كتبت صحيفة “البناء”: بدأ كيان الاحتلال بعد سبعين يوماً من حربه على غزة وقد شاخ سبعين عاماً إضافية، حيث التشكيك برئيس الحكومة والحكومة وقيادة الجيش، يحصل على الملأ ويستقطب أغلبيّة الشارع في الكيان، والكيان وسط حرب هي الأصعب في تاريخه، كما يجمع قادته؛ بينما لم يشهد الكيان مثل هذا الجدل وهو في حال حربٍ من قبل، وبالتوازي يبدو الجيش في حال لا يُحسَد عليها، حيث الخسائرُ المتراكمة تحوّلها من حرب لإنهاء حركة حماس إلى حرب استنزاف لجيش الاحتلال؛ بينما المقاومة وفي قلبها حماس تبدو ممسكة بزمام المبادرة مقتدرة وتواصل حربها بكل كفاءة وجدارة؛ بينما جيش الاحتلال يفشل في تحقيق أهداف حربه ويعجز عن إخضاع أيّ منطقة من قطاع غزة لسيطرته الكاملة. فكل المناطق التي دخل إليها لا تزال مناطق اشتباك، وقواته قد خسرت 5000 إصابة من أصل 20 ألفاً يقاتلون في غزة، والنسبة نفسها هي نسبة ما خسره أهم ألوية النخبة في الجيش لواء جولاني. كما قال قائده السابق موشي كابلنسكي، الذي أكد في حوار صحافيّ أن اللواء خسر 25% من عديد قواته.
حربُ استنزاف أخرى تقودها عائلات الأسرى المحتجزين لدى قوى المقاومة في غزة، على خلفيّة حادث مقتل ثلاثة أسرى كانوا محتَجزين لدى حركة حماس، تمكّنوا من الفرار وتوجّهوا نحو جنود الاحتلال رافعين الرايات البيضاء ويصرخون باللغة العبريّة أنقذونا. فأطلق الجنود عليهم النار وقتلوهم، وأطلق الحادث ديناميكيّة احتجاجيّة شاملة ضمّت مئات الآلاف من الذين خرجوا في شوارع القدس وتل أبيب، يطالبون بوقف الحرب فوراً والذهاب الى تفاوض على تبادل الأسرى مع قوى المقاومة تحت عنوان «الكل مقابل الكل».
في لبنان، حيث يكثر حديث الصالونات السياسي بمضمون ما يقوله قادة الكيان عن مشروع لإبعاد حزب الله الى خلف الليطانيّ، وعن وجود مبادرات دولية تعرض على حزب الله لتطبيق القرار 1701 وإيجاد حلول للقضايا العالقة على الحدود مقابل تهدئة الجبهة، وقد تحدّث عدد من قادة حزب الله عن الموضوع، فقالوا إن جواب المقاومة لكل الذين يريدون التهدئة في جنوب لبنان هو أن التهدئة تبدأ من غزة.
يُرتقب وصول وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى لبنان اليوم، حيث ستزور رئيسَيْ مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وعدداً من المسؤولين السياسيين والعسكريين، كما أنّها ستزور قوات بلادها في الجنوب العاملة ضمن القوات الدولية اليونيفيل. وبحسب مصادر دبلوماسيّة فإن باريس تعمل على منع تدهور الوضع في الجنوب. وتشير المصادر إلى أن كولونا لن تبحث في الملف الرئاسي، إنما ستركز على الوضع في الجنوب والقرار 1701.
ودعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا كل الأطراف الى “خفض التصعيد على الحدود بين إسرائيل ولبنان”. واعتبرت كولونا خلال زيارتها قاعدة عسكرية قرب تل أبيب، أن “خطر التصعيد يبقى قائماً… وفي حال خرجت الأمور عن السيطرة، أعتقد أن ذلك لن يكون في مصلحة أحد، وأقول ذلك لـ”إسرائيل” أيضاً”، مضيفة “هذه الدعوة الى الحذر وخفض التصعيد تنطبق على الجميع”.
وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد “أننا ندافع عن كل لبنان ونحمي السيادة الوطنية والأمن الوطني”. وأكد أننا “ما زلنا في بداية الطريق، ولم نستخدم ما جهّزناه لحربنا ضد العدو الإسرائيلي ولا يرهبنا تهويله ولا شعاراته التي يطلقها عبر سماسرة دوليين من أجل أن يحيد شعبنا عن منطقة من مناطقنا في الجنوب”، معتبراً أنّه “من حقنا أن نمارس حق الدفاع عن وطننا، ونحن نُشخّص طريقة الدفاع وكل ما يحلم به العدو هو أضغاث أحلام لن نستدرج للبحث في تفاصيل أوهامه وغطرساته”.
وقال النائب حسن فضل الله: “نحن من دعاة تحصين الساحة الداخليّة، بعيداً عن تسجيل البطولات الوهمية، ومحاولات الاستثمار والرهانات الخاطئة والتفسيرات غير المنطقيّة لبعض الخطوات ومحاولة وضعها في غير موضعها الخاص، وربطها بموضوعات أخرى، وقد بات معلوماً للجميع أن بلدنا قائم على تفاهمات وطنيّة، وهي أقصر الطرق لإيجاد الحلول والمعالجات، وأما ما بقي من محاولات كتحقيق مكاسب ومزايدات وسجالات وإلى ما هنالك، فهذا لا يُوصل إلى أي مكان”.
وفيما منع مجلس النواب الشغور في قيادة الجيش من خلال إقرار قانون رفع سن التقاعد، تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء يوم غد وسط دعوات سياسية الى ضرورة تعيين رئيس للأركان وأعضاء المجلس العسكري، وسط معطيات وزارية تشير إلى أن هذا الموضوع يمكن أن يطرح من خارج جدول الأعمال.
أكدت اوساط سياسية متابعة أن موقف المرده الرافض لتعيين رئيس الأركان ليس نهائياً، وأن الأمور ستكون محل تفاوض وتشاور، مع إشارة المصادر إلى أن أكثرية الثلثين لا تتأمن من دون وزيري الإعلام زياد المكاري ووزير الاتصالات جوني القرم، بالإضافة إلى وزير الصناعة النائب جورج بوشيكيان.
إلى ذلك لبّى رئيس تيار المرده سليمان فرنجية دعوة قائد الجيش جوزيف عون إلى العشاء. وتناول البحث كل ملفات الساعة ولا سيما الاستحقاق الرئاسي والعلاقة المتدهورة مع “التيار الوطني الحر”.
وكشفت مصادر مقرّبة من بنشعي أن فرنجية لبّى دعوة قائد الجيش لقناعته بأنه منافسه الجدّي الوحيد للرئاسة ولإيصال رسالة بأنه يمكن التنافس ديمقراطياً والحفاظ على علاقات جيّدة.
ولفتت إلى أن فرنجية أراد تطبيع العلاقة مع قائد الجيش بعد فترة فتور وهو يدرك أن وصول عون للرئاسة رهن قراره بالانسحاب ما ليس مطروحاً حالياً، لكن فرنجية لن يكرر تجربة ميشال عون بعرقلة الاستحقاق الرئاسيّ وتأخيره للوصول إلى بعبدا.
وشكر البطريرك الماروني بشارة الراعي الله على أنّه جنّب لبنان بالأمس خطر أزمة سياسيّة وأمنيّة، بالقرار الذي اتّخذه مجلس النواب إذ مدّد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة لمدّة سنة. هكذا ظهرت الإرادة الحسنة التي ترفّعت عن المصالح الشخصيّة والفئويّة، وتطلّعت حصرًا إلى “المصلحة الوطنيّة العليا” المعروفة قانونًا ودوليًّا بالفرنسيّة “Raison d’Etat” . هذه المصلحة الوطنيّة هي تجنّب الفراغ المميت في قيادة الجيش؛ الصمود الفطن بوجه الاعتداءات الإسرائيليّة اليوميّة المسلّحة والمستمرّة على قرى الجنوب اللبناني؛ تثبيت وحدة الجيش وثقته بنفسه وبقيادته؛ تجنّب أي زعزعة في صفوفه بداعي التغيير، وفقًا للقاعدة الذهبيّة: الشريعة للإنسان، لا الإنسان للشريعة. وقد عبّرت عن مشاعر الشعب اللبناني الكلمة التي افتتح بها رئيس مجلس النواب عمليّة التصويت على القانون الرامي إلى التمديد لرتبة عماد أو لواء، إذ قال: كلّ اللبنانيّين دون استثناء هم مع الجيش اللبنانيّ، وما حدا يزايد على الثاني”.
وختم الراعي: ليلتئم المجلس النيابي سريعًا وينتخب رئيسًا للدولة الذي بدون السلطة المنوطة به لا ينتظم أداء المؤسّسات الدستوريّة، فليدرك نوّاب الأمّة أنّ الفوضى السياسيّة العارمة، واستباحة خرق الدستور نصًّا وروحًا، والنزاعات الداخليّة، والانقسامات على حساب الدولة والمواطنين لا يمكن إزالتها إلّا بوجود رئيس للدولة كفوء ونزيه ونظيف الكفّ، لا يهتمّ إلّا بالمصلحة الوطنيّة العليا. فلا يساوم عليها، بل يضعها فوق أي اعتبار.