كتبت صحيفة “النهار”: دخل لبنان مناخات القمة العربية الطارئة التي ستنعقد غدا السبت في الرياض من بابين متعارضين: باب المشاركة اللبنانية الرسمية في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب الذي اصدر بيانه بعد الاجتماع بموافقة ومشاركة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب. وباب “القنص” الاستباقي على القمة الذي باشره “حزب الله” من البارحة تمهيدا لاستكماله بمواقف اشد عنفا بعد القمة، ما دامت مؤشرات هذا الهجوم ارتسمت باعتبار مقررات القمة سلفا بلا قيمة.
المفارقة في الامر، ان القمة التي ستتسبب على الأرجح للحكومة اللبنانية بصداع إضافي جراء المزايدات التي سيتعرض لها الموقف الرسمي وسط قرار واضح بالهجوم على القمة، تنعقد وسط استعدادات لزيارة لافتة سيقوم بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للرياض الاحد المقبل للمشاركة مع رؤساء الدول الإسلامية في قمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة أيضا التي ستنظر في الوضع في غزة وتتخذ مقرراتها منه. بذلك يزج بلبنان مرة جديدة كعلبة بريد للرسائل الإقليمية وتحديدا الإيرانية ولا سيما منها ضد العرب والغرب التي يراد اطلاقها من لبنان والتخفي وراءها فيما يدفع لبنان تكرارا تكاليفها الباهظة من مصالحه العليا وعلاقاته العربية والخليجية والغربية. اما الجانب المتصل بالواقع الميداني في الجنوب وفي ظل الستياتيكو الذي يحافظ على وتيرة ساخنة نسبيا من دون تخطي القواعد الكاسرة للستاتيكو حتى الان، فان الترقب يبقى سيد الموقف في انتظار تطورات الساعات المقبلة ولا سيما منها الكلمة التي سيلقيها غدا السبت الأمين العام لJ”حزب الله” السيد حسن نصرالله وما يمكن ان تتضمنها من مواقف واتجاهات جديدة بعدما دخلت المواجهات الجارية عند الحدود الجنوبية مع إسرائيل شهرها الثاني.
والجديد اللافت في هذا السياق برز مع كلام أميركي إضافي عن استبعاد “حتمية” الصراع بين لبنان وإسرائيل. فبعدما اعلن الموفد الأميركي آموس هوكشتاين من بيروت انه لمس عدم رغبة لبنان وإسرائيل في تصعيد الوضع، أعلن امس المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط والذي شغل سابقا منصب سفير بلاده في لبنان ديفيد ساترفيلد إنه “لا يوجد ما يشير إلى أن إيران أو وكلاءها في المنطقة يعتزمون التعجيل بنشوب صراع يتجاوز حرب إسرائيل مع حماس”.
وأضاف: “من الضروري ألا تقدم إيران وحزب الله على أعمال استفزازية، وان تبادل إطلاق النار مع “حزب الله”على طول حدود إسرائيل مع لبنان يعزز احتمال التقديرات الخاطئة”. وقال ساترفيلد في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت “لا نعتقد أن صراعا تتورط فيه لبنان وإسرائيل أمر لا مفر منه بحال من الأحوال، الحقيقة هنا والآن هي أنه لا يوجد ما يشير من أي جانب إلى أن هناك نية لاستباق صراع أو حرب”.
وكان عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق اعتبر أن “العدو الإسرائيلي لا يخشى بيانات القمم العربية ولو بلغت الأطنان، وإنما يخشى طلقة وصاروخ مقاوم في الجنوب وغزة”. وقال “إن أهالي غزة المحاصرين لا يريدون من العرب لا جيوشهم ولا أسلحتهم، وإنما أن يقطعوا علاقاتهم مع العدو الإسرائيلي، وألا يسمحوا بمرور الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء الخليجية”، وأعلن انه “على العدو أن يعلم أنه ما دام العدوان مستمرا على غزة، فإن المقاومة الإسلامية في لبنان مستمرة في عملياتها”.
وبدوره أعتبر رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيّة، أن “أسطورة اسرائيل سقطت وهذا أكبر انجاز حققته المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول وأعتقد أن اسرائيل لا تستطيع أن تذهب الى حرب واسعة”.وقال في مقابلة خاصة عبر “المؤسسة اللبنانية للارسال ” مساء امس ان “مجيء الأميركيين الى المنطقة بحاملات الطائرات هو خوف على اسرائيل وليس دعماً لها”. وشدّد على أن “القضية الفلسطينية يجب أن تكون قضيتنا ويجب أن تكون قضية المسيحي قبل المسلم .واعلن فرنجية انه اجتمع مع اغلب السفراء العرب و”لم يبلغني احد بموقف سلبي تجاه ترشحي للرئاسة، وللذين يعتبرون أن حظوظي في الرئاسة انتهت أقول لهم “كلا” وللذين يقولون أن حظوظي بالرئاسة 100% أقول لهم ايضًا “كلا” وانما حظوظي هي 50 بـ50 والسعودية لم تضع أي فيتو على ترشيحي، وانا لن انسحب من الانتخابات الرئاسية الا اذا سحب ترشيحي من رشحني للرئاسة”.
