كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: بدا واضحاً أن الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لم يحمل مبادرة رئاسية جديدة، لكنه يحمل تحذيراً من مغبة الاستمرار في الشغور الرئاسي لأن تداعياته ستكون مكلفة جداً على لبنان، ربطاً بما يجري في المنطقة، والتداعيات الخطيرة للعداون الإسرائيلي على غزة والضفة وجنوب لبنان، بصرف النظر عن الهدنة القائمة.
وفي بيروت حضرت العناوين السياسية في لقاءات لودريان، وكان مجمل التركيز إلى جانب ملف الانتخابات الرئاسية، ملف قيادة الجيش وضرورة تحصين المؤسسة العسكرية تحديداً في ظل الظروف الراهنة.
وإذا كان الوضع جنوباً قد هدأت وتيرته بفعل تأثيرات الهدنة في غزة، فإن مصادر أمنية رأت أن ما جرى جنوباً مختلف عمّا كان عليه في حرب 2006 حين صدور القرار 1701، الذي أناط بالجيش اللبناني مهمة حفظ الأمن في الجنوب الى جانب قوات اليونيفيل.
المصادر أقرّت عبر “الأنباء” الالكترونية أن القرار 1701 تخطّته الأحداث بمختلف بنوده، وهذا ما دأبت إسرائيل على فعله منذ عقود وقد اعتادت منذ حرب حزيران 1976 الإطاحة بكل القرارات الدولية من 242 و 338 وغيرها، وصولاً الى القرار 1701.
وفي المواقف، اعتبر النائب بلال الحشيمي في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن “مهمة لودريان هذه المرة ليست رئاسية كما ظن البعض، بل هي تقتصر على ضبط الوضع الأمني في الجنوب، والتحذير من الدخول في حرب مكشوفة مع اسرائيل، لأن ذلك قد يعرّض لبنان إلى الدمار كما حصل في غزة، وأن لقاءه مع قائد الجيش العماد جوزف عون يندرج في هذا السياق، من أجل تطبيق القرار 1701″، وهذا القرار برأيه “يتطلب وجود دولة فاعلة، وهذه الدولة غير موجودة مع الأسف”.
وفي الشأن الرئاسي، رأى الحشيمي أن “لودريان لن يحصل على شيء لأن موقف المعارضة لن يتغيّر، فاذا كان يعتقد البعض أن دخول حزب الله الحرب سيجعله قادراً على قلب المعادلة الرئاسية، فهم مخطئون لأن المعارضة لا يمكن أن توافق على انتخاب رئيس ينتمي الى فريق الممانعة”. وذكّر الحشيمي كيف أن المعارضة تخلّت عن دعمها ترشيح النائب ميشال معوض لأن حزب الله اعتبره مرشح تحدٍّ، وعندما أيّدنا ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور قالوا بأنه مرشح تحدٍّ أيضاً، وهذا يعني أن حزب الله لا يريد رئيساً اذا لم ينتم لفريقه السياسي”.
بدوره، وصف النائب السابق أنيس نصّار زيارة لودريان الى لبنان “بالحركة بلا بركة على عكس ما يريده لبنان”، وقال: “إذا كان البعض يعتقد أن الحرب على غزة يمكن أن تغيّر موازين القوى فهو مخطئ، لأن المعارضة ومن ضمنها حزب القوات اللبنانية لن تغيّر موقفها مهما حصل في غزة. فالوقوف الى جانب القضية الفلسطينية شيء والخلاف الداخلي شيء آخر”.
وقال نصار في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية: “أخشى ما أخشاه أن يكون المسؤولين الفرنسيين قد فقدوا مصداقيتهم مع اللبنانيين بعد تسميتهم الوزير سليمان فرنجية للرئاسة، ولا أعلم اذا كان اللبنانييون سيقبلون بذلك مرة ثانية، اللهم اذا إيران أعطت تعليمة ما قد تقلب الأمور رأساً على عقب”.
وفي مطلق الأحوال، من غير المقبول الاستمرار بالمزايدات السياسية لأن الوضع في المنطقة على كف عفريت وأي خطأ يعرّض السيادة اللبنانية الى الخطر. فهل سيتمكن اللبنانيون من إنقاذ ما تبقّى من وطنهم؟