كتبت صحيفة “النهار”: حرّكت الأصداء وردود الفعل على المواقف التي اطلقها تباعاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” في محطتين متعاقبتين، مزيداً من التفاعل الداخلي في شأن ملف الأزمة الرئاسية ولو أن هذه الأصداء لا تعني وجود معطيات جدية كافية تحمل على توقع تحريك جديد قريباً للملف العالق والجامد منذ مدة طويلة. ولكن بدا واضحاً أن بعض الأجواء الداخلية إتّسمت بالتسرع أو بالتضخيم حيال توقعات مبكرة تتصل بما تردد عن تحرك “قوي” متجدد لسفراء المجموعة الخماسية لمجرد أن لاحت معالم تحركات محدودة لبعض هؤلاء السفراء.
ذلك أن المعطيات الجدية المتوافرة في هذا السياق لا تجزم بتحرك جماعي للسفراء الخمسة في وقت وشيك على الأقل إلا إذا برزت معطيات طارئة تبعث على التفاؤل في إمكان أن يحدث تحرك دولي جديد أثراً فعالاً في مسار الأزمة، وهذا الأمر يبدو مستبعداً في الظرف الحالي ولا تشجع الأوضاع المتفجرة في المنطقة ومن ضمنها جنوب لبنان على توقع اندفاع دول الخماسية نحو “رهان” جديد قبل حصول تطورات تبرد أو تخفض التوترات في المنطقة ولو أن المجموعة تدفع عبر دولها منفردة على عدم ربط الاستحقاق الرئاسي بتطورات الجنوب أو المنطقة. وجل ما في الأمر، حتى الآن، أن ثمة تنسيقاً متجدداً بين المملكة العربية السعودية وفرنسا يمر بطبيعة الحال بالملف الرئاسي سينتظر الجميع ما إذا كان سيحمل عناصر جديدة لاطلاق جولة ديبلوماسية – سياسية جديدة في بيروت أم لا.
وتشير أوساط قريبة من عين التينة إلى أن ثمة معطيات مشجعة وصلت إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري من بعض السفراء في “الخماسية” منها أن لا حاجة لربط الانتخابات الرئاسية بما يدور في غزة أو في جنوب لبنان وهذا ما أكده بري في خطابه الأخير في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه. كما أنه سيتم التواصل أكثر في ملف الرئاسة بين المسؤولين المولجين في الرياض وباريس في الجولة التي ستعقد في الرياض هذا الأسبوع.
وفي المعلومات أن المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان لم يضع برنامجاً جديداً بعد كل محاولاته الرئاسية في بيروت التي لم تحقق المطلوب منذ المبادرة الأولى لباريس. واسترعى اهتمام المعنيين هذه المرة أن السعودية أخذت تتابع الملف الرئاسي اللبناني بوتيرة أعلى من السابق. وفي هذه المعطيات أيضاً أن اعضاء “الخماسية” يشددون على اقفال صفحات الشغور الرئاسي المفتوحة والتوجه إلى انتخاب رئيس يكون محل قبول عند المجموعة الخماسية ولا يكون على عداء أو تنافر مع دولها ولا مانع أن ينسحب هذا التوجه نحو إيران، ولا يعني هذا الأمر تدخلاً في انتخابات تخص الكتل النيابية أولاً. كما تتكرر التحذيرات من أن بقاء لبنان من دون رئيس والبقاء على هذا المنوال من المراوحة ومن دون الاصلاحات المطلوبة سيدمر ما تبقى من مؤسسات في البلد.
وفي ظل هذه المعطيات ثمة من يحذر من بث مناخات تفاؤلية مفتعلة من دون أسانيد جدية وحقيقية ولا توجد أسس متينة لها يمكن البناء عليها .
“التيار” و”القوات”
غير ان اللافت في السياق السياسي الداخلي أن “التيار الوطني الحر” بادر إلى الإعلان أنه “تلقف بإيجابية التطور في الموقف الذي أبداه رئيس “القوات اللبنانية” في خطابه الأخير “بما يوحي كأن جعجع التحق بموقف “التيار” . وحدد “التيار” النقاط التي “تلقفها” وهي في خطاب جعجع عن “المقاومة وشهدائها ومواضيع الحوار والعيش المشترك ووحدة لبنان والتلاقي والخروج من الماضي وبناء المستقبلَ بما يجسِّدُ طُموحاتِ جميع المكونات اللبنانية، وتحديداً كونها تتلاقى مع مواقف التيار الإنفتاحية وتتماشى، في ما يخص رئاسة الجمهورية، مع ما إستطعنا الحصول عليه والتوافق بخصوصه مع معظم الكتل النيابية، من معادلة تشاور بغية التوافق مقابل جلسات إنتخاب متتالية ومفتوحة تؤدي بالنتيجة الى إنتخاب رئيس، بالتوافق أولاً أو بالتنافس ثانياً، بما يخرج البلد من الفراغ القاتل”.
وأضاف “التيار” أنه “يبقى أن من يدرك ويقر أن إنتخاب الرئيس هو مفتاح لحل الأزمات والحوار حولها، يمكنه أن يتجاوب مع دعوة التشاور في مجلس النواب وأن يتفهم أن أي تأجيل إضافي لعملية التشاور المحصورة بالإتفاق على رئيس توافقي والّا الانتخاب، هو أمر لا يساعد في إنجاز الإستحقاق. وبالتالي يمكن “القوات اللبنانية” أن تتساهل حول شكليات بسيطة لا تقف عائقاً أمام أهمية انجاز إنتخاب رئيس ميثاقي للبنان كفرصة وحيدة لوقف تحلّل الدولة وانهيار الوطن”.
وفي اطار التحركات الداخلية زار أمس وفد من “تكتل الجمهورية القوية” مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى وأعلن باسمه النائب غسان حاصباني أن “علينا ان نضع الأولويات الوطنية نصب أعيننا، ونبادر إلى انتخاب رئيس للجمهورية، بفتح ابواب مجلس النواب والتزام النواب بالحضور والتصويت والتشاور إذا اقتضى الأمر، واستمرار التصويت حتى انتخاب رئيس للجمهورية كخطوة أولى في مسار طويل، تستكمل بتسمية وتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة تعيد لبنان إلى طريق الاستقرار والتعافي، وتعمل على تطبيق القرارات الدولية وتعيد مكانة لبنان في المجتمع العربي والدولي”.
وحذر من “استمرار الوضع في الجنوب وبعض المناطق بالتفاقم، مع عجز كامل للتأثير إلى أي حد يذكر في مسار الحلول المرجوة من قبل الشعب الفلسطيني. بينما اهلنا يهجرون وبيوتُهم تُدمر وأرزاقهم تقطع، ولبنان يحمل الأثر والأكلاف على امتداد أرضه وبكامل شعبه، وهو أساساً في وضع اقتصادي متأزم، وفراغ رئاسي يزعزع بنية مؤسساته الدستورية”.
الوضع الميداني
في الوضع الميداني جنوباً أغار الطيران الإسرائيلي المسيّر أمس مستهدفاً سيارة على طريق عام الناقورة . وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن الغارة الإسرائيلية على سيارة في بلدة الناقورة أدت إلى مقتل شخصين.
وأفادت المعلومات عن نجاة سائق بعد تعرض شاحنته لرشقات رشاشة اسرائيلية، اثناء مروره على الطريق الحدودية بين كفركلا والعديسة، حيث أصابت الرصاصات أحد الابواب والاطارات. وتعرضت بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، في الاولى إلا ربعاً بعد الظهر لقصف مدفعي متقطع مصدره مرابض الجيش الإسرائيلي المنصوبة داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة. وسجلت غارة على عيتا الشعب.
في المقابل، أعلن “حزب الله” أنه استهدف صباح أمس انتشاراً للجنود الإسرائيليين في مرتفع عداثر، وأعلن انه “رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصا الاعتداء صباحا على بلدة الناقورة، قصف مستعمرات عين يعقوب وجعتون ويحيعام بصليات من صواريخ الكاتيوشا كما استهدف بعد ظهر أمس موقع الرمثا في تلال كفرشوبا بالأسلحة الصاروخية.
وافادت وسائل إعلام إسرائيلية بعد ظهر أمس عن دوي صفارات الإنذار في الجليل الغربي قرب الحدود اللبنانية. كما اشارت الى إطلاق أكثر من 25 صاروخاً تجاه الجليل الغربي شمالي إسرائيل. ووفق إذاعة الجيش الإسرائيلي، رصدت عشرات الصواريخ التي أُطلقت من لبنان باتجاه شمال إسرائيل من دون وقوع إصابات.