كتبت صحيفة “البناء”: سقطت الهدنة ومعها صفقات التبادل بعدما استنفد كل منهما السقف الذي بُني على أساسه، لأن الهدنة عاجزة عن التحوّل الى وقف للحرب دون أن تتحوّل إلى هزيمة كاملة يفعل الاحتلال وسعه لتفاديها، والتبادل كي ينتقل من صيغة 3 مقابل 1 في حالة النساء والأطفال إلى الكل مقابل الكل في حالة العسكريين، يحتاج الى مزيد من اختبارات القوة كي يسلّم به الاحتلال خياراً وحيداً.
بدأت الجولة الثانية وليس لدى الاحتلال وداعميه إجابة عن سؤال، ما الذي تغير عن الجولة الأولى لصالح الاحتلال حتى تتغير النتائج من الفشل الى النجاح، فكل شيء تغير الى الأسوأ، سواء بانقلاب الشارع الغربي ضد الكيان أو بالفشل في تحقيق إنجاز ميداني في الحرب البرية.
بدأت الجولة الثانية والمقاومة في غزة ترفع سقفها، لا أسرى للاحتلال دون تحرير كل الأسرى الفلسطينيين ووقف الحرب كلياً، فتضع قيادة الكيان وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أمام تحديات كبرى، وصارت نهاية الجولة أقرب لنهاية الحرب كلها، وسقفها التفاوضيّ يتّصل بمصير الحرب ومصير الأسرى في صفقة شاملة عنوانها الكل مقابل الكل.
بدا أن الاحتلال العاجز عن التقدم برياً، وأن الشيء الوحيد الذي يتقنه هو العودة إلى ارتكاب المجازر، فعادت الحيوية الى الشارع الغربي الغاضب، ومع إعلان المقاومة عن رؤيتها في الكلام الذي قاله نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، انطلق مجدداً الشارع الغاضب في كيان الاحتلال طلباً للإفراج عن الأسرى والخوف من مقتلهم، طالباً وقف الحرب وإعطاء الأولوية لإخراج الأسرى، ولو وفق معادلة الكل مقابل الكل ووقف الحرب.
مقابل ثلاثمئة شهيد في غزة أغلبهم من الأطفال والنساء، شهدت جبهات القتال في غزة وشمال فلسطين المحتلة عمليات نوعية للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، حيث سقط للاحتلال عشرات القتلى، في استهدافات متعددة، ودمر العديد من الآليات، وبدا بوضوح أن الجولة الثانية تشهد تحولاً نوعياً في أداء قوى المقاومة على جبهتي الشمال والجنوب.
في سورية والعراق تصعيد يستهدف القواعد الأميركية ويبقيها تحت النار، وفي البحر الأحمر عمليات نوعية لأنصار الله تكشف قرار التصعيد، وتتحدى الردع الأميركي، فتصيب عدة سفن وتستهدف مدمّرة أميركية، والرد الأميركي «الاحتفاظ بحق الردّ في المكان والزمان المناسبين».
عادت الاشتباكات على الحدود الجنوبية، بعد حالة الهدوء الحذر التي سادت حتى ساعات الفجر.
ورداً على الاستهدافات الإسرائيلية التي استهدفت عدداً من البلدات على الحدود الجنوبية، استهدف حزب الله آلية عسكرية في قاعدة بيت هلل بالصواريخ الموجّهة أوقعت طاقمها بين قتيلٍ وجريح، ومواقع زبدين والرادار ورويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة وتمّ تحقيق إصابات مباشرة فيها. كما استهدف تجمّعاً لجنود الاحتلال شرق موقع حانيتا بالأسلحة المناسبة، وموقع الراهب وأيضاً موقع راميا بالأسلحة المناسبة.
وبحسب معلومات “البناء” تلقّى لبنان دعوات غربية تدعو إلى ضبط النفس في الجنوب وإلى قطع الطريق عن امتداد الحرب إلى لبنان، كما برزت دعوات إلى ضرورة حماية استقرار لبنان وعدم السماح بتمدّد الفراغ إلى المؤسسة العسكرية، وبالتالي وجوب تحمل المسؤولية في هذا الشأن والمسارعة إلى التمديد للعماد جوزاف عون بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ.
وبناء على ذلك كان لافتاً ما نقل من مصادر دبلوماسية عن اهتمام المجموعة الخماسية بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية والتفاهم حيال الخيار الثالث.
هذا ويُتوقع أن يصل الى لبنان في الأيام المقبلة الموفد القطري فهد بن جاسم في زيارة وضعتها الأوساط الدبلوماسية في خانة الدفع نحو التمديد لقائد الجيش والبحث في الخيار الثالث لرئاسة الجمهورية.
وأمس، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركتهما في “قمة المناخ” (كوب 28) في دبي بالإمارات العربية المتحدة. وجرى خلال الاجتماع بحث الوضع في لبنان وغزة والجهود المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على القطاع والتوصل الى وقف إطلاق النار تمهيداً للعودة الى البحث في حل شامل، يأخذ بعين الاعتبار الحقوق الفلسطينية. كما اجتمع رئيس الحكومة يوم السبت مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتناول البحث ثلاثة ملفات مترابطة: التمديد لقائد الجيش، تطبيق القرار 1701، ورئاسة الجمهورية.
كما اجتمع رئيس الحكومة، في حضور وزير الطاقة والمياه وليد فياض، مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجيز” الفرنسية باتريك بوانييه.
وتمّ خلال الاجتماع البحث في التقرير الدوريّ الذي تعده “توتال إنرجيز” بشأن أعمال الحفر والتنقيب عن الغاز والنفط في المياه الإقليمية اللبنانية، وإمكان استئناف أعمال الحفر في موقع ثانٍ في البلوك 9. كما تطرق البحث الى إمكان الحفر في البلوكين رقم 8 و10 والعرضين اللذين تقدّمت بهما “توتال انرجيز”.
إلى ذلك يفترض أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري قبيل منتصف الشهر الحالي الى جلسة تشريعية للبت بموضوع التمديد لقائد الجيش، وسط معلومات أشارت إليها مصادر نيابية وتقول إن موعد الجلسة سيتحدد هذا الأسبوع حيث يفترض أن تنهي اللجان المشتركة مجموعة اقتراحات قوانين لمناقشتها في الهيئة العامة.
واعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ عدم انتخاب رئيس للجمهورية وإقفال القصر الجمهوري منذ سنة وشهرين تقريبًا جريمة موصوفة آخذة بهدم المؤسّسات الدستوريّة والإدارات العامّة وانتشار الفوضى والفساد وتشويه وجه لبنان الحضاري. إذا تكلّمنا من باب القانون وروحه وفلسفته منذ الشرع الروماني إلى اليوم، كلامًا منزّهًا عن السياسة ومصالحها الخاصّة، نقرّ بأنّ القوانين تُعلّق بقرار من السلطة المختصّة بسبب الظروف القاهرة منعًا لنتائج قد تكون وخيمة، فنقول: يجب في هذه الحالة عدم المسّ حاليًّا بقيادة الجيش، بل تحصين وحدته وتماسكه، وثقته بقيادته، وثقة الدول به. فالجنوب اللبناني متوتّر، والخوف من امتداد الحرب إلى لبنان يُرجف القلوب، والحاجة إلى الجيش متزايدة لتطبيق القرار 1701، واستقرار الجنوب، ولضبط الفلتان الأمني الداخلي، ولسدّ المعابر غير الشرعيّة بوجه تهريب البشر والسلع والمخدّرات وما سواها.