كتبت صحيفة “الديار”: اذا كان الجنون «الاسرائيلي» العسكري الذي ترجم بالامس تصعيدا في الغارات جنوبا، سببه الكمين المحكم الذي نصبته المقاومة على الحدود لجنود وضباط «لواء غولاني»، فان ارتدادات الهجوم الايراني غير المسبوق على كيان الاحتلال الاسرائيلي تظلل الواقع في المنطقة ولبنان، حيث السباق على اشده بين احتمالات التصعيد غير المحدودة، اذا اختارت «اسرائيل» تكرار خطأ استهداف القنصلية الايرانية في دمشق بخطيئة اكبر، عبر الاعتداء على الاراضي الايرانية، وبين محاولات واشنطن الضغط على «اسرائيل» «لهضم» الضربة، خوفا من حرب شاملة لا تريدها.
وقد بدأت التسريبات عن مواعيد محددة للرد «الاسرائيلي»، حيث نقل موقع «واللا» عن مصدرين تأكيدهما ان وزير الحرب «الاسرائيلي» يوآف غالانت أبلغ وزير الدفاع الاميركي لويد أوستن، أن «إسرائيل» لن تقبل واقعا جديدا تتعرض فيه لقصف بصواريخ بالستية دون رد. كما اكد موقع «اكسيوس» ان وزير الدفاع «الإسرائيلي» ابلغ نظيره الأميركي بأن لا خيار لـ «إسرائيل» سوى الرد على هجوم إيران. فيما كان وزير خارجية إيران حسين امير عبد اللهيان واضحا خلال اتصالا هاتفي مع نظيره البريطاني دايفد كاميرون، عندما ابلغه ان طهران لا تحبذ زيادة التوتر، لكنها سترد بقوة إن ردت «إسرائيل».
هل يدخل حزب الله الحرب؟
وفي ظل واقع «حبس الانفاس»، وحدهم «الحمقى» او «السذج»، او من يعملون في خدمة الدعاية «الاسرائيلية»، حاولوا خلال الساعات القليلة الماضية التقليل من شأن ما قامت به طهران، فيما المعنيون الجديون بالمشهد الاقليمي بدأوا في البحث عن اجوبة على اسئلة ملحة باتت ضرورية لحماية «اسرائيل» من كارثة كبيرة، بعدما كشف التكتيك العسكري الايراني «هشاشة» منظومة الدفاع الجوي «الاسرائيلي» التي فشلت في منع الصواريخ البالستية من ضرب 3 قواعد عسكرية كانت الهدف الرئيس للهجوم، فيما لعبت المسيرات دورا تضليليا. ولعل السؤال الاهم الذي طرحه ديبلوماسيون غربيون في بيروت، وفي مقدمتهم السفير الاميركية، عما اذا كان حزب الله سيدخل في اي حرب شاملة قد تقع بين «اسرائيل» وايران؟
قلق من تدخل المقاومة
هذا السؤال ليس عابرا، بحسب مسؤول لبناني بارز، حيث اشار الى انه سمع شخصيا مجموعة من التساؤلات الغربية المرتبطة بموقف الحزب ازاء احتمال اندلع حرب اقليمية، بعدما اختار المشاركة الرمزية في الهجوم الايراني الاخير. ووفقا للمصدر نفسه، فان القلق من مشاركة حزب الله تعاظم بعد الهجوم الايراني لسبب بسيط، فالصواريخ والمسيرات الايرانية التي قطعت نحو 2000 كلم لتصل الى اهدافها، وتضافرت جهود دول عظمى واقليمية لصدها، غير متاحة على الجبهة اللبنانية، لان الحزب سيهاجم من المسافة «صفر»، ومع افتراض ان ما يوجد في طهران موجود في بيروت لدى المقاومة، فان قدرات حزب الله الصاروخية والمسيرة قادرة على الحاق تدمير هائل في «اسرائيل»، مع تقديرات بانه قادر على اطلاق بين 3500 و4000 مقذوف متنوع في الصلية الواحدة.
لا ضمانات من حزب الله
وامام هذه المعطيات، تحركت الديبلوماسية الغربية في بيروت دون ان تتلقى اجابات واضحة حيال موقف حزب الله، ودون ان تحصل على ضمانات ببقائه خارج المواجهة، على الرغم من نقل رسائل تهديدية «اسرائيلية» بالحاق خسائر كبيرة في البنية التحتية اللبنانية. وكان الجواب غير المباشر نفسه، المعادلات انقلبت ولم تعد «اسرائيل» تخيف احدا في المنطقة، عليها ان توقف الابادة في غزة، واذا ارادت التصعيد والمخاطرة بحرب شاملة عليها ان تتحمل العواقب!
