كتبت صحيفة “الديار”: تبدو المنطقة في سباق مع الوقت، دون ان يملك احدا اجابة عن «اليوم التالي»، حيث تتحرك الاحداث ميدانيا دون اي ضوابط محددة حتى الآن. «اسرائيل» تتحدث عن اسبوعين حاسمين، قبل ان تصبح غير قادرة على مواجهة الضغوط الدولية لوقف المذبحة في غزة، والمصريون والقطريون يتحدثون عن جهود حثيثة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين. القناة 13 «الاسرائيلية» تتحدث عن خطر جدي يتهدد رئيس حكومة الكيان، حيث تدور مناقشات في حزب الليكود حول التصويت على حجب الثقة عن بنيامين نتانياهو، وحتى تتضح طبيعة المشهد، لا ضمانة بعدم خروج الجبهات المفتوحة عن السيطرة، في ظل تجاوز دولة الاحتلال «الخطوط الحمراء على الجبهة اللبنانية»، عبر استهداف المدنيين والاعلاميين والتي لن تبقى دون رد من حزب الله كما يقرّ «الاسرائيليون».
في هذا الوقت، يتواصل الارباك في «اسرائيل» حول كيفية التعامل مع الجبهة الشمالية، التي يقرر حزب الله مَن يعيش ومَن يموت في مستوطناتها، كما تقول القناة 12 «الاسرائيلية»، بعدما حوّل هذه المنطقة الى مكان غير قابل للحياة. بالامس، انقطعت الكهرباء عن عدة مستوطنات نتيجة إطلاق الصواريخ من لبنان، وقد اقرت وسائل إعلام «اسرائيلية»، بان ما يجري في الشمال لا يظهر حتى القدرات الأولية للحزب.
وفيما جدد قادة الاحتلال التهديد والوعيد، لا تزال واشنطن تضغط بشدة لعدم توسع القتال كما تؤكد اوساط ديبلوماسية تحدثت عن ضغط جدي تقوم به الادارة الاميركية، لمنع «اسرائيل» من ارتكاب خطأ قد يدفع ثمنه الرئيس الاميركي جو بايدن في صناديق الاقتراع، اذا تورط بحرب في الشرق الاوسط.
وفيما اكد رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو بان «الجيش الاسرائيلي» سيرد بنار اقوى بكثير، صادق رئيس الاركان على خطة هجومية ودفاعية، وسط تقديرات بحصول تصعيد لا يصل الى حرب واسعة. في المقابل، يرى محللون «اسرائيليون» ان حالة التصعيد عند الحدود الشمالية تستمر على الإيقاع الذي يريده السيد حسن نصر الله، فهو يتبنّى معركة استنزاف ضد «الجيش الإسرائيلي»، ويبقي المستوطنات عند الحدود فارغة. وفي هذا السياق وجهوا انتقادات لاذعة لوزير الحرب يؤاف غالانت، الذي يطلق التهديدات الفارغة ضد حزب الله، فيما عليه أن يعلم أن الكلام لن يعيد المستوطنين إلى كريات شمونة، واشاروا الى ان حزب الله يستخلص الدروس من خلال التصعيد الممنهج، ويحسّن طريقة عمل الفرق المضادة للدروع، ويدخل أسلحة إضافية في المعركة، مثل صواريخ بركان الثقيلة جداً.
ارباك «اسرائيلي»
وفيما لفتت وسائل اعلام «اسرائيلية» الى ان عمليات حزب الله القاسية جاءت ردًا على تهديدات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير أمنه يؤآف غالانت، الذي هدد بضرب مطار بيروت الدوليّ، عقد «كابينت الحرب» اجتماعا للمرة الثانية خلال ساعات، حيث تم البحث في كيفية التعامل مع الجبهة الشمالية وسط انقسام واضح في الرأي، وعدم وضوح الصورة ازاء اقتراحات تتحدث عن تصعيد مضبوط وقوي لا يجر الى حرب واسعة.
