كتبت صحيفة “اللواء”: تحت قبة البرلمان، وبعد طول انتظار، أتاحت جلسة مناقشة موازنة العام 2024 للنواب ان تظهر شهيتهم للكلام، الذي بمجمله معروف، سواء في ما خص الرئاسة الاولى، او الموازنة التي عدلت منها لجنة المال والموازنة 87 مادة من اصل 133، والغت 46 وعدت 73، وأقرت 14 مادة كما وردت في مشروع قانون الحكومة الذي قدمته وزارة المال، اي ان التعديل والإلغاء شمل 9/10 من مواد الموازنة.
تعرضت الموازنة للتهشيم على يد اهلها، ولم يسمع وزير المال، الخارج من عملية جراحية ألزمته الفراش او الغياب عن الجلسات ما قيل، وما يمكن ان يقال، واتهم رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الحكومة بأنها تجهل ما حصلت من ايرادات تفصيلية خلال العامين 2022 و2023، وما حققته دولرة الرسوم، ولا سيما رسوم المطارات والمرفأ وغيرها.
قبل ان تهدأ النفوس لتسلك المناقشات مجراها، كان اندلع اشتباك كلامي عنيف بين نواب من كتلة التنمية والتحرير وآخرين من التغييريين، اذ اندلعت الشرارة عندما اصر النائب ملحم خلف على الكلام، والتأكيد عن استحالة التشريع بغياب رئيس الجمهورية، مطالباً قبل ان ينسحب بالشروع فوراً بانتخاب الرئيس، واصفاً التعطيل المتعمد بأنه انقلاب على الجمهورية وعلى سيادة القانون، لكن الرئيس بري خاطبه بالقول: ما راح اعملك بطل وطلعك برا القاعة..
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن ما شهدته جلسة مجلس النواب من انقسام يدفع إلى السؤال عن كيفية إنجاز تفاهم داخلي في ملف الرئاسة وقالت أنه لا يمكن فصل المشهد الذي طغى في مجلس النواب عن أي مشهد سياسية طالما أن ما من شيء تبدل في ما خص التباينات والاتهامات المتبادلة بين الأفرقاء و الكتل النيابية.
ولفتت إلى انه ايا كان هناك محاولة جديدة في هذا الملف والأمر مرهون بتجاوب الكتل مع ما قد يطرح في أعقاب اجتماعات المعنبين، ورأت أن الوقت لا يزال مبكرا لرسم سيناريو بشأن المسعى الذي يعمل عليه، مؤكدة أن نجاحه أو فشله هو بيد هذه القوى التي ما تزال مقارباتها الرئاسية متباعدة.
سفراء «الخماسية» اليوم في السفارة السعودية
وسط ذلك، يستمر حراك سفراء اللجنة الخماسية، الذين يعقدون اجتماعاً اليوم في السفارة السعودية حول آلية السعي للتقريب بين اللبنانيين، والسعي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ونفى سفير مصر علاء موسى، بعد لقاء المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان ضم اي عضو جديد الى اللجنة الخماسية، كاشفاً عن جهد يبذل من اجل الانتهاء من انجاز الاستحقاق اللبناني في اقرب وقت ممكن، نافياً اي خلافات داخل اعضاء اللجنة.
الموفدون لتهدئة الجنوب
دبلوماسياً، كشفت مصادر سياسية ان كبار المسؤولين الاوروبيين الذين يزورون لبنان هذه الايام، يقدمون باهتماماتهم مسألة تهدئة الاوضاع المتدهورة في جنوب لبنان، على اي موضوع آخر، بينما يحضر موضوع الانتخابات الرئاسية عرضا في احاديثهم ومباحثاتهم مع المسؤولين اللبنانيين، ما يؤشر ضمنا الى ان تراجع اهتمام الخارج عموما بالانتخابات الرئاسية، وان كان تكليف الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان بهذا الملف لتسهيل انتخاب الرئيس مع اللجنة الخماسية، يبدو منفصلا عن اهتمامات هؤلاء المسؤولين، الذين يتحرك بعضهم بهدف محدد وهو تسريع تحقيق اتفاق بين لبنان وإسرائيل لتخفيف الضغط عن الجانب الاسرائيلي، يضمن من خلاله عودة المستوطنين إلى المناطق التي هجروا منها، جراء الاشتباكات الدائرة على الحدود.
وتشير المصادر الى ان تبرير اهتمام هؤلاء الزوار بتهدئة الأوضاع في الجنوب، خشيتهم من تمدد الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزّة إلى لبنان، وحرصهم على ابقائه بعيدا عنها، بالرغم من التصعيد العسكري الحاصل بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية. كما اهتمامهم بوقف كل ما يمس بالامن والاستقرار على جانبي الحدود، وبضرورة التزام لبنان تطبيق القرار الدولي رقم١٧٠، كاساس لارساء الامن والسلام في هذه المنطقة.
المناقشة تستأنف اليوم
ورفع الرئيس بري جلسة المناقشة الى الساعة 11 من قبل ظهر اليوم، وقال الرئيس ميقاتي لدى مغادرة الجلسة ان الموازنة لا يمكن ان تقر باقتراح قانون، بل بمشروع قانون يأتي من الحكومة، على ان يحل نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي مكان وزير المال في تلاوة البيان المتعلق بالموازنة وفذلكتها.
