كتبت صحيفة “البناء”: أجرى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن محادثات مكثفة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قالت المصادر الأميركية الإعلامية المواكبة للزيارة إنها تركزت على تشجيع الرياض على المساهمة في سلة يمكن أن تخرج المنطقة من مخاطر التصعيد. وتقوم الصيغة التي يحملها وزير الخارجية الأميركية لولي العهد السعودي على التخلي عن شرط ربط التطبيع السعودي الإسرائيلي بقيام الدولة الفلسطينية وفقاً لنص المبادرة العربية للسلام، التي اقترحتها السعودية، بربط التطبيع مع “اسرائيل” بقبول “اسرائيل” لوقف الحرب، مقابل تعهد أميركي بالسير في سلسلة خطوات لاحقة لوقف الحرب تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية. وقالت المصادر إن الموقف السعودي القائم على عدم رفض التطبيع، ربط السير بخطوات عملية سياسية ودبلوماسية تطبيعية بمعادلة خطوة مقابل خطوة، واعتبار التعهد بالتطبيع عند قيام الدولة الفلسطينية أمراً يمكن قبوله مقابل إعلان إسرائيلي بوقف الحرب والقبول بقيام دولة فلسطينية من حيث المبدأ. وهو ما لا يعتقد الوزير الأميركي أنه ثمن كافٍ لإنزال القيادة الإسرائيلية عن شجرة التصعيد، مبدياً عدم الارتياح للمواقف السعودية المشابهة لرفض المشاركة في حلف البحر الأحمر والتمسك باعتبار ما يفعله أنصار الله اليمنيون مرتبطاً بما يجري في غزة.
في سورية والعراق واصلت المقاومة عملياتها باستهداف القواعد الأميركية، وكان أبرزها استهداف القاعدة العسكرية الأميركية في حقل العمر النفطي. وفي وقت لاحق نقلت الوكالات العالميّة أخبار سقوط ستة قتلى من جماعات قسد الكردية، التي أناط بها الأميركيون مهمة الحراسات الظاهرة للقواعد الأميركية، كي يتسنّى للجنود الأميركيين الاحتماء داخل التحصينات المعدة لتفادي الهجمات. وقالت مصادر في شرق الفرات إن “قسد” حوّلت مقاتليها إلى أكباش فداء نيابة عن الجنود الأميركيين وحولت الأكراد في المنطقة الى دروع بشرية لقوات الاحتلال الأميركي.
على جبهة الحدود اللبنانية، تواصل المقاومة عملياتها، ويواصل جيش الاحتلال استهداف القرى والبلدات الجنوبية. وسجل في هذا المجال ارتقاء ثلاثة شهداء من مقاتلي حركة أمل، بينما يصل الى بيروت وزير الخارجية الفرنسي قادماً من تل أبيب حيث يواصل المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين اتصالاته، والعنوان المشترك هو البحث بمقترحات للتهدئة على الحدود اللبنانية الجنوبية، روّجت مصادر إسرائيلية لتحقيقها تقدماً نحو الوصول الى تفاهم، وهو ما نفاه حزب الله جملة وتفصيلاً معيداً التأكيد على موقفه المبدئي، بأن لا شيء قابل للبحث قبل وقف العدوان على غزة.
وشهدت الجبهة الجنوبية مزيداً من السخونة والتهديدات الإسرائيلية بتوسيع العدوان على لبنان، عشية وصول وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه الى لبنان آتياً من الأراضي المحتلة، وذلك للحث على تطبيق القرار 1701 ومنع تمدّد الحرب الاسرائيلية.
وأشارت مصادر “البناء” الى أن “زيارة الوزير الفرنسي تندرج في إطار الدور والحراك الدبلوماسي الفرنسي على خط بيروت “تل أبيب” لاحتواء التصعيد بين حزب الله و”إسرائيل” ومنع تدحرج العمليات العسكرية المتبادلة على الحدود الى حرب كبيرة لا يمكن حينها إيقافها”. ولفتت المصادر الى أن “وزير الخارجية الفرنسي أجرى محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين وسيتحدّث مع المسؤولين اللبنانيين ويحمل رسالة تحذيرية للطرفين من مغبة الانخراط في حرب ستكون مدمرة ولن يخرج فيها رابح، بل جميع الأطراف خاسرة”، كما سيبحث سيجورنيه “الآليات المتاحة لتطبيق القرار 1701 لجهة تعزيز قوات اليونفيل وتفعيل دورها وكذلك دور الجيش اللبناني”. ووفق المصادر فإن الوزير الفرنسي يحمل رسالة من “إسرائيل” إلى لبنان تتضمن مقترحات لحل ملف الحدود ودفع الحكومة اللبنانية الى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق القرار 1701 ووقف العمليات العسكرية التي يقوم بها حزب الله ضد “إسرائيل”، وذلك مقابل تجميد أن وقف “إسرائيل” لأي عمل عسكري واسع النطاق في الجنوب لضمان أمن مناطق الشمال المحاذية للحدود مع جنوب لبنان.
وأشار المتحدث باسم حكومة الاحتلال ايلون ليفي، الى أننا “أطلعنا المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين على انتهاكات حزب الله عند حدودنا الشمالية”، مؤكداً أن “صفقة إطلاق الرهائن لن تتم عبر دفع أثمان أخرى”.
بدوره، أكد وزير الخارجية في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، أن الوقت ينفد لإيجاد حل دبلوماسي في جنوب لبنان. وقال “إذا لم يتم التوصل لحل سياسي فسيكون هناك تحرّك عسكري لإعادة سكان البلدات الإسرائيلية على حدود لبنان”.
وواصل الموفد الرئاسي الأميركي اموس هوكشتاين اتصالاته في “اسرائيل”، لإقناعها بعدم الذهاب نحو اي خيار عسكري في ما خصّ الحدود الشمالية مع لبنان.
وأكدت جهات سياسية مطلعة على موقف المقاومة لـ”البناء” أن حزب الله لن يوقف الجبهة الجنوبية بل سيستمر بعملياته ضد شمال فلسطين إلا بعد توقف العدوان على غزة، وهذا ما أبلغه الحزب لكل ما راجعه وسأله من الوسطاء والرسل، وأن أي محاولة من قبل الموفدين والمبعوثين الدوليين لتحقيق مكاسب لكيان الاحتلال بالطرق الدبلوماسية عجز عن تحقيقها بالحرب في الميدان هي محاولة فاشلة ولن تنجح. وعلى هؤلاء الموفدين أن يضغطوا على حكومة الاحتلال لوقف عدوانها على غزة وعلى لبنان لكي يعود الوضع الى ما كان عليه قبل 7 تشرين الأول، وأي كلام آخر يعني الاستمرار في المكابرة وتمديد أمد حرب الاستنزاف لجيش الاحتلال ووضع المنطقة برمّتها على شفير الحرب الكبيرة. وحذرت الجهات من أن أي توسيع للعدوان الإسرائيلي على لبنان سيلقى الرد المناسب الذي سيلحق أضراراً كبيرة في كيان الاحتلال تفوق بأضعاف ما تكبده في حرب غزة.
وفي سياق ذلك، أكّد رئيس الهيئة الشرعية لحزب الله الشيخ محمد يزبك أن “المقاومة انطلقت من تكليفها لمواجهة هذا العدو الغادر، وهي لم تستخدم إلا بعضًا ممّا تقتضيه المعركة، ولكن إذا ما اتسعت الحرب فهناك شأن آخر”. وقال سماحته إنّ “عملية طوفان الأقصى قلبت المعادلة وأرست معادلة جديدة، وبالتالي أفرزت بين من يريد الكرامة والعزة والحرية لأمته وشعبه، وبين من يعيش في الذل والهوان”، مضيفًا: “بعد أربعة أشهر، لم يستطع العدو الصهيوني أن يحقق أيًا من أهدافه، بالرغم من دعم أميركا والغرب وتواطئهم مع بعض الدول العربية والإسلامية”.
ورأى يزبك أن “غارات أميركا وحلفائها التي تُشن على اليمن والعراق وسورية دلالة على التخبط الأميركي، ويتنافى مع ما تدعيه بأنها لا تريد توسعة الحرب، أليس هذا توسعة الحرب؟”، مشددًا على أن: “هذه الغارات تعطي المقاومة قوةَ وزخمًا في المواجهة، ونحن اليوم في هذا المحور نزداد قوةً وتعاظمًا يوماً بعد آخر”.
بدوره شدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض خلال تشييع حزب الله وجمهور المقاومة في بلدة الطيبة الجنوبية الشهيدين على طريق القدس عباس علي مبارك ومحمد جودات يحيى، وذلك بمسيرة حاشدة انطلقت من أمام منزلي الشهيدين، شارك فيها عضوا كتلة الوفاء للمقاومة أن “العدو الإسرائيلي الذي يُكثر من تهديداته في هذه الأيام ومن سيناريوهاته الواهمة، إنما هو في هذه الأيام ذئب جريح عاجز عن التمييز بين الخطوات المحسوبة وبين الجنون المتهور، وبالتالي، لا فرق في حسابات المقاومة واستعداداتها لمواجهته، سواء كانت هذه التهديدات تهويلًا أو تعبيرًا عن نيات مبيّتة”.
وأكد النائب فياض “أننا على مدى كل تاريخنا، كنا نأخذ التهديدات الإسرائيلية بكل جدية، وفي هذه الأيام نأخذها بأعلى درجات الجدية، ومهما تنوعت خيارات العدو وسيناريوهاته، فإن للمقاومة سيناريو واحداً، هو المقاومة والدفاع عن هذه الأرض ومواجهة كل عدوان واستهداف يطال هذا الوطن وأهلنا وأرضنا وسيادتنا”.
وكانت المقاومة واصلت عملياتها وأعلنت استهداف “موقع السمّاقة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة وموقع رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة”. ونعى حزب الله الشهيد سلمان محمد حسن فقيه من بلدة عيترون والشهيد عباس أحمد الخرسا من بلدة الطيري في جنوب لبنان والشهيد عباس خضر ناصر من بلدة يارون في الجنوب.
كما نعت حركة أمل” في بيان حسن سكيكي وجعفر اسكندر وحسين عزّام الذين “استشهدوا أثناء قيامهم بواجبهم الوطنيّ”.
في المقابل استمرّ العدو الاسرائيلي بعدوانه على القرى الجنوبية، واستهدف أطراف مركبا قضاء مرجعيون ووادي حامول واللبونة والناقورة. وتعرضت منطقة وادي حسن وأطراف بلدة مجدل زون لقصف مدفعي. وأغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على أطراف بلدة مروحين. كما أشارت القناة 12 الإسرائيلية الى “أن 8 صواريخ أطلقت من لبنان في اتجاه الجليل الأعلى والجيش الإسرائيلي ردّ بقصف مدفعي”.
وأشار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، خلال ندوة نظمها التيار حول “وثيقة الأخوة الإنسانية بين النظرية والتطبيق”، الى “أننا نريد سلاماً يوقف جريمة الإبادة في فلسطين ويعاقب المرتكب ويعيد الحق لشعب ظلمته عقيدة استعمارية غريبة عن ثقافتنا، جعلت جماعات لا رابط بينها سوى مشروع مركّب على الدين تحتل أرضاً وتطرد شعبها وترفض السلام معه”، معتبراً أن “لا سبيل الى السلام مع من يغتصب الحقوق ولا سبيل الى السلام مع من يقتل شعباً ويهجّره ويحرمه من أرضه ومن دولته”.
وسأل باسيل :”كيف السبيل الى السلام مع من يعتبر نفسه فوق القانون الدولي وفوق المحاسبة. انّ الزمن تبدّل فليتنبّه أصحاب هذا الفكر التسلّطي التدميري في “إسرائيل” قبل فوات الاوان”.
وشدد باسيل على ان “السلام الحقيقي هو حالة داخلية يعيشها المعني به وهو فعل اقتناع عميق داخله، أساسه صدق الافكار في الحوار لاكتشاف الآخر وفهمه وبناء الثقة معه، لأن الانسان عدو لمن وما يجهل”، متسائلاً: “أليس مثل هذا السلام ما ينقص شرقنا الغارق في حروب ومظالم لا تنتهي؟ لن يُبنى السلام في منطقتنا من دون حوار ركيزته الاعتراف المتبادل بالوجود وبالحقوق وبإسقاط كل فكر إلغائي للآخر وفي طليعته الصهيونية والداعشية، عقيدةً وممارسةً”.
ولم يسجل الملف الرئاسي أي جديد، بانتظار الخطوة المقبلة من اللجنة الخماسية من أجل لبنان، وغداة تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري التي حملت معطيات جديدة لا سيما ما نقله عن السفراء خلال لقائه بهم، بأن لا فيتو على أي مرشح بمن فيهم الوزير السابق سليمان فرنجية، وتوجيه رسالة الى كتلتي “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” لتلبية دعوته للتشاور قبل عقد جلسات، قطع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الطريق على الحوار والتشاور، بقوله إننا “مع الحوار في كلّ لحظة ولكن لا نتيجة له لأنّ الثنائي متمسّك برئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة”، لافتاً الى أنه “إذا اللجنة الخماسيّة تريد فرنجيّة فلتنتخبه ومعظم الدول المهتمّة بلبنان تريد قائد الجيش رئيساً”.
واعتبر جعجع، في حديث تلفزيوني أن “رئيس مجلس النواب نبيه برّي نسف طرح السفراء بخيار رئاسي ثالث والدعوة إلى جلسة انتخاب وهم يئسوا بعدما سمعوه”.
على صعيد آخر وقع الرئيس بري مشروع قانون موازنة عام 2024 وأحاله الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.
من جهته، استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفداً من جمعية المصارف برئاسة سليم صفير.
وأكد مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية نقولا نحاس أن ميقاتي سيطرح على مجلس الوزراء الخميس المقبل سلّةً متكاملة للانتظام المالي الجديد بناءً على دراسة توصّلت اليها اللجنة التي شكّلها ميقاتي آخذاً رأي المصرف المركزي.
ليس بعيداً، غادر حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى المملكة العربية السعودية أمس للمشاركة في مؤتمر مالي وعقد لقاءات رسمية، بدعوة من المصرف المركزي السعودي.