كتبت صحيفة “الديار”: يحل شهر رمضان ثقيلا جدا على اهل غزة الجوعى، بعد فشل كل المساعي التي بذلت في الاسابيع القليلة الماضية، لارساء هدنة مع انطلاقة الشهر الكريم. وتؤكد المعطيات ان ما فشل به الوسطاء خلال الفترة الماضية وفي ظل وجود مهلة زمنية، لن ينجحوا به قريبا، خاصة في ظل التناقض الكبير في شروط حماس من جهة، والعدو الاسرائيلي من جهة اخرى. ما يعني انه لن يكون امام اهل القطاع الا انتظار فتات مساعدات تأتيهم من السماء او البحر.
تعثر المفاوضات انعكس تلقائيا على جبهة لبنان، التي شهدت في الساعات الماضية تصعيدا كبيرا يُرتقب ان يتواصل في الايام المقبلة، بعدما باتت مرتبطة ارتباطا كليا بجبهة غزة. هذا الواقع سينعكس مزيدا من المراوحة على صعيد الملف الرئاسي، مع تحول حراك «اللجنة الخماسية» المعنية بالشأن اللبناني، كما حراك تكتل «الاعتدال الوطني» ، الى حراكيْن شكليين مع فشل كل المحاولات لفصل المسار الرئاسي عن مسار الحرب في غزة وامتداداتها في المنطقة.
العدو يواصل مجازره
وبالعودة الى غزة، واصل جيش العدو الإسرائيلي مجازره، فألقى وابلاً من القنابل على القطاع ما تسبّب بمقتل العشرات، فيما أفادت وزارة الصحة بارتفاع عدد القتلى جراء القصف «الإسرائيلي» على القطاع إلى 31045 والمصابين إلى 72654 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران انه لم يتحدد بعد موعد عودة وفد مفاوضي الحركة إلى القاهرة، لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار. وأضاف في حديث لشبكة تلفزيون «سي إن إن» الأميركية: «لا يوجد جديد». وأشار الى ان رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو يرفض الاستجابة للمطالب الفلسطينية العادلة، فيما يتعلق باحتياجات غزة الأساسية، مشددا على ان هناك عوامل يجب وضعها في الاعتبار، هي: «إيقاف عمليات القتل، الانسحاب من غزة، السماح بدخول المعونات الإنسانية، وعودة النازحين دون قيد أو شرط».
وأوضحت مصادر مواكبة لمسار التفاوض لـ «الديار» ان «العدو الاسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة الاميركية، كانوا يعتقدون ان حماس ستتراجع وترضخ لشروطهما قبل ساعات من موعد انطلاق شهر رمضان ، خاصة بعد اعتمادهما سياسة التجويع، الا ان قيادة الحركة ورغم كل الضغوط، بقيت صامدة ومتمسكة بشروطها لعلمها بأن تنازلها عن ورقة الاسرى مقابل شهر او شهرين من الهدنة، سيعني عودة آلة القتل والدمار «الاسرائيلية» بشراسة اكبر بعد ذلك»، لافتة الى ان «ورقة الضغط هذه هي التي ستؤدي لإجبار «الاسرائيلي» على وقف الحرب، لذلك كان شرط الحركة واضحا بوجوب ان تكون اي هدنة اليوم بوابة من خلال ضمانات دولية واضحة لوقف دائم لاطلاق النار.. وهي ضمانات لم تحصل عليها، بل قابلها استفزازات مباشرة من نتنياهو، الذي وخلال المفاوضات كان يخرج ليعلن انه سيجتاح رفح بعد الهدنة» .
واضافت المصادر «لا شك ان الوضع الانساني صعب جدا في غزة، لكن الوضع صعب جدا ايضا في «اسرائيل»، حيث تتعرض حكومة العدو لكل انواع الضغوط، ما يفرض عودتها الى المفاوضات بشروط المقاومة».
«أونروا»: الجوع في كل مكان بغزة
ويوم امس الأحد، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن «الجوع في كل مكان بغزة»، والوضع في الشمال «مأساوي»، حيث يجري منع دخول المساعدات عن طريق الشاحنات، رغم النداءات المتكررة».
