كتبت صحيفة “اللواء”: مع اقتراب حرب غزة من المائة يوم، تبدو الساحة الجنوبية تسير، يوماً إثر يوم، متثاقلة او متسارعة باتجاه انهيار ضوابط قواعد الاشتباك، في ظل اوضاع مأزومة لا تقتصر على طرف بحد ذاته، وإن كانت اسرائيل أكثر تأزّماً، بعد عملية حزب الله ضد قاعدة مون ميرون، التي تتحكم بحركة الطيران الحربي الاسرائيلي في الجنوب وعموم المنطقة الممتدة الى سوريا.
وفي اليوميات الامنية البالغة التعقيد، نعى حزب الله القيادي الكبير في الحزب الشهيد وسام حسن الطويل (الملقب بالحج جواد)، الذي استهدفته مسيَّرة اسرائيلية عند العاشرة والربع من صباح امس في بلدته خربة سلم، لتسارع وسائل اعلام اسرائيلية وتعلن ان الشهيد الراحل هو المسؤول عن اطلاق الصواريخ الـ62 على القاعدة الجوية ميرون السبت الماضي.
واذا كانت المقاومة لم تتأخر بالرد باستهداف رويسات العلم في مزارع شبعا وموقع حدب البستان بالصواريخ المناسبة.بقي العمل السيراني المتعلق بالقرصنة في مطار رفيق الحريري والذي حصل بعد ظهر امس، في واجهة المتابعة، وإن كان وزير الاشغال علي حمية اعلن بعد عودة المطار الى العمل «ولا مشكلة في ما خص الرحلات الجوية» (حسب حمية) الذي اوضح ان «حوالى 70 في المئة من شاشات المطار باتت تعمل كالسابق ويُعمل على الأخرى بشكلٍ متتالٍ». وقال: اننا ادارة رسمية وعلينا تفعيل الامن السيبراني، وما حدث ليس له علاقة بأي إهمال، لقد حصلت بعض الأضرار والعمل جارٍ على تصحيحها.
اضاف: هناك اجراءات احترازية، فقد فصلنا الانترنت عن المطار وذلك لحصر الاضرار. ورداً على سؤال عن تحديد نوع الخرق، قال: العمل جار مع الاجهزة الامنية المختصة، والاجابة ستكون خلال ايام لتحديد ما اذا كان الخرق داخلياً او خارجياً. واعلن ان «التحدّي اليوم هو أن نقوم بإجراءات جذرية وتأمين التمويل لها كي لا يتكرر ما حدث ونكون 99 في المئة في أمان».
وسيحضر الوضع في ما تعرض له المطار من هجوم سيراني ادى الى تعطل شاشات الوصول والمغادرة، فضلاً عن نظام الحقائب على جدول اعمال اول مجلس وزراء، يجري التحضير له الاسبوع الحالي، بانتظار استكمال جدول الاعمال، وطبيعة الملفات التي ستطرح، ومن بينها التعيينات في رئاسة الاركان والمجلس العسكري، وبت الزيادات المقترحة على رواتب العاملين في القطاع العام ومعاشات التقاعد.
وعلمت «اللواء» من مصادر وزارية ان انعقاد جلسة مجلس الوزراء لم يتقرر، بعد وبالتالي لم يتبلغ الوزراء بموعدها.
باسيل يعزي عون
والابرز على صعيد الحركة السياسية، حضور رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى صالون كنيسة سان تريز – الفياضية، لتقديم التعازي لقائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، والذي كان واصل تقبل التعازي بوفاة والدته هدى ابراهيم مخلوطة، ومن ابرز المعزين البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الرئيسين أمين الجميّل وميشال عون ووفد يمثل المطارنة الكاثوليك، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد ورئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط وملحقون عسكريون عرب واجانب وشخصيات اجتماعية.
احتواء التصعيد
جنوباً، وفيما اعتبر الرئيس نبيه بري ان رد المقاومة على اغتيال الشيخ صالح العاروري يساوي 10/10، مضيفاً ان العدو قرأ الرسالة جيداً، والجنون الذي نشهده منذ يومين تعبير عن الألم الذي اصابه، تركزت حركة الموفدين الدوليين، فضلاً عن الحركة الدبلوماسية على احتواء لهب الحرب الدائرة عند الحدود الجنوبية، منعاً لامتدادها على ساحات يصعب السيطرة عليها.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الاشتباكات في الجبهة الجنوبية والتي حضرت بندا أساسيا للنقاش في زيارة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزف بوريل إلى بيروت ،تتحول رويدا إلى نوع متطور مع مرور الأيام وأشارت إلى أن تكتيكات استراتيجية يتم اتباعها من قبل حزب الله والعدو الإسرائيلي ما يدفع إلى السؤال عن إمكانية الانتقال إلى مرحلة أكثر خطورة لاسيما إذا لم يأت الحل الديبلوماسي الذي يعمل عليه بثماره.
