كتبت صحيفة “الديار”: هل يدفع رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو ثمن «غطرسة القوة»؟ وهل تدفع واشنطن ثمن تغطيتها ودعمها « لأزعر» المنطقة، الذي يضع نصب عينيه تنفيذ مخطط قديم – جديد لولادة «شرق اوسط جديد» على قياس مصالح دولة الاحتلال؟ وهل تدفع المنطقة ثمن محاولة كيان العدو استعجال استثمار استشهاد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالغزو البري، الذي بدأ عمليا ليل امس بقصف مدفعي ومناورات في القرى الحدودية؟ اسئلة ستحمل اجاباتها الساعات المقبلة مع اندفاع القيادة العسكرية والسياسية «الاسرائيلية» الى القيام بالغزو، بدعم الادارة الاميركية الاعمى، وبمسرحية مثيرة للاشمئزاز ، بعد اعلان الرئيس جو بايدن انه يعارض العملية العسكرية، تزامنا مع اعلان اميركي عن البدء بتحرك بري محدود. فيما اعلن البنتاغون ارسال تعزيزات عسكرية وجنود اميركيين الى الشرق الاوسط لدعم «اسرائيل» في حال احتاجت للدعم! هذه الرسالة الردعية لطهران تزامنت مع كشف الرئيس الايراني مسعود بزشكيان عن خديعة تعرضت لها ايران من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروربي، عندما طلبوا منه عدم الرد على اغتيال رئيس حركة حماس الشهيد اسماعيل هنية، مقابل وقف النار في غزة ولبنان، وقد حصل عكس ذلك؟!
الاختبار في الميدان
وفي انتظار كلمة الميدان، حيث سيكون الاختبار الاول لقوات النخبة في المقاومة بمواجهة الهجوم البري،استمرت الغارات الجوية الدموية على مختلف المناطق اللبنانية ، حيث سقط عشرات الشهداء والجرحى، فيما ادخلت المقاومة الصاروخ الباليستي «نور» الى ساحة القتال للمرة الاولى بعد ساعات على اطلالة نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم للمرة الاولى، بعد استشهاد السيد حسن نصرالله، ليطمئن الصديق، ويتوعد العدو، بان قدرات المقاومة بخير، وهي ستواجه اي غزو بري، وفقا للخطط الموضوعة مسبقا، وهي جاهزة للالتحام المباشر وبالكفاءة نفسها، بعدما جرى ملء الفراغات القيادية التي تسببت بها عمليات الاغتيال. وفي هذا السياق، حذرت وسائل اعلام «اسرائيلية» من خطر جدي قد تشكله مجموعات ضد الدروع التابعة لحزب الله، مشككة بتعرضها لضربات تشل قدراتها.
لا مؤشرات ضعف
وفيما لم تقدم جولة وزير الخارجية الفرنسي جديدا يمكن التعويل عليه، في ظل عقم ديبلوماسي يثير الكثير من علامات الاستفهام، شهدت عين التينة اجتماعات سياسية وامنية، ولكي لا تفهم تصريحات رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بعد لقائه الرئيس بري، بانه مؤشر ضعف من قبله، اعاد رئيس المجلس تصويب الكلام المنقول على لسانه في الملف الرئاسي، رافضا ربطه بالحرب ونتائجها، ولفت الى انه ملف سيادي، وقال «لن نقبل اي محاولة املاء من احد».
مزايدات «اسرائيلية»
ميدانيا، مهدت دولة الاحتلال للغزو البري، باعلان المستوطنات الحدودية منطقة عسكرية مغلقة، فيما اخلى الجيش اللبناني عدة مواقع على الحدود الجنوبية، بعد تحذيرات نقلتها قوات «اليونيفيل». وترافقت هذه التحركات والحشود مع مزايدات بين قياداتها التي رفعت سقف الاهداف والتوقعات، وفيما حذر رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو طهران من التدخل ،متوعدا اياها بانه لا يوجد اي مكان في الشرق الاوسط لا يمكن للجيش «الاسرائيلي « الوصول اليه، اكد رئيس الاركان هرتسي هاليفي ان «اسرائيل» لن توقف القتال قبل اكمال المهمة، والقضاء على سلاح حزب الله، فيما ارسل وزير الخارجية يسرائيل كاتس رسالة الى 25 وزير خارجية ابلغهم فيها انه لا وقف للنار ولا مكان للديبلوماسية.
