كتبت صحيفة “الديار”: ملفان يتصدّران الساحة اللبنانية: الوضع الامني المتدهور في الجنوب، ومسألة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، التي عادت لتتأرجح من جديد بين مصير التعيين او التمديد، فيما كانت الانظار موجهّة الى الجلسة التشريعية التي سيعقدها مجلس النواب غداً الخميس، على أمل ان يتصاعد منها الدخان الابيض، لتجنيب المؤسسة العسكرية الفراغ المرتقب في العاشر من الشهر المقبل، وما سينجم عنه من تداعيات في ظل ما يجري يومياً في الجنوب والقرى الحدودية تحديداً، لكن ما جرى في اليومين الاخيرين قلب الاوضاع رأساً على عقب، بعد سيناريوهات تحدث عنها البعض، تنبئ بتوجه الى عدم التمديد للعماد عون.
لكن ما الذي حصل وكأن في الامر اتفاقية من تحت الطاولة، لإعادة ملف التمديد الى مجلس الوزراء، وتأجيل التسريح ستة اشهر، ويقابل ذلك تحضير للطعن من قبل التيار الوطني الحر، وفي حال لم تمّر الصيغة المحضرّة، فليس من المستبعد تعيين قائد جديد للجيش، شرط حضور وزراء “التيار” جلسات الحكومة، لتعيين مدير المخابرات طوني قهوجي وفق ما انتشرت المعلومات يوم أمس، وأحدثت ضجيجاً وخلافات نشرها الفريق المعارض، عن وجود مؤامرة يحوكها الفريق الاخر، لاطالة مناقشة القوانين في جلسة الغد ، حتى عودة الرئيس نجيب ميقاتي من جنيف، كي يعقد جلسة حكومية يقر فيها تأجيل تسريح قائد الجيش، وحينئذ يعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، أنْ ليس هنالك من حاجة لمناقشة الملف في المجلس بعد أن أقرته الحكومة، وعندئذ يقدّم طعن في هذا القرار، وبهذا يكون الرئيس ميقاتي قد طيّر التمديد لقائد الجيش والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان في الوقت عينه، ولا يبقى في الساحة سوى التعيين.
وافيد بأنّ تكتل “الجمهورية القوية” تكلم على هذا السيناريو، وأصرّ مع بعض الكتل المعارضة على انعقاد الجلسة غداً الخميس، في حضور أكثرية نيابية تصوّت على صفة العجلة لاقتراح قانون التمديد لقائد الجيش.
حرب البيانات بين ميقاتي و “القوات”
تعليقاً على ذلك، استغرب الرئيس ميقاتي في بيان صدر عن مكتبه الاعلامي الموقف الذي أصدرته “القوات اللبنانية”، وافترضت فيه انه سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء لقطع الطريق على التمديد لقائد الجيش، وأشار البيان الى انّ ميقاتي يعتبر أن الدعوة الى مجلس الوزراء في حال حصلت، هي من أجل تأخير تسريح قائد الجيش ستة أشهر، في حين أن الاقتراح المقدم من قبل “القوات” الى مجلس النواب ينص على تأخير سن التقاعد سنة كاملة، والامران لا يتعارضان مع بعضهما بعضا.
وعلى الفور أتى رد ” القوات” على ميقاتي ، فرأت في بيان انه يقفل الباب أمام التمديد حكومياً بالطعن، وتشريعياً بتطيير الفرصة في البرلمان، وأبدت أسفها لمحاولة التلطي خلف إجراءات وخطوات، الهدف منها إسقاط فرصة التمديد في سياق خطة ممنهجة، تنفّذ فصولها عن سابق تصور وتصميم.
واعتبرت انّ أي دعوة حكوميّة لتأجيل التسريح ، تعني بشكل واضح تضييع وتطيير فرصة التمديد في مجلس النواب، وفي الوقت عينه إبطال التمديد في الحكومة، وأنّ الطريقة الوحيدة المتبقية هي ترك مجلس النواب ليقرّ قانون السنّ الحكمي للتقاعد، وما هو خلاف ذلك خطة مدبّرة ومكشوفة، يتحمّل مَن يعبث بالاستقرار مسؤوليّة إسقاط التمديد.
برّي يفضّل التمديد لعون في مجلس الوزراء؟
الى ذلك، ستدرس الجلسة التشريعية مشاريع واقتراحات القوانين المنجزة من اللجان وعددها 16، ومن غير المتوقع ان ينجز المجلس درس وإقرار جدول الأعمال في يوم واحد، لذا ستمدّد الجلسة الى ما بعد ظهر بعد غد الجمعة .
وعلى خط مغاير، افيد نقلاً عن مصدر وزاري بأنّ الرئيس ميقاتي سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الجمعة لإنهاء الملف، عبر طرح تأجيل تسريح العماد عون من خارج جدول الاعمال، ومساءَ أكد الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، أنّ رئيس حكومة تصريف الاعمال بصدد الدعوة لجلسة لبحث عدّة بنود.
مصادر كتلة ” التنمية والتحرير” اشارت الى انّ جدول أعمال جلسة مجلس النواب الذي يتضمّن 16 بنداً أضيف إليها أمس بندان لتصبح 18 ، ووفقاً للنظام الداخلي لا تتمّ مناقشة القوانين المعجلة والمكرّرة إلّا بعد الانتهاء من اقتراحات القوانين.
وفي هذا الاطار لفت النائب ميشال موسى، الى انّ الرئيس برّي يفضّل أن يتمّ التمديد للعماد عون في مجلس الوزراء، وفي حال لم يحصل التمديد في الحكومة لسبب أو لآخر، فمجلس النواب منعقد لغاية بعد ظهر الجمعة، وبالتالي سيقوم بمهمة منع الشغور في قيادة الجيش.
الاعتداءات الاسرائيلية تتواصل على الحدود
امنياً، تواصلت الاعتداءات الاسرائيلية على القرى الحدودية الجنوبية، فسجّل قصف مدفعي “إسرائيلي” على وادي الجمل بين بلدتي ميس الجبل وحولا، كما استهدف القصف بلدة يارون، وأطلقت مسيّرة ” إسرائيلية ” صاروخاً على منزل في بلدة بليدا في القطاع الأوسط .
المقاومة ردّت بإطلاق صاروخ مضاد للدروع، باتجاه موقع عسكري في بلدة برعم شمال “إسرائيل”، كما سقطت صواريخ بشكل مباشر على موقع جل العلام “الإسرائيلي”، بالتزامن مع رشقات صاروخية من لبنان باتجاه مستوطنات الشمال.
الوضع في غزة
وعلى خط غزة، سجّلت عمليات عسكرية ” اسرائيلية ” في مدينة جنين، واشتباكات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال “الاسرائيلي” في شرق خان يونس، وافيد بأنّ قوات الاحتلال وجهّت سلاح الليزر على الصحافيين، لمنعهم من أداء مهامهم في جنين.
هدنة جديدة لتبادل الاسرى؟
في غضون ذلك، افيد عن اتصالات تمهّد للتفاوض على هدنة جديدة لتبادل الاسرى مع حركة حماس في غزة. وأشار مسؤولون مصريون الى انّ ” إسرائيل” طلبت وساطة مصر وقطر لإبرام صفقة في هذا الاطار. وأوضح المسؤولون أنّ لقاءات مرتقبة ستجري بين “إسرائيل” ومصر وقطر، برعاية أميركية للتفاوض بهذا الشأن.
النازحون ومؤتمر جنيف
توجّه الرئيس ميقاتي الى جنيف، للمشاركة في اعمال المؤتمر الخاص بملف النازحين السوريين في لبنان، الذي سيبدأ أعماله اليوم، يرافقه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب وفريق من الاداريين والمستشارين المكلفين اعداد التقارير، التي وضعتها اللجنة الوزارية الخاصة بالملف، وما يتصل بنتائج زيارة الوزير بو حبيب الى دمشق.
وستكون للرئيس ميقاتي كلمة بالمناسبة، يتناول فيها القضية من جوانبها المختلفة، تتضمّن عرضاً للازمة وما تترجمه الأرقام، التي تحدّد الخسائر المنظورة بما يزيد على 23 مليار دولار.
وسيعبّر ميقاتي عن مخاوفه من سلسلة السيناريوهات المتداولة، عن النيّة بالوصول الى مرحلة دمج النازحين بالمجتمعات المضيفة، والسعي الى الترخيص لهم بمزاولة العديد من المهن المحظورة على غير اللبنانيين، وسيشير الى ما سيعزّز بقاء النازحين في لبنان، عن طريق استمرار الامدادات المالية الشهرية المقرّرة في لبنان، ورفض تقديمها في الداخل السوري، بما يعيق انتقال العديد منهم الى بلادهم ، على ان يستند الرئيس ميقاتي في لقاءاته مع رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر، الى النتائج التي توصل إليها الوزير بو حبيب في دمشق، والتي يمكن ان تتناول الشروط السورية التي تم التداول بشأنها في لقاء دمشق.
غراندي: الحل بدعم النازحين في سوريا
وعصر امس عقد الرئيس ميقاتي اجتماعاً مع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في مقرّ الأمم المتّحدة في جنيف، وأعرب الاخير خلال الاجتماع عن تقديره لما يقوم به لبنان في ما خص استضافة النازحين السوريين.
وقال:” التعاون بنّاء بيننا وبين الحكومة اللبنانية والامن العام، ولقد اثمرت هذه العلاقة عن تسليم الداتا الى الامن العام اللبناني، هناك مشكلة نازحين في اكثر من بلد، وهذا يشكل تحدياً للمفوضية لان الدعم المادي ليس كما قبل، كما نعتقد بأن الحل الامثل هو في دعم النازحين في سوريا ولكن هذا سيستغرق بعض الوقت، لقد توصلنا مع الجانب السوري الى فتح مكتب تنسيق للمفوضية على الحدود اللبنانية – السورية، وهذا سيضبط حركة النزوح”.