وفي هذا السياق، صادق رئيس الاركان على خطة دفاع وهجوم على الجبهة الشمالية واوعز بالجاهزية لكافة وحدات قوات الجيش، ووفقا للاعلام «الاسرائيلي» فان الجيش مستعد بقوة مع خطط عملياتية على هذه الجبهة. وقد اعتبر وزير الدفاع بان عدم الرد في العمق اللبناني «رسالة ضعف»، واكد على ضرورة ابعاد الرضوان عن الحدود، فيما تمسك نتانياهو بموقفه الرافض للتصعيد بضغط اميركي وخوفا من سقوط الصواريخ على وسط «اسرائيل»، وقد حظي بتأييد من كبار القيادات العسكرية. وفي جولة في الجبهة الجنوبية توجّه نتنياهو الى حزب الله بتحذير جديد مؤكدا ان «النار سيتم الرد عليها بنيران أقوى بكثير». وقال: «هناك من يعتقد أن بإمكانه توسيع الهجمات ضد قواتنا وضد المدنيين، وهذا ما نعتبره لعبا بالنار». وزعم ان «اسرائيل ستعيد الأمان إلى الشمال والجنوب، وستدمّر حماس».
تصعيد لا حرب ؟
وفي تعبير واضح عن حجم الضغوط، قال وزير الخارجية «الإسرائيلي» ايلي كوهين «أقول لأعدائنا من الجنوب والشمال، جاء يومكم والضغط الدولي يزداد علينا لإنهاء الحرب، وأمامنا أسبوعان للحسم قبل أن يصبح الضغط الدولي مؤثرا». واشارت وسائل إعلام «إسرائيلية» الى ان حزب الله تجاوز منذ مدة الخط الأحمر الذي تحدث عنه وزير الدفاع يواف غالانت، وهجماته تُعد وصمة عار لنا على المستوى القومي. وفي حين قالت صحيفة «معاريف الاسرائيلية» ان «الجيش الإسرائيلي» يستعد لرد كبير ضد حزب الله على خلفية تصعيد الهجمات، أشارت إلى أن «الجيش الإسرائيلي أمام مجموعة متنوعة من الخيارات لتوسيع الهجمات في لبنان دون التحريض على حرب»، لافتةً إلى أن «ثمّة مناقشات مستمرة في المؤسسة الأمنية حول إذا كان من الصواب تغيير الأسلوب الحالي ومنطق العمل».
«معضلة اسرائيلية» دون حل
من جهتها، لفتت صحيفة «هآرتس» الى ان القتال على الحدود مع لبنان يتصاعد، وقالت ان حزب الله «يلعب الآن لعبة خطيرة» قد تؤدي إلى فتح جبهة ثانية بشكل كامل، واضافت انه بعد 37 يوماً من القتال، التي تركزت على غزة وبدرجة أقل على لبنان، فإن المخاطرة في إساءة الحساب في الساحة الشمالية ارتفعت بشكل واضح. والخوف أن «إسرائيل» لا تسيطر وبحق على الوتيرة وعلى شدة التصعيد، وحزب الله بات يجبي الثمن من «الجيش الإسرائيلي» الذي لا يبحث عن حرب مع حزب الله، لكنه يبحث عن طريقة لمضاعفة الرد الهجومي دون الانجرار إلى مواجهة كاملة في جبهتين.
ولفتت الصحيفة الى ان «اسرائيل» تقف امام معضلة دون حل، فهي أخلت في السابق عشرات آلاف «المواطنين الإسرائيليين» من البلدات قرب الحدود. وستضطر الحكومة للعثور على طريقة لإعادتهم إلى بيوتهم بعد انتهاء القتال. وفي سيناريو متفائل، سيكون بالإمكان فعل ذلك بدون قتال، من خلال اتفاق سياسي مدعوم من الأميركيين، ويُلزم رجال حزب الله بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 والانسحاب إلى المنطقة الواقعة شمال الليطاني. لكن برأي «هارتس» تصعب رؤية كيف يمكن تحقيق مثل هذا الاتفاق في هذه المرحلة، رغم قدوم المبعوثين الأميركيين إلى المنطقة لمناقشة هذه الخطوة!؟
ميزان رعب في الشمال
من جهتها، قالت صحيفة «يديعوت احرنوت» ان حزب الله ثبّت ميزان رعب لا يطاق من ناحية «إسرائيل»، فالشمال مشلول ومخلى وفارغ، بالتوازي يمتص «الجيش الاسرائيلي» ضربات أليمة، ليس فقط في عدد قتلاه، بل وتصفية مقنونة لقدراته. لكن في الوقت نفسه، يعتقد «الجيش الإسرائيل»ي وجهاز الأمن بأنه يحظرعليهما إنهاء الحرب دون معالجة مشكلة الشمال لإعادة الأمن للسكان، لكن الولايات المتحدة غير مستعدة لفتح ساحة أخرى في الشمال بمبادرة «إسرائيل»، وبخاصة ساحة تؤدي إلى تدمير بنى تحتية مدنية في لبنان.