وأضافت الوكالة على منصة «إكس» أن «عدد القتلى يواصل الارتفاع في قطاع غزة». وطالبت «بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى جميع أرجاء القطاع، والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار من أجل إنقاذ الأرواح».
كاتس: اميركا تدعم أهداف الحرب
من جهته، قال وزير خارجية العدو الاسرائيلي يسرائيل كاتس، إن بلاده ستنقل سكان رفح إلى الغرب أو إلى مناطق أخرى في قطاع غزة، قبل بدء عملية برية في المدينة. وأضاف في تصريحات نقلتها «هيئة البث الإسرائيلية» امس، أن «إسرائيل لا تنوي المساس بالمدنيين»، واشار الى ان الولايات المتحدة «تدعم أهداف الحرب» على غزة، لكن الرئيس جو بايدن «يريد وضع خطة لإجلاء السكان قبل دخول رفح» .
وأوردت الهيئة، نقلاً عن كاتس قوله: «بايدن يريد أن يرى خطة منتظمة لإخلاء رفح من السكان، «الجيش الإسرائيلي» قام بذلك في شمال القطاع، وسينفذ ذلك في رفح أيضاً».
تصعيد جنوب لبنان
وبالتوازي مع فشل التوصل لهدنة في غزة، تصاعدت وتيرة المواجهات عند الحدود الجنوبية للبنان، فنفذت المقاومة 11 عمليّة ضدّ العدو. فقد ردت بالالسلحة المناسبة على تصعيد ليل اول من امس، الذي استهدف منزلا في بلدة خربة سلم، ما ادى الى ارتقاء ثلاثة شهداء من عائلة واحدة.
وتحدثت وسائل إعلام «إسرائيلية» عن إطلاق 30 صاروخًا من لبنان باتجاه مزارع شبعا، وإطلاق صفارات الإنذار في مناطق عدة في الشمال، فيما اعلنت المقاومة الإسلامية قصف مستعمرة ميرون بعشرات صواريخ الكاتيوشا، كما قصف مجاهدو المقاومة تجمعا لجنود العدو شرق موقع بركة ريشا ،وآلية عسكرية صهيونية من نوع «نمير» في موقع المالكية، كما موقع الرادار في مزارع شبعا اللبنانية. كذلك نفذت هجوماً جوياً بمسيرتين انقضاضيتين على مرابض المدفعية في عرعر.
بالمقابل، قصف العدو حرج بلدة كونين في قضاء بنت جبيل، كما هورا الواقعة بين ديرميماس وكفركلا. كذلك استهدف القصف المدفعي المعادي أطراف كفركلا وديرميماس، وتلة العزية وثكنة معاليه غولان وموقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة. واستهدف صاروخ اطلقته طائرة مسيّرة على أطراف بلدة الهبارية سيارة «كرافان».
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الديار» ، ان التصعيد الميداني جنوب لبنان متوقع مع فشل الهدنة، لافتة الى ان حزب الله «كان واضحا بربط مصير جبهة الجنوب بجبهة غزة، ولا تراجع عن هذا الربط ايا كانت التهديدات والضغوط». واكدت المصادر ان حزب الله «يستعد لكل الاحتمالات ومنها الحرب الموسعة، وان كان لا يزال يستبعدها».
لغم ينفجر بالمبادرة؟
سياسيا، لا تزال الانظار تتجه الى خرق، قد تحققه مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» في جدار الأزمة الرئاسية. وقالت مصادر التكتل لـ «الديار» ان «اعضاءه سيتفرغون خلال الساعات القليلة المقبلة، لوضع آلية عملية للانتقال لمرحلة جديدة من تطبيق المبادرة»، لافتة الى ان «وضع الآلية سيتم على اساس ما تم التفاهم عليه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري».
واضافت: «بعد ذلك سنقوم بجولة جديدة على القوى السياسية لوضعها في جو الآلية، لنحدد بعدها موعدا للاجتماع التشاوري استعدادا لجلسة مفتوحة لانتخاب رئيس بدورات متتالية».
الا ان مصادر سياسية مواكبة للمبادرة استبعدت نجاحها بتحقيق هدفها، لافتة الى «ان افخاخا كثيرة تحيط بها». وقالت: «من المرجح ان ينفجر فيها اول لغم في الجولة الجديدة على القوى التي لن ترضخ لشروط بري».