كتبت صحيفة “النهار”: فيما كانت الأنظار تترقب ما يمكن ان يفضي اليه الاجتماع الجديد لسفراء دول المجموعة الخماسية الذي انعقد في قصر الصنوبر، برز ما يمكن وصفه بتطور سياسي “طارئ” ولو انه لا يشكل مفاجأة كبيرة وتمثل في تثبيت استدارة “التيار الوطني الحر” على تحالفه مع “حزب الله” من خلال رفعه سقف الاعتراض على معادلة “وحدة الساحات” التي اعلنها حليفه السابق وشريكه في تفاهم مار مخايل تبريرا لاطلاق المواجهات الميدانية مع إسرائيل دعما لحركة “حماس” في حرب غزة. ذلك انه بعد نحو خمسة اشهر من بدء المواجهات الميدانية بدت “الاستفاقة” المتدرجة لمواقف اطلقها تباعا على مدى اليومين الأخيرين كل من الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون ثم صهره رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بمثابة الرسالة الاعتراضية الأكثر”تحديثا” وتصليبا ضد تسبب “حزب الله” بحرب إسرائيلية على لبنان، ولو ان الأسباب الجوهرية الحقيقية لهذا التطور لا تبعد عن تطورات التراجعات في علاقة الفريقين الحليفين سابقا. ولكن نبرة باسيل وأسلوب تمريره للرسالة جاءا اقل “جفافا” من نبرة عون الذي مهد لـ”تصليب” الاستدارة على حليفه الامر الذي يعزز الظن بان الفريق العوني يصفي جانبا من حسابات متراكمة مع “حزب الله” الذي خذله في الكثير من الحسابات الرئاسية والحكومية وسواها. ولذا قرن كل من عون وباسيل الموقف الاعتراضي من “وحدة الساحات” بالاقتراب أيضا، وبقوة، من نبرة وموقف القوى المعارضة المتمسكة بالمطالبة بجلسات انتخاب مفتوحة في مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية ولو ان “التيار” تمايز عن المعارضة باتخاذ موقف مرن من التشاور او الحوار مقتربا بذلك بعض الشيء من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
هذا التطور ترجمه باسيل امس في إعلانه “أننا نفهم تماماً الخوف من ان يأتي دور لبنان بعد غزّة، ونقدّر معادلة الردع التي ثبّتها “حزب الله” وهي وحدها منعت حتّى الآن اسرائيل من الاعتداء الكبير على لبنان، ونثني على الجرأة والحكمة بمواقف السيّد حسن نصر الله، اللذان يظهران حرصه على لبنان ويؤديان الى حمايته من دون خسارة المكتسبات الاستراتيجية التي تحقّقت”. وأضاف باسيل “تلقينا بايجابية الكلام الأخير للسيّد حسن ونصدّق انه لا يسعى لتحويل اي ربح في الخارج الى ربح بالداخل وتغيير موازينه او معادلاته، كذلك موقفه المفهوم من ان لا ترسيم للحدود بل استرداد ارضٍ مسلوبة وانه لا يجوز اساساً اي ترسيم بغياب رئيس الجمهورية، وكلامه ايضاً عن عدم ربط الرئاسة بأي تطوّر خارجي وتحديداً الحرب الدائرة حاليا”. لكن باسيل استدرك “معروف موقفنا اننا مع الدفاع عن لبنان ولسنا مع تحميل لبنان مسؤولية تحرير فلسطين، فهذه مسؤولية الفلسطينيين؛ واننا لسنا مع وحدة الساحات اي ربط لبنان بجبهات اخرى، وتحديداً ربط وقف حرب الجنوب بوقف حرب غزّة، مع فهمنا لدوافعها، واننا لسنا مع استعمال لبنان منصّة هجمات على فلسطين. وباختصار لا نريد أخذ لبنان الى الحرب اذا كان القرار في يد لبنان او المقاومة فيه. وهنا الخط الرفيع بين الحرب واللاحرب، ومسؤولية من يسير عليه ويقرّر وقوع الحرب او عدمها، لأنه هو سيتحمّل وحده مسؤوليّتها، في حال وقعت، وعليه ان يعي ان الناس، ونحن على رأسهم، سنكون معه او ضدّه، بحسب صوابية قراره أو موقفه”. وفي الملف الرئاسي اعلن باسيل “سنكون مبادرين متشاورين بما يؤدي الى التفاهم والتوافق على برنامج ومواصفات واسم رئيس وإعطاء مهلة محددة وقصيرة للانتقال الى جلسات مفتوحة في مجلس النواب في حال عدم التوافق حتى ننتخب رئيسا بشكل ديموقراطي”.
