كتبت صحيفة “البناء”: أوضحت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم الشهيد المعالم التكتيكية لأداء المقاومة من جبهة الحدود الجنوبية، كترجمة للإطار الاستراتيجي الذي رسمه خطاب تأبين شهداء معركة نصرة غزة، التي منحها السيد نصرالله اسم «على طريق القدس».
على طريق القدس أكمل السيد نصرالله في خطاب يوم الشهيد راسماً معادلتين، الأولى أن الخطاب هذه المرة لن يمهّد للميدان بل يتبع به ويفسره، داعياً الى بقاء العيون على الميدان وما يجري فيه، كاشفاً عن طائرات مسيرة اقتحامية دخلت المواجهة مع الاحتلال، والى صواريخ جديدة مثل صاروخ البركان ذي الرأس المتفجّر الذي يصل إلى خمسمئة كلغ تم استخدامه لأول مرة ضد مواقع جيش الاحتلال، مضيفاً أن المقاومة التي ارتقى عدد من شهدائها في سورية رداً على الطائرة المسيرة التي استهدفت إيلات، هي مَن استقر رأي جيش الاحتلال على مسؤوليتها عن هذه الضربة في العمق.
مع الميدان دعا السيد نصرالله للصبر لأن الوقت بدأ ينفد من رصيد الاحتلال وصار يعمل لصالح المقاومة، فالمشهد الدولي يتغير بفعل انتفاضة الشارع الى جانب فلسطين، والحكومات التي سارعت لنصرة الكيان بدأت تعيد حسابها كي لا تصطدم بشارعها، ورواية الكيان التي راجت مع بدء عملية طوفان الأقصى سقطت، والعملية البرية التي راهن عليها تصاب بفشل ذريع، والمذبحة المفتوحة بحق الميادين تتحول الى مضبطة اتهام للكيان كله ككيان إجرامي وليس فقط لقادته، والأميركي الذي جاء مهدداً لقوى المقاومة يطلب منها اليوم وقف النار، والمقاومة تقول وقف العدوان على غزة وحده يوقف عمليات المقاومة ضد القواعد الأميركية. والجبهة اللبنانية التي بدأت بعمق معين وسلاح معين وعدد عمليات معين، توسعت تدريجاً ولكن كثيراً، وسوف تتوسّع أكثر.
مزيد من النار وقليل من الضوء، معادلة السيد نصرالله لجبهة لبنان، كي تبقى فلسطين العنوان الذي حرّك الشارعين العربي والعالمي وحاصر الحكومات، تاركاً للقمة العربية الإسلامية أن تثبت أنها تلقت رسالة الشعوب.
الميدان قال كلمته في غزة وجنوب لبنان بتصاعد العمليات ضد جيش الاحتلال، فتحدثت قيادة القسام عن خمس وعشرين آلية تمّ تدميرها خلال ثمان وأربعين ساعة، بينما سجلت جبهة لبنان تصاعداً نوعياً، حيث سجل أمس أعلى خسائر في جيش الاحتلال منذ عملية طوفان الأقصى، فاستهدفت الآليات والمواقع وتجمعات الضباط والجنود، وسقط العشرات قتلى وجرحى واحترقت العديد من الآليات، بينما تواصلت المذبحة المفتوحة بحق المدنيين الآمنين في غزة ومستشفياتهم والمدارس التي تؤويهم، بينما التفاوض على تبادل الرهائن والأسرى وهدنة لعدة أيام وإدخال المساعدات الإنسانية يتقدّم في القاهرة، وسط تردد من قادة الكيان، خوفاً من الانتقادات على الصفقة في حال إجرائها والانتقادات لعدم إجرائها، ما استدعى اتصالاً بين رئيس الحكومة القطري والرئيس الأميركي ليل أمس.
سياسياً خطفت الشوارع الغربية الأضواء وتقدّمها شارع لندن الذي سجل أضخم تظاهرة في تاريخه، مع رقم مليون متظاهر وفق تقديرات الشرطة، التي رفضت تنفيذ تعليمات رئيس الحكومة ووزيرة الداخلية، بينما عقدت قمة عربية إسلامية خصصت للحرب على غزة، تضمن بيانها الختامي قراراً ينتظر التنفيذ بفرض فتح معبر رفح ومساندة مصر في الإجراءات التي تتخذها لهذا الغرض.
الكلمات الأهم كانت للرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي والرئيس السوري بشار الأسد. السيد رئيسي دعا لسلاح المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية مع كيان الاحتلال، والتلويح بأوراق القوة الاقتصادية بوجه داعميه وخصوصاً أميركا، بينما ركز الرئيس الأسد على أن غزة جزء من فلسطين ومأساتها امتداد لخمس وسبعين سنة من معاناة فلسطين، وجوهر أزمة فلسطين انها تختصر الصراع مع الغرب وفي طليعته مشروع الهيمنة الأميركية ودون إرادة المواجهة مع هذه الهيمنة لا أفق للفوز بمعركة فلسطين، وحيث يكون الاحتلال تكون المقاومة ودون تبني المقاومة لا تتخذ نصرة فلسطين الجدية المطلوبة.
