كتبت صحيفة “اللواء”: قفز الوضع الميداني الى الواجهة من جديد بعد ظهر امس مع ارتفاع عدد الغارات الاسرائيلية المعادية على القرى الحدودية والبعيدة نسبياً عن الحدود باستهدافات سيارات المدنيين والمنازل الآمنة من عين بعال الى الشهابية وياطر والمنصوري، مما استدعى ضربات انقضاضية عبر المسيّرات على مواقع الاحتلال ومراكزه العسكرية وقواعده الجوية واللوجستية من كريات شمونة الى ميرون وهلل وغيرها.
بالتزامن، عاد الاهتمام السياسي الى الملفات الداخلية الساخنة، سواء منها الاستحقاقات القريبة، او التي تحتاج الى تحضير، فضلاً عن الملف الامني وارتباطه على نحو او آخر بملف النزوح السوري.
وأشارت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إلى ان انطلاقة مشاورات اللجنة الخماسية للوصول إلى نقاط مشتركة من شأنها خرق المشهد الرئاسي لاسيما أن طروحات تم تداولها من كتلة تجدد حول الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وفي حال تعذر الوصول إلى نتيجة في الدورة الأولى، يتم الانتقال إلى جلسة حوار في البرلمان.
وأفادت هذه المصادر أن الحركة الرئاسية لا تزال تستدعي سلسلة اتصالات ومشاورات، على أن الأساس يبقى التفاهم على آلية لإنجاز الاستحقاق في حين ان المدخل لها بالنسبة إلى قوى المعارضة هو المسار الدستوري من خلال جلسة الإنتخاب.
ورأت أنه لا يمكن الحديث عن أي تقدم في هذا الملف قبل انتهاء مشاورات اللجنة الخماسية وبلورة الطرح أو الخيار الذي يمكن أن يتم التفاهم عليه.
وشددت مصادر ديبلوماسية على ان حركة سفراء اللجنة الخماسية تجاه المسؤولين والاطراف السياسيين المعنيين بحل أزمة الانتخابات الرئاسية، ستتواصل في الايام المقبلة، للوقوف على آراء وتوجهات هؤلاء جميعاً، واستخلاص القواسم المشتركة في ما بينهم، والانطلاق منها للمرحلة المقبلة، التي ينتظر ان تشهد حركة داخلية وخارجية بالتزامن بينهما، للبدء بتنفيذ خلاصة ما تمَّ التوصل اليه لحل ازمة الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس للجمهورية.
ووصفت المصادر اجواء اللقاءات التي تعقدها اللجنة، تباعا مع الأطراف السياسيين، بأنها مشجعة خلافا لما يروجه البعض، واعتبرت استمرار الاجواء والمناخات المؤاتية لحراك اللجنة الخماسية، سيؤدي بالنهاية الى تحقيق اختراق ملموس في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، برغم الاجواء المشدودة نحو ما يجري في الجنوب اللبناني، في ظل الاشتباكات المسلحة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، لاسيما وأن حراك اللجنة بالداخل اللبناني، يواكبه حراك بالخارج، لتنسيق الجهود والمساعي المتواصلة، في سبيل التوصل إلى اتفاق بين جميع الاطراف لتسهيل حل ازمة الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس للجمهورية، ولفتت الى زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان لواشنطن مؤخرا ولقائه مع المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين المكلف بمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية، وتهدئة الاوضاع المتدهورة جنوبا والسعي للتوصل إلى تفاهم بين إسرائيل وحزب الله، لزيادة التنسيق بينهما بخصوص هذين الملفين، وتحديد مسار التحركات والجهود التي ستبذل بهذا الخصوص خلال المرحلة المقبلة.
واعتبرت المصادر ان كل ما يروج عن افتقاد اللجنة لأدوات الضغط المطلوبة لحل ازمة الانتخابات الرئاسية في لبنان، ليس صحيحا، وانما على عكس ذلك تماما، ولاسيما بوجود سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في اللجنة الخماسية، وهي الدولة الوحيدة التي بامكانها لعب دور مؤثر، من خلال علاقاتها الاقليمية والدولية، وبالتنسيق مع باقي أعضاء اللجنة ومن بينها فرنسا والسعودية وقطر التي تربطها علاقات جيدة مع طهران، في سبيل التوصل إلى اتفاق لحل ازمة الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس للجمهورية في المرحلة المقبلة.
وفي حين اطلقت اللجنة الخماسية من دارة السفير المصري علاء موسى في دوحة الحص دينامية جديدة لمقاربة الاستحقاق الرئاسي، عبر لقاءات مع كتل نيابية، مؤيدة او متباعدة مع المرشحين المعلنين للرئاسة، سواء النائب السابق سليمان فرنجية المدعوم من الثنائي الشيعي وقوى 8 آذار، او الوزير السابق جهاد ازعور او سواه من المرشحين المقترحين او المنتظرين.