ورقة اميركية – فرنسية؟
تجدر الاشارة، الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري التقى بالامس السفيرة الاميركية في بيروت ليزا جونسون، ولفتت مصادر مطلعة ان جونسون لم تتحدث عن ورقة موحدة مع باريس ازاء الوضع في الجنوب، ويبدو ان اي حل لا يزال معلقا بانتظار وقف النار في غزة. وكانت معلومات دببلوماسية قد اشارت الى وجود اتفاق بين واشنطن وباريس على رؤية مشتركة، من خلال توحيد الموقف بشأن تفاصيل الاطار الذي ستسعيان اليه لمعالجة الموقف على جبهة الجنوب.
وعلم هنا، انه في ضوء الاجتماعين اللذين عقدهما بلينكن ونظيره الفرنسي سيجورنيه والرئيس ايمانويل ماكرون، وتناولهم هذا الموضوع الى جانب الوضعين في غزة واوكرانيا، جرى الاتفاق على اعداد ورقة اميركية- فرنسية كاملة موحدة، تكون جاهزة لبحثها مع الجانبين اللبناني و»الاسرائيلي» بعد توقف النار في غزة. وتنطلق الورقة من تنفيذ القرار 1701 وفق اجندة زمنية محددة وعلى مراحل، وتشمل معالجة تثبيت النقاط الـ 13 الحدودية المختلف عليها، ومنها النقطة (ب 1) وانشاء منطقة آمنة، من دون الحاجة الى معاهدة او اتفاقية جديدة بين لبنان و»إسرائيل»، اضافة الى زيادة عديد الجيش اللبناني على الحدود ما بين 5 و7 الاف جندي.؟!
كمين «غولاني»
وفي اختبار ميداني نوعي، اثبت جهوزية عالية على الحدود، اوقعت المقاومة قوة من لواء «غولاني» في كمين بالعبوات الناسفة، تم زرعها بمنطقة تل إسماعيل في الأراضي اللبنانية، وذلك بعد متابعة دقيقة. وبعد تجاوز قوة «غولاني» الحدود، ووصولها إلى موقع العبوات، تم تفجيرها بها، ما أدّى إلى وقوع أفراد القوة بين قتيل وجريح. وتحدثت وسائل إعلام «إسرائيلية» عن الكمين قائلةً إنّه على نحو استثنائي، أعلن حزب الله مسؤوليته عن حادث وضع العبوات، الذي أصيب فيه جنود من «غولاني» عند الحدود مع لبنان.
ووفقا لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن 4 جنود «إسرائيليين» أصيبوا في الكمين الذي نفذته المقاومة، احدهم بحالة خطرة واثنان اصيبوا بجروح متوسطة. ووفقا لمصادر مطلعة، فان جنود «غولاني» حاولوا اجراء اختبار ميداني لجهوزية حزب الله البرية، وقد فوجئت القوة المهاجمة بوجود تلك العبوات في منطقة لا تبعد امتارا قليلة عن الحدود، وهذا ما يكشف وجود نقص مقلق للغاية في المعلومات الاستخبارية.
الردع وخيمة حزب الله
من جهته، اعتبر زعيم المعارضة «الإسرائيلية» يائير لابيد، أنّ الردع «الإسرائيلي» انهار في لبنان، عندما نصب حزب الله خيمته داخل الأراضي «السيادية» لدولة «إسرائيل»، حسب تعبيره. أضاف لابيد «إن كل ما تبقى من سيد الأمن (نتنياهو)، هو قرى من الخراب من بئيري حتى كريات شمونة، وعنف الإرهابيين اليهود الذين خرجوا عن السيطرة، وفقدان كامل للردع الإسرائيلي»، داعياً إلى إزاحة الحكومة الحالية التي «تجلب الخراب لإسرائيل، وهي تظن أنها تجلب النفع». وأضاف في هجومه المباشر على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو: «إذا كان نتنياهو قد عمل كل هذه السنوات على القضية الإيرانية، فكيف أصبحت إيران دولة على عتبة نووية، وكيف أرسلت مئات الطائرات من دون طيار»؟
قواعد جديدة للعبة
وعليه، يبدو ان المنطقة دخلت بأكملها في سياق جديد، عنوانه المواجهة المباشرة بين إيران و»إسرائيل». وتبيّن في هذه المواجهة من عنوانها الأولي بعد الهجوم، أنّ «إسرائيل» أضعف من أن تكون قادرة منفردةً، على مواجهة استراتيجية متكاملة، وهجوم بمزايا متنوّعة من قبل أطراف محور المقاومة. ومن شبه المؤكد، أنّه لولا أميركا وفرنسا وبريطانيا ومعها الأردن، لكانت تداعيات الهجوم الإيراني أكبر بكثير مما حصل.. وعلى الرغم من استخدام طهران، في عملية «الوعد الصادق»، جزءاً صغيراً فقط من قدراتها، أجمع المحللون والمسؤولون «الإسرائيليون» على أنّ إيران لا تخاف «إسرائيل»، بل هي تثق بقدراتها وتغيّر قواعد اللعبة بالفعل.
منذ أكثر من ثلاثة عقود، لم تجرؤ أي دولة على الاقتراب من حدود كيان الاحتلال، ناهيك بتنفيذ هجوم بداخلها. وعليه، كسرت إيران خطاً أحمر، مؤكدةً لإدارة الحرب الإسرائيلية، وفق «فايننشال تايمز»، أن طهران أكثر جنوناً مما تدركون، «ونحن على استعداد لتحمل عواقب الحرب إذا لزم الأمر. وإيران لم تستخدم أفضل وكل ما لديها من قدرات كماً ونوعاً، ما يعني أنّ طهران قادرة فعلاً على أن ترد بهجوم مضاعف».
وقد أكد الصحافي «الإسرائيلي» المقرب جداً من جهاز «الموساد» رونين برغمان أنّه لو تم تصوير وقائع اللقاءات الأسبوع الماضي وبثّها بشكل مباشر على «يوتيوب»، «لكان هناك 4 ملايين شخص (نصف مستوطني الكيان) في «إسرائيل» يبحثون عن سبيل للفرار.
«مهزلةً استراتيجية»
من جهتها، وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت الإسرائيلية»، ليلة الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق، بانها كانت «مهزلةً استراتيجيةً» بالنسبة للاحتلال. وتحدّثت الصحيفة عن «فشل استراتيجي» مُنيت به «إسرائيل» بعد الرد الإيراني، نظراً لحقيقة أنّ «إسرائيل» استُعبدت لأسبوعين في إثر توتر يصيب بالشلل، بعد إقدامها على الاغتيال (وفي هذا إشارة إلى الترقب والقلق اللذين سادا في انتظار الرد، بعد التهديدات منذ مطلع هذا الشهر).
وفي إشارة إلى سوء التقدير «الإسرائيلي»، رأت الصحيفة أنّ المسؤولين «الإسرائيليين» نسوا أنّ «إسرائيل» لم تعد تظهر بصورة المهدِّد، وأنّ لديها حكومةً لا تتمتّع بالثقة، وأنّ جيشها أخطأ أكثر من مرة، ولا يعرف كيف يتعافى من ذلك.
حراك «الخماسية»؟!
وفيما تستعد لجنة سفراء «الخماسية» لاستئناف اجتماعاتها من دارة السفير المصري علاء موسى اليوم في حضور تكتل «التوافق الوطني»، توازيا مع عودة تحرك كتلة «الاعتدال الوطني»، من دون بناء كثير الآمال على حراكها. ووفقا لمصادر «الخماسية» سيستضيف موسى في دار سكنه في دوحة الحص، اجتماعا لسفراء «الخماسية» الساعة ١٢ ظهراً ، على ان يزور السفراء بنشعي بعد غد الأربعاء للإجتماع برئيس «تيار المردة» المرشح الرئاسي سليمان فرنجية ، وتزور في اليوم ذاته رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل. كما يلتقي وفد «الخماسية» نواب كتلة الوفاء للمقاومة من دون مشاركة السفيرة الأميركية والسفير السعودي. وستجتمع «الخماسية» خلال الأيام المقبلة برئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بغياب السفيرة الأميركية.
