المتن – عقدت ندوة حول “دور الإعلام في تحصين السلم الأهلي والوحدة الوطنيّة” في المركز الكاثوليكي للإعلام – جل الدّيب بدعوة من رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري، شارك فيها وزير الإعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد مكاري، رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، نقيب المحررين جوزف قصيفي، مدير المركز الكاثوليكي المونسنيور عبده ابو كسم ورئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام في حضور الشيخ محمد شقير ممثلا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، الشيخ سامي عبد الخالق، رئيس المجلس العام الماروني ميشال متي، رئيس تجمع موارنة من أجل لبنان بول كنعان.
العنداري
بداية رحب المطران العنداري بالحضور وقال:”نلتَقي اليَومَ حَولَ موضوعٍ وطني مَسؤول، حَولَ دورِ الإعلام في تَحصينِ السِلمِ الأهلي والوَحدَةِ الوَطنِيَّة، لإبرازِ قيمَ الإنتِماءِ الوَطني والوحدَةِ الوَطَنِيَّة وضَرورَةِ َتَلاحُمِ الشَعبِ اللبناني، والعَمَلِ مَعاً على تَحقيقِهَا وتَحصينِها والمُحافَظَةِ عَليها”.
واشار الى ان” الاعلام يَلعَبُ دَوراً كَبيراً في تَعزيزِ السِلمِ الأهلي والوحدَةِ الوطَنِيَّة. وَتُعَدُّ وَسائلُ الإعلامِ المَرئيَّةِ والمَسموعَة والمَكتوبَة والإلكترونِيَّة على اختلاف انتِماءاتِها مِن أَهَمِّ الأدوات المُؤَثِّرَة في تَنمِيَةِ الوَحدةِ الوَطَنِيَّة وَحُبِّ الوَطَن والوَلاءِ لَهُ، بِلُغَةٍ راقِيَة وإِيجابِيَّة. ومِنَ المُفتَرَضِ أَن يُمارِسَ الإعلامُ دَورَه على قاعِدَةِ مَسارِ الحَقيقَة، واحتِرامِ الرَأي الآخَر، وتَغليبِ صَوتِ العَقلِ، ونَبذِ الإنقِسامِ لا تَعزيزِه وتَغذِيَتِه، في مُناخٍ مِنَ الحُرِّيَةِ المَسؤولَة والمُواطَنَة السَليمَة والصَحيحَة. ومَعلومٌ أَنَّ لا صِيانَةَ لِلحُرِّيَة إِلاَّ بِالحُرِّيَة الحَقيقِيّة المَسؤولَة والمُتَحَرِّرَة مِن الضُغوطِ والإرتِهاناتِ الداخِلِيَّة والخارِجِيَّة. إِنَّ رِسالَةَ الإِعلامياتِ والإعلاميين، والمُؤَسَّساتِ الإِعلامِيَّة، والقَيِّمينَ على شَبَكاتِ التَواصُلِ الإجتِماعي هِيَ تَوعِيَةُ اللّبنانياتِ واللُّبنانيينَ على هُويتهِم الخاصَّة، الوَطنِيّةِ، في التنَوُّعِ والتَعَدُّدِيَّة، وفي مُناخِ السِيادَةِ والديمقراطِيَّة”.
وتابع:”يَرتَكِزُ تَرسيخُ عَناصِرَ السِلمِ الأهلي وتَحصينَ الوَحدَةِ الوَطَنِيَّة على الكَلِمَة الصادِقَة والبَنّاءَةِ والجَريئَة. ولا يَجوزُ التَهاونُ معَ أَيِّ شَخصٍ، أو بِتَعبيرٍ آخر معَ أَيِّ مُواطِنٍ أو إِعلامِيٍّ يَعيشُ على تُرابِ هذا الوَطَنِ اللّبناني، لا يَعرِفُ أو لا يَعتَرِفُ بِتاريخِ الوَطَن، ولا يَحتَرِمُ تَهذيبَ المَشهَدِ الإِعلامي، وَيُتاجِرُ بِقِيَمِ الوَطَن بِلُغَةٍ ديماغوجِيَّة تَحتَ شعاراتٍ بَرّاقَة، ويَنغمِسُ في الفِئوياتِ والكَيدِيّات. تَكمُنُ دَعوَةُ الإعلامَ السَليمَ والشَريف في إظهارِ ما يَبني، لا ما يَهدُم. إِعلامٌ يَجمَعُ ولا يُفَرِّق، رُكنٌ مُساعِدٌ على حِمايَةِ السِلمِ الأهلي وصِيَانَةِ الوَحدَة الوَطنِيَة والإِلتِفاف حَولَها”.
وقال:” وإذا ما أَحدَثَ الذَكاءُ الإصطناعي ثَورَةً مِنَ التَطَوُّرِ الهائل في وَسائلِ الإِعلام، وَبِحَسبِ تَعبيرِ أَحَدِ السُفَراءِ في مَجلِسِ حُقوقِ الإِنسان: ” إِنّهُ يُبهِرُ بِقَدرِ ما يُثيرُ القَلَق “، فَحَرِيٌّ بِوَسائلِ الإعلام المُقارَبَة الحَذِرَة في مجالِ السِلمِ الأهلي والوَحدَةِ الوَطَنِيَّة لِلإبتِعادِ عَنِ التَضليلِ والتَزييفِ الإعلامي، واعتِمادِ الموضوعِيَّة والضَوابطِ الأَخلاقِيَّة. لَقَد وُجِدَتِ التكنولوجيا لِخِدمَةِ الإِنسانِيَّة، وعلى الإِعلام أَن يُحسِنَ استَخدامِ الآلات والتقنيات، وأَن يَكونَ سَيِّداً عَلَيها لا أسيراً لَها”.
