كتبت صحيفة “الديار”: في الوقت الذي يحتدم فيه القتال بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، التي لا تزال تحاول تطويق مدينة خان يونس في قطاع غزة، تنشط الجهود والوساطات الدولية للتوصل لهدنة تضع حدا للمآسي الانسانية المتفاقمة في صفوف الفلسطينيين، خاصة بعد اعلان المفوّض العام للأونروا ان تعليق تمويل الوكالة سيؤدي إلى توقف جميع الانشطة في القطاع في غضون أسابيع.
وفيما خص الاجتماع الذي عُقد يوم امس الأحد في العاصمة الفرنسية باريس، بمشاركة رؤساء أجهزة المخابرات «الإسرائيلية» والولايات المتحدة ومصر ورئيس وزراء قطر، لتحريك صفقة جديدة لتبادل الأسرى، قد حقق بعض الايجابيات. وأشار مكتب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو انه حصل بعض التقدم، لكن «لا تزال هناك اختلافات كبيرة في مواقف الأطراف، والتي سيتم مناقشتها خلال اجتماعات إضافية، هذا الأسبوع».
وفي تطور لافت، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن امس، أن ثلاثة عسكريين أميركيين قتلوا وأصيب اكثر من 30 جنديا في هجوم بطائرة مسيّرة على قوات أميركية متمركزة في شمال شرق الأردن قرب حدود سوريا، متهما جماعات مدعومة من إيران بتنفيذ الهجوم، وتوعد انه «سيحاسب كل المسؤولين عن الهجوم الذي استهدف قواتنا في الوقت المناسب وبالطريقة التي نختارها».
الاتفاق غير ميسر
واعتبرت مصادر واسعة الاطلاع ان «التوصل لتفاهم قريب بين حماس و»اسرائيل» ليس ميسرا تماما، في ظل المواقف والشروط المتناقضة للطرفين». وأشارت المصادر لـ «الديار» الى انه «وفي الوقت الذي يرفض نتنياهو اي اتفاق يؤدي لوقف نهائي لاطلاق النار، لعلمه بأن ذلك سيؤدي حتما لسقوط حكومته وانتهائه سياسيا، تتمسك حماس جيدا بورقة الاسرى، وهي ترفض التخلي عنها تحت اي ظرف دون تحقيق هدفها الاساسي بوقف الحرب على القطاع». واضافت المصادر: «تعي الحركة ان سيرها بأي تفاهم يؤدي لهدنة لشهرين فقط مقابل الافراج عن 100 اسير، يعني ان «اسرائيل» ستعود للقتال بشراسة بعد ذلك.. من هنا التشدد بالتعاطي مع اي هدن مؤقتة، لعلمها بالنوايا الاسرائيلية الخبيثة».
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤولين أميركيين مساء السبت، أن المفاوضين يقتربون من التوصل إلى اتفاق تعلق فيه «إسرائيل» حربها على قطاع غزة لمدة شهرين، مقابل الإفراج عن أكثر من 100 أسير لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو اتفاق قالت انه يمكن إبرامه خلال الأسبوعين المقبلين.
من جهتها، أفادت قناة «كان الاسرائيلية» التابعة لهيئة البث الرسمية امس، بأن «الجيش الإسرائيلي» سحب لوائيّ 4 و55 احتياط من قطاع غزة بعد انتهاء مهمتهما، وذلك في أحدث حلقة من عمليات مماثلة بدأت أواخر كانون الأول الماضي، في وقت تجمهر مئات «الإسرائيليين» ولليوم الخامس على التوالي عند معبر كرم أبو سالم، مما أدى إلى إغلاقه، بهدف منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حسبما أكدت تقارير صحافية.
وقالت القناة 13 «الإسرائيلية» إن «الإسرائيليين» بمن فيهم عائلات بعض الرهائن المحتجزين في غزة، أغلقوا المعبر الذي يفصل بين «إسرائيل» والقطاع، للضغط من أجل الإفراج عن ذويهم.
