كتبت صحيفة “الديار”: على وقع الترويج «الاسرائيلي» لايجابيات حملتها زيارة المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين، لناحية التوصل الى وقف للنار على الجبهة الشمالية، تقف المنطقة ومعها لبنان امام ساعات او ايام حاسمة، ستحدد طبيعة المرحلة المقبلة على المديين القصير والمتوسط، بعدما بات مصيرهما مرتبطا بتطورات غزة. وهنا وهناك، «لعبة عض الاصابع» على اشدها بين مختلف الاطراف لتحسين شروط الهدنة المفترضة التي يحتاجها الجميع، والتي ستنعكس حكما على كافة جبهات المساندة، لكن كل طرف يعمل على تحسين شروطه في الميدان، وعبر تجميع «اوراق» القوة الديبلوماسية المتاحة لديه.
وفيما تقاوم حركة حماس الضغوط الدولية والعربية لثنيها عن تمسكها بشرطها الاساسي بعدم قبول اي مقترح لا يتضمن وقف الحرب بشكل كامل، يجدد حزب الله كلامه في السر والعلن ان ما لم يأخذه العدو في الحرب لن يأخذه في السياسة، ولا تفاهمات الا بعد وقف حرب غزة. وقد اقر العدو بالامس ان المقاومة لم تستخدم حتى الآن الا 5 بالمئة من امكاناتها.
وتبقى الخشية الاساسية من المزايدات الداخلية «الاسرائيلية» التي قد تدفع كافة الجبهات الى الانفجار الواسع، في ظل ضعف الموقف الاميركي الذي لا يزال يغري رئيس حكومة الحرب بنيامين نتانياهو بترف البقاء في السلطة، وتقدم لـ «اسرائيل» «جزرة» التطبيع مع السعودية بشروط مخففة، لا تشتمل على قيام دولة فلسطينية. وبانتظار ان تتبلور محادثات وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن في زيارته الخامسة، يشكك الكثيرون في امكانية ان تثمر الضغوط الاميركية دون استخدام «عصا» وقف الدعم العسكري، والغطاء الديبلوماسي القادر وحده على اجبار دولة الاحتلال على وقف عدوانها ، وسحب فتيل الانفجار الذي يهدد بتفجير المنطقة برمتها.
التخبط الاميركي
وفي هذا السياق، عبرت مصادر ديبلوماسية اوروبية عن قلقها من السياسة «المتذبذبة» وغير المتزنة للإدارة الأميركية، التي دخلت قبل اشهر من الانتخابات الرئاسية في حالة انعدام وزن سياسي، ينعكس تخبطا في تعاطيها مع مستجدات وملفات الشرق الأوسط. ولهذا فان الأيام المقبلة ستكون «مرهقة جدا» ، لان هذا الخلل في ادارة وضع معقد، قد يجر المنطقة الى تعقيدات أمنية كبيرة، بدل حل العقد الحالية المسيطر عليها ضمن سقوف مقبولة حتى الآن.
زيارة بلينكن مفصلية
وستكون زيارة بلينكن الحالية مفصلية، لمعرفة اذا كانت واشنطن قد ادركت اخيرا خطورة الاخلال بالتوازنات الحالية عبر استخدام القوة غير العاقلة، والتي لا تجبي اي ثمن حقيقي من اعدائها، بل تهدد مصالح الجميع في المنطقة، او ان قراراتها الأمنية والسياسية وحتى الإستراتيجية ستكون مرتبطة بالحسابات الانتخابية، اي مزيد من محاولة استثمار حملة الرئيس بايدن ، عبر إظهار الالتزام أكثر بمساعدة «إسرائيل» وحمايتها من نفسها؟!
ضغوط ديبلوماسية
وفي اطار الضغوط المستمرة على لبنان، يصل الى بيروت اليوم وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه قادما من «اسرائيل»، حاملا معه المزيد من التهديدات الاسرائيلية «الجوفاء»، التي باتت مثار تندر مستوطني الشمال وكبار المسؤولين الامنيين السابقين، حيث ابلغه وزير الخارجية «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس أن الوقت ينفد لإيجاد حل ديبلوماسي جنوب لبنان، واكد انه إذا لم يتم التوصل لحل سياسي، فسيكون هناك تحرك عسكري لإعادة «سكان البلدات الإسرائيلية» على حدود لبنان.
«اسرائيل « والبوادر «الايجابية»!