وكان الرئيس ميشال عون اعلن اول من امس في حديث تلفزيوني “أننا في لبنان لسنا مرتبطين مع غزة بمعاهدة دفاع ومن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية، لكن قسما من الشعب اللبناني قام بخياره، والحكومة عاجزة عن أخذ موقف، والانتصار يكون للوطن وليس لقسم منه”. وأشار إلى ان “القول إن الإشتراك بالحرب استباق لاعتداء إسرائيلي على لبنان هو مجرد رأي والدخول في المواجهة قد لا يبعد الخطر بل يزيده”. ورأى عون، أن “انتخاب الرئيس يكون بعقد جلسات متتالية والتصويت بين المرشحين المطروحين”.
اجتماع السفراء
اما اجتماع سفراء دول المجموعة الخماسية في قصر الصنوبر فانعقد بعيدا من الإعلام واصدرت السفارة الفرنسية ليلا بيانا مقتضبا عنه جاء فيه: “إجتمع سفراء اللجنة الخماسية اليوم (امس) لإعادة التأكيد على عزمهم تسهيل ودعم إنتخاب رئيس للجمهورية. واستعرضوا التطوّرات الأخيرة والإتّصالات التي جرت في لبنان والمنطقة. كما تمّت مناقشة الخطوات التالية الواجب إتّخاذها”.
ويقوم اليوم وفد من لجنة الخارجية والأمن في الكونغرس الأميركي بزيارة بيروت ويجول خلالها على رئيسيْ مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون، بهدف البحث في المساعدات المقدمة للجيش ودوره في ضوء المطلب بتنفيذ القرار 1701.
الوضع في الجنوب
على الصعيد الميداني ظل الوضع على حاله من الاحتدام المتقطع ونفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارة على الأطراف الجنوبية لبلدة ميس الجبل، وغارة ثانية على بلدة حولا في قضاء مرجعيون، في حين بقيت النيران مشتعلة في معمل المولّدات الكهربائية الذي استهدفته الغارات عصر الاثنين في الغازية. وسقطت قذيفة على منطقة الوزاني قرب المنتزهات.
واستهدف القصف المدفعي محيط تلة حمامص باتجاه الوزاني. وشن الطيران غارات استهدفت الضهيرة ومروحين وعيتا الشعب و بليدا. واعلن الجيش الإسرائيلي انه استهدف منصتين لإطلاق الصواريخ تابعتين لـ”حزب الله” في منطقتي مروحين ويارون جنوب لبنان .
وأطلق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تهديدات جديدة فقال ان “سلاح الجو يعمل في دمشق وبيروت والنبطية وحيثما لزم الأمر” . وأضاف “المعادلات التي ظن “حزب الله” أنه فرضها انهارت عندما قررنا الهجوم على دمشق وبيروت وصيدا والنبطية”.
في المقابل، اعلن حزب الله انه استهدف تجمعاً للجنود الإسرائيليين في محيط ثكنة راميم ثم موقع المرج فموقع السماقة في مزارع شبعا ثم موقع رويسات العلم ثم ثكنة راميم .
في سياق اخر وعشية احالة المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الى التقاعد في 22 الجاري، اصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، قراراً كلّف بموجبه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، القيام بمهام النائب العام التمييزي اعتباراً من 23 الشهر الحالي، خلفاً للقاضي عويدات. كذلك قرر القاضي عبود تكليف المحامية العامة التمييزية القاضية ندى دكروب بمهام رئاسة الغرفة الثامنة لدى محكمة التمييز خلفاً للقاضي ماجد مزيحم الذي أحيل على التقاعد.