وذكرت وسائل الاعلام «الاسرائيلية» ان الجيش يضغط للدخول البري، لان الحملة الجوية لن تحقق الاهداف ولن تعيد الامان للشمال، ولن تعيد المستوطنين.
التمهيد للغزو
وفيما مهدت قوات الاحتلال للغزو بقصف مدفعي عنيف استهدف قرى الحافة الحدودية، اعلنت واشنطن ان القوات «الاسرائيلية» بدأت مناورة محدودة على الحدود الجنوبية، سبق ذلك قيام وزير الحرب «الإسرائيلي» يوآف غالنت ببحث العدوان الجديد مع رؤساء «مجالس الشمال، مؤكدا ان المرحلة المقبلة في الحرب ضد حزب الله ستبدأ.
وفي زيارة الى لواء المدرعات والمشاة على الجبهة الشمالية، قال لمقاتلي اللواءين البريّين: «ستجعلون من لا يفهم في الجانب الآخر من الحدود يفهمون، ونحن نثق بقدراتكم على انجاز أي شيء». أضاف إن «اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مرحلة هامة، لكنها ليست نهاية المطاف»، مشيرا الى ان الهدف إعادة سكان الشمال، وسنُفعل لأجل ذلك قواتنا برا وبحرا وجوا».
الكلمة للميدان
في المقابل، لفتت مصادر مقربة في حزب الله الى ان التصريحات في هذا الوقت الدقيق لا تقدم او تؤخر، وستكون الكلمة للميدان في الساعات والايام المقبلة، وحينها النتائج ستتكلم عن نفسها، وفق الخطط التي صادق عليها السيد الشهيد حسن نصرالله. وهو ما اكد عليه النائب حسن فضل الله الذي اكد ان المقاومة بكامل جهوزيتها لمواجهة قوات الاحتلال. اما عضو المكتب السياسي الحاج محمود قماطي فقد اكد ان «الحلفاء سيتدخلون اذا ما توسعت المعركة».
ماذا تريد «اسرائيل»؟
وكشف وزير خارجية الاحتلال «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس، في رسائل وجهها إلى نظرائه في 25 دولة، عن اهداف «اسرائيل» الحقيقية، وقال «نريد تحريك حزب الله إلى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه».
من جهتها، لفتت صحيفة «معاريف» الى ان اغتيال السيد نصرالله نصر مهم، لكن يجب الأخذ بالحسبان رد فعل إيران، وقالت انه ربما يرد الإيرانيون بغضب ويسرعوا للوصول إلى سلاح نووي، بل وتسريع خطوة الثأر. وقالت ان «المطلوب الآن قرار استراتيجي واضح يقودنا إلى الأمام. لقد علمنا التاريخ بأن من ينتظر ويتلبث، يخاطر بنمو التهديد وتقويته حتى يصبح غير قابل للمنع. علينا العمل فوراً مع توتر الوضع العالمي وتعاظم الضغوط على إيران لتوجيه ضربات اليها».
قلق من ردّ طهران
بدورها، اشارت صحيفة «هآرتس» الى ان الإنجازات الكبيرة التي راكمها الجيش «الإسرائيلي» مؤخراً، شجعت على أجواء النشوة في الأستوديوهات، حيث تنافس المذيعون والخبراء فيما بينهم على تقدير ضعف العدو، وتوزيع المديح على إبداع «إسرائيل». لكن مثلما هي الحال دائماً، يجدر التذكر بأنه لا صافرة نهاية هناك، وأن العدو، ما زال يمكنه الرد حتى لو تعرض لضربة شديدة ، وقريبا ستتولى القيادة الجديدة زمام الامور لدى حزب الله. اما الأمر المقلق فهو رد إيران، لان السيد الخامنئي الذي يحذر من التورط في الحرب، لن يسمح لنفسه بالمرور مرور الكرام.
الخديعة؟!
وفي هذا السياق، كشف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن خديعة تعرضت لها طهران، وقال إن الأميركيين والأوروبيين وعدوا طهران بإعلان وقف إطلاق النار في غزة، إذا لم ترد على اغتيال «إسرائيل» رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وإنهم لم يفوا بذلك.
وبحسب التلفزيون الرسمي الإيراني، فإن بزشكيان أدلى بهذا التصريح في اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد يوم الأحد. وتطرق إلى عدوان «إسرائيل» على قطاع غزة ولبنان، وإلى الدعم الذي تتلقاه من الدول الغربية، مشدداً على أن جرائم النظام الصهيوني غير مقبولة، ولن تبقى دون رد. وقال ان ادعاءات قادة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، الذين وعدوا بوقف إطلاق النار مقابل عدم الرد الإيراني على اغتيال الشهيد هنية محض أكاذيب، ولهذا فان اعطاء الفرصة لهؤلاء المجرمين لن يفعل شيئاً سوى تشجيعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.
حملة تضليل اميركية
وكالعادة شارك عشرات المسؤولين الاميركيين بحملة تضليل متعمدة، بقيادة الرئيس جو بايدن الذي اعلن معارضته لشن «اسرائيل» غزو بري، داعيا لوقف النار فورا. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي قوله ان «إسرائيل» قلصت خططها لغزو بري واسع ، لتركز على عملية تشمل تدمير منصات إطلاق الصواريخ.
من جهتها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم انه من غير الواضح إذا اتخذت «إسرائيل» قرارا نهائيا بشأن الغزو، وقالوا» نعتقد أننا أقنعنا «إسرائيل» بعدم تنفيذ غزو بري واسع لجنوب لبنان.
تعزيزات عسكرية
في هذا الوقت، اعلن البنتاغون انه سيرسل آلاف الجنود الاميركيين الى المنطقة لمساعدة «اسرائيل» اذا احتاجت ذلك، كما تم ارسال قوات إضافية ووضعت قوات أخرى في حالة تأهب، مع إبقاء حاملة طائرات في الخدمة، وقد أمر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن» والمدمرات الملحقة بها بالبقاء في المنطقة، بعد شهر واحد فقط من إعادة توجيهها إلى الشرق الأوسط ، أثناء وجودها في مهمة مخطط لها في المحيط الهادئ. واعلن البنتاغون ان التعزيزات تشمل طائرات اف 15 واف 35.
حاملات الطائرات
كما غادرت مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» ميناءها الرئيسي في فرجينيا مما قد يؤدي إلى وجود حاملتي طائرات في الشرق الأوسط للمرة الثانية منذ الصيف. كما أعلن البنتاغون عن ارسال قدرات دعم جوي إضافية في الأيام المقبلة، وأن مجموعة «يو إس إس واسب» البرمائية الجاهزة ستبقى في شرق البحر الأبيض المتوسط. وتضم المجموعة السفن البرمائية «يو إس إس نيويورك» و»يو إس إس أوك هيل»، إلى جانب آلاف من مشاة البحرية القادرين على تنفيذ عمليات إجلاء المدنيين من لبنان إذا لزم الأمر. كما أن مجموعة واسب، التي يمكنها إطلاق قوارب صغيرة إلى الشاطئ، محملة بطائرات مقاتلة من طراز إف-35 بي تابعة لمشاة البحرية، مما يمنح المخططين العسكريين قوة جوية إضافية إذا لزم الأمر.
قاسم: المقاومة جاهزة
في هذا الوقت، خرج حزب الله عن صمته للمرة الاولى بعد استشهاد الامين العام السيد حسن نصرالله، واعلن نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم ان الحزب لن يتخلى عن مساندة فلسطين وعن الدفاع عن لبنان وشعبه، وقال: ان المقاومة بخير وهي متماسكة وقد تم ملء الفراغ القيادي، وقدراتها سليمة، والكلام عمن القضاء الى اسلحتها حلم لن يتحقق، ولفت الى ان المقاومة ستعمل وفق الخطط التي وضعها الامين العام الشهيد السيد حسن نصرالله.
ونفى الشيخ قاسم ما زعمه العدو عن إجتماع يضم 20 قائدا كانوا مع السيد نصرالله، وأكد إستشهاد إبراهيم جزيني وسمير حرب إلى جانب علي كركي. وأكد قاسم أنه «إذا اعتقدت «إسرائيل» أن يدها المفتوحة دولياً وتصميمها على العدوان سيوصلها لأهدافها فهي واهمة، والمسيرة التي واكبها السيد نصرالله وأشرف على قيادتها مستمرة، وحزب الله مستمر بميدان جهاده ، وفي مساندة غزة وأعلن أن «الأخوة يتابعون عملهم وفق الهيكلية المنظمة ويعملون وفق الخطط البديلة للأفراد والقادة».
وتابع: «تجهزنا ومستعدون للإلتحام البري والعدو لن يحقق أهدافه». وأوضح أنه «في هيكيلية حزب الله هناك نواب للقادة وبدائل احتياط جاهزة عند إصابة القائد في أي موقعٍ كان». وأعلن أننا «سنختار أمينا عاما لحزب الله في أقرب فرصة وسنملأ مراكز القيادة بشكل كامل.
استهداف منصات الغاز
في هذا الوقت، وفيما حاولت «اسرائيل» استثمار اعتداءاته العسكرية بالاعلان عن قرب الغاء اتفاق الترسيم البحري مع لبنان، وجه حزب الله رسالة بالغة المعالم بعد اعلان قوات الاحتلال انها اعترضت مسيرة كانت تتجه نحو حقل كاريش النفطي. ووفق مصادر مطلعة، فان ما حصل لن يكون محاولة «يتيمة»، بل قد يتعداها إلى استهداف حقول نفط أخرى في «إسرائيل»، فالحزب قد يذهب في الساعات والايام المقبلة الى أبعد من استهداف «كاريش»، ليطال منصّة حقل غاز «ليفانتين» ايضا، مع العلم ان إنتاج «كاريش» للغاز هو للداخل «الإسرائيلي»، أي لتغذية التيار الكهربائي وبالتالي في حال أصاب الحزب الحقل سيتوقف الإنتاج وتتعطّل الموارد الكهربائية .
صاروخ جديد.. وجرائم حرب
في هذا الوقت، واصلت المقاومة اطلاق صليات صاروخية استهدفت العديد من المستوطنات الحدودية وصولا الى حيفا، وقد ادخلت الى الميدان صاروخ «نور» الباليستي» في تطور نوعي له دلالاته.
في هذا الوقت، تواصلت جرائم الحرب «الاسرائيلية» وتواصلت الاعتداءات الجوية على مختلف المناطق اللبنانية، وأعلنت وزارة الصحة عن استشهاد 105 وسقوط 359 جريحاً من جراء الغارات «الإسرائيلية» خلال الـ24 ساعة الماضية. كما اعلنت وزارة الصحة عن سقوط 45 شهيدا و 70 جريحاً في استهداف المدنيين للمياني السكنية في عين الدلب قرب صيدا، واعلنت عن سقوط 12 شهيدا و 20 جريحا في حصيلة الغارات «الإسرائيلية» على الهرمل.
ايضا، اعلنت ان «غارة معادية على مركز للدفاع المدني – الهيئة الصحية الإسلامية أدت إلى استشهاد ستة مسعفين وإصابة أربعة بجروح. وشن الطيران «الإسرائيلي» فجر امس الاول، غارة جوية استهدفت شقة سكنية في منطقة الكولا، في أول اعتداء جوي على بيروت، وقد اعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» استشهاد ثلاثة من قياداتها في الهجوم. كما استهدفت غارة «اسرائيلية» قائد حركة حماس في لبنان فتح شريف أبو الأمين مع زوجته وابنيه في مخيم البص في صور.
وقف النار والرئاسة؟
في غضون ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن لبنان مازال ملتزماً بما تم الاتفاق عليه مع الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين، من مسار ينتهي بوقف إطلاق النار مع «إسرائيل» وتنفيذ القرار الدولي 1701، لكنه رفض بشدة في المقابل ربط وقف النار بمسار الانتخابات الرئاسية، قائلاً إن «لا علاقة لأحد بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية ومن غير المسموح التدخل فيه، لأنه موضوع سيادي. ومع أننا نرحب بأي مساعدة إلا أننا نرفض أية تدخلات ومحاولات إملاء».
تفاهم بري – نصرالله
وقال بري بعيد لقاءات مهمة، أجراها مع وزير خارجية فرنسا، ثم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ومن بعده قائد الجيش العماد جوزف عون: لقد أبلغنا الوزير الفرنسي بالموقف اللبناني الملتزم مضامين نداء الدول العشر، الداعي إلى وقف النار وتطبيق القرار 1701 فوراً على الأسس التي تم التوافق عليها مع الموفد الأميركي، وإذ أكد تطابق الموقف مع ميقاتي وتأييده ما صدر عنه، أوضح رداً على سؤال أن التواصل مع حزب الله قائم، وأن الحزب «ليس بعيداً عن هذا التوجه» وقال بري: هذه المبادرة التي طرحتها سابقاً، كنت توافقت عليها مع السيد حسن نصر الله بالتفصيل، وهذا التوافق مازال ساري المفعول.