وختم العنداري:”يَتَمثَّلُ الدَورُ الذي تَلعَبُهُ وَسائلُ الإِعلام في عَمَلِيَّةِ غَرسِ قيمَةِ حُبِّ الوَطَن في نُفوسِ الأجيالِ الناشِئَة، وتَكريسِ وتَرسيخِ قِيَمِ المُواطَنَة. إِنَّهُ لَواجِبٌ تَنمِيَةُ الوَعيِ وتحصينُ السِلمِ الأهلي والوَحدَةِ الوَطَنِيَّة وبِنَوعٍ أَخَصّ في أوقاتِ الحَربِ والسِلم والإضطراباتِ والحَمَلاتِ السِيَاسِيَّة”.
المكاري
ثم تحدث الوزير المكاري فشكر للمركز الكاثوليكي للاعلام المبادرات الوطنية ومبادرات الانفتاح في بلد يمر بأصعب الظروف في تاريخه في جميع الاتجاهات والمجالات، اجتماعيا وسياسيا وامنيا ودستوريا. ولا شك ان للإعلام دورا اساسيا بمواكبة التطورات التي نعيش فيها، فالاعلام يعكس الأرض فاذا كان الوضع جيدا فيعكس الجمال واذا كان شيئا فيعكس البشاعة والخطر، فهذا الدور مع الاسف يكون اكثر اتجاها الى السلبية لان جزءا كبيرا من الاعلام هو تجاري ويسعى الى المشاهدين والى الاثارة والى تغطية الاخبار التي تجذب، ونحن للأسف نعيش في بشاعة في البلد”.
وقال المكاري:” نحن ملتزمون حرية الاعلام في لبنان لانه اغلى ما لدينا، فموضوع الحرية في هذا البلد بالرغم من فوضى الحرية فيه بالنسبة الينا واجب علينا ان نحميها. ونلاحظ التطور السريع في الاعلام منذ 15 و20 سنة الى اليوم، في ضوء ازدياد عدد المؤسسات الاعلامية حيث اصبح كل مواطن اعلامي من خلال وسائل الاعلام المتعددة. فالوضع تغير بشكل لا يوصف وهو يتجه إلى تغيير اكبر مع الذكاء الاصطناعي ولا يمكننا بعد استيعاب هذه الثورة الى اي مكان ستوصلنا”.
واشار المكاري الى ان” وزارة الإعلام تواكب قدر المستطاع كون الجسم الوظيفي في الدولة هو للأسف مترهل وللأسف لا يمكننا الافادة من الطاقات الشابة لذلك نعقد علاقات مع كليات الاعلام في لبنان لادخال دم جديد على مؤسساتنا الرسمية كي نستمر والتعاطي مع هكذا استراتيجية صعب نظرا للقوانين القديمة والروتين الاداري، فالدولة لا يمكنها ان تستمر بهكذا ادارة وبهكذا نهج، وطالما اننا لم نصل إلى حكومة الكترونية فلا يمكن ان نتطور، ونحن في وضع من دون رئيس وحكومة تصريف اعمال ومحلس نواب لا يشرع فاننا نعمل بالموجود”.
واضاف:” نحن نعمل على قانون جديد للاعلام وهو يعطي حرية اكثر للصحافة وللاعلام ويخفف القمع ويلغي عقوبة السجن ويفصل التواصل الاجتماعي عن المؤسسات الإعلامية، ونتناقش في كل ذلك في لجنة فرعية في مجلس النواب كي نخرج بقانون يحاكي المعايير الدولية والتطور، ونعمل على التسريع بهذا القانون، بالتشارك مع الاونيسكو في دراسته ومع جمعيات ونقابات وحقوقيين واعلاميين وتوصلنا الى نسخة عن القانون الجديد”.
ولفت المكاري الى ان” وزارة الاعلام هي بيت كل الإعلاميين وملجأ لكل من عنده مشكل ولكل من يتعرض لاي شيء سلبي وكذلك في ما يتعلق بالتغطية في الجنوب وموضوع شهداء الصحافة اللبنانية حيث ان الحكومة بناء على طلب وزارة الاعلام اعتمدت التحقيق الذي أجرته رويترز مع الشركة الهولندية في ما يتعلق بمقتل عصام عبدالله وهو تحقيق شفاف وعلمي وطلبت من الحكومة اعتماده كي يمكن الادعاء على اسرائيل ولهذه الخطوة ارتدادات قوية في المنظمات الحقوقية والتي تعنى بحرية الصحافة في العالم. وبالإضافة الى ذلك نحن لنا علاقات مع هيئات غربية تعنى بحماية الاعلام وادارته وسنعقد مؤتمرا قريبا مع “آركوم” وهي هيئة تشبه المجلس الوطني للإعلام وتعنى بتنظيم الاعلام الفرنسي وهي مؤسسة متقدمة وسنتناقش معها في كل ما يحصل في اوروبا مقارنة مع لبنان”.
