كتبت صحيفة “النهار”: الزيارة الثالثة للموفد الأميركي كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون امن الطاقة آموس هوكشتاين لبيروت منذ انفجار حرب غزة، أبرزت “تعديلات” بارزة ومفاجئة الى حد ما شكلا ومضمونا بما عكس، على الأقل، رفع منسوب الجدية والحزم اللذين شاء هوكشتاين ان يسبقهما على مضمون الرسالة الأميركية الى لبنان. في الشكل بدا لافتا ان الموفد الأميركي وسع اطار لقاءاته للمرة الأولى بحيث شملت الى الرسميين التقليديين الذين اعتاد الاجتماع بهم المعارضة المسيحية والزعيم الدرزي وليد جنبلاط الامر الذي ينطوي على كسر أحادية “المفاوضات” في شأن الملف الأمني – العسكري – الحدودي تمهيدا لما سيكون عليه الوضع لاحقا، بمعنى انه استمع أيضا الى وجهة نظر وموقف المعارضة. كما انه اعد بيانا مكتوبا ضمنه توجهات مهمته وتلاه من عين التينة الامر الذي اسبغ مزيدا من الجدية حيال ما حمله علناً وضمناً من اقتراحات حيال الوضع المتفجر على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل.
اما في المضمون، فبدا على نحو حاسم ان هوكشتاين اعد العدة لتوظيف سريع وتلقائي للهدنة التي تتواصل الجهود بقوة لاعلانها في غزة بحيث ينطلق تواً على وقعها مسار التهدئة ووقف المواجهات الميدانية بين إسرائيل و”حزب الله” واستتباع ذلك بإعادة نشر الجيش واليونيفيل وفق القرار 1701 في جنوب الليطاني، على ان تنطلق آلية مفاوضات يتولاها الجانب الأميركي للتوصل الى تذليل نقاط الخلاف بين لبنان وإسرائيل على النقاط المتبقية من الخط الأزرق. واللافت ان هوكشتاين، في الساعات السبع تقريبا التي أمضاها في بيروت بين محطات لقاءاته المتعاقبة، كان يكرر ان ليس هناك شيء يسمى حربا محدودة للإيحاء بخطورة التصعيد المتواصل راهناً على الحدود وخطورة تطوره في أي وقت ما لم يسلم الطرفان بالحل الديبلوماسي الكامل الذي فهم منه ان التسوية الحدودية هي شرط لديمومة الاستقرار على جانبي الحدود.
وأفادت مصادر معنية “النهار” ان المناخ الإيجابي خيم على لقاء الرئيس نبيه بري وهوكشتاين وخرج الاثنان بجملة من المعطيات المشجعة التي في حال الالتزام بها وتطبيقها على الارض، تؤدي الى وقف الحرب في الجنوب بين اسرائيل و”حزب الله”. واكد هوكشتاين في معرض حديثه بان الحرب في غزة اخذت تشكل “عبئا على الادارة الاميركية”. وتحدث عن امور قد تساعد على التوصل الى هدنة في شهر رمضان المقبل. ولم يخف ضرورة تمدد هذه الهدنة الى جنوب لبنان. وسأل هوكشتاين بري عن امكان تطبيق هذا الامر “اذا كان محل التزام من اصحاب “الرؤوس الحامية”. وما قصده في عبارته الاخيرة “حزب الله” من دون ان يسميه.
كذلك سأل هوكشتاين بري:” اذا كان لبنان قادرا على الالتزام بالقرار 1701 ؟ فاجاب بري “نعم نلتزم هذا القرار الاممي شرط ان يكون من الجانبين”.
وأشارت معلومات ان هوكشتاين لم ينقل ورقة خطية باقتراحاته بل اثار أفكارا قديمة وجديدة خضعت للتطوير وتتضمن العمل على وقف العمليات العسكرية، وإعادة السكان المهجرين على جانبي الحدود، ووقف الأنشطة العسكرية جنوب نهر الليطاني بما يقود الى البحث لاحقاً في اتفاق شامل للوضع الحدودي، انطلاقاً من نقطة b1 إلى مزارع شبعا. وإذ فهم من تلميحاته امام من التقاهم انه سمع في إسرائيل التي زارها قبل لبنان مواقف متشددة تنذر باتساع الحرب، شدد على استمرار الضغوط الأميركية لمنع تصعيد الأمور، مشيراً إلى أنه حريص على النجاح في مهتمه للوصول إلى حل سياسي وديبلوماسي وفق القرار 1701. اما الملف الرئاسي فأكدت المعلومات انه جرى التطرق اليه بصورة عرضية وليس بشكل مركز.
