نظّم “المركز اللبناني للعدالة”، بالتعاون مع كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية- الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية في طرابلس، مؤتمرا بعنوان “أطفال غزة في ميزان العدالة الإنسانية”، حاضرت فيه مجموعة من الأساتذة الجامعيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وقدّم له الدكتور عبد المجيد المغربي.
حضر المؤتمر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، نقيبة المحامين في طرابلس والشمال ماري تيريز القوال، مدير كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية- الفرع الثالث الدكتور خالد الخير، العميد السابق للكلية الدكتور كميل حبيب، رئيسة “المركز اللبناني للعدالة” الدكتورة عائشة فتحي يكن، وحشد من العمداء والاساتذة والمحامين وممثلي المجتمع المدني، وطلاب كلية الحقوق.
المغربي
بداية، النشيدان اللبناني والفلسطيني، ثم نشيد الجامعة اللبنانية، فدقيقة صمت عن أرواح شهداء العدوان الصهيوني على غزة، ثم كانت كلمة للدكتور المغربي أكد خلالها أن ” اكثر ما يطلبه أهالي الجرحى والشهداء هو قول حق وعدل في وجه شيطان جائر”. وقال: “الأكفان الطاهرة تستصرخ إيماننا الحقيقي بقضيتنا. فمئة وردة وألف تحية ومليار اعتذار من الدماء الزكية والبراعم الصغيرة المتساقطة بفعل الوحشية المتمادية والصمت العالمي الوقح”.
يكن
وفي كلمتها، دعت رئيسة “المركز اللبناني للعدالة” إلى “محاكمة إسرائيل اليوم وفْقًا للقانون الجنائي الدولي والقانون الدَّولي الإنساني وكل ما ينبثق عنهما مِن معاهدات واتِّفاقيّات وأعراف دولية، تشهد عليها أَرْوقة هذا المبْنى وجدرانه”.
أضافت: “أَن تولد فلَسْطينِيًّا، فهذا يعني أَنك قد تولد شهيدًا في أَرْض الوطن، أو يتيمًا تحت ركامه، أو لاجئًا في دولة شقيقة، أو مشَتَّتًا تبحث عن هوية ضائعة، عن ذاكرة تتفلَّت، عن تاريخ شعب يطْمس. أَنْ تولَد غزَّاويًّا، فهذا يعني أنَّك أسير في وطن حولوه إلى سجن اسمه غزة، سدت منافذه برًّا وبحرًا وجوًّا. وإذا قدّر لَك أَن تعيش وتكبر، فسوف تسمع عن وعد مَن لا يملك لمن لا يستحق، وتقرأُ عن القَرار 181 لتقسيم فلسطينَ، وسوف يخبرونك عن القرار 194 الذي ينص على حق العودة والتعويض عنِ الخسائر، وسوف ترى قممًا عربية وإسلامِية تنعقد من أَجلك، وسوف تقرأُ عن دور الأُممِ المتحدة، ومجلس أَمنها البائس في الحفاظ على بقايا سلْم وأَمن دوليين”.
وسألت: “هلْ دفن القانون الدولي تحت أنقاض غزَة؟ أم أن هذه الحرب، التي عرّت بشكل فاضح ازدواجية المعايير، ستَبعثُه كطائر الفينيق من تحت الرماد؟ هل ستؤَثِّر التحركات الشعبية في عواصم العالم الغربي، رغم سياسة كم الأَفواه التي تنْتهجها دول الحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسانِ، في إدانة إسرائيل ومقاضاتها أمام المحاكمِ الدولِية؟ هذا ما نتمى أن يجيبنا عليه اليوم أهل الاختصاص والخبرة”.
الخير
ثم ألقى مدير الكلية الدكتور الخير كلمة باسمه وباسم النقيبة القوال، فقال: “من كلية الحقوق، ومن طرابلس عرين العروبة، نهدي سلامنا إلى الأرض الطاهرة، وغزة المقاومة والصابرة، ولكل فلسطين من الماء إلى الماء.“
وأضاف: “السلام إلى مقاومتنا في لبنان، هذه المقاومة الشريفة والعزيزة، المدافعة عن كرامتنا وسيادتنا. هذه المقاومة التي قلبت المعادلات التي حكمتنا عشرات السنين، بأن دولة إسرائيل لا تهزم. فجاءت المقاومة في لبنان وكسرت هذه المعادلة إلى غير رجعة”.