قفزت الى الضوء الجلسة النيابية التي من المتوقع ان تجدد موعدها اليوم في اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي في عين التينة بدعوة من الرئيس نبيه بري، للبحث في اقتراح قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية التي يؤيدها التيار الوطني الحر، ويعارض التمديد لها حزب «القوات اللبنانية» والاحزاب المؤيدة لموقفه.
بري يطلق المواقف الحاسمة
واستبق بري اجتماع هيئة مكتب المجلس، باطلاق مواقف حاسمة بوجه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، من دون ان يوفر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
ورداً على جعجع في ما خص الانتخابات البلدية، قال الرئيس بري: لن تحصل انتخابات بلدية من دون الجنوب، وبده يستوعب جعجع: «مش مستعد افصل الجنوب عن لبنان»، مضيفاً: الخطورة في كلام جعجع هو عن الفدرالية، وهذا يعني اننا ما نزال «في حالات حتماً».
وفي معرض الرد على باسيل، رأى بري: جبران في «كتابه» يريد ان يفصل جبهة الجنوب عن غزة وهيدي ما بتزبطش، مشيراً الى ان «وحدة الساحات قائمة شاؤوا أم أبوا».
واعتبر الرئيس بري ان «قواعد الاشتباك تغيرت» وأهم نتيجة للسجادة العجمية انها قالت لإسرائيل «زمن الاول تحول».
الخماسية: منهجية تحرك جديدة
واطلقت اللجنة الخماسية على مستوى السفراء العنان لتحرك جديد على مستوى الملف الرئاسي.
واستضاف السفير المصري في لبنان علاء موسى سفراء المجموعة الخماسية، مع عدد من النواب والكتل النيابية منزله بدوحة الحص.
وحضر الاجتماع سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري وقطر الشيخ سعود عبد الرحمن آل ثاني والولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون والفرنسي هيرفي ماغرو.
وبعد الاجتماع، تبدأ الخمساية بدءاً من اليوم جولة على المرجعيات والقيادات السياسية والحزبية ومن بينهم المرشح الرئاسي سليمان فرنجية.
وقال موسى ان الخماسية التمست جدية وايجابية في التعاطي مع الملف الرئاسي، من دون ان تفضل التباين في وجهات النظر.
واعتبر سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري ان المسعى جدي لتمهيد انتخاب الرئيس، وهناك الكثير من التفاؤل والدفع باتجاه انجاز الملف.
ومن هذه الكتل، كتلة التوافق الوطني، التي اكد باسمها النائب فيصل كرامي ان «ثقة الخماسية بالرئيس نبيه بري كبيرة جداً».
وحضر عن «التوافق» الى كرامي النواب حسن مراد وطه ناجي وعدنان طرابلسي ومحمد يحيى.
واكد نواب كتلة «تجدد» فؤاد مخزومي، اشرف ريفي واديب عبد المسيح بعد لقائهم سفراء اللجنة الخماسية، «أننا لن نقبل برئيس من العهد السابق بعد أن تحول لبنان من سويسرا الشرق الى بلد الكبتاغون».
وأضافوا: «لم يتم طرح أسماء ولكن المواصفات التي عُرضت ترضينا، ونحن بدورنا طرحنا تخريجة لا تتعارض مع الدستور».
وعلى الأثر، أعلنت كتلة «تجدد» في بيان، «توضيحاً لما نشرته بعض وسائل الإعلام تفسيراً لكلام احد نواب الكتلة، عن مبادرة للكتلة تضمنت دعوة النواب لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وفي حال عدم حصول ذلك في الدورة الأولى ينتقل النواب إلى حوار ونقاش يرأسه رئيس المجلس النيابي، أن النائب الزميل كان يتحدث عن مجرد التشاور بين الجلسات».
وأكدت الكتلة أن «ما ورد لجهة قبولها بطاولة حوار يرأسها الرئيس نبيه بري، لم تطرحه ولا يمثل موقفها المنسجم مع القناعات والثوابت المعلنة في بياناتها الأسبوعية، والذي ينص على التمسك بالدستور ورفض الأعراف الهجينة، وعلى الدعوة لجلسات بدورات متتالية وغير مشروطة لانتخاب الرئيس، والذي يتم تنسيقه بالتشاور مع قوى المعارضة، فاقتضى التصويب تلافياً لأي اجتهاد».
باسيل: المشاركة بالتمديد
في المواقف، ربط النائب باسيل المشاركة بالجلسة التي يعتزم المجلس النيابي عقدها للنظر باقتراح قانون بالتمديد للمرة الثالثة للمجالس البلدية، والاختيارية بمدى جهوزية او عدم جهوزية وزارة الداخلية لاجرائها، على الرغم من اصدار قرارين في ما خص عملية الاجراء بدءاً من 12 ايار المقبل.
وقال باسيل:«نحن لن نتخّذ موقفاً قبل الاجتماع رسمياً مع وزير الداخلية للنظر فعلاً بجهوزيته وسنرسل له وفدا نيابيا قبل جلسة المجلس النيابي لنحدّد موقفنا. اذا الوزارة جاهزة، فالتيار سيشارك ولن يمدّد للبلديات»، مشيراً الى اننا «نختار استكمال العمل البلدي والاختياري وتسيير المرفق العام بدل الفراغ والكذب على الناس».
وفي اطار التنسيق مع حزب الكتائب اوفد جعجع النائب غسان حاصباني الى النائب سامي الجميل حيث جرى البحث بالتنسيق بين الحزبين لا سيما في ما خص الانتخابات البلدية والاختيارية التي تعارض «القوات» اجراءها.
المولوي: خطة أمنية لبيروت
الى ذلك، كشف وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي من دار الفتوى، حيث التقى المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، عن العمل على «خطة امنية لفرض النظام اكثر في بيروت، والمناطق التي تشهد بعض الفوضى مع الحفاظ على مصالح المواطنين في الظروف الصعبة».
وحول النزوح السوري، قال: الموضوع تعالجه الحكومة بالاتصالات الدبلوماسية مع الاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي ككل.
وقفة احتجاجية
على صعيد التحركات من اجل الودائع، دعا تحالف «متحدون» جميع المودعين ومحاميهم الى «وقفة احتجاجية اليوم الاربعاء ظهراً امام قصر العدل، والطلب من هيئة التفتيش القضائي القيام بدورها الرقابي دون إبطاء».
ونقل عن المحامي جورج ابو خاطر بعد التعرض للمودعين امام مصرفي الاعتماد اللبناني واللبناني للتجارة (BLC) في انطلياس: «لو أن القضاء اللبناني قام بدوره لما اضطر أي مودع مظلوم مقهور مسلوب الحقوق للجوء إلى الشارع».
وأكد البيان انه «لم يبقَ لأصحاب الحقوق المودعين سوى تصعيد تحركاتهم ضد المصارف وبيوت أصحابها وعائلاتهم، وهذا ما حصل البارحة واليوم وسوف يستمر حتى تتحقق لهم العدالة الواجبة التطبيق».
وفي السياق اقتحم المودع بسام عقيل شيخ حسين فرع بنك فدرال في الحمرا، لتنفيذ قرار قضائي، صدر لصالحه باسترجاع ما تبقى من وديعته.. بعد ان سبق واقتحم المصرف في آب 2022.
الوضع الميداني
ميدانياً، شهد الجنوب في ساعات ما بعد ظهر أمس تصعيداً قوياً، اذ اغارات الطائرات المعادية على عين بعال والشهابية، حيث استهدفت اكثر من سيارة، الامر الذي ادى الى سقوط شهيدين نعاهما حزب الله، وهما اسماعيل يوسف باز (الشهابية) ومحمد حسين شحوري (الشهابية) الى شهيد ثالث هو محمود ابراهيم فضل الله (من بلدة عيناتا) وله دور قيادي في المحور الساحلي باتجاه الناقورة.
وسرعان ما رد حزب الله على الاعتداءات على بلدتي عين بعال والشهابية، باستهداف مقر وحدة المراقبة الجوية في ميرون بالاسلحة الصاروخية والمدفعية، كما قصف مقر قيادة الفرقة 146 في ميرون بصواريخ الكاتيوشا.
بالمقابل، انقضت مسيرتان تابعتان لحزب الله على بيت هلل (يقصف للمرة الاولى) حيث اصاب طاقم الموقع بين قتيل وجريح حسب بيان المقاومة.
واعلن الجيش الإسرائيلي ان مسيّرتين مفخختين عبرتا الأراضي اللبنانية باتجاهنا وانفجرتا في بيت هلل والحادث قيد التحقيق. اما القناة 12 الإسرائيلية فاشارت الى سقوط 3 إصابات طفيفة جراء انفجار طائرة مسيرة في منطقة بيت هلل شمال إسرائيل قرب الحدود مع لبنان.
من جهته، اعلن حزب الله أنه شن هجوماً جوياً بمسيرات إنقضاضية على دفعتين إستهدفتا منظومة الدفاع الصاروخي في بيت هلل وأصابت منصات القبة الحديدية وطاقمها وأوقعت أفراده بين قتيل وجريح.