وجرى تبادل رسائل عدة بين الرئيس بري ورئيس تكتل لبنان القوي، الذي قال في كلمته: سنبقى في الجلسة اذا قبلت اقتراح القانون المقدم من قبلنا والا سنخرج ويبقى رئيس لجنة المال والموازنة والعضوان في اللجنة لمتابعة عملهم التقني، على ان يصوتوا ضد الموازنة.
وتوجه باسيل الى الرئيس بري بالقول: عدم وجود رئيس للجمهورية جريمة بحق اللبنانيين وليس بحق المسيحيين فقط. لمن يعوّل على التحولات الخارجية لتحديد رئيس للجمهورية هو واهم، ولن نقبل بفرض رئيس لا بالضغوط او بالعروض، فرد بري: «هيدي اول شغلة مليحة بتعملها».
وفي رد آخر، لبري على باسيل الذي تحدث عن ضرورة اقرار قوانين اساسية وتشريع الضرورة من بينها الكابيتال كونترول، قائلاً: «من قاطع الجلسة التي كان على جدول اعمالها الكابيتال كونترول هو أنتم».
وقال الرئيس ميقاتي: الحكومة اوقفت الانهيار، ولا مانع لدينا من اعتماد التحسينات على الموازنة. والحكومة ومجلس النواب فريق عمل واحد، ونتمنى ان نصل الى الهدف، ملاحظاً بعض التحامل على الكلمات.
وشن النائب علي حسن خليل حملة على نواب التغيير، وقال: الصغارالذين تعودوا ان ينتقلوا بمواقفهم حسب المصالح والدفع المسبق، صدقوا كذبة التغيير، التي كشفتها ممارساتهم وصفقاتهم مع اصحاب المصالح في الداخل والخارج.
وحصل تلاسن بين خليل والنائب عن حاصبيا.
وتطرقت مداخلات النواب (النائب ميشال ضاهر وغيره) الى مزاريب الهدر وعدم التحصيل في الموازنة، فضلاً عن الحسابات الخاطئة.
وبدت الكتل المسيحية كمن يغسل يده من التصويت بحلها..
وحده النائب ابراهيم كنعان رئيس لجنة المال فنّد التعديلات الأساسية والبنيوية التي أدخلتها اللجنة على الصيغة المحالة من الحكومة، وفق التقرير الذي أعدّه، قائلا «لقد نفضنا الموازنة كما أتت من الحكومة». وشدد على مخالفات الحكومة، والإصلاحات التي قامت بها لجنة المال والموازنة. واكد أن «لا اصلاح من دون أجهزة رقابة وإلاّ حرير رح نلبس».
أضاف:«المعلومات تقول إن سلفات الخزينة ٨٠ الف مليار لا ٣١ ألف مليار كما وردنا من الحكومة وللحد من المخالفات ضمّنت لجنة المال مشروع الموازنة نصاً يحظر إعطاء سلفات خزينة وتحميل المخالفين لهذه الأحكام تسديد السلفات بأموالهم الخاصة وإحالتهم على القضاء المختص».
ورأى ان دولة بلا حسابات هي دولة بلا ذمة، ودولة بلا ذمة يعني دولة بلا شرف، وهذا الكلام استفز الرئيس ميقاتي الذي انتفض من مكانه محاولا الرد، قبل أن يسارع الرئيس بري الى سحب العبارة من المحضر.
تبقى الاشارة الى انه تحدث في جلسة الامس في الصباح والمساء 17 نائبا».
إضراب الادارة العامة
وسط هذا الصخب النيابي، دعا تجمع موظفي الادارة العامة «جميع الموظفين الى الاقفال التام الاسبوع المقبل بدءاً من الاثنين 29/1/2024 ولضمان عدم اختراع الحلول الظالمة لموظفي الادارة، ودعماً لكل من يفاوض باسمها».
وطالب التجمع بـ«سحب كافة المساعدات والتعويضات الخاصة، بحيث لا يقل الحد الادنى في القطاع العام عن 600 دولار مع اعادة النظر في المساهمات في الصناديق والتدابير الخاصة ببعض الاسلاك التي انهكت خزينة الدولة واحدثت فروقات كبيرة بين العاملين في القطاع العام.
جرى كل ذلك وكأن لا وضع صعباً في الجنوب، ولا حرب ولا من يحاربون، او يحزنون، مع مواصلة اسرائيل اعتداءاتها على القرى الجنوبية وساحل الناقورة الى سهل صور والقليلة، وصولاً الى اطراف راشيا الفخار والهبارية والفرديس، وردت المقاومة باستهداف موقع بياض بليدا بالاسلحة الصاروخية المناسبة في عمليات يغلب عليها بعض المواجهات العنيفة، ما يمكن وصفه بالتحريك والتبرير لمراجعة الوضع الميداني، وتسديد الضربات الموجعة.
وليل امس، اعلن حزب الله عن استهداف موقع بركة ريشا الاسرائيلي واستخدمت فيها الاسلحة الصاروخية.