واكد “ان ما يحدث في غزة من إجرام، لم يشهد مثله عصرنا الحديث، وذلك على مرأى ومسمع العالم العربي والمنظمات الدولية والإقليمية التي تدعي حماية حقوق الإنسان. ولكن ما يعوضنا عن خذلانهم هو ردة فعل شعوب العالم العربي والغربي، ووقوفها إلى جانب غزة وفلسطين، وإدانتها لإسرائيل وأعمالها الإجرامية”.
المكاري
وفي كلمته، استذكر وزير الإعلام الصحافيين الشهداء، لا سيما الشهيد عصام العبد الله، إضافة إلى إصابة ستة صحافيين لا يزال بعضهم يرقد في المستشفيات، مؤكداً أن استهدافهم كان مقصوداً، رغم أن هويتهم الصحافية كانت واضحة”.
وقال: “رغم أن اغتيال صحافي ربما يعد نقطة في بحر الإجرام الصهيوني في غزة، إلا أن الموضوع متصل بالعدالة الدولية التي لم أعد أؤمن بها كثيراً: فقد صدر عن الأونيسكو بيان يتعلق بالشهيد العبد الله، أعلنت اليونسكو استنكارها لـ”وفاته”، وتدعو لتحقيق شفاف وكامل. واستنكرت “وفاة” الصحافيين الفلسطينيين، وطالبت بتحقيق مستقل، في حين أنها تدين “قتل” صحافي إسرائيلي، وتدعو لتحقيق كامل وجلب المرتكبين إلى العدالة”.
وسأل المكاري: “أين العدالة الدولية في ظل الهولوكوست الحاصل في فلسطين، والذي ينقل مباشرة على الهواء؟ وفي ظل عدم إيماني بالعدالة الدولية، فإنني ما زلت مؤمنا بأمرين: المقاومة، والإعلام. لأن لا شيء سيظهر فظاعة الإسرائيلي إلا نقل الحقيقة بمسؤولية وشفافية، دون حاجة إلى التضخيم او تزوير الحقائق“.
الجلسة الأولى
بعدها، انطلقت اعمال المؤتمرالذي بدأ بتلاوة الخبير القانوني وأستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور حسن جوني لورقته، وعقدت الجلسة الأولى التي أدارها المدير السابق لكلية الحقوق الفرع الثالث الدكتور محمد علم الدين، وحاضر فيها كل من العميد السابق لكلية الحقوق الدكتور كميل حبيب، والمدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات الدكتور محسن صالح، والأستاذ المحاضر في كلية الحقوق الدكتور محمد خالد، تحت عنوان “الصعوبات والتحديات التي تواجه تنفيذ القانون الدولي ضد إسرائيل، بخاصة عن جرائمها بحق أطفال فلسطين”.
وتخلل الجلسة مداخلات من فرنسا عبر تطبيق “زوم” للمحامي الفرنسي جيل دوفير والأمين العام للحقوقيين الديموقراطيين العالميين إيان فورمان من بلجيكا.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية، فقد أدارتها الأستاذة الجامعية الدكتورة غادة صبيح، وكانت تحت عنوان “آلية تنفيذ حقوق الطفل في ضوء المواثيق الدولية”، وشارك فيها كل من: مسؤولة الاعلام والتواصل في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الدكتورة مي الصايغ ، إضافة إلى الإعلامي الدكتورسامي كليب، والدكتور حسن جوني، ورئيس مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب محمد صفا، والخبيرة الدولية الدكتورة لينا الطبال التي شاركت من باريس عبر تطبيق “زوم”.
واختتم المؤتمر بمداخلات للحضور ركزت على آليات مقاضات العدو الصهيوني وإمكانية تطبيق القانون الدولي في ظل تعنت حكومة الاحتلال.
وفي الختام أطلقت الدكتورة لينا طبال عريضة باسم “المركز اللبناني للعدالة”، تطالب بمقاضاة الاحتلال أمام الجهات الدولية المختصة، على أن تصدر التوصيات عن اللجنة التي شُكلت لهذه الغاية.