رد حزب الله
وكان وفد من كتلة «الاعتدال الوطني» زار كتلة الوفاء للمقاومة، وتسلّم منها جوابها في شأن مبادرة التكتل الرئاسية. ووفقا للمعلومات، ابلغت الكتلة وفد «الإعتدال» ان حزب الله «موافق على الحوار لإيجاد مخرج رئاسي، على أن يكون الحوار برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن دون قيد أو شرط»، وقالت لـ «الاعتدال»: «إياكم أن تيأسوا أو يصيبكم الإحباط ، وثابروا في مسعاكم». وقد وصف النائب وليد البعريني اللقاء بانه «سلس»، ونفى ان يكون الجواب نعي لمبادرة «الاعتدال».
النزوح السوري
في هذا الوقت، حضرت المستجدات الامنية لناحية الوضع الجنوبي وايضا قضية النزوح، في لقاء تشاوري في السراي برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. بعده أعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، أن «مجلس الوزراء سيعقد جلسة جديدة في 26 الجاري». وشدد على «أهمية حماية السلم الأهلي في هذه الظروف الدقيقة» . وقال: «بحثنا في آلية وكيفية تصنيف النازحين، وأوصينا بتطبيق القوانين على الجميع. وبحثنا في إمكان معالجة الاكتظاظ في السجون وترحيل السوريين منهم وفقاً للقوانين». وأضاف: «تبين لنا ان المواد التموينية اللازمة في هذه المرحلة متوفرة لمدّة 3 أشهر».
ووفقا للمعلومات، جرى الاعداد لمذكرة متكاملة سترفع الى الاوروبيين في مؤتمر بروكسل للاجئين الشهر المقبل، تتضمن الاعلان عن مناطق آمنة في سوريا لاعادة اللاجئين اليها، ويجري رئيس الحكومة ميقاتي مروحة اتصالات مع الدول المعنية لدعم موقف لبنان، لكن حتى الآن لم يحصل على اي مؤشرات جدية توحي بان ملف عودة اللاجئين وضع على سكة الحل. كما تجدر الاشارة الى ان اللقاء الوزاري التشاوري لم يبحث في إقامة مخيمات للاجئين السوريين على الحدود.
الامن الغذائي
وفي هذا السياق، بحث خلال اللقاء ملف الامن الغذائي في حال نشوب حرب، وقد اكد الوزراء المعنيون ان ثمة اكتفاء ذاتيا لثلاثة اشهر مقبلة من المواد الاساسية، ولا يوجد اي نقص يستدعي القلق.
المولوي: «الموساد» قتل سرور
في غضون ذلك، كشف وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي، أن «المعطيات الأولية المتوافرة لدى السلطات، تظهر أن «الموساد الإسرائيلي» يقف خلف مقتل محمد سرور»، وأضاف أن «سرور وُجد مصابًا بسبع رصاصات، ما يدل على أنه خضع للتحقيق من قبل الجهة التي قتلته».
وعن مقتل منسق حزب «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان، شدد مولوي على ان «بيان الجيش اللبناني هو نتيجة أوليّة والتحقيقات ما زالت مستمرة»، معتبراً أن «كل تساؤلات اللبنانيين حول مقتله مشروعة». وأضاف: «ليست لدينا معطيات أن هناك جهة سياسية داخلية وراء مقتل باسكال سليمان»، مشيرا الى ان «الاتصالات جارية مع الجانب السوري من قبل مخابرات الجيش اللبناني والأمن العام، لتسليم باقي المطلوبين السوريين في القضية». وأكد «اننا لا نقبل بالأمن الذاتي، ولن نقبل بعودة أي ممارسة من ممارسات الحرب».
تأجيل الانتخابات البلدية
على صعيد آخر، وضعت مسألة تاجيل الانتخابات البلدية على «نار حامية»، بعد دعوة الرئيس بري هيئة مكتب المجلس إلى إجتماع غدا الأربعاء، حيث يفترض ان يكون التمديد للبلديات عبر قانون يصدر من مجلس النواب حاضرا في الجلسة التشريعية التي يتم الاعداد لها. وكان وزير الداخلية وقّع على قرار دعوة الهيئات الانتخابية البلدية في دوائر محافظة لبنان الشمالي ودوائر محافظة عكار لانتخاب اعضاء المجالس البلدية، وتحديد عدد الاعضاء لكل منها، ولانتخاب مختارين ومجالس اختيارية وتحديد عدد المختارين والأعضاء لكل منها في دوائر محافظة لبنان الشمالي ودوائر محافظة عكار، وذلك بتاريخ ١٩ ايار 2024؟!