كتبت صحيفة “الأخبار”: تحدّثت مصادر فلسطينية مطّلعة عن معلومات نقلتها عواصم عربية وإقليمية، أن الولايات المتحدة وعدت بإقناع حكومة العدو بالموافقة على هدنة إنسانية قصيرة، وأن البحث جارٍ حول ما يمكن القيام به خلالها. وأشارت المصادر إلى أن البحث يتركّز على مقايضة غير كاملة بين محتجزين مدنيين لدى قوى المقاومة في غزة، وإدخال كمية كبيرة من المساعدات إلى القطاع، بما في ذلك الوقود، والمساعدة على معالجة ملف العالقين تحت الأنقاض.
وقالت المصادر إن قيادة كتائب عز الدين القسام أبلغت القيادة السياسية للحركة وآخرين بأنها لن تطلق سراح أي عسكري من الأسرى لديها إلا مقابل إطلاق سراح معتقلين من السجون الإسرائيلية، وأنها مستعدّة، الآن، لإنجاز صفقة شاملة إذا أُطلق سراح جميع المعتقلين.
وكان لافتاً أمس ما نقله موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن الرئيس الأميركي جو بايدن حثّ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو على «وقف القتال 3 أيام للتقدّم في إطلاق سراح رهائن»، وأن هناك «نقاشاً بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر لمناقشة اقتراح تطلق بموجبه حماس سراح 10 إلى 15 رهينة، على أن تُستغل الهدنة للتحقّق من هُويات جميع الرهائن وتقديم قائمة بهم».
ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين أن حماس تحتجز نحو 180 أسيراً بينما تحتجز حركة الجهاد الإسلامي نحو 40، فيما يحتجز آخرون نحو 20 آخرين. وقال الموقع إن نتنياهو أبلغ بايدن «تخوّفه من فقدان الدعم الدولي إذا توقف القتال 3 أيام، وأنه لا يثق بنوايا حماس أو قبولها بصفقة بشأن الرهائن». ونقلت قناة CNN عن «كبير مستشاري نتنياهو» أن «أفضل طريقة لضمان إطلاق الرهائن هي زيادة الضغط على حماس».
من جهتها، كرّرت المصادر الفلسطينية أن العدو يريد هدنة لساعات لا تتجاوز اليوم الواحد، وأنه يريد إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى مقابل المساعدات فقط، وأن هذا الأمر غير مقبول من جانب المقاومة، لأن إطلاق أي إسرائيلي مدني أو عسكري يجب أن يكون مقابل أسرى فلسطينيين، وأن فترة الساعات الـ 24 ليست كافية أصلاً لضمان عملية الإحصاء، إضافة إلى أن عدداً من الأسرى الذين قُتلوا لا يزالون تحت الأنقاض، وأن عمليات البحث عنهم تحتاج إلى وقت غير قصير. كما أن حماس تريد إدخال فرق طبية تساعد على معالجة الجرحى داخل القطاع، وليس موادّ طبية فقط.
في هذه الأثناء، وصل إلى بيروت فجأة مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة عاموس هوكشتين، وعقد سلسلة لقاءات شملت الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون ونائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب واللواء عباس إبراهيم، كما أجرى اتصالاً هاتفياً بالمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. وصرّح هوكشتين أنه جاء لدعوة لبنان إلى عدم التورط في الحرب والضغط على حزب الله من أجل ذلك.
وعلمت «الأخبار» من مصادر واسعة الاطّلاع أن زيارة هوكشتين ليست لها علاقة بكل ما صرّح به، ولا بما نقله عنه زواره، وأنه وصل إلى بيروت ضمن مهمة خاصة، كُلف بها من قبل الإدارة الأميركية، تتعلق بملفات متصلة بما يجري في قطاع غزة. ورفضت المصادر الحديث عن تفاصيل هذه المهمة، لكنها أشارت إلى أنها جزء من عملية كبيرة تجري بين واشنطن وعواصم أخرى معنيّة بالصراع الدائر.
مع ذلك، نقلت مصادر عن الذين اجتمع بهم الزائر الأميركي معطيات من نوع أنه «كرّر الكلام نفسه الذي قالته السفيرة الأميركية دوروثي شيا، كما كل السفراء الذين زاروا لبنان»، مشيرة إلى أنه «لقي الجواب نفسه وهو أن على إسرائيل أن تتوقف عن اعتداءاتها وأن لا أحد في لبنان قادر أن يعطي جواباً بالنيابة عن حزب الله». وأوضحت المصادر أن هوكشتين كرّر تحذيرات من أن انخراط لبنان في الحرب ضد إسرائيل «ستكون له نتائج تدميرية على البلدين». وهو سأل في بعض اللقاءات عما يمكن أن يحول دون تصعيد الوضع في لبنان، فقيل له إن ذلك في «أيدي أصحابكم في إسرائيل». ولدى سؤاله عما يحول دون انخراط حزب الله في الحرب، جاءه الجواب: «وقف إطلاق النار في غزة». غير أن المصادر نفسها لاحظت أن الموقف الأميركي «بات أطرى مما كان عليه سابقاً»، لافتة إلى أنه يبدو أن هناك ما يشبه التباين داخل فريق الإدارة الأميركية حول المقاربة الأفضل للتطورات المتسارعة في المنطقة.