كتبت صحيفة “الديار”: «النار بالنار» عنوان المشهد جنوبا بالامس، فبرشقات صاروخية «مجنونة»، بحسب وصف وسائل اعلام العدو، اشعلت الحرائق في المستوطنات وقطعت عنها الكهرباء،رد حزب الله على ملامسة جيش الاحتلال «الخط الاحمر» باستهدافه مدخل الطوارىء في مستشفى الشهيد صلاح غندور حيث سقط شهيدان و10 جرحى. هذا التصعيد النوعي والكمي دفع مستعمرة «مرغليوت» الى التمرد وطرد الجيش الاسرائيلي والاعلان عن الانفصال عن الدولة!.. وما حصل بالامس كان»رسالة» واضحة من المقاومة لقيادة العدو السياسية والعسكرية بان استنساخ ما يحصل في غزة في لبنان غير وارد على الاطلاق، والعقاب على اي اعتداء على المدنيين سيكون مكلفا للغاية ودون «سقوف».
سياسيا، يصل المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت اليوم دون الكثير من الامال باحراز تقدم يذكر في الملف الرئاسي، ليس فقط لتعقيدات الوضع الداخلي، وعدم نضوج الملف خارجيا، وانما ايضا لضعف الدبلوماسية الفرنسية غير القادرة على «المونة» على اي من الاطراف اللبنانية لتعديل مواقفها من الاستحقاق بغياب الدعم الجدي السعودي-الاميركي. اما الرهان على امكانية «مونة» باريس على «الثنائي» للتخلي عن مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية فمجرد «ثرثرة» غير واقعية، بحسب مصادر مطلعة، فباريس التي تكتفي بالتعبير عن الاسف امام المجازر الاسرائيلية المرتكبة في غزة، وتغطي الابادة هناك، فقدت مصداقيتها لبنانيا، ولن تجد آذانا صاغية لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك حزب الله، خصوصا اذا كان ما يحمله لودريان طرح مكرر حول المرشح الثالث.
اما في بروكسل، وبغياب سوريا، يمكن القول ان «المكتوب يقرأ من عنوانه»، فلا الاحتجاج اللبناني الشعبي، ولا الاجماع السياسي الداخلي، ولا الموقف «التهويلي» الذي حمله وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، زحزح موقف الدول الفاعلة في الاتحاد الاوروبي، وكان موقف مسؤول السياسة الخارجية الاوروربية جوزيب بوريل حاسما لجهة رفض عودة النازحين الى سوريا «غير الامنة» برايه، مجددا التعهد بدفع الاموال لمساعدتهم في اماكن اللجوء، في تجديد للمعادلة الاوروبية التي تختصر بعبارة واضحة «خذوا فتات الاموال وابقوا النازحين عندكم». علما ان نصف الاموال المخصصة تذهب الى تركيا التي تحمل في يدها «عصا» ارسالهم الى اوروبا. وهو عامل ضغط تفتقد اليه الدبلوماسية اللبنانية.
رشقة جنونية
وقد وصفت وسائل الاعلام الاسرائيلية رشقات حزب الله الصاروخية بالامس بانها كانت «رشقة مجنونة» ادت الى اضرار جسيمة وسقوط قتيل وعدد من الجرحى في المستوطنات التي اشتعلت فيها الحرائق وانقطعت عن بعضها الكهرباء، وفيما احتاجت الحرائق في «كريات شمونة» الى 15 من طواقم الاطفاء لاخماد الحرائق في المنطقة الصناعية الشمالية، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنه تم الطلب إلى مستوطني منطقة «ميرون البقاء في «الأماكن المحصَّنة، حتى إشعار آخر. وجاء هذا الإعلان، بعد «الرشقة الصاروخية الأخيرة من لبنان»، بحسب الإعلام الإسرائيلي، والتي «تضمنت إطلاق أكثر من 50 صاروخاً على الشمال»، وهو ما أدّى إلى «انقطاع التيار الكهربائي في منطقة ميرون. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية خبر اندلاع حريق ضخم بالإضافة إلى إصابة منزل في «المطلة» بصاروخ مضادّ للدروع، أُطلق من لبنان.
«مرغليوت» تتمرد
وكانت السلطات في مستوطنة «مرغليوت»، الواقعة شمالي فلسطين المحتلة عند الحدود الفلسطينية مع لبنان، أعلنت أنّ على «الجيش» سحب قواته منها، مؤكدةً أنّها «في حاجة إلى الحماية من الحكومة الإسرائيلية التي تحطم المستوطنة عبر قراراتها. ووفقاً لما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، فإنّ رئيس مستوطنة «مرغليوت»، إيتان دافيدي، أعلن أنّ المستوطنة قرّرت قطع العلاقة بحكومة الاحتلال، وإخراج كل الجنود منها. وتابع دافيدي أنّ غرفة العمليات العسكرية في المستوطنة «ستُغلق ولا يمكن لأحد، بمن فيهم جنود الجيش وضُباطه، دخول المستوطنة».
عمليات المقاومة
رد حزب الله جاء في اعقاب سلسلة غارات اسرائيلية اخطرها كان استهداف مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية قُرب مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل، ادت الى سقوط شهيدين وعدد من الجرحى والحقت أضرارا ماديّة بالمستشفى جرّاء الاستهداف المباشر للدراجة عند مدخلها، وقد أدّى عصف الصاروخ إلى تحطّم الزجاج وتضرّر المرافق الخارجية للمستشفى. واعلن الحزب استهداف مستعمرات ميرون وسفسوفة وتسفعون بالكاتيوشا رداً على اعتداء العدو على مستشفى الشهيد صلاح غندور. وكذلك موقعي السماقة وزبدين.
استهداف «القبة الحديدية»
كما اعلن حزب الله استهداف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة مرغليوت بالأسلحة المناسبة؛ وحقّقوا فيه إصابات مؤكّدة». كما شنّ هجوماً نارياً مركزاً على موقع المالكية بالصواريخ الموجهة وقذائف المدفعية استهدفت حاميته وتجهيزاته وتموضعات جنوده، كما ألقت المسيّرات الهجومية بقذائفها على أهداف داخل الموقع وأصابتها بدقة». وقال في بيان انه «قنص التجهيزات التجسسيّة المستحدثة في موقع مسكاف عام وأصابها إصابة مباشرة ودمرها». واشار الى ان «ردا على الاعتداء الإسرائيلي على ساحة بلدة حولا والمواطنين المتواجدين فيها، شن هجوما جويا بمسيرات انقضاضية على قاعدة بيت هلل (مقر كتيبة السهل التابعة للواء 769) وتموضع منصات القبة الحديدية مستهدفا أطقمها وضباطها وجنودها في أماكن تواجدهم وتموضعهم وأصاب أهدافها بدقة».
وذكر الجيش الإسرائيلي أن طائرة مسيرة من نوع «سكاي رايدر» سقطت داخل الأراضي اللبنانية ويجري التحقيق في الحادث. الى ذلك، وأغار الطيران الحربي على وسط بلدة عيترون. وتعرضت وادي حامول لقصف مدفعي في القطاع الغربي. ايضا استهدفت المدفعية الاسرائيلية اطراف كفرشوبا.
«تهويل» اسرائيلي
في هذا الوقت، تحاول قوات الاحتلال رفع معنويات المستوطنين من خلال الايحاء بوجود جهوزية لدى الجيش للتحرك، وفي هذا السياق، اعلن الناطق باسم جيش الاحتلال ان القوات الإسرائيلية رفعت جاهزيتها للحرب على لبنان. وقال انه على مدار الأسابيع الأخيرة أجرت الفرقة 146 ولواء المدرعات الاحتياطي 205 تمرينًا على مستوى الفرقة واللواء يحاكي المناورة البرية في لبنان، حيث حاكى التمرين السيناريوهات القتالية على الجبهة الشمالية، والنشر السريع للقوات في الميدان، ووظيفة مقرات قيادة الفرقة واللواء وجاهزية القوات للهجوم.
تعنت اميركي – فرنسي – الماني
وفي ملف النازحين، لم يكن احد من اللبنانيين يترقب نتائج مؤتمر بروكسيل حول مستقبل سوريا على الرغم من ورقة توصيات حملها وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، وسلسلة تظاهرات في عاصمة الاتحاد الاوروبي رفضا لابقاء النازحين السوريين في لبنان. ووفقا لمصادر مطلعة، فان المشكلة الرئيسية تبقى في الموقفين الفرنسي والالماني، حيث التعنت لا يزال عنوان موقفهما من رفض عودة النازحين الى سوريا، في ربط واضح بين الملفين السياسي والاجتماعي، وهما تنسجمان بشكل مطلق مع السياسة الاميركية الرافضة لاي حل للملف وتصر على عرقلة اي تسوية باعتبار النازحين ورقة ضغط على دول «محور المقاومة» ويجري العمل على استغلالها سياسيا.
لا عودة للنازحين
وفي ترجمة للموقف الاوروبي تعهدت دوله في بروكسل بالامس بأكثر من ملياري يورو (2.17 مليار دولار) لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة ورفض أي حديث عن عودة محتملة للاجئين إلى وطنهم لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيئة. وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسية الخارجية بالاتحاد «التزامنا لا يمكن أن ينتهي بالتعهدات المالية وحدها» وأضاف «على الرغم من الافتقار إلى تقدم في الآونة الأخيرة، لا بد أن نعيد مضاعفة جهودنا لإيجاد حل سياسي للصراع، حل يدعم تطلعات الشعب السوري لمستقبل سلمي وديمقراطي».
«نقطة اللاعودة»
وقد اعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب امام المؤتمر ان لبنان، حكومةً وشعباً من كل الفئات، والمناطق، والطوائف، والأحزاب، قد وصل إلى نقطة اللاعودة لجهة تحمل بقاء الأمور على حالها، والاستمرار بنفس السياسات المتبعة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً في ملف النزوح السوري. واضاف «إنّ استمرار معالجة أزمة النزوح السوري بالمنطق والتفكير نفسه، أي فقط بتمويل النازحين حيث هم، بدل البحث عن حلول بديلة يشكل خطراً على جيران سوريا وأوروبا معاً.
الانفجار والارتدادات
وحذر «إنّ الانفجار اللبناني، إن حصل، سيكون له ارتدادات سلبية على دول الجوار، ومنها دول أوروبية». واضاف «لقد وصلنا إلى إجماع لبناني بأنّ إبقاء الوضع على ما هو عليه سيشكل خطراً وجوديّاً على لبنان». وبما يتعلق بالعلاقة مع المفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قال بو حبيب «لم تلتزم المفوضية بتعهداتها و بعد تأخير دام لمدة 4 أشهر ، قامت بتسليم الامن العام اللبناني داتا نازحين منقوصة، وغير قابلة للاستثمار». وتابع «إن رغبتنا الصادقة بالتعاون مع المفوضية لإيجاد حلول مستدامة لم تقابل للأسف من جانب المفوضية سوى بسياسة المماطلة، وشراء الوقت، ونقولها بأسف شديد، لقد تحولت المفوضية الى جزء من المشكلة بنظر أغلبية ساحقة من الشعب اللبناني، بدل أن تكون، كما نرغب نحن كحكومة لبنانية، جزءا من الحل».
«ناقوس الخطر»
وقال «جئنا اليوم ندق ناقوس الخطر متسلحين بتوصية صادرة عن مجلس النواب اللبناني، مرفقة أدناه، وبإجماع لبناني، ورغبة صادقة بالحوار البناء، والتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، باستثناء الحالات الخاصة المحمية بالقوانين اللبنانية». وطالب أجهزة الامم المتحدة كافة، لاسيما مفوضية اللاجئين، إعتماد دفع الحوافز، والمساعدات المالية، والانسانية، للتشجيع على إعادة النازحين الى بلدهم، ومن خلال الدولة اللبنانية، ومؤسساتها أو بموافقتها.