فيما خرج البيان الختامي للقمة العربية الاسلامية بلا خطوات عملية تجاه غزة التي تتعرض لعدوان منذ أكثر من شهر، أكد البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الطارئة في السعودية أن الشرط المسبق للسلام مع «إسرائيل» وإقامة علاقات طبيعية معها، هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية؛ في المقابل أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالتزامن مع انعقاد القمة مؤكداً ان جبهة الجنوب مع فلسطين المحتلة ستبقى جبهة ضاغطة على الاحتلال الإسرائيلي. وبشأن جبهة لبنان، قال السيد نصر الله إنّ عمليات المقاومة الإسلامية مستمرة على الرغم من كل إجراءات الاحتلال الوقائية. وتابع قائلاً إنّ المقاومة الإسلامية أبلغت العدو بشكلٍ رسمي أنها لن تتسامح مع استهداف المدنيين، مؤكداً أنّ المقاومة تدخل يومياً مسيّرات استطلاع إلى عمق فلسطين المحتلة وصولاً إلى حيفا، وبعضها يعود والآخر لا يعود.
وأمس، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن “حزب الله يتصرّف بوطنية عالية وأنا مطمئن على عقلانيته”، لافتاً الى اننا “وضعنا خطة طوارئ لثلاثة أشهر قادمة إذا حصلت أي حرب في لبنان”. واشار في حديث لقناة “الجزيرة”، الى اننا “لسنا هواة حرب ولن نقوم بأي خطوة لإشعال مزيد من الحروب في المنطقة”، موضحاً أن “لبنان يتمسك بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ويؤكد عليها”. ولفت الى ان “الحذر موجود ونأمل أن تؤدي الاتصالات إلى وقف “إسرائيل” إطلاق النار في جنوب لبنان”. وشدّد على ان “ما يهمني أن يبقى لبنان بعيداً عن الحرب ونتطلع دائماً إلى الاستقرار”، مطالباً بـ”وقف إطلاق النار في غزة بأسرع وقت ممكن”.
وأكد الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي، “أن أي استهداف بالقرب من مواقع اليونيفيل، وأي استخدام لمواقعنا لشن هجمات عبر الخط الأزرق، لأي سبب من الأسباب، أمر غير مقبول”. وذكّر الأطراف بـ”التزاماتها لناحية حماية حفظة السلام وتجنّب تعريض الرجال والنساء الذين يعملون على استعادة الاستقرار للخطر”، معتبراً أن “الهجمات ضد المدنيين أو موظفي الأمم المتحدة هي انتهاكات للقانون الدولي قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب”.
وفيما بدأ استحقاق قيادة الجيش يطغى على نقاش القوى السياسية مع اقتراب نهاية ولاية العماد جوزاف عون، أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في تصريح، أن “كل تمديد بالوظيفة العامة هو ضرب للقانون وللدولة، لذلك موقفنا ثابت ومبدئي برفضه بغض النظر عن الاشخاص، ومارسناه ضد أنفسنا ولوحدنا عندما رفضنا مرتين التمديد لمجلس النواب، رفضناه مع العماد جان قهوجي سنة 2014 ومع أقرب الأشخاص الينا اللواء عباس إبراهيم سنة 2022 ومع العميد مروان سليلاتي سنة 2023 ومع رياض سلامة، لذلك نرفضه اليوم مع قائد الجيش العماد جوزاف عون».
الى ذلك يلتقي باسيل اليوم في البترون رئيس الحزب الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط في لقاء يندرج في سياق إبقاء التواصل قائماً بين التيار والحزب، وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى ان اللقاء لا علاقة له باستحقاق المؤسسة العسكرية واعتبرت المصادر في هذا السياق، أن قائد الجيش لا يعمل على التمديد له على الإطلاق وكل ما يهمه تجنيب المؤسسة العسكرية أي خضة وهو منفتح على أي خيارات تحمي الجيش والمؤسسة. ومع ذلك تقول المصادر إن هناك توجهاً لتأجيل الحسم في التمديد الى نهاية الشهر المقبل، علماً أن خلال الفترة الفاصلة عن شهر نهاية كانون الأول ستتواصل الاتصالات والنقاشات من أجل الوصول إلى قرار يحمي المؤسسة.
وأكد وفد من نواب المعارضة عدم جواز الوصول إلى الفراغ في قيادة الجيش، وعدم جواز تعيين قائد جديد بغياب رئيس الجمهورية. ورأى النواب، بعد لقاء جمعهم برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن هذا الأمر خارج الأصول، معتبرين أن لا خيار سوى تأجيل تسريح قائد الجيش الحالي لمدة سنة بانتظار انتخاب رئيس جمهورية، وأكدوا أن لدى الرئيس ميقاتي وجهة النظر نفسها.