كتبت صحيفة “الأخبار”: على هامش الوتيرة شبه العادية للمواجهات الدائرة بين المقاومة وقوات الاحتلال على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، صعّد العدو مواقفه وإجراءات جيشه بما يوحي بعمل عسكري كبير في حال لم تقبل المقاومة بالشروط الأميركية لهدنة تفصل جبهة لبنان عن جبهة قطاع غزة.وضخّت وسائل إعلام العدو مزيداً من المعلومات حول استعدادات جيش الاحتلال، آخرها ما كشف عنه أمس عن تنفيذ مناورات في الجولان السوري المحتل ووضع خطط للحرب، وتناقل فيديوهات حول المناورات الإسرائيلية، وتلميحات إلى أن اندلاع حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل لم يعد احتمالاً مستبعداً.
وأعربت جهات في إسرائيل وخارجها عن القلق من احتمال تفكير العدو بعمل كبير ضد ما يعتبره مواقع مهمة للحرس الثوري وحزب الله في سوريا. وزاد من القلق الإقليمي قرار إيران تعليق رحلاتها التجارية إلى دمشق، بما يؤكد المخاوف المتزايدة بشأن سلامة السفر الجوي إلى العاصمة السورية وسط الأنشطة العسكرية المستمرة.
ولوحظ تركيز قوات الاحتلال على الاهتمام بمرتفعات الجولان السورية، في أعقاب تدريبات عسكرية كبيرة قام بها جيش الاحتلال على «مناورات توغّل مدرّعة واسعة، مدعومة بوحدات مشاة ميكانيكية ودعم جوي شامل بطائرات الهليكوبتر»، بحسب إعلام العدو، مشيرة إلى أن التدريبات «ركّزت خصوصاً على التغلب على العقبات الطبيعية، بما في ذلك الأنهار والخطوط الدفاعية المحصّنة، ما يدل على مستوى متطور من الاستعداد العسكري والقدرات الاستراتيجية». كما تضمّنت التدريبات العسكرية استخدام معدّات هندسية لمدّ الجسور وإزالة الألغام، ما قد يشير إلى «الاستعداد لعمليات عسكرية أوسع نطاقاً».
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه بدأ التحضير لعمليّة أُطلق عليها تسمية «المرساة الصلبة»، وأن قيادة جيش الاحتلال «طلبت تعزيزات للجنود الذين يقاتلون على الحدود مع لبنان، إضافة إلى إجراءات لحماية عشرات الآلاف من الإسرائيليين عبر تجهيز ملاجئ جماعيّة». وأشارت إلى أن الملاجئ «ستكون عبارة عن مواقف سيّارات تحت الأرض، مجهّزة بحوالى 80 ألف صندوق من المواد الغذائية وعبوات المياه، على أن تشرف قيادة الجبهة الداخليّة على نقل المدنيين إلى هذه الأماكن في الحالات الخطرة»، لافتة إلى أن فنادق إسرائيل ممتلئة بالنازحين من الشمال، وعدد غرف الفنادق الشاغرة لا يتجاوز 10 آلاف فقط، وهو رقم ضئيل جدّاً.
وكتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ جيش الاحتلال «أطلق رسالة جديدة إلى الأمين العام لحزب الله (السيد حسن نصرالله)، من خلال المناورة على إمداد مُتعدد الأذرع تحت النيران، في إطار الاستعداد للحرب ضد حزب الله في لبنان. وجاءت المناورة بعد تصريحات لقائد القيادة الشمالية، اللواء أوري غوردين، بأن قواته «تعزز استعدادها لشن هجوم في لبنان». ولفتت الصحيفة إلى أن «التمرين شمل تحميل معدات حملتها طائرات سلاح الجو وإفراغها، وكذلك نقل المعدات بواسطة مركبات على الأرض». وأضافت أنه تمّ أيضاً تنفيذ آلاف العمليات الأخرى من الأرض باستخدام قوافل لوجستية، مشيرة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي مستعدّ لتنفيذ عمليات مماثلة في القطاع الشمالي أيضاً، وبكثافة عالية، وتحت إطلاق النار إذا لزم الأمر».
من جهة أخرى، نقل موقع «واللا» العبري عن مصادر عسكرية أن الأثمان التي تدفعها إسرائيل نتيجة المواجهة مع حزب الله «باهظة»، و«تتجلى في الجنود الإسرائيليين الذين قُتلوا أو أصيبوا، وكذلك في تشويش نسيج الحياة والضرر الاقتصادي وتدمير البنى التحتية المدنية والعسكرية والأمنية». وأشار الموقع إلى «البنى التحتية العسكرية التي تضرّرت، مثل قاعدة الجيش الإسرائيلي في ميرون، ومقر قيادة المنطقة الشمالية، وفي فرقة الجليل، وغيرها من المواقع على طول خط التماس». وأضاف أن «الثمن يشمل أيضاً عبئاً ثقيلاً على الجيش الإسرائيلي، إذ يُطلب منه نشر قوات نظامية واحتياطية في البحر والجو والبر، من أجل الاستعداد لمفاجآت وسيناريوهات محتملة، بما في ذلك مناورة كثيفة في وقت لا يزال فيه الجيش غارقاً في قطاع غزة ويستعد لعملية عسكرية في الجنوب».
وفي خبر لافت نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصادر إسرائيلية أن وزيرة المواصلات ميري ريغيف أرسلت وفداً أمس إلى قبرص لإقامة ميناء إسرائيلي يحاكي سيناريوهات أمنية بكلفة تُقدّر بمئات ملايين الشواكل، وطلبت تنفيذ ذلك على الفور. وحسب الصحيفة، و«خلافاً لتقارير سابقة، فإن الهدف المركزي لإقامة هذا الميناء ليس نقل مساعدات إلى قطاع غزة، بل لمواجهة وضع يتعطّل فيه العمل في ميناء حيفا في حال وقوع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله. وإن إقامة الميناء الإسرائيلي في قبرص، هو استعداد إسرائيلي لنشوب حرب شاملة في الشمال، وهذا الميناء هو ضرورة ملحّة لمنع وضع يتوقف فيه وصول البضائع وإمدادات أخرى إلى إسرائيل خلال الحرب».
إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس المعارضة في كيان الاحتلال يائير لابيد قوله: «إذا لم تجنّد إسرائيل الشبان الحريديم، فإنّه لا يحقّ لها إرسال مزيد من الأوامر إلى الاحتياط». وتعرّض لابيد إلى هذه النقطة في معرض حديثه عن احتمال حصول تصعيد مع لبنان بقوله: «إذا حصلت مصادمات في الشمال، فلن يكون هناك ما يكفي من الجنود لخوضها».