انهيار الهيكل
كما اكد التزام الحكومة اللبنانية بالموقف الذي اعلنه رئيسها، بملف النزوح بأن لبنان لم يعد يحتمل عبء بقاء النازحين، وبكل الاحوال لا يستطيع ان يكون شرطيا حدوديا لأي دولة. ولفت الى إن الحكومة اللبنانية تؤكد أيضا على فصل السياسة عن النزوح. إنّ عودة النازحين يجب أن لا ترتبط بالحلّ السياسي. واضاف: نطالب أيضاً بالتعويض العادل للدولة اللبنانية، كوسيلة مؤقتة وليس كحلّ بديل، عبر دعم مؤسساتها مباشرة نتيجة الأعباء الجسيمة التي يتحملها لبنان والمقدرة بحوالي 100 مليار دولار أميركي، حسب التقديرات الأولية للبنك الدولي. وذكر بو حبيب أيضاً «ضرورة تطبيق مبدأ تقاسم الأعباء من خلال إعادة توزيع النازحين على دول أخرى لمن يتعذر إعادته إلى سوريا».
جئنا إليكم اليوم لانتهاز هذه الفرصة الأخيرة، قبل فوات الأوان، لوضع أسس لمقاربة مختلفة جذرياً ومستدامة لإعادة النازحين إلى ديارهم، وفصل السياسة عن النزوح قبل فوات الأوان، وانهيار الهيكل علينا وعليكم.
ماذا يحمل لودريان؟
رئاسيا، لا يزال «تقطيع الوقت» هو السمة الرئيسية للمرحلة على الرغم من الزيارة المرتقبة للمبعوث الفرنسي جان ايف لودريان اليوم، وقد حسمت مصادر السفارة الفرنسية عدم وجود اي اقتراح للدعوة الى حوار في باريس، ولفتت الى انه لا يحمل معه اي جدول اعمال محدد، ووصفت زيارته بالاستطلاعية. علما ان سفراء «الخماسية» قد انهوا حراكهم في هذه المرحلة بقناعة واضحة بعدم نضوج الظروف الداخلية والخارجية لتمرير الاستحقاق الرئاسي،ولفتت مصادر مطلعة الى ان السفيرة الاميركية ليزا جونسون التي زارت الرئيس بري بالامس مودعة قبل مغادرتها الى بلادها لحضور مؤتمر السفراء الاميركيين، لم تقارب المف الرئاسي بل شددت على ضرورة خفض منسوب التوتر جنوبا، خوفا من تصعيدد خطير.
«رسائل» بري
وكان بري قد استبق زيارة لودريان بالتاكيد على مفهومه للحوار، وقال ان سفراء «الخماسية» تعرف جيدا مفهومي للحوار او التشاور وسمعوه مني اكثر من مرة. وسيحاول بري الحصول على اجابة واضحة من لودريان حول المشكلة في دعوته للحواراذا كنا سنذهب الى الانتخابات في أقل من أسبوع؟.وهذا يعني بحسب مصادر بازرة انه غير مستعد لنقاش اي محاولة لالتفاف على طرحه، وهو واضح بان موقفه وموقف حزب الله لا يزال على ما عليه ولم يتبدل، لا بل أضيف اليه بعض «العتب» على الخماسية. وهذا يعني حكما انه اذا كان لودريان آتيا ليقترح الذهاب إلى الاسم الثالث، فان «الثنائي سيرفض». واذا كان آتيا ليجس النبض حول حوار في الخارج، في باريس فلن يجد تاييدا لطرح مماثل، وفي المقابل فان لا تخلي عن فكرة جلسات انتخابية بدورات متتالية، اي ان محضرها سيقفل في كل مرة.وهكذا سيواجه الموفد الرئاسي الفرنسي في زيارته السادسة لبيروت نفس الطروحات المعقدة والمتضاربة وبغياب اي صيغة توافقية فتنتهي الزيارة الى لا شيء، وهذا سيؤدي حكما إلى تمديد الفترة الزمنية لتقطيع الوقت، في انتظار عودة الهدوء الى المنطقة المتفجرة والتي يعاد ترتيب اوراقها وقف معادلات جديدة.