وعلى الأثر، أعلن جيش العدو الإسرائيلي منطقة معبر كرم أبو سالم الحدودية مع قطاع غزة «منطقة عسكرية مغلقة». وجاء هذا القرار بهدف الحيلولة دون تنظيم التظاهرات اليومية لعائلات الرهائن المحتجزين في غزة، التي تمنع دخول شاحنات المساعدات إلى القطاع.
مساع لتطويق خان يونس
ميدانيا، تواصلت المعارك يوم امس الأحد بين المقاومة الفلسطينية وجيش العدو في مدينة خان يونس، في ظل محاولات الاخير تطويق المدينة.
وأشارت سرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الى انها تخوض اشتباكات ضارية مع جنود «إسرائيليين»، في محاور التقدم بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة عن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 26 ألفا و422 شهيدا و65 ألفا و87 مصابا منذ 7 تشرين الأول 2023. وأشارت الوزارة الى أن الاحتلال ارتكب 19 مجزرة في القطاع راح ضحيتها 165 شهيدا و290 مصابا خلال الـ24 ساعة الماضية.
كارثة انسانية
اما على الخط الانساني، فقد أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن «الوقود والغذاء والإمدادات تنفد في مستشفى ناصر، حيث لا يزال هناك 350 مريضا و5 آلاف نازح»، مجددا دعوته إلى «وقف فوري لإطلاق النار».
من جهته، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الدول المانحة «ضمان استمرارية عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بعدما علقت الكثير منها تمويلها لها، بسبب اتهامات «اسرائيل» بأن موظفين في الوكالة قد يكونون ضالعين في هجوم حماس في السابع من تشرين الأول».
وأكد غوتيريس انهاء خدمة 9 من بـين 12 من موظفي الأونـروا المتورطين في هجوم 7 تشــرين الاول على «إســرائيل».
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن «باريس أجّلت قرارها النهائي بشأن تعليق تمويل الأونروا حتى إنهاء مشاورات مع الأمم المتحدة».
وقالت مصادر فلسطينية لـ»الديار» ان «بقاء الدول المانحة ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية على قرارها وقف تمويل الاونروا سيؤدي لكارثة انسانية في القطاع، باعتبار ان الوكالة هي الوحيدة التي تدخل المساعدات الى القطاع، وان كان ذلك يحصل بنسب ضئيلة جدا لا تتناسب اطلاقا مع الحاجات الكبيرة للسكان المحاصرين».
حركة بلا بركة
لبنانيا، تبخرت كل الايجابية التي أحاطت بحراك سفراء دول «اللجنة الخماسية»، وعلى رأسهم السفير السعودي وليد البخاري. وقالت مصادر معنية بالملف ان «الحركة التي تحصل تبين انها بلا بركة، اي لا تحمل اي طرح جدي لاخراج الازمة من عنق الزجاجة، كما انها اقرب لتكون شكلية فقط» . واضافت المصادر لـ»الديار»:»أُبلغت الخماسية بوضوح ان الثنائي الشيعي ليس بصدد ان يتراجع عن مرشحه، وانه متمسك به اليوم اكثر من اي وقت مضى، خاصة وانه يستشعر ان المعطيات في المنطقة قد تصب لصالحه قريبا».
واشارت المصادر الى ان «قوى المعارضة التي عوّلت على خرق يحققه الحراك الدولي المستجد، عادت وابلغت المعنيين بأن لا مكان للايجابية الرئاسية راهنا، وان الاستحقاق بات مرتبطا بمصير التسوية المنتظرة في المنطقة، التي كلما طالت طال معها مسار الجلجلة اللبنانية».
ويوم امس، رفع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال القداس الالهي في بكركي الصوت، موضحا ان «اهالينا في القرى الحدودية يؤكدون لنا رفضهم ان يكونوا كبش محرقة لثقافة الموت التي لم تجر الا انتصارات وهمية، وهم يقولون لنا ان ذلك ليس تخليا عن القضايا الوطنية والعربية، انما رفضا لان نكون رهائن ودروع بشرية وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة».