كتبت صحيفة “الديار”: قد تكون الساعات والايام المقبلة، حاسمة في تحديد اتجاهات الاحداث والتطورات الميدانية والديبلوماسية في لبنان والمنطقة، حيث الجميع في سباق مع الوقت، «والكباش» على اشده على اكثر من صعيد، لاحداث اختراق جدي في «جدار» رئيس حومة الاحتلال بنيامين نتانياهو واعضاء حكومته المتطرفين، الذين يحاولون التملص من استحقاق وقف النار في غزة، الذي بات اولوية اميركية، بعد انتقال «نيران» غزة الى جامعات الولايات المتحدة، حيث يتحول يوما بعد يوم الى «كرة نار» متدحرجة تعمّق الانقسامات داخل المجتمع الاميركي والحزب الديموقراطي عشية انتخابات رئاسية مصيرية.
وفيما تضغط ادارة بلينكن على نتانياهو «بسيف» المحكمة الجنائية الدولية، وتغري «اسرائيل» بالمقابل «بجنة «التطبيع مع السعودية، قررت طمأنة الجمهور «الاسرائيلي» القلق، بعد ان فقد الثقة بجيشه الذي لم يعد يردع احد، بقراراقامة قاعدة عسكرية اميركية ثابتة تتسع لـ23 الف جندي جنوب «اسرائيل».
في هذا الوقت، اوصى معهد الامن القومي «الاسرائيلي» بعدم توسيع الحرب مع حزب الله لعدم الجهوزية راهنا، وانتظار الفرصة المناسبة للقيام بذلك، وسط مخاوف جدية من قدرة حزب الله التدميرية ، وجهوزيته للانتقال من الدفاع الى الهجوم والدخول المفاجىء الى مستوطنات الجليل، وسط اقرار بنجاحه في فرض معدلة غزة – الشمال، ووضعه ملف التنقيب عن «الغاز» على الطاولة.
«الورقة الفرنسية»؟
وفيما لا تزال زيارة المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت «معلقة» على نتائج المفاوضات حول غزة، وهو سيرعى اي اتفاق خاص بالحدود الجنوبية بغض النظر عن الحراك الفرنسي، سلمت السفارة الفرنسية عند السابعة مساء امس رئيس مجلس النواب نبيه بري مضمون الورقة الفرنسية، للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الجنوب. ووفقا لمصادر مطلعة، فأن قصرالإليزيه أعد التعديلات على الورقة الأصلية، في ضوء ملاحظات المسؤولين اللبنانيين ومن خلفهم حزب الله، وتتضمن الورقة الفرنسية اتفاقا على مراحل، يبدأ بوقف الأعمال العسكرية بين حزب الله والجيش «الإسرائيلي» انسجاماً مع نص القرار 1701، وتأمين عودة سكان المستوطنات الشمالية وأهل الجنوب إلى اماكن سكنهم، وانتشار 15 ألف جندي من الجيش اللبناني بعد تعزيزه بالتجهيزات الكافية في جنوب الليطاني. وبعدها يجري إطلاق مفاوضات تثبيت الحدود وتشكيل لجنة تشرف على الترتيبات. ولم تتحدث الورقة عن مدى جغرافي لانسحاب مقاتلي حزب الله، وتركت النص مبهما بالحديث عن اعادة «انتشار» او «تموضع» للقوات المقاتلة.!
ثبات موقف المقاومة
من جهته، اختصرعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله موقف حزب الله من التفاوض الحالي، محددا ملامح «اليوم التالي» لوقف الحرب، واكد ان أي مبادرة خارجية تجاه لبنان هدفها إراحة حكومة نتنياهو لتركز كل جهدها على غزة، هي مبادرة محكوم عليها بالفشل، فالبحث عن الحل لا يكون بمعالجة النتائج، بل معالجة الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج، وما يحصل على جبهتنا الجنوبية من مساندة لغزة له سبب رئيسي، وهو العدوان الإسرائيلي على غزة، وسبب آخر هو منع العدوان على بلدنا، ولذلك من يريد إيجاد الحلول، عليه أن يذهب بالدرجة الأولى إلى الكيان الصهيوني، ويمارس الضغط عليه كي يوقف هذه المذبحة في غزة، وأما كيف يكون عليه الجنوب بعد وقف العدوان، فهذا ما يقرره الشعب اللبناني ودولته ضمن قواعد الحماية للجنوب، ومن ضمنها معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وأيضا عدم المس بسيادتنا الوطنية.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان موقف حزب الله، جاء ردا على محاولة وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه في زيارته الاخيرة الى بيروت، انتزاع تعهد ان لا يتجدّد القتال جنوبا في حال تجدّد القتال في غزة، بعد هدنة مؤقتة، او طويلة الامد.
معادلة حزب الله ؟
اما الرواية حول التحركات الديبلوماسية، من الجانب «الاسرائيلي»، فكشفت بعض تفاصيلها صحيفة «هآرتس» التي اكدت ان «اسرائيل» لا تزال تتحدث عن بدائل للحرب الشاملة مع لبنان، ولفتت الى ان هدفها الرئيسي كان وما يزال أن يسود وضع أمني مختلف، يمكّن سكان شمال «إسرائيل» من العودة إلى بيوتهم بصورة هادئة وآمنة.
ولفتت الصحيفة الى ان حزب الله نجح في ان يملي معادلة غزة مقابل الشمال، إلى درجة أن المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين، الذي كان متفائلا جداً قبل شهر رمضان عندما اعتقد أن وقف النار في غزة على الباب، وقد اعترف أنه لا فائدة من مجيئه إلى المنطقة للمضي بالمفاوضات، اذا كانت الحرب في قطاع غزة ليست على وشك التوقف.
«كاريش»- قانا على الطاولة؟
ووفقا لصحيفة «هآرتس» أعطى حزب الله للحكومة اللبنانية تفويضاً لإجراء المفاوضات مع «إسرائيل» حول ترسيم الحدود البرية، بشكل يأخذ في الحسبان النقاط المختلف عليها، مع فهم بأن الجيش اللبناني سينتشر على طول الحدود المتفق عليها، وبذلك استكمال هذا الجزء من قرار 1701. ووفقا لمعلومات الصحيفة، يطلب حزب الله أيضاً بوجوب أن يشمل أي اتفاق مع «إسرائيل» ضمانات دولية لتطبيقه، إضافة إلى التعهد بإعادة إعمار جنوب لبنان، وكذلك استئناف التنقيب عن الغاز على طول الشاطئ في المناطق التي انتقلت الى سيطرة لبنان في إطار اتفاق ترسيم المياه الإقليمية. وقد ابلغ «الوسطاء» انه من غير المعقول أن تستخرج «إسرائيل» الغاز من حقل «كاريش»، في حين أن الشركات التي تعهدت بالتنقيب عن الغاز في لبنان أوقفت نشاطاتها.
«ورقة للمساومة»
هذه الطلبات، إضافة إلى امتناع حزب الله عن مهاجمة منشآت التنقيب في حقل «كاريش» أو إطلاق المسيّرات قربها، كما فعل أثناء المفاوضات على المياه الإقليمية، ربما تدل على أن حزب الله يعدّ ورقة مساومة قبل الخطوات الديبلوماسية، بحسب «هآرتس»، التي رأت ان حزب الله حقق في المواجهة مع «إسرائيل» فائدة سياسية في الساحة الداخلية، إلى درجة أن لا أحد يتحدث الآن عن نزع سلاحه، بل فقط عن انسحابه إلى خط الليطاني!.
لا ثقة بـ»توتال»
وفي السياق نفسه، تبدو «الثقة» مفقودة بين لبنان وشركة «توتال»، حيث افادت مصادر لبنانية ان الامر اثير مع سيجورنيه في عين التينة، وقالت انه لا جديد حتى الآن في شأن تسليم «مجموعة توتال إنرجي» تقريرها المنتظَر حول نتائج عمليات الاستكشاف والحفر في البلوك رقم 9، ويبدو انه باتت مرتبطة ايضا بوقف الاعمال القتالية على الحدود الجنوبية. وثمة شكوك كبيرة بعد ان حفرت في مواقع بعيدة عن الحدود البحرية مع شمال «إسرائيل» بمسافة 25 كلم، وبعد شهرين من الحفر، أعلنت أن النتائج غير مشجعة؟!
وبات واضحا خضوع الشركة للضغط الاميركي- «الإسرائيلي» الذي يمنع أي عملية استخراج أو استكشاف في المناطق المحاذية للحدود البحرية شمال «إسرائيل»، أو تلك المقابلة لـ»حقل كاريش» أو أي حقل ممكن اكتشافه في البلوكات «الإسرائيلية».
تجدر الاشارة الى أن «العقد الموقَع مع «توتال» أعطاها الحق الحصري في تحديد نقاط الحفر وتوقيته، وحان الوقت كي تاخذ الحكومة المبادرة، وتستفيد من الواقع الراهن للضغط على السلطات الفرنسية كي تعدل «توتال» سياستها، والتهديد الصريح بالذهاب الى خيارات اخرى.
تحذير من حرب واسعة
في هذا الوقت، حذرمعهد دراسات «الأمن القومي» في جامعة «تل أبيب»، من مغبة تدهور الاوضاع على الحدود مع لبنان، لكنه نصح بعدم اتخاذ خطوات تصعيدية قبل الخروج من «مأزق» غزة. ولفت الى ان الاشتباكات مع حزب الله تحولتْ إلى أمر روتيني، ومن دون وجود حل في الأفق المنظور، ومن دون مسعى لإيجاد وسيلة ممكنة قبل الانزلاق إلى حرب واسعة النطاق ضد الحزب، يمكن أن تتحول بسرعة إلى حرب متعددة الجبهات وعنيفة للغاية.
ماذا عن «اليوم التالي»؟
واكد المعهد إن الارتفاع في وتيرة الحرب على الحدود مع لبنان، خلال عيد الفصح اليهودي، أظهر أهمية تغيير الوضع في الشمال، وإنه حتى الآن الاهتمام بـ «اليوم التالي» على هذه الجبهة قليل نسبياً، رغم الحرب الآخذة في الاتساع، والتصاعُد في مواجهة حزب الله، والتي يدفع سكان الشمال ثمنها الباهظ.
ولفت الى ان الحرب اليومية على الحدود اللبنانية تحوّلت شيئاً فشيئاً إلى «حرب استنزاف»، تتعارض مع المصلحة «الإسرائيلية» في التركيز خلال الفترة المقبلة على تحقيق الأهداف في غزة.
انجازات المقاومة
ووفقا للمعهد، فان حزب الله وعلى الرغم من الضرر الذي لحق به، بإمكانه أن يتفاخر بالإنجازات التي حققها على الأرض، في إلحاق الضرر بمواقع الجيش «الإسرائيلي» وقواعده، وشنِ هجمات بواسطة أدوات قتالية تشمل المسيّرات، وتدمير بنى تحتية ومبانٍ مدنية ومنازل للسكان ومزارع، فضلاً عن وقوع خسائر في الأرواح. وحتى الآن فان «إسرائيل» تجد صعوبة في ترجمة الإنجازات إلى نتائج أمنية على طول الحدود، والأهم أنها لم تنجح في إنشاء واقع يسمح بعودة النازحين من الشمال إلى منازلهم.
خطر حزب الله
ولفت معهد «الامن القومي الاسرائيلي» الى ان هناك إمكانية لا يستهان بها لتدهور الاوضاع، لكن القرار في هذا الشأن هو أساساً في «اسرائيل»، لان أساليب قتال حزب الله تُظهر حرصه على المحافظة على الطابع المحدود للقتال في الشمال. وبرأيه فأن التهديد الأخطر «لإسرائيل» هو حزب الله ويمكن إزالته، أو على الأقل تقليصه بصورة كبيرة فقط بواسطة حرب واسعة النطاق، لكن يجب أن تأخذ في الاعتبار أنها ربما تتحوّل إلى حرب متعددة الجبهات، وتتطلب مناورة برية في لبنان، وستعرقل الحياة اليومية في الجبهة الداخلية كلّها.
لا للحرب الشاملة الآن!
ومن هنا، يوصي المعهد بأنه يتعين على «إسرائيل» الامتناع عن المبادرة إلى حرب شاملة ضد حزب الله في هذه المرحلة، وتأجيلها إلى موعد مناسب لاحقاً. والمطلوب تغيير الواقع الأمني نحو الأفضل، قبل التورط في حرب أُخرى في الشمال في توقيت غير ملائم بالنسبة «لاسرائيل». وبرأيه أن الهدنة في غزة، التي في إطارها ستجري صفقة لإعادة المخطوفين، يمكن أن تكون فرصة من أجل الدفع بتسوية في الشمال، لكن يجب ألاّ توافق على أن تتحول إلى شرط، في ضوء تقدير أن القتال في غزة يمكن أن يستمر وقتاً طويلاً.