ورأى المكاري ان” الحل هو في التنشئة التي تبدأ من المنزل ثم في الحضانة والمدرسة خلال التوجيه بان التواصل الاجتماعي هو للخير فقط، وهذا هو الاساس والقاعدة والاستثناء هو عندما نذهب الى خبر زائف او خطاب كراهية او رمي حرام او امور سلبية تؤثر على المجتمع، وهذا الموضوع ينسحب على المدارس وعلى الجامعات كي يكون الاعلاميون على مستوى راق من الانسانية والاحتراف وان نكون سباقين في كل جديد ومتطور بهذا العالم”.
وختم المكاري:” في موضوع الانصهار الوطني والسلم الاهلي، وكل ما نراه،هناك عنوان اساسي هو التمسك بالدولة وبمشروع الدولة، وارى منذ فترة ان التلاميذ والشباب لا يحبون الدولة وهناك حاجز بينهم وبين الدولة وهذا الشعور حقيقي وسببه هو تقصير الدولة ونحن ندعو الى المصالحة بين هؤلاء الشباب والشابات والدولة لان لا شيء يضمن السلم الاهلي في البلد الا مشروع الدولة ومهما كانت هذه الدولة فهناك نصوص وقوانين تنظم حياة اللبنانيين ويجب ان نحميها وان نلتزم بها نعمل بموجبها، لذلك العنوان الوحيد في النهاية هو الدولة وان نعيش في كنف هذه الدولة حتى لو كنا لا نحبها يجب ان نسهم في بنائها وحمايتها الى ابعد الحدود لان لا شيء سيجمع اللبنانيين الا المشاريع المشتركة والمصير المشترك والدولة القوية العلمانية العادلة المدنية والتي تهتم بكل شؤون المواطنين وهذا هو الحل الوحيد، فالسلام هو بوجود دولة قوية لجميع ابنائها”.
محفوظ
ورأى محفوظ في مداخلته الى ان “الاعلام اللبناني كان رائدا في العالم العربي والسبب الرئيسي هو الحرية الإعلامية وحرية التعبير والتنوع وهي حريات كانت ميزة لبنان ولا زالت. وحقيقة الأمر لم يعد الإعلام بسلطة رابعة. فهو السلطة الأولى التي تسوّق السياسات والسياسيين وتتحكم بصناعة الرأي العام وبالتالي فإن المقياس هو في الوظيفة التي نريدها للإعلام. وظيفة البناء أم الهدم. فهو قادر على الإثنين معا. ففي مراحل الإنقسام السياسي والطوائفي تغلب وظيفة الإنقسام وفي مرحلة السلم الأهلي وفي ظل دولة المؤسسات تغلب وظيفة البناء والوحدة”.
وقال:” البيان الوزاري الأول لحكومة الاستقلال الأولى في 7 تشرين الأول 1943 اعتبر أن الطائفية “تقيّد التقدم الوطني من جهة وتشوّه سمعة لبنان من جهة أخرى فضلاً عن أنها تسمّم روح العلاقات بين الجماعات الروحية المتعددة التي يتألف منها الشعب اللبناني . وقد شهدنا كيف أن الطائفية كانت في معظم الأحيان أداة لكفالة المنافع الخاصة , كما كانت أداة لايهان الحياة الوطنية في لبنان إيهاناً يستفيد منه الأغيار”، وقال:” الواضح أن الطائفية السياسية هي مصدر أساسي من مصادر الخلل والانقسام اللبناني والنزاعات اللبنانية. وهكذا يمكن للاعلام اللبناني أن يُسهم في بلورة مفهوم أننا نريد أن نكون مواطنين في وطن لا مواطنين في طوائف ومزارع سياسية وهذا يتطلب إسقاط لغة التحدي في العلاقة بين اللبنانيين وبين الموالاة والمعارضة خصوصاً وأن تكوين لبنان الهش يجعله أكثر عرضة من غيره في لحظة الضغوط والتأزم التي تمر بها المنطقة . فالتفاعل بين الطوائف على قاعدة المواطنية يغني حوار الطوائف ويجعل من الصيغة اللبنانية التي هي عبارة عن حوار تفاعل بين الأديان رسالة حضارية الى العالم على ما يقول ويستنتج الامام موسى الصدر ويجعل من لبنان ليس مجرد بلد بل رسالة على ما يقول قداسة الحبر الأعظم يوحنا بولس الثاني”.
اضاف:”الاعلام اللبناني صورة عن النسيج السياسي والطوائفي. وهو يعبّر إلى حد بعيد عن الواقع الطوائفي ومصالح الطبقة السياسية. وبالتالي لا ينبغي أن نبالغ في دوره الإصلاحي وفي إشاحة اللثام عن الفساد المستشري والرشوة المتحكمة. فالأمر يتطلب رؤية إصلاحية للوضع برمته. والإعلام يمكن أن يكون جزءا من هذه الرؤية التي تبدأ أولا بالإصلاح السياسي الذي هو مدخل لكل إصلاح. أما الكلام على دور الإعلام في التوعية الاجتماعية وتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الاهلي والخروج من الطوائفية البغيضة وتصويب الاداء السياسي والاعلامي فيفترض أن يكون هناك ’”رؤية إعلامية” تمتلكها الحكومة في هذا الإتجاه – هل هناك مثل هذه الرؤية. ولأن إنتاج مثل هذه الرؤية يحتاج إلى ورشة إعلامية تشترك في صياغتها الدولة ومؤسساتها والجامعات والنخب في المجتمع المدني. فالسؤال المطروح أي نوعية من الإعلام نريد. فالإعلام يمكن أن يكون بناء أو هداما وفقا للوظيفة التي نريد أن نعطيه إياها”.
وشدد محفوظ على ان”المطلوب تبادل التنازلات من أجل وقف الإنهيار ذلك أن معادلة لا غالب ولا مغلوب هي عبارة من هدنة مؤقتة أو طويلة لكنها ليست هي الحل… يمكن أن تمهّد لسلم أهلي يُعمل خلاله على بناء الدولة القادرة والعادلة والتي همّها إرساء فكرة المواطنية الجامعة. فالهواجس المتبادلة هي مصدر للتوتر المستمر… وهكذا لا بد من التوافق حول معنى المفردات: الديموقراطية، العيش المشترك، المواطنية، السلم الأهلي، السيادة، العروبة، الإرهاب، الفصل بين السلطات.
كما قال ابن خلدون : العصبيات لا تبني أوطانا. وهذه العصبيات اصبحت السمة الاساسية في حسابات المجتمع السياسي وفي الترويج الطوائفي”.
وقال:”التاريخ اللبناني هو تاريخ حروب تقطعه هدنات طويلة أو قصيرة طالما لم تـُربط فكرة الدولة بقيام مواطنية حقيقية وطالما هناك سقوف متعددة لهذه المواطنية وطالما لم يلغ اتفاق الطائف تعددية السقوف هذه ولم تنفذ مقرراته المرتبطة بإلغاء الطائفية السياسية وبإنشاء مجلس الشيوخ. بمعنى آخر السلم الأهلي الظاهري الذي نشهده الآن هو مؤقت وعابر وقابل للانفجار ويمكن للإعلام تظهير هذا السلم الأهلي وتثبيت معادلاته عبر الخطوات الآتية:
– الإلتزام بالموضوعية والإستقلالية والأمانة والتنوع.
– الإبتعاد عن المبالغة وتقديم صورة حقيقية واضحة.
– الإلتزام بالمواثيق والأعراف الدولية والتعامل الشفاف مع الأخبار.
– تعزيز روح التسامح والألفة والتشجيع على ثقافة الحوار لا الخلاف.
– الإعتراف بالخطأ لدى وقوعه والمبادرة إلى تصويبه وتفادي تكراره.
– التمييز بين النقد والتجريح.
– عدم بث كل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو التعرض للنظام العام ومقتضيات المصلحة الوطنية أو التحريض على العنف في المجتمع.
– الترويج لحوار الثقافات والأديان بديلا من مقولة حرب الحضارات.
– إغناء المشاهد والمستمع والقارئ بالمعارف والثقافات وتعريفه بحرياته وحقوقه الأساسية وواجباته تجاه عائلته وشعبه.
– اداء المؤسسات الإعلامية رسالتها كأدوات فاعلة في بناء الإنسان وتطوير الذوق العام.
– احترام الشخصية الإنسانية وحرية الغير والطابع التعددي في التعبير عن الأفكار والآراء.
– التركيز على دور التنمية في تعزيز وربط الأطراف والأرياف بفكرة الدولة.
– يمكن للمؤسسات الإعلامية استنادا إلى القوانين حجب كل تصريح سياسي فيه مساس بكرامة الآخر أو الإعتداء على حريته أو التحريض على الإثارة الطوائفية والسياسية. وفي هذا المجال أذكَر ببيان صدر عن المجلس الوطني للاعلام ونقابة الصحافة ونقابة المحررين في 26 حزيران 2012 جاء فيه أن المسؤولية الوطنية تفرض على اللبنانيين والإعلاميين منهم على وجه الخصوص القيام في هذه الظروف المشحونة بكل ما من شأنه تحصين السلم الأهلي وتعزيز منطق الدولة والاحتكام إلى القوانين والمساهمة في بلورة وتعزيز الموقف الشعبي الرافض لدفع البلاد في دوامة العنف الأهلي والفتنة أيا كان مصدرها وهذا ما يقودنا إلى دعوة مالكي وسائل الإعلام وجميع الإعلاميين لحجب جميع العبارات والمفردات التحريضية والمواقف التي تحض على العنف الأهلي وتعزز الانقسام بين اللبنانيين والدور السلبي لمقدمات الاخبار التي بدلا من أن تكون تعريفا مختصرا للأخبار الواردة كما هو الحال عليه في الاعلام الغربي، في لبنان تصبح مادة للإثارة والترويج السياسي بخلفيات مسبقة. فمسؤوليتنا تجاه الشعب والوطن تفرض علينا توجيه صدمة معنوية تشمل محاصرة وحجب كل صوت للفتنة والتحريض أيا كان مصدره السياسي.