ولفتت هذه المصادر إلى أن بوريل حذر من اتساع رقعة الحرب وأكد أنه لا يحمل أي مسعى إنما يرغب في إنهاء التوتر والعمل على تطبيق القرار ١٧٠١، مؤكدة أن هذا التحذير ليس جديدا وإن الترقب سيد الموقف لزيارات عدد من المسؤولين إلى المنطقة وما قد تخرج عنها لجهة إمكانية التوصل إلى تفادي توسيع رقعة الحرب.
وكشفت مصادر ديبلوماسية ان جولة مسؤول السياسية والخارجية في الإتحاد الاوروبي بوريل على المسؤولين اللبنانيين،تناولت مجمل العلاقات بين لبنان والاتحاد على كل المستويات، والاوضاع السياسية بما فيها أزمة الانتخابات الرئاسية والازمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، وموضوع النازحين السوريين وكيفية معالجة الاوضاع المتدهورة جنوبا بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت ان زيارة المسؤول الاوروبي للبنان حققت اختراقا بلقائه مع وفد من حزب الله للإطلاع منه على موقف الحزب من مجريات الاشتباكات الدائرة في الجنوب مع الجيش الاسرائيلي وارتباطها بالحرب في غزة، وخلص الى انه من الصعب وقف التدهور الحاصل بمعزل عن توقف الحرب في غزة كليا .ولكنه في الوقت نفسه شدد على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لتخفيف حدة التوتر والتصعيد ومنع تمدد حرب غزة إلى لبنان، من خلال السعي لتطبيق القرار الدولي رقم١٧٠١ من قبل جميع الاطراف.
واضافت ان بوريل ناقش بانفتاح موضوع النازحين السوريين، على عكس لقائه السابق مع وزير الخارجية عبدالله ابو حبيب في بروكسل، ابدى تفهما لوجهة النظر الحكومية بخصوص معاناة لبنان جراء أزمة النازحين السوريين الضاغطة بكل المجالات وضرورة مد يد المساعدة والتعاون لمعالجة هذه الازمة، وابدى استعداده لبحث افضل السبل لمساعدة لبنان ليتمكن من التخفيف من وطأة هذه الازمة. لكنه اعتبر ان الظروف الصعبة الحالية التي تمر بها المنطقة حاليا وتعدد وجهات النظر بين دول الاتحاد بخصوص موضوع اللاجئين السوريين تقف حائلا دون الاتفاق على حلول لهذه الازمة.
وكشف النقاب عن ان الموفد الاميركي آموس هوكشتاين يعمل على اعداد خطة تتضمن معالجة الوضع الحدودي بين لبنان واسرائيل.
وقال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ان هوكشتاين سيزور بيروت هذا الاسبوع، ومعه سنبحث كل المسائل.
واضاف ميقاتي: نعمل على حل دبلوماسي للوضع في الجنوب، ربما سيكون تطبيقه مرتبطاً بوقف العدوان على غزة، مشدداً على ان «المطلوب اعادة احياء اتفاق الهدنة وتطبيقه واعادة الوضع في الجنوب الى ما كان قبل العام 1967، واعادة مزارع شبعا التي كانت تحت السيادة اللبنانية، والعودة الى خط الانسحاب السابق بموجب اتفاق الهدنة.
واشار:«نحن نعمل على حل ديبلوماسي ربما سيكون تطبيقه مرتبطا بوقف العدوان على غزة».
وردا على سؤال قال: «التهديدات التي تصلنا مفادها انه يجب انسحاب حزب الله الى شمال الليطاني، في الوقت الذي نشدد نحن على أن هذا الامر جزء من البحث الذي يجب ان يشمل انسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي التي تحتلها ووقف اعتداءاتها على لبنان وخرقها للسيادة اللبنانية».
وتابع: «تلقينا عرضا بالانسحاب الى شمال الليطاني، ولكننا نشدد على الحل الشامل ومن ضمنه حل الموضوع المرتبط بسلاح حزب الله».
وكان ميقاتي بحث الاوضاع الجنوبية والتحركات الدبلوماسية مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، الذي اعلن انه جرى عرض الوضع في الجنوب، والمساعي القائمة، بدءاً من لقاءات الاسبوع وزير خارجية الاتحاد الاوروبي وبحثنا الوضع في الجنوب كما سنلتقي وزيرة خارجية ألمانيا، وكما هو معروف فإن الولايات المتحدة أوكلت الى أموس هوكشتاين متابعة الوضع، وفي حال كانت لديه أمور إيجابية سيزور لبنان في وقت لاحق، وقد أبلغنا الجميع اننا على إستعداد لتنفيذ القرار 1701 بحذافيره، أي يجب العودة الى خط الهدنة لعام 1949 مما يعني انسحاب إسرائيل من الاراضي اللبنانية كافة وان توقف خروقها البرية والبحرية والجوية، واذا طبقت هذه الامور فان ليس لدى لبنان أي مشكلة، وهذا ما تبلغه الحكومة اللبنانية للجميع، ومن الممكن ان يزور لبنان عدد من وزراء خارجية بعض الدول وسنعلن عنهم في الوقت المناسب».
عودة الشاشات
وفي المطار، عادت شاشات المغادرة والوصول في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت إلى العمل بشكل طبيعي، بعد ظهر أمس، بعد أن كانت تعرضت لهجوم سيبراني منذ الأمس.
