أكد وزير البيئة طارق الخطيب ” أن لبنان الذي لطالما لقّب بـالخزّان المائي للشرق الأوسط هو اليوم بأمسّ الحاجة لكلّ فكر مبدع ولكلّ طاقة ايجابية وللعمل المتفاني لاعادة البيئة إلى ما كانت عليه”. ورأى ” أن لبنان من البلدان الأمسّ حاجة إلى تقنيات معالجة المياه في ظلّ التحديّات الديموغرافية والجغرافية التي يواجهها، خاصة بعد بدء أزمة النازحين السوريين في العام 2012 والتي أدّت وتؤدّي إلى تأثيرات بيئية جدّ سلبيّة على نوعيّة المياه والهواء، وعلى تدهور الأرض والانظمة الايكولوجية”.
كلام وزير البيئة أعلنته مستشارته الدكتورة منال مسلّم في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر “تكنولوجيا حديثة لمعالجة المياه في بلدان الجنوب” الذي إنعقد في الجامعة اللبنانية كلية العلوم الفرع الثاني وجاء في الكلمة ” يسعدني أن أكون بينكم اليوم لافتتاح أعمال مؤتمر يتناول موضوعاً بالغ الأهمية، هو موضوع المياه، هذا المورد الطبيعي الأساسي الذي لا يمكن العيش دونه، وبالتالي ينبغي الحفاظ عليه ليس فقط للأجيال الحالية، انما للأجيال القادمة أيضاً. من هنا كان عنوان الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه التي أقرّتها الحكومة في العام 2012 (بموجب القرار رقم 2 تاريخ 9 آذار 2012) “حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن”.
فهذه الاستراتيجية، التي ساهم في اعدادها عدد كبير من الجهّات المعنيّة من القطاعين العام والخاص، أحاطت بموضوع المياه من زواياه كافة، بما في ذلك “معالجة المياه” موضوع المؤتمر اليوم الذي تنظّمه الجامعة اللبنانية، والمجلس الوطني للبحوث العلمية، والوكالة الجامعية للفرانكوفونية بالتعاون مع منظّمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو). وقد أرفقت هذه الاستراتيجية بدراسة تقييم بيئي استراتيجي استناداً إلى المرسوم 8213/2012، يمكن الاطّلاع عليها على صفحة وزارة البيئة الالكترونية.
ولعلّ لبنان من البلدان الأمسّ حاجة إلى تقنيات معالجة المياه في ظلّ التحديّات الديموغرافية والجغرافية التي يواجهها، خاصة بعد بدء أزمة النازحين السوريين في العام 2012 والتي أدّت وتؤدّي إلى تأثيرات بيئية جدّ سلبيّة على نوعيّة المياه والهواء، وعلى تدهور الأرض والانظمة الايكولوجية – والتي تمّ توثيقها في التقرير الذي صدر عن وزارة البيئة في العام 2014 وجرى تحديثه في العام 2015 بعنوان “تقييم الأثر البيئي للأزمة السورية على لبنان وأولويات التدخل”. وقد تناول هذا التقرير نهر الليطاني وبحيرة القرعون كنموذج عن الانعكاسات البيئية لهذه الأزمة. فخارطة الطريق لمكافحة تلوّث نهر الليطاني وبحيرة القرعون التي أعدّتها وزارة البيئة بالتعاون مع الشركاء كافّة، والتي شكّل مجلس الوزراء في العام 2014 لجنة من الإدارات المعنيّة للإشراف عل حسن تطبيقها، وبالرغم من العمل الدؤوب والتقدّم المحلوظ في المشاريع التي تلحظها هذه الخارطة لإدارة النفايات الصلبة والسائلة، الخطرة وغير الخطرة، لم تترجم بتحسّن ملموس على الأرض، وذلك بسبب وجود أكثر من مليون نازح في هذه المناطق”.
واضافت ممثلة وزير البيئة ” لذلك من المهمّ جداً، اليوم أكثر من أي وقت مضى، تضافر الجهود كافّة للمضي قدماً في وضع هذه الاستراتيجيات والخطط موضع التنفيذ، وتسريع عجلة التنفيذ قدر المستطاع، بطريقة متكاملة بين القطاعين العام والخاص. فللجامعات والمجالس العلمية دور ريادي في الأبحاث، والتواصل مع القطاع العام لهندسة هذه الأبحاث بما يخدم الإدارة والمصلحة العامة، وللإدارة دور مهمّ في إشراك الجامعات والمجالس في مبادراتها التشريعية والتنفيذية بدءاً باطلاعها على هذه المبادرات. من هنا سأغتنم فرصة وجودي بينكم اليوم لإطلاعكم على بعض من هذه المبادرات:
1. انطلاقاً من مبدأ الوقاية المنصوص عليه في القانون 444/2002، تمّ استصدار المرسومين 8213/2012 و8633/2012 حول التقييم البيئي الاستراتيجي وتقييم الأثر البيئي بشكل يجنّب قدر المستطاع الانعكاسات البيئية السلبية للاستراتيجيات والمشاريع الجديدة؛ وبموازاة ذلك جرى استصدار المرسوم 8471/2012 حول الالتزام البيئي للمنشآت القائمة للحدّ من التلوّث الناتج عن المشاريع العاملة، بما في ذلك برنامج دعم مادي يمكن للمعنيّين الاستفادة منه (مشروع مكافحة التلوّث البيئي)، ما يفتح مجالات عدّة في موضوع تقنيات معالجة المياه.
2. القانون 28/2017 الذي صدر مطلع هذا العام حول الحق في الوصول إلى المعلومات، والذي ينظم وصول أي شخص معنوي أو طبيعي إلى المعلومات الموجودة لدى الإدارة والاطلاع عليها؛ الأمر الذي من شانه تسهيل الأبحاث التي تجريها الجامعات والمجالس العلميّة في المجالات كافة بما فيها المياه.
3. القانون 48/2017 الذي صدر مؤخّراً حول تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي ينظم تنفيذ المشاريع المشتركة والمقصود بها أي مشروع ذات منفعة عامة يساهم فيه القطاع الخاص عن طريق التمويل والإدارة وغيرها… ما من شأنه تسهيل انخراط القطاع الخاص في المشاريع ذات المصلحة العامة، وبالتالي الأبحاث والتنمية في مجال معالجة المياه وغيرها “.
وختمت ” بعد أن ذكرنا بعضاً من الاستراتيجيات والتشريعات التي يمكن أن تسهّل الأبحاث والتطوّر في مجال معالجة المياه، لا بدّ من توجيه كلمة شكر إلى كلّ من ساهم في الاعداد لهذا المؤتمر. فلبنان الذي لطالما لقّب بـ”الخزّان المائي للشرق الأوسط” وتحلّى بثروة طبيعية ومناخية حسد عليها، هو اليوم بأمسّ الحاجة لكلّ فكر مبدع ولكلّ طاقة ايجابية وللعمل المتفاني لاعادة البيئة إلى ما كانت عليه. وهذا ليس بالمستحيل عندما تتوفّر الإرادة والشفافية والشراكة، ولقاؤنا اليوم مثال على ذلك”.