واكد هوكشتاين في بيانه: “انا هنا من أجل الحث للوصول الى حل ديبلوماسي ينهي العمليات الحربية على الحدود بين لبنان واسرائيل. وإن الولايات المتحدة الاميركية ملتزمة العمل من أجل الوصول الى حل طويل الأمد من خلال مسار سياسي وهذا ما يمكن أن يسمح للنازحين اللبنانيين بالعودة الى منازلهم والأمر نفسه على الجانب الاخر من الحدود”. وشدد على ان “التصعيد لا ينفع ولا يساعد في عودة النازحين الى منازلهم ، ولا يساعد في حل هذه الازمة وحتما ان التصعيد لا يساعد لبنان في إعاده البناء والتقدم في هذه المرحله الحساسة من تاريخه”. وأضاف “إن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار هو غير كاف والتصعيد أمر خطير ولا شيء إسمه حرب محدودة ، والحرب المحدودة لا يمكن احتواؤها”، مؤكدا ان”الحل “الديبلوماسي هو المخرج الوحيد لوقف التصعيد بين لبنان وإسرائيل”.
وتلاحقت لقاءات هوكشتاين فاجتمع بوزير الطاقة والمياه وليد فياض في صالون مطار بيروت الدولي وزار قائد الجيش العماد جوزف عون، ثم زار الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، والتقاه في كليمنصو بحضور رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط وعضوي كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور. وبعدها زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ثم توجه الى مجلس النواب حيث التقى وفداً من نواب المعارضة ضم سامي الجميل وجورج عدوان وجورج عقيص والياس حنكش وميشال معوض. وأوضح الجميل بعد اللقاء”تحدثنا عن هواجسنا والهاجس الأكبر ان أولويتنا هي لبنان وسيادة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني لا يستطيع ان يعيش رهينة وقرارنا يجب ان يكون في يد مؤسسات الدولة الشرعية ” وذكر ان ” القرار 1701 يتضمن تأكيدنا على تطبيق القرار 1559 والذي يؤكد بدوره على ضرورة توحيد السلاح بيد الجيش وألا يكون هناك سلاح بيد ميليشيا وهذا أحد شروط الاستقرار وقيام الدولة”. كما ان النائب جورج عدوان قال: “قلنا له إنّه علينا أن نتساعد لتطبيق الـ1701 ودعم الجيش اللبناني في حفظ الأمن على الحدود”. كما شدّد معوض بدوره على أنه “على رغم ما بحث به هوكشتاين اليوم عن الحرب مع الحكومة الا ان قرار السلم والحرب ليس في يدها”وقال “موقفنا المشترك اليوم هو وقف الحرب ونطالب بحلول مستدامة تحمي لبنان من لعبه دور ورقة التفاوض في كل ازمة إقليمية” ودعا الى “تطبيق القرارين 1701 و1559 لحماية لبنان واللبنانيين”. وفي طريق مغادرته من مطار بيروت التقى هوكشتاين نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.
… التصعيد الميداني
ووسط هذه الأجواء تواصل التصعيد الميداني في الجنوب حيث أغار الطيران الإسرائيلي على بلدة العديسة واستهدف مركز الهيئة الصحية ما ادى الى سقوط ٣ قتلى وجريح جراء الغارة على العديسة. ونعت الهيئة ثلاثة من متطوعيها هم حسين محمد إبراهيم وعلي حسن سويدان وعباس احمد حجيج. واعلن الجيش الإسرائيلي ان “طائراتنا قصفت موقعين عسكريين لحزب الله في شيحين وعيتا الشعب بعد رصد عناصر من الحزب”. وفي المقابل اعلن الإسعاف الإسرائيلي “اننا نتعامل مع 3 إصابات بعد إطلاق صاروخ من لبنان نحو مرغليوت في الجليل الأعلى” . وتحدثت وسائل إعلام اسرائيلية عن قتيل و 7 جرحى بينهم 2 بحالة خطيرة و4 متوسطة و1 طفيفة جراء إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان تجاه مرغليوت.
واعلن “حزب الله” انه استهدف الأجهزة التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا وموقعي الرمثا والسماقة. وكان “حزب الله” اعلن سابقا انه “أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية في منطقة وادي قطمون مقابل رميش قام مجاهدو المقاومة الإسلامية ليل الأحد باستهدافها بالأسلحة الصاروخية وحققوا فيها إصابات مباشرة”. كما اعلن انه “أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية من لواء غولاني بالتسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية من جهة خربة زرعيت مقابل بلدة راميا اللبنانية قام مجاهدو المقاومة الإسلامية ليل يوم الأحد الاثنين بتفجير عبوة ناسفة كبيرة بالقوة المتسللة ثم استهدفوها بعددٍ من قذائف المدفعية وحققوا فيها إصابات مباشرة”.
وليل امس نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة استهدفت بالصواريخ الثقيلة حي العويني في مدينة بنت جبيل .