– يمكن للإعلام أن يصوّب الأداء السياسي ولا يعطي فرصا للإنقسام السياسي والطوائفي في التحوّل إلى ’’حالة اسرائيلية‘‘ محكومة بالهواجس والمخاوف المتبادلة وتفسح المجال أمام اسرائيل للتسلل إلى ’’الداخل اللبناني‘‘.
– دعم الجيش اللبناني ومساندته باعتباره الأداة الأساسية للسلم الأهلي ووحدة الدولة. كما المقاومة عنصر أساسي في وقف الإعتداءات الإسرائيلية واستعادة مزارع شبعا والحؤول دون التوطين وسرقة اسرائيل للمياه اللبنانية.
– معالجة موضوع اللاجئين السوريين في لبنان بالتفاهم بين الدولتين اللبنانية والسورية وخارج الضغوط الغربية التي تتخذ منه للضغط على الدولتين بصورة مختلفة على قاعدة أن التعويضات التي تعطى من الامم المتحدة للاجئين في لبنان تعطى نفسها في سوريا لهم لتشجعهم على العودة”.
ورأى محفوظ انه” في كل الاحوال ثمة تبادل للتأثير بين الاعلام المرئي والمسموع والنخب الثقافية. فمن المعوقات الاساسية لقيام الاعلام بمهمة تربوية غرضها توحيد المجتمع غلبة المسألة الطائفية ومعها كون الاعلام المرئي والمسموع بغالبه تجاري النزعة ويحتضن اعلام الاثارة سواء السياسية او الغرائزية اضافة الى غياب النخبة اللبنانية عن القيام بدورها على صعيد تعزيز الثقافات الموحّدة وصهر القيم المشتركة وبسبب التحاقها بالمصالح الطائفية. وفي هذا المجال لا بد من تطبيق قانون المرئي والمسموع لجهة الالتزام ببرامج الانتاج الوطني والتنشئة وحماية البيئة والاطفال… كما ان هناك حاجة موضوعية لايجاد جواب على مشكلة فعلية تتلخص في كون الصناعة في المرئي والمسموع غير مربحة. فالسوق الاعلاني في لبنان لا يكفي لاكثر من محطتين تلفزيونيتين مما يقتضي ان تشجع الدولة على سياسة الدمج بين المؤسسات كما تفعل في قطاع المصارف. كما انه لا بد من تخفيض الرسوم المتوجبة على المؤسسات المرئية والمسموعة لصالح انتاج برامج تربوية ومناطقية. واستطرادا التشديد على” المشترك” بين اللبنانيين يأتي على رأس الاولويات بالنسبة للاعلام. وتوحيد المفاهيم ازاء ما هو مشترك بين اللبنانيين هو مهمة ملحة تسهم في تفكيك عناصر التوتر الموجودة في اكثر من مكان. فالالتباس في المفاهيم حاليا قائم حول فكرة الميثاقية وحول مفهوم الديموقراطية والديموقراطية التوافقية… وهذه المفاهيم بحاجة إلى نقاش وتوضيح. فالديموقراطية الطوائفية تلغي مفهوم الديموقراطية الحقيقية. كما أن الميثاقية الطوائفية تعني تمثيل الأقوى في الطائفة وتنقل الصراعات إلى داخل كل طائفة وتهمِّش الأقليات وكل ذلك على حساب فكرة المواطنية الواحدة”.
واضاف محفوظ:”لا شك ان الإعلام اللبناني يمر بأزمة عميقة. فالإعلام المكتوب هو في الطريق إلى التهميش إن لم يكن إلى الموت. ذلك أن العدد الواحد من الصحيفة يتجاوز سعرها بثلاثة أضعاف. كما أن السوق الإعلاني يرتبط بوضع متقدم للإقتصاد الذي يعاني حاليا من أزمة بنيوية. وأكثر من ذلك لم يعد الإعلام اللبناني عنصر إغراء للمال السياسي والعربي والخليجي وهذا ينطبق بدوره على الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني ولم يعد يمتلك أي تأثير في الداخل العربي الذي أدرك أهمية وخطورة الإعلام فأسس مئات القنوات التليفزيونية التي تغطي كل النشاطات الإنسانية وغير الإنسانية وحجب المال السياسي عن القنوات اللبنانية التي تدرك تماما بأن القانون قصر مواردها المالية على الإعلان والصناعة الدرامية. وهي مصادر في ظل الأزمة الإقتصادية الحالية تهدّد مستقبل هذه القنوات ودورها. فما المطلوب إذن؟”.