طهران: الحرب قد تتوسّع اكثر
وفي «رسالة» لها دلالات واضحة، اعتبر قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده، أنّ حرب «إسرائيل» على غزة اتسعت، مؤكداً أنّ حزب الله بات منخرطاً فيها، من دون أن يستبعد احتمالية أن تتوسع الحرب أكثر، واكد ان ايران مستعدة لجميع الاحتمالات. وقال «من الممكن أن يزيد مستوى الصراع أكثر، لأن المستقبل غامض للغاية»، مشدداً على أنّ طهران «ليست في وضع يسمح لأي أحد بتهديدها، فنحن في ذروة قوتنا، وأعددنا أنفسنا لجميع المواقف». كما اعتبر أنّ انتصار مقاتلي فلسطين هو نصر استراتيجي كبير، ولا يمكن تدميره بالعمليات الإجرامية للكيان الصهيوني.
تجاوز «الخطوط الحمراء»
ميدانيا، تجاوزت قوات الاحتلال «الخطوط الحمراء» بالامس، واستهدفت وفدا اعلاميا في بلدة يارون بقذيفتين ،ما ادى الى إصابة مصور قناة «الجزيرة» بجروح طفيفة، إضافة إلى تضرر بعض سيارات النقل المباشر، فيما نجا فريق قناتي «الجديد» و»ام تي في» باعجوبة. واستهدفت «غارة إسرائيلية» منزلاً في بلدة عيناتا ما أدى إلى مقتل شخص وجرح آخر صودف مرورهم بسيارتهم لحظة وقوع الغارة، وحصل قصف مدفعي على منطقة عين الزرقاء بين طيرحرفا والناقورة وعلما الشعب، واشتعلت النيران في الأحراج المتاخمة للخط الأزرق قبالة بلدات الناقورة وعلما الشعب والضهيرة.
واستهدفت مدفعية الاحتلال أحد المنازل في بلدة عيتا الشعب الحدودية للمرة الخامسة، وسقطت 6 قذائف على أطراف هذه البلدة، اضافة إلى أطراف رميش وبلدة الجبين. كذلك، أفيد بتعرض أطراف اللبونة وأطراف بلدة الناقورة لقصف «اسرائيلي» منذ الصباح الباكر، ودوت صافرات الإنذار في مقر عام قيادة «اليونيفيل» في الناقورة. وفي الوقت نفسه تعرضت أطراف طيرحرفا وشيحين وبلدات يارون والبستان وأم التوت لقصف «اسرائيلي».
من جهته، استهدف حزب الله برشقة كبيرة من الصواريخ الجليل الغربي، وأعلن استهداف قوة مشاة في موقع الضهيرة بالصواريخ وتحقيق إصابات مباشرة. كما استهدف الحزب قوة مشاة قرب ثكنة برانيت بالصواريخ الموجهة موقعاً إصابات مؤكدة بين قتيل وجريح، اضافة إلى قصف موقع الراهب وموقع بياض بليدا «الإسرائيلي» وموقع المرج في هونين المحتلة.
