كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: تتواصل الاشتباكات العنيفة بين “حزب الله” والعدو الإسرائيلي جنوباً، وبات من الواضح أن مستوى الحرب قد ارتفع، ومنسوب الخطر يزداد يوماً بعد يوم، مع عودة إسرائيل إلى استهداف المدنيين في الجنوب، وتنفيذ الحزب عمليات نوعية مستخدماً أسلحة جديدة لم تُستخدم سابقاً.
في هذا السياق، أعلن “حزب الله” يوم أمس عن إدخال صاروخ “جهاد مغنية” إلى ميدان المعركة، وهو أمر يحمل في طيّاته رمزيتين، الأول هو استخدام صاروخ يحمل اسم نجل القيادي في الحزب عماد مغنية، والثانية هو التصعيد بوجه إسرائيل من خلال استخدام صاروخ ثقيل ونوعي.
إلى ذلك، فإن المساعي الدولية للتهدئة جنوباً لم تجد أي أفق حتى الساعة، فالورقة الفرنسية لم تصل إلى خواتيم إيجابية بعد، والوساطة الأميركية لم تأتِ بأي نتيجة بعد، والموفد الأميركية آموس هوكشتاين لم يزر المنطقة ولم يقدّم أي مقترح جديد أو يُعلن التوصّل إلى أي اتفاق.
مصادر متابعة للشأن تُشير إلى أن “الحكومة الإسرائيلية لا تنصاع لأي ضغوط دولية، ولا يبدو أنها ستقبل بأي تسوية عند الحدود مع لبنان برعاية أميركية في حال لم تكن هذه التسوية لصالحها، وما يؤكّد هذا الواقع هو عدم رضوخ إسرائيل للضغوط الأميركية المتعلقة برفح، واجتياح المدينة رغم الرفض الأميركي”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، تقول المصادر إن “المبادرة الفرنسية للتهدئة جنوباً لن تصل إلى نتائج إيجابية، أولاً لأن إسرائيل لن تقبل بأي اتفاق لا يتماشى مع رؤيتها، وثانياً لأن “حزب الله” لن يقدّم أي تنازلات للفرنسيين، وأي مفاوضات يخوضها ستكون مع الأميركيين لتحصيل المكتسبات والضمانات، ولهذا السبب كان الرد اللبناني الرسمي على الطرح الفرنسي عادي وروتيني”.
وترى المصادر في التهديدات الإسرائيلية خطراً حقيقياً على لبنان وليس تهويلاً فقط، وتستشهد بمشهدية رفح، فإسرائيل واصلت التهديد باجتياح المدينة لأكثر من شهرين، ونفّذت عمليتها رغم الرفض الأميركي، وبالتالي لا شيء يمنعها من تنفيذ عملية واسعة في لبنان لتغيير المعادلة الأمنية القائمة عند الحدود.
كما تُشير المصادر إلى العمليات النوعية التي يقوم بها “حزب الله”، أي إرسال المسيّرات وقصف الصواريخ الثقيلة واستخدام أسلحة جديدة منها صاروخ “جهاد مغنية”، وتلفت إلى ان هذه التحمية قد لا تصل إلى نهاية سوى الانفجار في حال لم تنجح المساعي الديبلوماسية خلال فترة قصيرة.
إلى ذلك، يبدو أن مفاوضات الهدنة تنهار من جديد، ولا أفق لأي تهدئة في غزّة، فالقوات الإسرائيلية عادت لتشن عمليات كثيفة في شمال القطاع بالتوازي مع العمليات في رفح، ووفق ما يبدو، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يُريد أي اتفاق، لأنّه يُريد استكمال الحرب، وتحقيق أهدافه الاستراتيجية.
ثم أن تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن كانت سلبية ايضاً في هذا السياق، إذ رهن الأخير وقف إطلاق النار في غزّة بإفراج “حماس” عن الرهائن، وهو ما انتقدته الحركة واعتبرته تراجعاً أميركياً عن نتائج المفاوضات الأخيرة، وبالتالي يبدو وأن الأمور تتجه إلى مزيد من التعقيد، والميدان هو من سيحسم الحرب.
الشهران المقبلان سيكونان حاسمان وفق ما يرشّح المراقبون، لكن مع الأسف، فإن الإدارة الداخلية لمختلف الملفات لا تبدو وكأنها ترقى لمستوى جدّية المخاطر التي تتربّص بالبلاد، وبالتالي فإن المهم اليوم هو أن يعي المعنيون ما ستقبل عليه البلاد في الأسابيع المقبلة، والتعاطي معها وفق ما تقتضي الحاجة الوطنية، لا المصالح الفئوية.