وقال:”المطلوب أن تدرك السلطة السياسية أن صورة لبنان في العالم والمنطقة ترتبط بدور إعلامي. فتراجع الإعلام هو تراجع لفكرة الدولة ومكانتها ووظيفتها. ولذلك برزت دول عربية منافسة للبنان في الإعلام. فالمدينة الإعلامية أول من طرحها هو لبنان ولكن أنجزتها دبي وعمّان والقاهرة وبقي لبنان متخلفا علما بأن لبنان يمتلك المقومات لمثل هذه المدينة والمتمثلة بالطبيعة المؤاتية والكادرات واللغة والجغرافيا. ولذلك فإن إحياء المدينة الإعلامية في لبنان هو عنصر جاذب للتوظيف في الصناعة الإعلامية كون الحرية الإعلامية في المنطقة لا تتوفر إلا فيه. وسيكون لمردود المدينة الإعلامية ما يزيد على المليار دولار وفقا للتقديرات كما سيستتبع ذلك فرص عمل تصل إلى ما يزيد على الثلاثة آلاف لخريجي كليات الإعلام. أيضا هذا الأمر يفترض إعادة النظر في تكوين المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة بفتح المجال أمام الإستثمار العربي والدولي فيها بالسماح بالتملك في الأسهم وهذا ما لا يتيحه القانون المرئي والمسموع الحالي رقم 382/94. فالبعض يتخوَّف من ملكية العرب والأجانب أن يؤثر على سياسات المؤسسات الإعلامية اللبنانية. لكن هذا التخوّف في غير مكانه. ففي تعديلات القانون المرئي والمسموع هناك نصوص على تطبيق القانون اللبناني وعلى أن يكون رئيس مجلس الإدارة لبنانيا وأن لا تتجاوز ملكية الأجانب الـ 49% من الأسهم”.
واشار محفوظ الى انه” في مشروع القانون الإعلامي الجديد هناك نصوص تنطبق على تنظيم الإعلام الإلكتروني وعلى التزامه بقواعد الإعلام المرئي لجهة صحة المعلومة ودقتها والموضوعية وتجنب القدح والذم. هناك إلى الآن ما يزيد على 1300 موقع إعلامي أنجز العلم والخبر لدى المجلس الوطني للإعلام. المشكلة هي الإفتقاد للمهنية والخبرة الصحافية وغالبا الإعتماد على الإشاعة وعلى الطابع المحلي. وهذا ما يترك آثارا سلبية على مستقبل هذه المواقع وتحديدا على الواقع السياسي – الطوائفي. ذلك أن الاعلام الالكتروني هو اعلام اللحظة. من هنا يصبح من الصعب وقف الإشاعة وتكذيبها ودورها في إثارة الفتن وتناقلها. والحل لا يكون إلا بتطبيق القانون. وهذا يفترض حضور الدولة الغائبة والمغيبة ومعه حضور فعلي للقضاء لا الحضور الصوري. وواقع الحال يحتاج البلد إلى إصلاحات عميقة تحتاج إلى حاملة اجتماعية وثقافية ونخبوية وتضامن واسع غير متوفر في الوقت الحالي”.
وختم:”لا يبدو في الأفق القريب والمتوسط أي أمل بتغيير النظام الطائفي وإقامة الدولة المدنية الحقيقية. لكن هذا لا يحول في ضوء ما نحن فيه من إجراء تلطيف لهذا النظام الطائفي وتخفيف التوتر بين المكونات يمكن أن يبادر إليهما اثنان: رجل دين هو غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ورجل الدولة والسياسة هو دولة الرئيس نبيه بري”.
سلام
من جهته رأى سلام ان ركائز السلم الأهلي في هذه المرحلة بالذات، تتعرض إلى تحديات وإهتزازات جمة، بسبب عدة عوامل داخلية وخارجية تنهش بالجسد اللبناني المثقل بالمتاعب المعيشية، والإنهيارات الإقتصادية والإجتماعية، إلى جانب طبعاً الأزمات السياسية المتناسلة في مستنقعات الإنقسامات الحزبية والطائفية”،وقال:” ليست هي المرة الأولى التي نناقش فيها دور الإعلام في الحفاظ على السلم الأهلي، فالعلاقة بين الإعلام والمجتمع الأهلي ككل علاقة جدلية مستمرة، وآفاقها تحاكي ابعاد الفضاء المطلق، لأن الإعلام أصبح عنصر الحياة الثالث على كوكبنا بعد الماء والهواء. من هنا فإن الإعلام أصبح يلعب دوراً أساسياً ومؤثراً في تكوين إتجاهات الرأي العام، وحرب الإبادة الجماعية في غزة، كرست أهمية هذا الدور، من خلال نقل المجازر اليومية ضد الأطفال والنساء بالصوت والصورة إلى العالم”.
ورأى سلام ان” الإعلام هو المرآة التي تعكس صور المجتمع المختلفة، الغث منها والثمين، دون أن يتحمل وزر مفاعيلها السلبية أو الإيجابية. خاصة عندما تتميز عملية التعاطي الإعلامي بالموضوعية، وتراعي المعايير المهنية، وتلتزم بمبادئ الأمانة والصدقية التي تعزز العلاقة بين مكونات الرأي العام والوسيلة الإعلامية. هذه المرتكزات الثلاثة : الموضوعية المهنية، والأمانة الأخلاقية، هي مقومات الإعلام الصحي والصحيح، الملتزم بقضايا الوطن، لا سيما السلم الأهلي، والمدافع الدائم عن مصالح المواطن والحاضن لمشاريع الإصلاح والتطوير والتحديث.
ولكن من المؤسف القول أن هذه القواعد – المرتكزات تعرضت لموجات من الإجتياحات المتتابعة على إيقاع الفورة التكنولوجية التي انتشرت في العالم في العقدين الأخيرين، والتي وصلت غبارها ألى منطقتنا، وخاصة لبنان، حيث اكتفينا بأخذ الغث منها، وتركنا المهم، وتحمل الإعلام اللبناني الضرر الأكبر من الواقع الجديد. لقد حافظت الصحافة اللبنانية قدر الإمكان طبعاً، على القواعد الأساسية، من موضوعية ومهنية وأخلاقية، بغض النظر عن إستثناءات هنا وهناك، رغم كل محاولات تحميلها وزر الأزمات السياسية، والخلافات حتى الإعلام المرئي والمسموع تراجع دوره في التواصل السياسي والإجتماعي مع جمهور المتلقين، لأن الوسائل التكنولوجية الحديثة، وخاصة الهواتف المحمولة الذكية، أصبحت السبيل الأسرع لمتابعة الأخبار الآنية، وتبادل الفيديوهات الحية، وتصوير ما يجري حولك، ونشره في العالم أجمع بسرعة البرق، إن لم يكن أسرع قليلا. وهذا الأمر يحتاج إلى بحث آخر”.
وقال:” من نافلة القول التأكيد على أن الصحافة خاصة، والإعلام عامة، هو مرآة المجتمع، يعكس مختلف مشاهد الوضع الداخلي، السياسي منها والإجتماعي الاقتصادي والمعيشي الثقافي والإبداعي. يتابع النشاطات في مختلف هذه القطاعات، ويؤرخ للحظة حصول الحدث أو المناسبة ويترك للمهتمين أمر الخوض في تشريح التجارب، ورسم الأبعاد، وما يمكن التوصل إليه من نتائج واستنتاجات. وكذلك الحال في الأوضاع السياسية، من الظلم تحميل الإعلام، وخاصة الصحافة مسؤولية التوترات والإهتزازات التي يتعرض لها السلم الأهلي، بين فترة وأخرى، وإغفال ما يجب أن تتحمله المنظومة السياسية من تداعيات خطابات التشنج والتطرف والشعبوية الرخيصة، التي تتعمد من خلاله، ليس فقط شد العصب الطائفي والمذهبي، وأحيانا المناطقي، بل تأجيج الحساسيات الطائفية والتلاعب بحبال الفتنة، سعياً لمكاسب فئوية، أو حفاظاً على مصالح شخصية، ولو على حساب تعزيز روابط الوحدة الوطنية، والمخاطرة بتعريض أمن البلد وإستقراره للإهتزاز، ووضع المزيد من العثرات أمام الدولة لتعزيز سلطتها المركزية، وفرض سيادتها على كامل الأراضي اللبناني. إن محاولات تحميل الإعلام وزر خطايا أهل السياسة هي أشبه بعمليات الهروب من مواجهة الواقع، وتبقى في إطار الممارسات الشعبوية في إلقاء مسؤولية الفشل على الآخر. في حين الإعلام في لبنان يعتبر من التجارب الديموقراطية الرائدة في العالم العربي. ويحترم مسؤولياته الوطنية في أحلك الظروف التي عصفت بالوطن”.
اضاف:”لكن هذا الواقع لا يمنع من الإعتراف بأن الوسائل الإعلامية تضطر أحياناً إلى نشر المواقف المتطرفة، والتي قد تكون مسيئة للسلم الأهلي، الصادرة عن قيادات سياسية أو حزبية، والتي تعبر عن آراء ومواقف أصحابها، على إعتبار أن “الإناء ينضح بما فيه”، دون الخروج عن قاعدة أن ناقل الكفر ليس بكافر، لأن الضرورات المهنية تقتضي التعامل مع الأفرقاء السياسيين، بغض النظر عن مواقفهم من القضايا المطروحة، ومهما الخصومات السياسية والشخصية بين قياداتهم. وبكلام آخر فإن الخطاب السياسي المتطرف، والذي يكيل صاحبه الإتهامات بالجملة لخصومه السياسيين، ويُصنف هذا بالعميل، وذاك بالخائن، وثالث بالفاسد ورابع بالفاشل، إلى آخر سلسلة التقييمات المغرضة، والتي تخرج عن حدود الإختلاف تحت سقف العمل الوطني، وإن تعددت المواقف والإجتهادات، هو الذي يهدد السلم الأهلي. ومهمة الإعلام في هذه الحالة تقتصر على نقل مضمون مثل هذا الخطاب المتنشج، بمضمونه الضيق والمختصر، وتجنب النفخ في إن تردي مستوى الخطاب السياسي في السنوات الأخيرة، وإفتقاد البلد إلى رجال سياسة يضعون مصالح الوطن فوق حسابتهم الحزبية، وقبل طموحاتهم السلطوية، أدى إلى تعريض السلم الأهلي للخطر في مفاصل حرجة من الأزمات التي يتخبط فيها البلد منذ أكثر من عقد من الزمن والتي أوصلتنا إلى مهاوي الإنهيارات الراهنة”.