في هذا الوقت، واصل الموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين اتصالاته في دولة الاحتلال لمنع التصعيد على الجبهة مع لبنان، وحرصت المصادر «الاسرائيلية» على ترويج اجواء ايجابية حول إمكانية الوصول لحلّ سياسي، وكشفت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مقترح أميركي يشمل تراجع حزب الله عن الحدود وعودة المستوطنين، مؤكدةً وجود «بوادر إيجابية» للتهدئة بين «إسرائيل» وحزب الله بعد وساطة أميركية. ونقلت عن مسؤولين «اسرائيليين» تاكيدهم أنّ هناك فرصة حقيقية لنجاح مساعي إنهاء التوتر مع حزب الله.
من جهتها، ذكرت القناة 12 العبرية، أن الإشارات الإيجابية ظهرت خلال اجتماعات هوكشتاين مع مسؤولين «إسرائيليين» على رأسهم وزير الدفاع يوآف غالانت. وقالت «يبدو أنه لأول مرة منذ اندلاع الحرب، ظهرت إشارات إيجابية للقناة الديبلوماسية». ونقلت عن مسؤولين كبار في «إسرائيل»، بان شعورًا أفضل ينشأ من اللقاءات عما كان عليه في بداية الحرب، مع وجود فرصة حقيقية لنجاح الخطوة.
ما هو الاقتراح الاميركي؟
ولفتت القناة «الإسرائيلية» الى ان الاقتراح الأميركي يتضمن صيغة من خطوتين: في المرحلة الأولى، سيقوم الطرفان بإعداد اتفاق تفاهم مؤقت، يتضمن انسحاب قوات حزب الله من حدود الجنوب اللبناني، وزيادة انتشار قوات اليونيفيل والجيش اللبناني في المنطقة، وأخيراً عودة السكان «الإسرائيليين» إلى البلدات التي تم إخلاؤها شمالا مع بداية الحرب. واعتبرت القناة أنه إذا أثمرت الجهود بالفعل، فإن المفاوضات ستتم في المرحلة الثانية، والتي ستكون «إسرائيل» في إطارها مستعدة أيضًا لتسويات معينة. في إشارة الى مفاوضات ترسيم الحدود البرية التي تضغط واشنطن لاتمامها. ووفقا للقناة 12 العبرية، فإن «إسرائيل» تتعامل بايجابية مع الاقتراح الأميركي، لكنها تؤكد أن التقدم سيعتمد بالضرورة على وقف إطلاق النار في غزة.
لا وقف للنار دون تسوية
ولفتت القناة الى ان هوكشتاين بات مدركا أن «إسرائيل» لا تسمح بفترة زمنية غير محدودة، فهي تكرر أنه إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في الجنوب، فإنها لن توقف الحرب في الشمال دون التسوية، وهو الموقف الذي عبّر عنه أيضًا وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي أبلغ هوكشتاين أن «تل أبيب» مستعدة لحل الصراع مع جنوب لبنان، من خلال التفاهمات الديبلوماسية، لكن «اسرائيل» مستعدة أيضًا لأي سيناريو آخر؟!
المقترح البريطاني
في المقابل ووفقا لمصادر مطلعة، يبدو ان الاميركيين يميلون الى تبني مقترحا بريطانيا، يقوم على «اعلان من الجانبين اللبناني و»الاسرائيلي» عن وقف النار، تزامنا مع هدنة غزة وسحب المظاهر العسكرية على جانبي الحدود، وترسيم الحدود من الناقورة حتى شبعا ضمنا في مرحلة ثانية، على ان يتم نصب ابراج ونقاط مراقبة مجهزة بأجهزة رصد تحت اشراف اليونيفيل تعمل على جانبي الحدود، وان تكون الاجراءات ملزمة للجانبين، اي على لبنان عدم خرق القرار 1701 ، وعلى «اسرائيل» ضمان عدم القيام بأي خرق بري او بحري او جوي للقرار الدولي. هذه المقترحات تنتظر لبنانيا اولا وقف العدوان على غزة، وبعدها يمكن الحديث عن الترتيبات المفترضة، لكن حزب الله ابلغ من يعنيهم الامر، انه غير معني «بانزال العدو عن الشجرة»، ولن يمنحه بالديبلوماسية ما لم يستطع ان يأخذه بالعدوان والحرب، وهو امر يتماهى مع الموقف الرسمي اللبناني الرافض للحلول المجتزأة.
قدرات حزب الله
في هذا الوقت، وفيما فقد المستوطنون في الشمال ثقتهم بالجيش «الاسرائيلي»، نقلت وسائل اعلام «اسرائيلية» عن مصادر بالمؤسسة الأمنيّة قولها إنّ حزب الله لم يستخدم حتى اللحظة سوى خمسة بالمائة من قوّته، وأنّه ما زال يحمل الأوراق التي بحوزته قريبًا لصدره. وفي هذا السياق، قال غابي نعمان، رئيس بلدة شلومي، التي تمّ إخلاء سُكّانها بسبب صواريخ حزب الله: «شعوري هو أنّ جميع المؤتمرات التي جرت، سواء من قبل وزير الأمن أوْ المتحدّث باسم «الجيش الإسرائيلي»، ليست موجهةً لسُكّان الشمال، بل للمبعوث الأميركيّ عاموس هوكشتاين، أنا حقا أعتذر، لكنّني لا أثِق بالجيش الإسرائيلي، لقد فشل في الجنوب، وأنا خائف جدًا من أنّه سيفشل مرّة أخرى في الشمال، خاصّة مع وجود منظمّة كبيرة على الحدود الشماليّة».
نصرالله الخطير والمحنك
ومجددا احتل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المشهد من جديد، واعترف قادة الاحتلال من المؤسستيْن الأمنيّة والسياسيّة بأنّه أجرأ الزعماء العرب في الماضي والحاضر، وأنّه لا يتورّع عن تحدي «إسرائيل» إعلاميًا وعسكريًا. وفي هذا السياق، قال الإعلاميّ «الإسرائيليّ» يهودا غليكمان في صحيفة «كيكار هاشبات» العبريّة ان قائد حزب الله خطيرٌ ومُحنّكٌ، ويعرف المصالح «الإسرائيليّة» أكثر من أيّ عدوٍّ كان، قريبًا أوْ بعيدًا.
قائد المحور الجنوبي
ولفت الكاتب الى ان «نصر الله يفهم بشكل ممتاز جميع التحولات السياسيّة التي تجري في «إسرائيل»، ولذا فإنّه يقوم بين الفينة والأخرى بمفاجأتها، وهو يعرف جيِّدًا المجتمع الصهيونيّ، ويقرأ السيرة الذاتيّة لقادة «إسرائيليين» من الماضي والحاضر، بالإضافة لكلّ ما يُنشَر عنه في الإعلام العبريّ، علاوة على متابعته لقنوات التلفزيون العبريّة. وشدّدّ الصحافيّ «الإسرائيليّ» على أنّه «خلافًا لزعماء آخرين في الوطن العربيّ، نصر الله معروف بجرأته وأصالته، وهو لا يتورّع عن تحدّي العدوّ الإسرائيليّ بطرقٍ شتى، إنْ كانت عسكريّةً أو إعلاميّة». ووفقا للمصادر الأمنيّة «الإسرائيليّة» فإنّ نصر الله هو عمليًا القائد الجنوبيّ لجبهة المحور الآخر.
لا معلومات عن نصرالله
من جهتها، اجرت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ حديثًا مع الجنرال في الاحتياط إسرائيل زيف، قائد شعبة العمليات سابقًا في جيش الاحتلال، قال فيه إنّه «في قضية نصر الله يجِب التعامل بحذرٍ شديدٍ، لأنّ الحديث يجري عن أقوى زعيمٍ ليس في لبنان فقط، بل في الشرق الأوسط بشكلٍ عام». وفي معرض ردّه على سؤال، قال إنّه خلافًا للرأي السائد ، فإنّ المخابرات «الإسرائيليّة» لا تملك المعلومات الموثوقة والصحيحة والصائبة عن السيّد نصر الله، لافتًا إلى «أنّ الرجل يعيش في دائرةٍ من الصعب إنْ لم يكُنْ مستحيلاً اختراقها»، على حدّ تعبيره.
المواجهات جنوبا
ميدانيا، تواصلت المواجهات جنوبا، وتحدثت إذاعة «الجيش الإسرائيلي» عن سقوط 17 صاروخاً على مواقع ومستوطنات «إسرائيلية» في الشمال بالامس، فيما استمرت الاعتداءات «الاسرائيلية» على القرى الجنوبية. واستشهد ثلاثة مقاومين من «حركة امل»، وثلاثة آخرين من حزب الله، كما تعرضت سيارتي اسعاف للدفاع المدني في كشافة الرسالة خلال عمليات الانقاذ بعد الغارة على الجبين – طير حرفا الى غارة «اسرائيلية» معادية دون وقوع اصابات. ونفذت طائرة مسيرة «اسرائيلية» قرابة الاولى والربع بعد ظهر امس عدوانا جويا، واغارت على بلدة يارون في قضاء بنت جبيل. كما اغار الطيران على منزل في اطراف بلدة شيحين وعلى بيت ليف واطراف بلدة الناقورة.
وتعرضت اطراف بلدة راشيا الفخار – قضاء حاصبيا، للقصف المدفعي «الاسرائيلي» من مرابض جيش العدو في مزارع شبعا المحتلة. كما طال القصف اطراف مركبا قضاء مرجعيون. وقامت قوات «الجيش الاسرائيلي» بعملية تمشيط من مواقعها باتجاه المنازل المأهولة في الوزاني. واستهدف القصف المدفعي «الاسرائيلي» اطراف وادي حامول واللبونة، وتعرضت منطقة وادي حسن واطراف بلدة مجدل زون لقصف مدفعي. وأغارت الطائرات الحربية المعادية على أطراف بلدة مروحين. وقصفت مدفعية «الجيش الإسرائيلي» المنطقة الحرجية بين طيرحرفا وشمع وكذلك الناقورة.
6 شهداء لحزب الله و»امل»
في المقابل، اعلن حزب الله انه استهدف موقع السمّاقة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وحقق فيه إصابات مباشرة. كما استهدف موقع رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وحقق فيه إصابات مباشرة.
ونعى حزب الله الشهيد على طريق القدس سلمان محمد حسن فقيه «جهاد» مواليد عام 1994 من بلدة عيترون»، ونعى ايضا الشهيد على طريق القدس عباس أحمد الخرسا «حسام» مواليد عام 1987 من بلدة الطيري في جنوب لبنان. كما نعى الشهيد على طريق القدس عباس خضر ناصر «جهاد» مواليد عام 1985 من بلدة يارون في الجنوب.
من جهتها زفت أفواج المقاومة اللبنانية حركة «أمل» الشهيد المجاهد حسين علي عزام (أبو زهراء)، مواليد صديقين عام 1994، الذي استشهد أثناء قيامه بواجبه الوطني والجهادي دفاعا عن لبنان والجنوب. كما زفت الشهيد المجاهد جعفر أمين اسكندر (أفواج)، مواليد رشكنانيه عام 1991، والشهيد المجاهد حسن حسين سكيكي (شمران)، مواليد عين بعال عام 1996.
لا كلمة سر رئاسية!
في هذا الوقت، وكما كان متوقعا، لم تصرف زيارة سفراء «اللجنة الخماسية» على ارض الواقع، ووفقا لمصادر بارزة فان ما بات واضحا هو ثابتتان: ان «الخماسية» لا تضع فيتو على أي مرشح رئاسي، والثابتة الثانية أن لا بحث جديا في ملف رئيس الجمهورية الا بعد توقف الحرب في المنطقة، وسيكون الملف ضمن تسوية دولية – اقليمية عمادها تفاهمات اميركية – سعودية- ايرانية، ولهذا يتمسك رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعدم الدعوة إلى جلسات متتالية بلا حوار مسبق، لأن التوافق الخارجي اولا وحده يسمح بتأمين النصاب لانتخاب رئيس، الأمر الذي ترفضه المعارضة حتى الان لان «كلمة السر» لم تصل بعد.
ارتياح لموقف الرياض
وفي هذا السياق، عاد الوفد المشترك «القواتي» – «الاشتراكي» الذي زار الرياض ممثلاً بالنائبين ملحم رياشي ووائل أبو فاعور دون ان يحمل جديد، وقد ابلغا بانه ليس لدول «الخماسية» اي مرشح، لكنها بما فيها الرياض لا تضع فيتو على اي مرشح. وهذا اراح ابو فاعور كثيرا في ظل التحول في موقف رئيس الحزب «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط، الذي سبق واعلن عدم ممانعته لدعم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وهو امر لم يثير اي رد فعل سلبي في المملكة ، التي اشارت الى ذلك مواربة بالقول انها لا تضع «فيتو» على اي مرشح؟!
اضراب الموظفين نحو الحلحلة؟!
في غضون ذلك، التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مع وفد من «تجمع موظفي الادارة العامة»، وبعد اللقاء قال المتحدث باسم الوفد حسن وهبي «عرضنا خلال الاجتماع مع دولة الرئيس كافة مطالبنا التي كنا وُعدنا بها، لا سيما البدل عن شهري ايلول وتشرين الاول الماضي، وكان متجاوبا معنا، ومن المتوقع ان يتم اقرار هذه المطالب في اول جلسة لمجلس الوزراء، ونحن سنستمر في الاضراب الذي ننفذه لحين تنفيذ مطالبنا». تجدر الاشارة الى أن هناك ثلاثة مشاريع تدرس في ما يخص موضوع الزيادات ويعمل على البت بها.