وقالت وسائل إعلام «اسرائيلية» إن الكهرباء قطعت عن عدة مستوطنات، بعد رصد إطلاق 18 صاروخاً ، وتم الإعلان عن إصابتين في مستوطنة «نتوعا» جراء إطلاق صاروخ مضاد للدروع. واشارت الى إنه يتضح أن حزب الله هو من يقرر مَن سيعيش ومَن سيموت عند الحدود الشمالية. وكشفت أن الإصابات الـ 7 التي نتجت عن سقوط قذائف هاون في المنارة يوم الأحد، أدت إلى بتر أطراف بعض الجنود نتيجة الشظايا.
في المقابل نشر حزب الله إحصاء بعدد المصابين الصهاينة منذ بداية الحرب حتى صباح الأحد ولفت الى المجموع بلغ 1405 اصابات وفقا للارقام «الاسرائيلية».
«رسائل» اميركية ؟
في غضون ذلك كشفت مصادر مطلعة ان الولايات المتحدة بعثت بـ»رسالة» الى حزب الله عبر قناة ثالثة، تفيد بان الجيش الأميركي لن يشارك في العمليات الميدانية الى جانب «الجيش الإسرائيلي»، واشارت الى ان ارسال نحو 2000 مقاتل وأغلبهم مستشارون، ليس المشاركة في العمليات الميدانية «للجيش الإسرائيلي» لا على جبهة غزة ولا على جبهة الشمال، بل مهمتهم تأمين وحماية مفاعلين نوويين موجودين في «إسرائيل»، الاول في منطقة ديمونا والثاني في منطقة تبنة الصحراوية. وتقضي المهمة بمنع رئيس الوزراء وحكومة اليمين «الإسرائيلي» بقيادة بنيامين نتنياهو من استخدام هذه المفاعلات سواء على المستوى التكتيكي الصغير أو على المستوى الإقليمي الكبير ضد ايران. وكذلك الإحاطة منع أي طرف في محور المقاومة من استهدافهما مع التزود بأحدث تقنيات الدفاع الجوي.
تلك التوضيحات وصلت إلى قيادة المقاومة حصريا عبر قناة لبنانية موثوقة من كل الأطراف، ويُعتقد أنها مرتبطة بمدير الأمن العام اللبناني السابق اللواء عباس إبراهيم ، كما ترجح تلك الاوساط.
التمديد لقائد الجيش
في هذا الوقت، يبدو ان قرار التمديد لقائد الجيش جوزاف عون قد سلك طريقه نحو التنفيذ، بعدما ابلغ «الثنائي الشيعي» رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه سيحضر جلسة حكومية يحصل خلالها التمديد لسنة. ووفقا لمصادر مطلعة، فان هذا القرار جاء نتيجة الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وبحسب المعلومات ستلجأ الحكومة الى قرار يتخذ بناء على قانون الدفاع للتمديد لقائد الجيش، وتجنب ادخال المؤسسة العسكرية في فراغ «قاتل».
وحتى مساء امس، لم يكن التمديد مطروحا على جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم، ووفقا لمصادر وزارية فان قضية ملء الشواغر العسكرية ليست مطروحة على جدول اعمال مجلس الوزراء مبدئيا. لكن «لا شيء يمنع طرحها من خارج الجدول، خصوصا اذا اثمرت المشاورات الجارية مع كافة الفرقاء عن توافقات على الموضوع، سيما وان المستجدات في المنطقة توجب ذلك.
وعد بري
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، قد التزم امام وفد كتلة «الجمهورية القوية» النيابية برئاسة النائب جورج عدوان بأنه سيتريث حتى نهاية الشهر، وبعدها سيعين جلسة سيكون اقتراح التمديد اول بنودها. وقال عدوان: ان بري يفضل ان يتم التمديد عبر مجلس الوزراء، واذا لم يحصل ذلك سيدعو الى جلسة لمجلس النواب.
من جهته كرّر البطريرك الراعي موقفه الرافض لإسقاط قائد الجيش، ولفت النائب غسان سكاف الذي قال بعد لقاء البطريرك: ان بكركي لن تسلّم بتغييب الموارنة عن القرار السياسي والعسكري ، ولن تقبل بتجرّع الكأس الثالثة بعدم وجود ماروني في موقع قيادة الجيش بعد موقع الرئاسة وحاكمية مصرف لبنان».