وسأل سلام:” هل يكون الإعلام هو المسبب بهذا الشحن الطائفي ، أو بتعطيل المؤسسات الدستورية والحؤول دون إنجاز الإستحقاق الرئاسي، وفي إبقاء البلد في عهدة حكومة تصريف الأعمال، لا تتمتع بالصلاحيات الدستورية الضرورية لإتخاذ القرارات الإنقاذية الازمة ؟. ولا أدري إذا كان الإعلامي بحاجة إلى التزود بالثقافة الوطنية، وما تتضمنه من مفاهيم الإنفتاح على الآخر، وقبول الإختلاف مع الآخر، في نظام ديموقراطي، قاعدته الأساسية تقوم علي التعددية السياسية والحزبية، وتجعل من الحوار السبيل الأنجع والأسلم لمعالجة الخلافات، وتجنب الوقوع في الصراعات العقيمة، والتي تزرع الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، والمنطقة الواحدة وأحيانًا بين أبناء الطائفة الواحدة؟ أم أن من أساسيات العمل السياسي الوطني أن يكون رجل السياسة مدركاً بعمق، لأبعاد ومعاني الثقافة الوطنية، بكل ما تعنيه من تفهم لمواقف الآخر، والبحث عن القواسم المشتركة التي تجمع ولا تفرق، والإعتراف بتوازنات الشراكة الوطنية، واستيعاب دروس وعبر الحروب التي أكدت أن لا منتصر ولا منهزم، وأن أحداً مهما بلغت قوته، لا يستطيع أن يلغي أحدا، وأن القاعدة الذهبية “لا غالب ولا مغلوب” ، تبقى هي عماد الوحدة الوطنية، وضمانة السلم الأهلي”.
وقال:” آن الاوان أن ندرك جميعاً أن العلة الأساسية في لبنان هو هذا النظام الطائفي، الذي تحول إلى مطية لزعامات تمارس أبشع إساليب الإقطاع السياسي بعدما نصب الزعماء أنفسهم أولياء، بمستوى القداسة، على طوائفهم، وأمعنوا في نهش جسد الدولة، وإضعاف مقوماتها، وتحويل التجربة اللبنانية الرائدة في الستينيات من القرن الماضي، ومثالاً يحتذى لدول طموحة مثل سنغافورة ودبي الى دولة فاشلة في زمن أمراء الفساد”.
وشدد سلام على ان” على الإعلام، وعلى كل اللبنانيين المؤمنين بأن لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، كما ينص الميثاق الوطني والدستور المنبثق عن إتفاق الطائف الكف عن تضييع المزيد من الفرص، وهدر مصير أجيال بكاملها في نظام طائفي زبائيني، والعمل للانتقال إلى دولة المواطنة دولة القانون والمؤسسات دولة العدالة والمساواة، دولة الكفاءة والحداثة”.
وختم سلام :” السلم الأهلي أمانة وطنية في أعناقنا جميعاً، ولكن أخشى ما أخشاه أن يعتقد، أحدهم أو بعضهم، أن مجده الآتي يقوم على أنقاض وحدة الوطن ورماد السلم الأهلي”.
ابو كسم
وفي الختام كانت كلمة للمونسميور ابو كسم فقال:”نلتقي اليوم في المركز الكاثوليكي للإعلام، لنرفع الصوت عاليا، ولنذكّر بالرسالة الصحافيّة والإعلاميّة النبيلة التي تهدف إلى إعلان الحقيقة وتسهيل عمليّة التواصل بين الناس، وفي وضعنا الحالي في لبنان لها دور أساسي هو تحصين الوحدة الوطنيّة والمحافظة على السلم الأهلي.
في الواقع، نواجه اليوم في لبنان أزمة لم يشهدها رجال الصحافة من قبل، وتتمثّل في عمليّة التفلّت الكبير على شبكات التواصل الإجتماعي، فالصحافي الحقيقي ينطلق من فكره النيّر، وضميره الخيّر، ليخطّ بقلمه حروف الحقيقة بغية تنوير الرأي العام، فيما روّاد شبكات التواصل الإجتماعي ينطلقون من عالم إفتراضي، ويلعبون دور الإعلامي، ويجعلون من منصّاتهم منبرا” للتحقير والشتم والتجديف والتشهير والتحوير والتحريض وشحن النفوس لتأليب الرأي العام، وهذا أمر خطير قد يشعل فتيل الفتنة بين مكوّنات المجتمع اللبناني، ويهدّد السلم الأهلي في لبنان، ويقضي على مفهوم لبنان بلد الرسالة كما أسماه البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني”.
اضاف:” السؤال الّذي يجب أن نطرحه على أنفسنا اليوم: هل يجب علينا كمسؤولين عن الإعلام والمؤسّسات الإعلاميّة، أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الواقع؟”،وقال:” نحن أمام تحدذ كبير، يجب علينا أن نواجه ونوجّه شعبنا عبر مؤسّساتنا الإعلاميّة ليكتشفوا الحقيقة كاملة. ولنعمل جاهدين من أجل أن تتغلّب لغة العقل على لغة الحقد والتحريض”.
وختم:” ونحن على مقربة من عيد شهداء الصحافة، نتذكّر الصحافيّين الأبطال الّذين دقّت اعناقهم على المشانق لأنّهم أبوا إلاّ أن يشهدوا للحقيقة والدفاع عن الحريّات، وكانوا عنوانا للشرف والبطولة، فدماؤهم وقف، والوقف لا يشرى ولا يباع. فلتبقى أقلامنا حرّة لنشهد للحق”.