المقاومة والمستوطنات؟
وفيما يتزايد القلق «الإسرائيلي» من قدرات حزب الله، ومن تداعيات عملياتها المستمرة منذ نحو 7 أشهر على الجبهة الداخلية «الإسرائيلية». أقرّت وسائل إعلام «إسرائيلية» بأنّ حزب الله يستطيع اليوم «احتلال» مستوطنات» المطلة ومرغليوت ويوفال وأيضاً كريات شمونة. هذه المخاوف نقلتها صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية، وكشفت أنّ العمليات تحت الأرض في «مركز الجليل الطبي» تعدّ واحداً من الأمثلة الصارخة على انقلاب الحياة في الشمال منذ بدء عمليات حزب الله.
ونقلت الصحيفة الأميركية ما غيّرته الحرب في طبيعة الحياة هناك، واشارت الى أنّ هدير الطائرات الحربية ورعد المدفعية المتقطع حلّ بدلاً من أصوات الأطباء والممرضين والمرضى في ما وصفته بـ «المستشفى الكبير» الأقرب إلى الحدود مع لبنان. وأضافت أنّ الوصول إلى المركز العصبي بالمستشفى يتطلب تجاوز حواجز خرسانية يبلغ ارتفاعها 15 قدماً، وأبواب متعددة ضد الانفجار، ثم النزول عدة طوابق إلى مجمع تحت الأرض يشبه المتاهة.
الوضع الميداني
ميدانيا، أعلن حزب الله أنه قصف تجمعا لجنود الاحتلال في محيط موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بقذائف المدفعية، وإصابته إصابة مباشرة. كما استهدف تجمعا لجنود العدو في خربة ماعر.
وردا على القصف والغارات على منطقة المسلخ في مدينة الخيام، تم قصف ثلاثة مباني في مستعمرة «المطلة» بصواريخ موجهة، احدثت اضرارا كبيرة،. واعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنه تم رصد إطلاق 4 صواريخ من لبنان على مزارع شبعا المحتلة.
هذا، واستهدفت المدفعية «الاسرائيلية» أطراف طيرحرفا وشيحين والجبين. واعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري في حماس استهداف مقر قيادة اللواء الشرقي 769 «معسكر جيبور « شمال فلسطين المحتلة برشقة صاروخية مركزة بقصف من جنوب لبنان ، وذلك رداً على «مجازر العدو الصهيوني في غزة الصابرة والضفة الثائرة».
في المقابل، تعرضت اطراف بلدتي علما الشعب والناقورة لقصف مدفعي متقطع تزامن مع إطلاق القنابل الضوئية فوق قرى القطاعين الغربي والاوسط، وصولا حتى مشارف بلدات زبقين وياطر وكفرا. ايضا نفذت مسيرة «اسرائيلية» عدوانا جويا، حيث اطلقت صاروخين بإتجاه محيط «الملعب» في بلدة عيتا الشعب. وتعرضت بلدة عيتا الشعب لسقوط 3 قذائف مصدرها مرابض جيش العدو المنصوبة داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة.
التحول الاوروبي في ملف النزوح؟
وفي ملف النزوح السوري، تزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين بيروت يوم الخميس المقبل، برفقة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس ويعقدان في السرايا الحكومية اجتماعاً يترأسه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ومن ثم ينتقلان إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفيما يامل المسؤولون اللبنانيون ان يحملا معهما تصورا جديدا لهذا الملف، استبعدت مصادر وزارية ان يشكل الموقف الاوروربي انعطافة كبيرة راهنا، على الرغم من ابداء فرنسا وقبرص وغيرهما من الدول، تفهمها للمخاوف اللبنانية، الا ان تحول هذا التفهم الى وقائع يحتاج الى وقت وارادة جدية لدى الاتحاد الاوروبي.
وفي السياق، ترأس ميقاتي اجتماعا لبحث ملف النازحين السوريين قبل ظهر امس في السراي، شارك فيه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، المنسق المقيم للامم المتحدة في لبنان عمران ريزا وممثل مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان ايفو فرايجسن ومستشار رئيس الحكومة زياد ميقاتي. وتم خلال الاجتماع البحث في التعاون بين لبنان والمفوضية، وسبل معالجة القضايا المتصلة بملف النازحين. كم استقبل ميقاتي بعد الظهر وفدا من كتلة «الجمهورية القوية» في حضور وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي والمدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري.