كتبت صحيفة “البناء”: أحاط الغموض بالزيارة المفترضة للمبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت، بسبب عدم وجود مناخ مناسب في ظل طروحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يجعل العودة إلى بيروت ذات جدوى، بعدما بات أكيداً لهوكشتاين أن البحث بتعديل القرار 1701 مرفوض في بيروت بصورة قطعية لا تقبل التعديل، خصوصاً ان هذا الرفض كان الأسبوع الماضي في ظل وضع عسكري ميداني في الجنوب اقل رجحاناً لحساب المقاومة كما هو الحال اليوم، فكيف يُقبل اليوم ما كان مرفوضاً قبل أسبوع، وجاء قصف مدينة صورة بطريقة وحشية تدميرية ليعكر الأجواء على الزيارة، حيث التدمير رسالة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو يتعامل على قاعدة أن الرسالة وصلت، وتحمل نيات الكيان، فماذا يفيد تلقي الرسائل التي تتضمن كلاماً منمقاً بعدما وصلت الرسالة الحقيقية، لكن مصادر متابعة لم تستبعد أن يصل هوكشتاين إلى بيروت لاستعراض نتائج مباحثاته مع حكومة الاحتلال، خصوصاً أن الرئيس بري أكد مراراً أنه ينظر بإيجابية لمهمة هوكشتاين، ويشير إلى التوافق بينهما على القرار 1701 دون زيادة ولا نقصان، وعلى أولوية وقف إطلاق النار، ولا يحمّل هوكشتاين تبعات ما تفعله حكومة الاحتلال وما يقوله رئيسها.
ما أضعف زخم مهمة هوكشتاين إضافة لما حملته وسائل إعلام الكيان عن طلبات بحصول الاحتلال على امتيازات أمنية على حساب السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، بما يعني إلغاء مرجعية القرار 1701، هو أيضاً المعلومات الواردة من الدوحة حول عدم وجود فرص حقيقية للتقدم في المسار التفاوضي حول غزة، حيث يقوم مدير المخابرات الأميركية وليام بيرنز بأرشفة المبادرات السابقة ومحاولة استخراج بنود مبادرة جديدة، بما يبدو أنه وقت ضائع حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد أسبوع، الثلاثاء المقبل في الخامس من تشرين الثاني، بينما نتنياهو يملأ الوقت الضائع بالعنتريات والخطابات التعبوية لجمهور المتطرفين، دون أن يستطيع إخفاء كابوس الهزيمة الذي بدأ يلاحقه في ضوء الخسائر المتراكمة خصوصاً على جبهة جنوب لبنان، والعجز عن تسويق نظرية النجاح في استهداف إيران، وكان لافتاً قول نتنياهو، لن نُهزم، ولقد تلقينا ضربات قاسية، وإن سقطنا سوف يسقط العالم، لكننا لن نركع.
في الميدان واصلت المقاومة ملاحم إنجازاتها على جبهة الحدود، مؤكدة أن الاحتلال فشل في فرض سيطرته على أي من قرى الحافة الأمامية، وأن توغل الاحتلال لا يزال دون مستوى أي سيطرة على أي قرية، علماً ان هذه التوغلات تلقى ما يناسب من نيران المقاومة على مدار الساعة وتقع الإصابات الموجعة في صفوف قوات الاحتلال، وآخر معارك ليل أمس كانت تلك التي استمرّت لما بعد منتصف الليل في سهل الخيام، حيث خسرت الفرقة 98 التي تضم ألوية المظليين والكوماندوز، عدداً من آلياتها، وأصيب العديد من ضباطها وجنودها، بعدما كان نصيب الفرقة 36 التي ينتمي إليها لواء جولاني أبرز ما حمله الأسبوع الماضي.
فيما تسجّل المقاومة مزيداً من الإنجازات العسكرية وإمساكها بمفاصل الميدان على طول الجبهة الجنوبية مقابل تسجيل المزيد من الخسائر البشرية والمادية في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، تتجه الأنظار إلى المباحثات التي يُجريها مبعوث الرئيس الأميركي الى المنطقة أموس هوكشتاين في تل أبيب وما إذا كان سينتقل بعدها إلى بيروت لاستكمال التفاوض مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول التوصّل الى اتفاق لوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، بالتوازي مع مفاوضات في الدوحة بين وفدي حركة حماس و»إسرائيل» يقودها مدير المخابرات الأميركية وليم بيرنز حول عقد صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن زيارة هوكشتاين الى لبنان باتت مرتبطة بأمرين: نتيجة زيارته الى «إسرائيل» ومدى مرونة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيمين نتنياهو حول وقف الحرب على لبنان، والثاني حصيلة المفاوضات في الدوحة، لأن التوصل الى اتفاق في غزة يسهل التهدئة والاتفاق في لبنان، بسبب الارتباط الوثيق بين الجبهتين والذي لم يُحسم حتى الآن، حيث إن موضوع فصل الجبهتين وفق المصادر لم ولن يناقش بشكل جدي قبل وقف العدوان على لبنان. نافية الحديث عن موافقة حزب الله على فصل الجبهتين وإبلاغ رئيس مجلس النواب نبيه بري قطر موافقة الحزب على هذا الأمر.
وفي سياق ذلك، أشار النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» أمين شري، إلى أنه «ليس لنا أي تعليق على أي مبادرة ما لم يكن هناك وقف للعدوان، ونحن لم يصلنا أي شيء بشأن مبادرات للاتفاق وأولويتنا وقف العدوان». ولفت شري، في حديث لـ «الجزيرة»، الى أن «العدو يريد أن يضغط على المقاومة بالنيل من المواطنين».
وأشارت أوساط دبلوماسية غربية لـ«البناء» الى محاولات أميركية جدية للتوصل الى هدنة ولو مؤقتة على جبهتي غزة وجنوب لبنان قبل موعد الانتخابات الأميركية، لكن لا مؤشرات حاسمة على نجاح جولة التفاوض التي تواجه تعقيدات متعدّدة، خصوصاً أن الإدارة الأميركية الحالية لم تعد تملك الأدوات الضاغطة على «إسرائيل» لدفعها لوقف الحرب، كما أن نتنياهو يستغل هذا الفراغ في البيت الأبيض لإطالة أمد الحرب لتحقيق أهدافه وينتظر الرئيس الأميركي الجديد ويراهن على استمرار دعمه في الحرب أو عقد اتفاق يقدّم له ضمانات شخصية وأمنية تتعلق بجبهتي غزة وجنوب لبنان.
وأشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن «إسرائيل» والولايات المتحدة تجريان محادثات لإنشاء «صفقة شاملة» من شأنها أن تؤدي إلى تسوية على الجبهة الشمالية، حيث تقترح «إسرائيل» إلغاء توسيع العملية البرية في لبنان مقابل دعم الولايات المتحدة فرض حظر على لبنان من شأنه أن يؤدي إلى منع إعادة تأهيل قدرات حزب الله. واشارت إلى أن صفقة لبنان تهدف لوقف إطلاق النار 60 يوماً يتم خلالها التوصل لتفاصيل اتفاق كامل.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية بأن مفاوضات لبنان يقودها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي ومستشار الأمن القومي الأميركي. فيما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينتظر معرفة مَن سيخلف الرئيس الأميركي جو بايدن قبل الالتزام بمسار دبلوماسي بشأن الحرب. ولفتت الى أن «إسرائيل» هي التي باتت تتخذ القرارات، إن لم يكن هي التي تتحكّم بزمام الأمور في الشرق الأوسط، أما الولايات المتحدة، فدورها بات أقلّ.
دبلوماسياً، اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الدفاع البريطاني جون هيلي في دار السفارة اللبنانية في لندن، بحضور سفير لبنان في المملكة المتحدة رامي مرتضى ومستشار رئيس الحكومة زياد ميقاتي.
وخلال الاجتماع شدّد رئيس الحكومة «على أولوية الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل مع الجهات الدوليّة للتوصل الى حل دبلوماسي لتطبيق القرار 1701 كاملاً». وشكر «بريطانيا على الدعم المستمرّ للجيش وتعزيز خبراته». ونوّه «بأهميّة دور اليونيفيل لحفظ الاستقرار في الجنوب» ودعا بريطانيا «إلى دعم جهود اليونيفيل وتعاونها مع الجيش».
بدوره، شدد الوزير البريطاني على «أن المساعي الدبلوماسية قائمة لوقف إطلاق النار». وقال: «نحن نقوم بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا وايطاليا والمانيا بدعم الجيش عبر تطوير التقنيات العسكرية وفي المجالات كافة».
في غضون ذلك، واصل حزب الله عملياته النوعية البرية والجوية ملحقاً خسائر فادحة في جيش العدو وفي مواقعه ومصانعه وتحشداته العسكرية ومستوطناته ومنشآته الصناعية والحيوية في الشمال، ما يرفع كلفة الحرب على «إسرائيل»، وفق ما يشير خبراء في الشؤون العسكرية والسياسية لـ«البناء» ويضع حكومة نتنياهو أمام مأزق كبير، وخيارين اثنين: إما الاستمرار بالحرب بالوتيرة نفسها وتحمّل أكلاف إضافيّة على كامل مفاصل الكيان الإسرائيلي في ظل رفع حزب الله وتيرة عملياته النوعية بشكل غير مسبوق وإلى حد قد لا تستطيع «إسرائيل» تحمّله، أو التراجع والموافقة على حل دبلوماسي يُقرّ بالعجز عن تحقيق أهداف الحرب ودفع الأثمان السياسية في الداخل وعلى المستوى الاستراتيجي.
وأقرّ القائد السابق في تشكيل السلاح الجوي «الإسرائيلي» العميد احتياط إيلان بيتون بأنّ حزب الله ما يزال يمتلك قوته الأساسية، وما يزال يمتلك أيضًا قدرات صاروخيّة.
وفي تصريح لقناة «آي نيوز» «الإسرائيلية»، قال بيتون محذرًا: «الحزب لا يستطيع تهديد سكان الشمال (شمال فلسطين المحتلة) فحسب، بل يمكنه تهديد «إسرائيل» كلها أيضًا». وأشار بيتون إلى أن حزب الله يريد استنزاف «إسرائيل» لمدة طويلة عبر روتين متغيّر، لافتًا إلى أن: «صفارات الإنذار في الشمال هي روتين الصباح المتوتّر، وهذا يُدار بكثير من الذكاء من حزب الله، فهم يغيّرون الوتيرة والأماكن وعدد الصواريخ».
في السياق نفسه، أكّد اللواء احتياط في «جيش» الاحتلال «الإسرائيلي» إسرائيل زيف، أمس الأحد، أنّ: «حزب الله تعافى وعاد إلى وضعه الطبيعي، على الرغم من الضربات التي تلقّاها»، فيما أشار العقيد احتياط في الجيش «الإسرائيلي» جاك نيريا إلى أنّ: «المقاتلين في لبنان يسمحون للجيش «الإسرائيلي» بالتقدّم تمهيدًا لمهاجمته وإيقاعه في كمائن».
الأمر نفسه أقرّت به وسائل إعلام «إسرائيلية» بأنّ: «الواقع صعب في الشمال، و»إسرائيل» تجبي أثمانًا باهظة جدًا».
وكشف بحثٌ أجراه معهد «واتسون» للشؤون الدولية والعامة في جامعة «براون» الأميركية أن التمويل الأميركي للمجهود الحربي لـ«إسرائيل» يشكّل نحو 70% من مُجمل نفقات الحرب، وبلغ أكثر من 22 مليار و700 مليون دولار.
وبحسب البحث، فإن ذلك يشمل المساعدات العسكرية الأميركية التي أرسلتها واشنطن لـ «إسرائيل» منذ بدء الحرب على قطاع غزة ولبنان وحتى نهاية الشهر الفائت، وكلفة العمليّات العسكرية التي نفّذها الجيش الأميركي، بينها إرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة ونشر منظومات دفاع جوي في «إسرائيل».
ونشر موقع «كالكاليست الإسرائيلي» تفاصيل البحث، فذكر أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 22 مليار دولار على المساعدات العسكرية للاحتلال من الأسلحة والمعدّات إلى نشر حاملات الطائرات.
وكانت المقاومة أعلنت في سلسلة بيانات استهداف تجمع لقوات العدو الإسرائيلي عند بوابة فاطمة، ومستعمرة كريات شمونة بصلية صاروخية وتجمع لجنود العدو الإسرائيلي في منطقة العمرا غرب الوزاني بصلية صاروخية. كما أعلن «حزب الله» عن استهداف شركة يوديفات للصناعات العسكرية جنوب شرق عكا بمسيّرة انقضاضية.
كما استهدف الحزب على دفعتين تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي بين مستعمرتي المنارة ومرغليوت بصليتين صاروخيتين. من جانبه، اعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة 7 ضباط وجنود في معارك جنوب لبنان خلال الساعات الـ24 الماضية.
كما قصف الحزب موقع رأس الناقورة البحري بمسيرتين انقضاضيتين أصابتا أهدافهما بدقة، وقاعدة ميرون للمراقبة الجوية بصلية صاروخية، ومستعمرات نهاريا وشومرا ومرغليوت، كما استهدف بصلية صاروخية نوعية قاعدة «ستيلا ماريس» البحرية شمال غرب حيفا».
في المقابل واصل العدو الصهيونيّ عدوانه الوحشي على القرى والبلدات اللبنانية مستهدفًا بشكل خاص المباني السكنية والمنازل والمراكز التجارية موقعًا المزيد من الشهداء والجرحى وتسبب بدمار هائل وأضرار جسيمة في المناطق المستهدفة.
وشنّ طيران العدو الصهيونيّ سلسلة غارات جوية على عدد كبير من القرى والبلدات الجنوبيّة لا سيما في قضاءي صور وبنت جبيل وطاولت أيضًا مدينة النبطية والعديد من بلداتها.
وشكلت الغارات الجوية الصهيونية أحزمة نارية واسعة حاصرت العديد من القرى والبلدات وخصوصًا القرى الحدودية والقريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة.
واستهدفت الغارات الجوية الصهيونية بلدات: دير ميماس، أرنون، يحمر – الشقيف، أطراف قلعة الشقيف لجهة الخردلي، وأطراف كفرتبنيت، حي الرمل بمدينة صور، المعلية، زبقين، مجدل زون، المنصوري، عين بعال، العباسية، معركة، بيوت السياد، باتوليه، شمع، بيت ليف، برج قلاويه، أطراف الحلوسية ودير قانون النهر، البرغلية وبافليه. وشملت الاعتداءات الجوية الصهيونية أيضًا: كفر جوز، اللويزة، أطراف العيشية، كفرحونة، عربصاليم، الناقورة، ومدينة الخيام. وتعرّضت بعض هذه البلدات لغارات متكررة، أو أكثر من غارة.
وتسببت هذه الاعتداءات بارتقاء عدد من الشهداء جميعهم من المدنيين وبينهم أطفال، وألحقت دمارًا كبيرًا في الأبنية السكنية والمنازل. وأفادت مصادر محلية بأن الغارة على بلدة بيوت السيّاد في قضاء صور استهدفت مسجد البلدة وأدت إلى تدميره.
وشنّ طيران العدو الصهيوني الحربي غارة جوية على بلدة شمسطار في بعلبك أدّت إلى تدمير منزل مأهول على ساكنيه واستشهاد صاحب المنزل و3 من أطفاله. كما أغار الطيران الحربي الصهيوني بعد الظهر على بلدة الحلانية البقاعية.
وترافقت الغارات الجوية مع قصف مدفعي على القرى والبلدات الحدودية أو القريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة، وتركز بشكل خاص على بلدات شبعا، والضهيرة والناقورة.
وبدأ طيران العدو الصهيوني منذ الأمس تدميرًا ممنهجًا في مدينة صور بسلسلة غارات متتالية استهدفت المباني السكنية في قلب المدينة ما أدّى إلى انهيار عدد كبير من المباني.
وأقدمت قوات العدو الصهيوني على نسف مربعات سكنية في بلدات: يارين ومروحين والضهيرة وأم التوت. ونفذ طيران العدو الصهيوني حزامًا ناريًا واسعًا عبر سلسلة من الغارات الجوية شمل عددًا كبيرًا من قرى قضاءي صور وبنت جبيل في الجنوب.
كما نفّذ طيران العدو حزامًا ناريًا آخر على بلدة الناقورة ومحيطها عبر سلسلة غارات جوية ترافقت مع قصف مدفعي عنيف ومركز.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان أن الغارة الجوية التي شنها العدو الصهيوني على مبنى في حي الرمل في مدينة صور أدّت إلى ارتقاء 7 شهداء ووقوع 17 جريحًا.
ومساء أمس شنّ العدو سلسلة غارات في البقاع أدّت الى استشهاد عدد من الأشخاص.
وأفيد عن مجزرة ذهب ضحيتها 35 شهيداً من آل شمص في وداي الحفير.