل القليل من إمكاناتنا وقدراتنا، وعلى العدو أن يعرف أنه إذا تمادى، وإذا أراد أن يمتحن المقاومة الإسلامية في لبنان، عليه أن يحضّر نفسه لما هو أعظم بكثير مما شاهده لغاية الآن، ومما لا يمكن أن يتخيّله».
الراعي- باسيل
في هذا الوقت، تواصل الكباش السياسي الداخلي حول ملف قيادة الجيش. فلفت ما اعلنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خلال عظة الأحد في بكركي، عن انه «يجب مهما كلف الامر انتخاب رئيس للجمهورية وحماية المؤسسات، بدلا من التخطيط لاسقاط هذا او ذاك او التلاعب في القيمين على هذه المؤسسة او تلك»، معتبرا انه «من المعيب ان نسمع كلاما عن اسقاط قائد الجيش في ادق مرحلة من تاريخ لبنان». ورأى الراعي ان «مثل هذا الكلام يحط من عزمة مؤسسة الجيش التي تحتاج الى مزيد من الدعم وهي منبع ثقة المواطنين واستقرارهم».
وجاء كلام الراعي، الذي بدا انه يتوجه به الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعد لقاء جمعهما ليل السبت- الاحد. وقال الاخير في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «زرت ليلاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وهنأته بسلامة العودة، واطلعته على الجولة التشاورية التي قمت بها وعلى نتائجها، وشجعني على استكمال التشاور، واتفقنا على ان انتخاب رئيس للجمهورية هو أساس إعادة تكوين السلطة، ومفتاح معالجة الأزمات ووقف تفكّك المؤسسات، وأن أي قرار يخالف الميثاق والدستور هو إمعان بضرب الدولة والشراكة الوطنية».
واضاف: «أكّدت للبطريرك استعدادنا للالتزام بميثاق شرف لدعم أي رئيس جمهورية يتم انتخابه بجلسة انتخاب مفتوحة، في حال لم يتمّ التوافق قريباً على اسم جامع، اذا كان هذا الامر يساعد بإنهاء الفراغ ووقف تحلّل الدولة. توافقنا على انّه من واجب مجلس النواب انهاء الفراغ الرئاسي بسرعة وبحسب الدستور».
واعتبرت مصادر مواكبة لمشاورات الجارية بخصوص قيادة الجيش ان «كلام الراعي موجه بشكل اساسي الى باسيل، باعتباره قائد الحملة الرافضة لتمديد ولايته»، وقالت لـ «الديار» : «معظم القوى وصلت لقناعة بأن التمديد يصبح امرا ملحا طالما لا امكانية للتعيين، خاصة وان البلد في حالة حرب، وحده جبران باسيل يقارب الملف من زاوية شخصية باعتباره على خصومة كبيرة مع العماد جوراف عون. اما الاخطر بالموضوع الوصول الى مطلع كانون الثاني من دون تفاهم على من سيخلف عون، وان يقوم وزير الدفاع وبقرار من باسيل بتعيين العميد بيار صعب من دون غطاء سياسي من باقي القوى، عندها سيدخل البلد في متاهة كبرى لاننا سنكون بذلك نتعرض لآخر المؤسسات الصامدة فيه، الا وهي مؤسسة الجيش اللبناني».