ملف قيادة الجيش
في سياق أخر اتجه ملف الفراغ في قيادة الجيش الى مزيد من التعقيدات كما الى ازدياد خطر الفراغ في المنصب وسط تهاوي كل الاقتراحات والمشاريع التي تطايرت بكثافة أخيرا ولم يصمد أيا منها بعد قبيل شهرين تماما من إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون على التقاعد في العاشر من كانون الثاني المقبل. في هذا الاطار، يبدأ وفد “كتلة الجمهورية القوية” جولته على المسؤولين لشرح ابعاد اقتراح التمديد لرتبة عماد، من عين التينة يوم الاثنين المقبل، فيما جددت “كتلة الوفاء للمقاومة” موقفها الداعي إلى “ضرورة الإسراع بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وإيجاد المخرج المناسب تجنبا للشغور في موقع قيادة الجيش الذي بات استحقاقه داهما”، ونبهت إلى “مخاطر تعطل عمل مجلس القضاء الأعلى نتيجة التناقص الجاري في عدد أعضائه الحاليين”. وكان المكتب الاعلامي لوزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم، اشار إلى أن “وسائل اعلام مكتوبة ومرئية ومسموعة تناقلت ان وزير الدفاع قدم الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لائحة بأسماء ضباط في الجيش لتعيينهم في المجلس العسكري في وزارة الدفاع الوطني. واجتهدت بعض وسائل الاعلام في تحليلات وروايات معروفة المصدر”. وأكد، أن “هذه الأخبار لا اساس لها من الصحة جملة وتفصيلا، وهي تندرج في سياق الحملات المنظمة التي تتولاها جهات معنية تتولى الترويج لتسريبات لا تنطبق مع الواقع، لا بل تسيء الى المؤسسة العسكرية خلافا لما يروج له هؤلاء المسربين من حرص على الجيش ودوره في هذه الظروف العصيبة”.
وأكد مستشار الرئيس نجيب ميقاتي، الوزير السابق نقولا نحاس، أن “الملف قيد الدرس والتطور، والعمل قائم على خطين اما عبر القوانين التي تقدم في مجلس النواب، او من خلال معالجة داخل الحكومة، بانتظار ان تتبلور الصورة أكثر للوصول الى حل معقول وموزون يؤمن الحفاظ على امن لبنان، وتوقع نحاس الوصول الى خواتيم الملف قبل نهاية العام الجاري”.
الوضع جنوباً
وعشية كلمة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله السبت، حافظت الجبهة الجنوبية اللبنانية على سخونتها.فاستهدف القصف المدفعي الإسرائيلي أطراف بلدات رميش وعيتا الشعب وراميا وبيت ليف بأكثر من 30 قذيفة بعد الظهر . وشبت حرائق في احراج بلدتي رامية وعيتا الشعب جراء قصفهما بقذائف حارقة. كما طال قصف مدفعي اسرائيلي خراج بلدة الهبارية. في المقابل، اندلعت النيران في ثكنة “زرعيت” “الإسرائيلية” بعد استهدافها من لبنان. وتم ايضا إستهداف موقع إسرائيلي في هونين المحتلة. واستهدف حزب الله بصاروخ موجه ثكنة راميم الإسرائيلية قبالة بلدة مركبا في القطاع الأوسط لجنوب لبنان فرد الجيش الاسرائيلي باطلاق قذائف على اطراف بلدتي حولا ومركبا. واعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ان طائرة بدون طيار تابعة لنا تعرضت لإطلاق نار فوق “هار دوف” – مزارع شبعا المحتلة. واشارت وسائل إعلام إسرائيلية الى إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان باتجاه مرغليوت في منطقة إصبع الجليل. وسقطت قذيفة إسرائيلية قرابة الثانية من بعد الظهر على كفركلا بالقرب من موقع قوى الأمن الداخلي من دون أن تنفجر. وقام الجيش اللبناني بمعاينتها وتفجيرها.
وكرر امس وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تهديداته لـ”حزب الله” وللبنان وقال “أننا مصممون على حماية حدودنا”، محذرًا من أنه إذا ارتكب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله “خطأ فسيتحمّل حزب الله ولبنان نتائجه”.