وجال المدير العام للطيران المدني المهندس فادي الحسن مع الصحافيين في أرجاء المطار للتأكد من عودة الأمور إلى طبيعتها.
وصرح الحسن من المطار قائلا: «الشاشات عادت للعمل بشكل طبيعي أما جرارات الحقائب فنعمل على اعادة وضعها للشكل الطبيعي بشكل تدريجي وحاليا يُشغّل التفتيش يدوياً أما السكانر فلم تتأثر».
وقال الحسن : «ما حصل كبير جدا وغير مسبوق، ونتعامل مع الحدث بشكل جدّي حتى لا يتكرر في المستقبل».
وكشف مصدر أمني تعليقاً على القرصنة انه تم إدخال فيروس لأنظمة مطار مطار رفيق الحريري الدولي ما يستدعي إعادة برمجة جميع الأنظمة.
وافاد المصدر الأمني عن تعاون ألماني فرنسي مع الجيش والأمن اللبناني لتفكيك الهجوم السيبراني على مطار بيروت.
واعلن رئيس المطار فادي الحسن في تصريحات تلفزيونية عن «اعادة تشغيل شاشات مطار بيروت بعد القرصنة ونعمل على إعادة تشغيل خطّ الحقائب ونجتمع الآن مع وزير الأشغال وأمنيّين لمعرفة أسباب ما حصل».
وأكد أن الشاشات ونظام جرارات الحقائب في المطار تعود تدريجيًا الى العمل، وشدد الحسن على أنه سيتم التعاون مع الفنيين للكشف على السيرفر لمعرفة سبب ومصدر الخرق.
وكانت شاشات المغادرة والوصول في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت قد تعرضت الى قرصنة إلكترونية بدأ العمل فورا على معالجتها.
واستنكر النائب فؤاد مخزومي «ما حدث في مطار رفيق الحريري الدولي معلناً رفضه له، وفيه اختراق أمني فاضخ لأمن المطار وأمن وسلامة المسافرين. على القضاء والقوى الأمنية والجهات المختصة وكافة المعنيين، تحمل مسؤولياتهم والتحرك فورًا وفتح تحقيق شامل ودقيق لكشف ملابسات ما حصل لمنع تكراره وإنزال أشد العقوبات بالمرتكبين».
الوضع الميداني
ميدانياً، كان الحدث الجسيم استشهاد القيادي الرفيع في حزب الله الشهيد وسام حسن الطويل بضربة جوية في بلدته خربة سلم، ومن الجنوب، ظهر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في كريات شمونة، وقال: حزب الله كان يعتقد بأننا كخيوط العنكبوت، وفجأة واجه قوة هائلة.
بالمقابل، استهدف حزب الله موقع الراهب في سياق المواجهة المفتوحة مع اسرائيل.
ودعا حزب الله الى المشاركة في تشييع الطويل في بلدته خربة سلم عند الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم.
وكان الجيش الإسرائيلي صعّد خلال ليل الاحد الاثنين من اعتداءاته، فأغار منتصف الليل على أطراف بلدة عيتا الشعب، ونفذ غارتين على أطراف موقع الراهب وعيتا الشعب، وغارة على الاودية المحيطة ببلدتي القوزح وبيت ليف في القطاع الاوسط. كما نفذ غارات وهمية فوق بلدة تبنين واخترق جدار الصوت على مستوى منخفض جدا، ما أدى الى تكسير زجاج عدد من من المنازل وواجهات المحال التجارية.
وبعد منتصف الليل، أغار الطيران الحربي المعادي على الأودية المجاورة لبلدات رامية والقوزح ودبل.
كما أطلق القنابل المضيئة طيلة الليل الفائت فوق القرى والبلدات في القطاعين الغربي والاوسط وصولا الى مشارف مدينة صور.
وفي الجو، أطلق جيش العدو الإسرائيلي ما وصفه بأنه أكبر منطاد مراقبة من نوعه في العالم، وهو بالون عملاق للرصد والتجسس والتصدي للتسلل، سماه Sky Dew أو “ندى السماء” وخصصه للتمركز على الحدود الشمالية، للكشف عن مختلف التهديدات القادمة من الجنوب اللبناني، وأهمها ما يطلقه حزب الله من مسيّرات وصواريخ على أنواعها، للتحذير الاستباقي منها، وفقا لما ورد عنه بوسائل إعلام إسرائيلية عدة، منها موقع The Times of Israel الناشر مواده بالعربية والإنجليزية.
مع ذلك لا تزال منظومة المراقبة المركَّبة في المنطاد الذي يمكن رؤيته من مسافة بعيدة في لبنان، قيد التجهيز وليست مهيأة للتشغيل بعد، بحسب ما قالت القوات الجوية الاسرائيلية في بيان ذكرت فيه أن في المنطاد المعروف باسم “تل شميم” عبريا، عشرات الكاميرات الخاصة، كما وأجهزة كمبيوترية صغيرة، وأخرى رادارية ضخمة. ويبلغ طوله 117 متراً، ويزن عدة آلاف كيلوغرامات.